ملخص
غياب تجار العملة والمضاربين تسبب في توقف نشاط السوق السوداء للصرف في مصر
بعد ارتفاع طفيف للدولار استعاد الجنيه المصري عافيته في السوق الرسمية، مع استمرار توقف عمل السوق السوداء وغياب المضاربين وتجار العملة.
يأتي ذلك في وقت تتلقى فيه العملة المصرية كثيراً من الدعم من الحصيلة الدولارية التي أعلنتها الحكومة المصرية، سواء عبر اتفاق مشروع رأس الحكمة أم المنحة الأوروبية، أم تعديل الاتفاق مع صندوق النقد الدولي.
وفي ما يجري تداول الدولار الأميركي عند مستوى 48 جنيهاً، تترقب الحكومة المصرية تدفقات مالية من مشروع رأس الحكمة تقدر بنحو 20 مليار دولار خلال الشهر المقبل التي قد ترفع من قيمة الجنيه إلى مستويات أعلى من 40 جنيهاً في مقابل الدولار، وفق ما يراه بعض المحللين والمتعاملين.
في السياق توقعت "بي أم أي للأبحاث" التابعة لـ"فيتش سلوشنز" أن يعوض الجنيه المصري بعض خسائره خلال الفترة المتبقية من العام الحالي ليتداول حول 47.5 جنيه بنهاية العام المقبل، مشيرة إلى أن الأخطار الجيوسياسية المرتفعة بالمنطقة ستؤدي إلى تذبذب الجنيه على المدى القريب.
هل يتراجع الدولار إلى مستوى 40 جنيهاً؟
من جهته رجح المتخصص في الشأن الاقتصادي نائب رئيس الاتحاد العربي للتنمية الاجتماعية بجامعة الدول العربية أشرف غراب تراجع سعر صرف الدولار في مقابل الجنيه تراجعاً كبيراً خلال الفترة المقبلة إلى ما بين 40 و42 جنيهاً، مؤكداً أن "مصر تنتظر سيولة دولارية كبيرة تدعم الاحتياط النقدي خلال الأسابيع المقبلة تتراوح ما بين 25 إلى 30 مليار دولار، إضافة إلى عوامل أخرى ستزيد دخل مصر من النقد الأجنبي خلال الفترة المقبلة.
وقال إن "الحكومة المصرية تترقب الحصول على تدفقات من النقد الأجنبي تصل إلى 30 ملياراً خلال الأسابيع المقبلة، من بينها الجزء الثاني من أموال مشروع تطوير رأس الحكمة البالغة 20 مليار دولار، إضافة إلى تمويلات الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي، إلى جانب استمرار تنفيذ برنامج الطروحات الحكومية، علاوة على دخول الاستثمارات الأجنبية والخليجية في مشاريع سياحية وصناعية جديدة في مصر"، مضيفاً أن "مصر حصلت على الشريحة الثانية 820 مليون دولار من قرض صندوق النقد الدولي خلال اليومين الماضيين، وستتسلم الشريحة الثالثة البالغة نحو 820 مليون دولار خلال الفترة المقبلة".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأشار إلى أن الفترة المقبلة ستشهد زيادة في الاحتياط النقدي الأجنبي نتيجة زيادة التدفقات النقدية لمصر، متوقعاً تراجع سعر صرف الدولار في مقابل الجنيه بالبنوك لما بين 40 و42 جنيهاً خلال الفترة المقبلة، بعد دخول مصر هذه التدفقات النقدية الكبيرة، وهو ما ينعكس أثره الإيجابي في انخفاض أسعار جميع السلع بالأسواق وهذا يؤدي لتراجع أكبر في معدلات التضخم بلا شك، لأن توافر العملة الصعبة للمستوردين والمنتجين والصناع وبسعر صرف منخفض يسهم في توفير خامات ومستلزمات الإنتاج وزيادة معدلات التشغيل وزيادة الإنتاج المحلي وزيادة المعروض بالأسواق وبأسعار مخفضة.
وتوقع أن تشهد الفترة المقبلة زيادة أكبر في تحويلات المصريين العاملين بالخارج التي تتجاوز أكثر من 30 مليار دولار سنوياً وذلك بعد القضاء على السوق السوداء، إضافة إلى زيادة دخل مصر من الصادرات والسياحة المصرية وغيرها من عوامل زيادة السيولة الأجنبية، إلى جانب عزم الدولة على الاستمرار في برنامج توطين الصناعة المحلية وتعظيم الصناعة الوطنية واستبدال المنتج المحلي مكان المستورد، وذلك لتقليل فاتورة الواردات وزيادة حجم الصادرات، مضيفاً أن استقرار سعر صرف الدولار بعد انخفاض سعره يسهم في زيادة تحسن مؤشرات الاقتصاد الكلي وطمأنة المستثمرين بزيادة استثماراتهم والتوسع فيها، وجذب مستثمرين جدد وزيادة مشاركة القطاع الخاص في الاقتصاد وزيادة في توفير فرص العمل.
احتياط النقد الأجنبي يتجاوز 40 مليار دولار
وفي تصريحات حديثة قال المتخصص في الشأن الاقتصادي هاني أبو الفتوح إن "الشريحة الثانية من صفقة مشروع ’رأس الحكمة‘ ستشكل انفراجة جديدة للاقتصاد المصري، أمام تحديات التضخم العالمي والتوترات الجيوسياسية وارتفاع الأسعار"، متوقعاً أن ينعكس تسلم مصر للدفعة الثانية من أكبر مشروع استثماري في مصر، على سعر صرف الدولار أمام الجنيه المصري لينخفض لمستوى 40 جنيهاً.
وكانت لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي المصري رفعت خلال اجتماعها الاستثنائي يوم السادس من مارس (آذار) الماضي سعري عائد الإيداع والإقراض لليلة واحدة وسعر العملية الرئيسة للبنك المركزي بواقع 600 نقطة أساس، ليصل إلى 27.25 في المئة، و28.25 في المئة، و27.75 في المئة، على الترتيب.
وعلى رغم إعلان تسلم مصر حصيلة دولارية ضخمة، لكن تشير بيانات البنك المركزي المصري إلى ارتفاع الاحتياطات الدولية بنهاية مارس 2024، لتصل إلى 40.063 مليار دولار، مقارنة بنحو 35.3 مليار دولار في نهاية فبراير (شباط) 2024 بارتفاع قدره 5 مليارات دولار.
وعزز التعافي المستمر لتدفقات رأس المال وزيادة شهية الأجانب نحو أدوات الدين المصري ارتفاع الاحتياط الأجنبي لمصر في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، ليسجل أعلى زيادة شهرية خلال 2020.
وعلى رغم الزيادة في الاحتياطات الدولية لمصر، فإنه لا يزال هناك ثلاثة أخطار تواجه السيولة الدولارية والوضع المالي الخارجي لمصر أبرزها الالتزامات المرتفعة.
وفي مذكرة بحثية حديثة، قال بنك الاستثمار "برايم" إن "الاحتياطات الخارجية لمصر تكتسب الدعم من تدفقات رأس المال وتراجع الطلب على الواردات"، مشيراً إلى أنه لا تزال تدفقات العملات الأجنبية في مصر تستعيد زخمها المفقود، وذلك على خلفية ارتفاع شهية الأجانب لسوق الدين المحلي.
وذكر أن العجز في مسار الانكماش، لكن مركز مصر الخارجي وحجم السيولة قد يظلان تحت ضغط ثلاثة عوامل تتمثل في الضعف المتوقع في تحويلات المغتربين، إضافة إلى تأثر قطاع السياحة، وأخيراً جدولة الديون الخارجية والحفاظ على سدادها في مواعيد استحقاقها.