Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

تفاصيل مكالمة "الفرصة الأخيرة" بين بلير والقذافي (3- 3)

نصحه رئيس الوزراء البريطاني بالتنحي عن الحكم والبحث عن مكان آمن أو إجراء إصلاح سياسي بدستور جديد لكن القذافي لم يستجب

في نهاية المكالمة طلب توني بلير من القذافي أن يُبقي خطوط الاتصال بينهما مفتوحة لكنها أغلقت بمقتله (اندبندنت عربية)

ملخص

تحتفظ لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان البريطاني بنصوص محادثتين هاتفيتين جرتا بين توني بلير والعقيد القذافي في الـ 25 من فبراير (شباط) 2011، تشيران إلى أن رئيس الوزراء البريطاني السابق نصح الرئيس الليبي بالتنحي عن الحكم، عقب اندلاع الاحتجاجات في بلده، لكن القذافي نفى وجود احتجاجات وزعم أن الأوضاع هادئة، وأن ليبيا تتعرض لمؤامرة دولية ولحملة استعمارية جديدة، كما هدد بتسليح الشعب الليبي واللجوء إلى القتال.

بعد الاحتلال الأميركي للعراق وسقوط بغداد عام 2003 حاول العقيد معمر القذافي عام 2004 تحسين علاقاته الدبلوماسية مع بريطانيا، إذ شكلت زيارة رئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير إلى ليبيا نقطة تحول حقيقية في العلاقات بين البلدين.

وتحتفظ لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان البريطاني بنصوص محادثتين هاتفيتين جرتا بين توني بلير والعقيد القذافي في الـ 25 من فبراير (شباط) 2011، وأرسلت نصوصهما إلى اللجنة من رئيس الوزراء السابق توني بلير في أعقاب الأدلة المقدمة إلى تحقيق لجنة الشؤون الخارجية بخصوص ليبيا، "درس التدخل والانهيار وخيارات السياسة المستقبلية للمملكة المتحدة".

يشير نص المحادثة الهاتفية بين القذافي وتوني بلير إلى أن رئيس الوزراء البريطاني السابق نصح الرئيس الليبي بالتنحي عن الحكم، والبحث عن مكان آمن، أو إجراء عملية إصلاح سياسي واقتصادي عاجلة ترافقها إجراءات ليبية لتدوين دستور جديد للبلاد.

لكن القذافي نفى وجود احتجاجات وزعم أن الأوضاع هادئة، وأن ليبيا تتعرض لمؤامرة دولية ولحملة استعمارية جديدة، كما هدد بتسليح الشعب الليبي واللجوء إلى القتال، وأن الفوضى والأخطار ستعم منطقة الشرق الأوسط وأوروبا والعالم في حال عدم توقف الدول الغربية عن التدخل والتحريض، وهذا نص المحادثة.

بلير ينصح القذافي: اذهب إلى مكان آمن

توني بلير: تحدث ووجه رسالة إلى الشعب، الشيء الرئيس المطلوب هو وقف سفك الدماء والعنف.

القذافي: من قال ذلك؟ 100 في المئة لا شيء يحدث.

بلير: هذه هي التقارير الموجودة في الأخبار، دعني أشرح لك لأنني تحدثت إلى الناس والجميع يريد نهاية سلمية لهذا الوضع.

القذافي: لا يوجد قتال على الإطلاق في ليبيا، من قال ذلك؟ إنهم يريدون شيئاً آخر، إنها حملة استعمارية، وعلينا أن نتحدى الاستعمار، لا يوجد شيء هنا ولا قتال ولا دم، تعال إلى طرابلس وشاهد كل شيء هنا.

 

بلير: الاعتقاد هو أن هناك قتالاً مستمراً، إذا كان لديك مكان آمن تذهب إليه فيجب عليك الذهاب إلى هناك، لأن هذا لن ينتهي بسلام ويجب أن تكون هناك عملية تغيير، ويمكن إدارة عملية التغيير هذه وعلينا إيجاد طريقة لإدارتها.

القذافي: يبدو أن هذه هي هجمة استعمارية، وسأضطر إلى تسليح الناس استعداداً للقتال.

بلير: إذا قال الزعيم إنه يريد إنهاء العنف فعليك أن تفهم كيف يكون تأثير هذا بالنسبة إلى العالم الخارجي، وما يقلقني هو كيف أن يحدث هذا بأكثر الطرق سلمية، ويجب أن تجد طريقة لذلك، وأفضل شيء هو البدء والدخول في عملية تغيير سلمية.

 

القذافي: سيقتل الشعب الليبي وستلحق الأضرار بالشرق الأوسط وأوروبا والعالم بأسره، وتستغل الجماعات المسلحة هذا الوضع كمبرر وعلينا محاربتهم.

بلير: عليك أن تحاول القيام بشيء للسماح لهذه العملية (التغيير) وجعلها تحدث بسلام، والطريقة الوحيدة للقيام بذلك هي أن تقولوا للشعب إنكم ستدخلون في عملية تغيير، وإنكم تطلبون من قواتكم عدم استخدام العنف ضد الناس، وأن هذا ستتم إدارته الآن بشكل سلمي وصحيح، ويجب أن تكونوا في وضع تكون فيه ليبيا مستعدة للقيام بذلك سلمياً. الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي في موقف صعب في الوقت الحالي، وأحتاج إلى أن أعود لهما بشيء يضمن أن ينتهي هذا الأمر بسلام، وليس لدي صلاحيات أو تفويض، أنا لست الرئيس وليس لدي ما أتخلى عنه، وهذا هو دور الشعب الليبي الذي يريدون تغييره.

القذافي لبلير: تريدون تدمير ليبيا ونحن مستعدون للقتال

بلير: في ضوء ما حدث لا أعتقد أن هذا يمكن أن يحدث، افعل شيئاً يسمح بحدوث العملية ويجب أن يتوقف العنف، ويجب أن يتشكل دستور جديد، والشيء الأكثر أهمية هو أن تبدأ عملية التغيير هذه، ولا يمكنها فعل ذلك إلا إذا سمح القائد بحدوث ذلك، وإضافة إلى كونه حريصاً على توقف العنف يجب أن يشير إلى أنه يريد هذا التغيير، وأكرر المطلب الذي قاله لي الناس، إذا كانت هناك طريقة يمكنه من خلالها المغادرة، فعليه أن يفعل ذلك الآن، وأعتقد أن هذا يمكن أن يحدث بسلام، لكن عليه أن يتصرف الآن ويشير إلى أنه يريد أن يحدث هذا.

القذافي: إلى أين من المفترض أن يذهب؟ ليس لديه تفويض.

بلير: موقف الزعيم الليبي أمر بالغ الأهمية، إذا أشار إلى أنه يريد أن يحدث هذا الآن، وأنه سيقف جانباً ويذهب إلى مكان آمن، وأعتقد أن هذا سيحل الأمر سلمياً، وإذا كان يرغب في حدوث ذلك فيمكنني إعادة هذه الرسالة إلى الأشخاص الذين كنت أتحدث إليهم، وهناك عملية تغيير ستحدث، وقد أوضحها الزعيم بنفسه. إنه بحاجة إلى الإشارة إلى قبول هذا التغيير ويحتاج إلى الوقوف جانباً للسماح بحدوث التغيير بسلام.

القذافي: لا يوجد إراقة دماء هنا والوضع هادئ جداً، لكن إذا كنتم تريدون أن تدمر ليبيا فنحن مستعدون للقتال، وسيكون مثل العراق. لماذا لا تأتي وترى طرابلس؟

بلير: دعني أخبرك عزيزي، لا أحد يريد إعادة استعمار ليبيا، ليبيا لشعبها.

 

القذافي: اتركونا وشأننا، بإمكانكم مشاهدة التلفزيون الليبي وهو يعرض حجم التظاهرات المؤيدة، وحجم البرامج التلفزيونية الداعمة، ونحن نعرف كيفية فرزها. (يضع القذافي الهاتف قرب التلفزيون)، لا يوجد قتال ولا توجد تظاهرات، وكان هناك طفل يصرح: (عاش القذافي).

القذافي: تعال إلى طرابلس وشاهد بنفسك.

بلير: دعني أرى ذلك، أنا في الكويت الآن لكن قلقي هو أن هذا يحدث بسرعة كبيرة، وإذا لم نجد مخرجاً في الساعات القليلة المقبلة فلا أعرف ماذا سيحدث. يمكن للزعيم أن يتنازل، وإذا لم يفعل ذلك ينتهي بنا الأمر بسفك دماء كثير من الشعب الليبي، ولا أريد أن يحدث ذلك.

 

القذافي: لا يوجد إراقة دماء ولا يوجد قتال، تعال وانظر بنفسك، وينشر الناس الإشاعات عبر محطات التلفزيون. هؤلاء الناس من غوانتانامو ونحن نعرفهم بالاسم، وهم يدعمون "القاعدة"، هل تدعمون "القاعدة"؟

بلير: بالتأكيد لا، الشيء المهم هو كيف نصل إلى نقطة يمكن أن تنتهي فيها الأمور بطريقة سلمية، وإذا رأى الناس الزعيم يقف جانباً فسيكونون راضين عن ذلك، وإذا استمر هذا ليوم يومين آخرين فسنتجاوز النقطة، وأقول هذا لأنني أعتقد بقوة، وإذا لم نتمكن من الحصول على طريقة للخروج بسرعة كبيرة فستتجاوز الأحداث نقطة اللاعودة.

تغيير دستوري الآن

القذافي: هناك قتال في الجزائر وأفغانستان وباكستان وما إلى ذلك، هل تدعمون الإرهاب؟

بلير: نحن نعارض تماماً الإرهاب و"القاعدة"، والسبيل الوحيد للخروج من الأزمة هو السماح بإجراء عملية تغيير دستوري الآن.

القذافي: عناصر "القاعدة" ليسوا للتغيير، هذا ليس مطلبهم، وهؤلاء أطفال لا أحد يتحدث عن الدستور أو التغيير.

 

بلير: لكن هذا هو السبب في أنه من المهم أن يأخذ القائد زمام المبادرة ويتحدث عن التغيير، وأردت أن أنقل هذه الرسالة على وجه السرعة لأن هذه هي الفرصة الأخيرة لحل الأزمة سلمياً، ولا أعرف ما إذا كان من الممكن بالنسبة إليّ أن آتي إلى طرابلس.

القذافي: هل هذا يعني أنكم ستطلبون تدخلاً عسكرياً إذا لم نحل هذا سلمياً؟

بلير: بالتأكيد لا، لا أحد يريد ذلك، وليس في أذهان أي شخص وليس إعادة استعمار، وما لم تكن هناك عملية سلمية فإن الأزمة ستستمر، ورغبتي هي أن أضع موضع التنفيذ شيئاً سلمياً بدلاً من المواجهة العنيفة.

القذافي: هل هؤلاء الناس في نيجيريا في أفغانستان؟ "طالبان" لديهم دستور؟

بلير: الزعيم هو الشخص الوحيد الذي يمكنه معالجة ذلك بطريقة سلمية، وإذا لم يحدث ذلك بسرعة كبيرة فإن الشعب الليبي في الداخل سيجعل الأمور تأخذ منحى خطراً للغاية.

القذافي: هذا لن يحدث، وإذا لم تتدخلوا فسأقوم بتسليح الشعب الليبي الليلة.

بلير: لا نريد ذلك.

القذافي: ليس لدينا مشكلة، فقط اتركونا وشأننا، وإذا كنت جاداً حقاً وتبحث عن الحقيقة فاركب طائرة وتعال لرؤيتنا.

 

بلير: سوف أستفسر عن ذلك، ولقد حاولت نقل الرسالة وآمل أن يتمكن القائد من التفكير فيما قلته ونحن بحاجة إليه لأخذ زمام المبادرة، وأود أن أقدم مخرجاً سلمياً.

القذافي: تعال إلى هنا وشاهد الواقع بنفسك.

بلير: ابق الخطوط مفتوحة.

 

قتل الزعيم الليبي العقيد معمر القذافي بعد نحو سبعة أشهر من إجراء هذه المحادثة حيث عُثر عليه مختبئاً في بربخ غرب سرت على يد قوات المجلس الوطني الانتقالي.

وفي لندن خرج رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون إلى الصحافيين ليعرب عن فخره بالدور الذي لعبته بلاده في الإطاحة بنظام العقيد معمر القذافي بعد 42 عاماً من الحكم في ليبيا قائلاً، "اليوم هو الوقت المناسب لتذكر ضحايا القذافي، بما في ذلك أولئك الذين لقوا حتفهم في تفجير طائرة لوكربي، والشرطية إيفون فليتشر التي توفيت في شارع لندن، وأولئك الذين قتلوا على يد الجيش الجمهوري الإيرلندي باستخدام متفجرات جرى الحصول عليها من ليبيا".

وفي ختام عمل لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان البريطاني قال رئيس اللجنة كريسبين بلانت، "سترغب اللجنة في النظر فيما إذا كان تحذير القذافي واستشرافه في شأن صعود الجماعات المسلحة المتطرفة في أعقاب انهيار النظام قد جرى تجاهله بشكل خاطئ بسبب موقف القذافي الوهمي في الشؤون الدولية، وتشير الأدلة التي اعتمدتها اللجنة حتى الآن في هذا التحقيق إلى أن صناع السياسة الغربيين كانوا أقل إدراكاً من القذافي للأخطار، والتدخل بالنسبة إلى كل من الشعب الليبي والمصالح الغربية".

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير