Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

القاصرون داخل عالم الجريمة في لبنان: ضحايا أم شركاء؟

الخطر في قضية "التيك توك" اللبنانية أن عشرات الأطفال القاصرين شاركوا في تلك العصابة

يعيش هؤلاء الأطفال ظروفاً صحية ونفسية صعبة وثمة أحاديث عن تهريب المخدرات إلى داخل زنزاناتهم (أ ف ب)

ملخص

تتفاعل في لبنان قضية عصابة "التيك توك" وبات بعض ضحاياها شركاء في الجرائم مما أثار جدلاً حول محاكمة القاصرين وظروف سجون الأحداث التي تضم لبنانيين وسوريين وفلسطينيين مع تزايد الانتقادات حول المعاملة وظروف الاحتجاز.

لا تزال قضية عصابة "التيك توك" التي يشتبه في أنها عمدت إلى اغتصاب أطفال واستغلتهم لتوريطهم في تعاطي المخدرات وترويجها تتفاعل في لبنان بعد تكشف فصولها وتشعبها محلياً ودولياً. وتشير المعلومات الأمنية إلى تعرض نحو 300 طفل خلال السنوات الماضية للاغتصاب من قبل تلك العصابة التي يوجد أعضاؤها في أكثر من دولة، وقد أُلقي القبض على 12 منهم فيما تتم ملاحقة آخرين.

والخطر في القضية أن عشرات الأطفال الذين وقعوا ضحايا تلك العصابة تحولوا إلى شركائها. وبات البعض منهم يسهم باستدراج أطفال آخرين، وآخرون يعملون لدى بعض أفرادها في ترويج المخدرات وبيعها في الجامعات والمدارس، الأمر الذي فتح نقاشاً كبيراً في الأوساط اللبنانية حول آلية ملاحقة هؤلاء القاصرين.

 

وشكلت تلك القضية صدمة في لبنان وجدلاً في توصيف القاصرين بين من يصفونهم بأنهم ضحايا وآخرون يعتبرونهم شركاء في الجريمة، ووفق مصادر أمنية فإن هناك شبهات بنحو 20 قاصراً عملوا لصالح تلك العصابة مما أعاد النقاش إلى ظروف سجون الأحداث والأطر القانونية التي تتيح محاكمتهم.

المعايير والتشريعات

يبلغ إجمالي عدد الموقوفين في سجن القاصرين بقضايا مختلفة والذي خصص له الطابق الثالث في مبنى الأحداث في سجن رومية المركزي (جبل لبنان) والموقوفات في مركز "المبادرة" (جبل لبنان) مع الموقوفين في المخافر والثكنات نحو 200 موقوف ومحكوم من الجنسيات اللبنانية والسورية والفلسطينية وغيرها. ويتوزعون على أكثر من نظارة تضم كل منها نحو 20 سجيناً ينامون في غرف تتضمن أسرة ومرحاضاً مشتركاً.

وشهد العدد ارتفاعاً بارزاً في السنوات الأخيرة، في وقت تزايدت الانتقادات حول ظروف "الأحداث" داخل السجون إضافة إلى عدم مواكبة التشريعات معايير حقوق الإنسان، بخاصة لناحية عدم إحالة القاصر إلى قاضي الأحداث حال ورود اسمه في ملف يضم راشدين، إلى حين بت المحكمة بالحكم عليهم مما يعني أن الأمر يستغرق سنوات لتحويل قضيته إلى المرجع المختص.

تعذيب واعتداءات

وتكشف نائبة رئيس جمعية لجان أهالي الموقوفين رائدة الصلح عن أنه حتى بداية عام 2024 كان هناك 134 سجيناً بجناح الأحداث في سجن رومية وهو السجن الوحيد المخصص للقاصرين في لبنان، أما القاصرات المخالفات للقانون الجزائي فيتم نقلهن إلى مركز "مبادرة" التأديبي الذي يضم تسع قاصرات، سبع منهن ما زلن من دون أحكام، عدا نحو 120 موقوفاً من القاصرين في المخافر والثكنات بمختلف المناطق اللبنانية.

وأشارت الصلح إلى أن جناح الأحداث غير مؤهل لاستقبال القاصرين والواقع في مبنى يضم سجناء راشدين محكومين بمختلف الجرائم، لافتة إلى ظروف مأسوية يعيشها القاصرون والقاصرات على الصعيدين النفسي والجسدي في جناح الأحداث ومركز "مبادرة"، حيث يتعرض بعض السجناء إلى ضرب وتعذيب واعتداءات جنسية من قبل غيرهم من النزلاء، مؤكدة أن هؤلاء الأطفال يعيشون أسوأ الظروف الصحية والنفسية، غارقون في إدمان المخدرات المهربة إلى داخل زنزاناتهم، وذلك في ظل "تقاعس القوى الأمنية غير المؤهلة أصلاً للتعاطي مع الأحداث"، الأمر الذي نفاه مصدر عسكري في سجن رومية المركزي.

تدابير بديلة

وفي السياق، لفتت رئيسة اتحاد حماية الأحداث في لبنان أميرة سكر إلى أن "السجن ليس المكان الأنسب لاستقبال الأحداث ورعايتهم، على رغم وجود برامج ودعم من قبل بعض الجمعيات المتخصصة". وقالت "نظرتنا إلى الأحداث نظرة إلى جيل المستقبل، ووجود أطفال في السجون اللبنانية لا يعكس تفاؤلاً"، وبرأيها "هناك مواد في قانون العقوبات اللبناني يجب تعديلها أو إعادة النظر فيها، لا سيما القانون 422 لجهة اعتماد التدابير البديلة من حجز لحرية الأطفال والاستعاضة عنها بإجراء آخر"، مشيرة إلى أن "الأزمات التي يمر بها لبنان أدت إلى ارتفاع نسبة الجرائم من خلال الهرب من الواقع وتعاطي المخدرات أو الانخراط في العمل في سن مبكرة بعد زيادة التسرب المدرسي، ومن ثم اللجوء إلى الشارع والبؤر الموبوءة".

وشددت سكر على أهمية تحويل السجن إلى إطار إصلاحي وتربوي وتأهيلي، لافتة إلى أن الإشكالية الكبيرة في سجن رومية تكمن في أنه لا يتم وضع الأحداث أو السجناء بحسب الجرم أو الأعمار، في حين أن الحدث أو القاصر هو طفل ارتكب جرماً معيناً ولا يجوز وضعه مع كبار المجرمين.

الإسهامات الخاصة

من جانبه، لفت الناشط الاجتماعي فارس كرم الذي يقوم بزيارات ميدانية للسجون بهدف وضع برامج تحسين ظروفهم إلى أن تردي الأوضاع الإنسانية هو القاسم المشترك بين جميع السجون في لبنان، ولا سيما من ناحية الغذاء والطبابة والمساحات المخصصة للأفراد، إذ باتت جميع السجون تكتظ بأضعاف قدراتها الاستيعابية، مشيراً إلى أن المخصصات الرسمية لا تتناسب مع الحاجات المطلوبة.


وكشف كرم أن الجمعيات والمبادرات الخاصة ساهمت بتخفيف حدة الأزمة لناحية تأمين أسرة النوم وصيانة المراحيض وغرف المقابلات إضافة إلى الدعم النفسي والمعنوي الذي تؤمنه للسجناء، مشيراً إلى أن الجمعية التي يدير فيها مشاريع دعم السجون تعمل على مشاريع عدة لإعادة تأهيل السجون وقد بدأ العمل في سجن بعبدا للنساء (جبل لبنان).

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

الدمج المجتمعي

 رئيس جمعية "عدل ورحمة" الأب نجيب بعقليني أوضح من جانبه أن وضع جناح الأحداث لا بأس به مقارنة مع باقي السجون من ناحية النظافة والتهوية، وكذلك المعاملة ومتابعة أوضاع الأحداث من قبل المرشدة الاجتماعية والمتخصصة في علم النفس، كما أن هيئات ومنظمات محلية ودولية عدة تكشف على الجناح بين الفترة والأخرى، منها مكتب حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة واللجنة الوطنية لحقوق الإنسان ومن ضمنها لجنة مناهضة التعذيب، وكذلك الصليب الأحمر الدولي. وكشف بعقليني عن أن كل غرفة في جناح الأحداث تضم بين ثلاثة وستة سجناء، وهو يحوي مشاغل لتعليم الحلاقة والحدادة والنجارة وغيرها من المهن لتسهيل عملية دمجهم في المجتمع والتخفيف من وصمة العار التي تلاحقهم بعد خروجهم إلى الحرية، وهو ما تسعى "اليونيسف" والاتحاد الأوروبي إلى تحقيقه.

من الأحداث؟

وفي السياق، أوضح المحامي إلياس طعمه أن القاصر بالمفهوم القانوني هو الحدث الذي أتم السابعة من عمره ولم يتم الـ18، فمن هو دون عمر السابعة لا يلاحق جزائياً "إطلاقاً"، أما من هو ما بين السابعة والـ18 سنة فيلاحق ويعاقب جزائياً استناداً إلى المرسوم رقم 119 الصادر بتاريخ الـ16 من سبتمبر (أيلول) 1983 إذا ما ارتكب جرماً يعاقب عليه في القانون، أو وجد متشرداً أو متسولاً أو معرضاً للانحراف، أو مهدداً في صحته أو سلامته أو أخلاقه أو تربيته. 

وأشار طعمه إلى أن القاصر يلاحق ويحاكم أمام "محكمة الأحداث"، حيث تحال الدعوى أمامها بموجب ادعاء النيابة العامة أو قرار الظن الصادر عن قاضي التحقيق في القضايا الجنحية، أو قرار الاتهام عن الهيئة الاتهامية في القضايا الجنائية، إذ لا تقبل الدعوى المباشرة أي الادعاء الشخصي ولا تطبق أصول الجرم المشهود في حق القاصر، إنما يمكن إقامة دعوى الحق الشخصي أمام محكمة الأحداث بعد وضع يدها على الدعوى العامة التي تكون قد حركت من قبل النيابة العامة أو قاضي التحقيق. ولفت إلى أنه يحق للمحكمة أن تعفي القاصر من حضور المحاكمة إذا ارتأت أن مصلحته تقضي بذلك، وكذلك تبقى أحكام "محكمة الأحداث" خاضعة لرقابة محكمة النقض في القضايا الجنائية فقط في حالتي مخالفة القانون والخطأ في تفسيره.

أما في ما يتعلق بالعقوبات والتدابير التي قد تفرضها محكمة الأحداث، فأشار المحامي إلياس طعمه إلى تدابير حماية أو مراقبة اجتماعية تفرض على من هم بين سبع و12 سنة، ومن هم بين 12 و15 سنة، "تفرض أحد التدابير التالية: حماية، مراقبة اجتماعية، إصلاح أو تأديب، أما من هم بين 15 و18 سنة فهناك احتمالات عدة: إذا كان الجرم جنحة وعقوبتها الحبس، تخفض إلى النصف وتفرض تدابير تأديب أو إصلاح، وإذا كان الجرم جناية معاقباً عليها بالإعدام أو بالأشغال الشاقة المؤبدة أو بالاعتقال المؤبد، فيتم حبس القاصر مع التشغيل من خمس إلى 15 سنة، وينفذ القاصر محكوميته في سجن الأحداث إصلاحاً لنفسه إلى أن يتم الـ18 من العمر، ينقل بعدها إلى أي من السجون العادية، وفق ما جاء في الفقرة الأخيرة من المادة الخامسة من المرسوم رقم 119".

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير