Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

قرار "الجنائية الدولية" يضع إسرائيل أمام تدهور علاقاتها في العالم

"بذل الإسرائيليون جهداً كبيراً لفهم ما قد يحصل في المحكمة وأن ما وصلهم ليست إشاعات مما أدخل نتنياهو في حالة عصبية وضغط كبير"

نتنياهو وغالانت في مؤتمر صحافي سابق في تل أبيب (رويترز)

ملخص

اعتبر مسؤولون عسكريون وأمنيون أن إسرائيل، وفي ظل قرار مواصلة الحرب ستقف، لأول مرة، أمام تهديد عالمي خطر، على المدى البعيد، وإذا تم تطبيق أوامر المحكمة الجنائية الدولية، فستجد نفسها أمام تدهور دبلوماسي ساحق، يمكن أن تكون له آثار بعيدة المدى على علاقاتها الاقتصادية والأكاديمية والتجارية ومجالات أخرى تربطها بالعالم.

التحدي الذي خرج به رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو بعد وقت قليل من تصريحات المدعي العام في المحكمة الجنائية الدولية كريم خان، حول إصدار أوامر اعتقال ضده ووزير دفاعه يوآف غالانت، أسهم في تعقيد وضع إسرائيل، وفي ظل جهود مبذولة لمحاولة منع إصدار القرار نهائياً، ولو أن الاحتمال ضئيل، وفق خبراء قانونين إسرائيليين.

واعتبر نتنياهو المحكمة الدولية "مركزاً لحملة معاداة السامية". وقال "هذه هي بالضبط معاداة السامية الجديدة، فقد انتقلت من الجامعات في الغرب إلى المحكمة في لاهاي". ووجه حديثه إلى الإسرائيليين قائلاً، "أعدكم بشيء واحد، محاولة تقييد أيدينا ستفشل، وأكرر ما سبق وقلته بوصفي رئيس حكومة إسرائيل، إنني أتعهد لكم بأن أي ضغط أو قرار في أي محفل دولي لن يمنعنا من ضرب أولئك الذين يسعون إلى تدميرنا. سنسقط نظام حماس الشرير وسنحقق النصر الكامل". وواصل نتنياهو التهجم على المحكمة واعتبرها "مجمعاً للأكاذيب"، وقال "في مواجهة الأكاذيب في لاهاي أقول إن خلود إسرائيل ليست كذبة".

صحيح أن هجوم نتنياهو حصل على تأييد واسع من المستوى السياسي، لكن أمام الجمهور ومحافل سياسية وأمنية وعسكرية، كانت الصورة مغايرة. فعندما توجه إلى الإسرائيليين خلال رده على القرار، كانت تل أبيب تشهد ذروة الغضب ضده وضد حكومته، مع إغلاق الشوارع الرئيسة بالإطارات مشتعلة، وعرقلة حركة السير، واندلاع مواجهات واعتداءات بين قوات الأمن ومتظاهرين، ليجد نتنياهو نفسه هذه المرة، ليس فقط أمام معركة دولية ستسجَل في التاريخ كأول حدث يساوي بين رئيس حكومة إسرائيل وقائد حركة تعتبرها إسرائيل "إرهابية"، وتضعه في خانة الملاحَقين دولياً ومطلوب للاعتقال، إنما أمام معركة داخلية وُصفت بـ"الشرسة" ويخوضها داخل البيت، في إسرائيل، مما سينعكس مباشرة أيضاً في الخارج مع انتقال هذا القرار إلى حيز التنفيذ، وفق تقدير سياسيين وأمنيين.

وبينما كان صوته يعلو غضباً خلال رده على قرار المحكمة الدولية، كان صوت الداعين إلى استقالته وتقريب موعد الانتخابات يعلو في الاحتجاجات على صوت عائلات الأسرى، التي تحمله المسؤولية الكاملة عن مصير ذويها، ووصلت إلى درجة اليأس من إمكانية التوصل إلى صفقة قريبة. وقالت إحدى المتظاهرات في تل أبيب لوسائل الإعلام، إن "نتنياهو غير مهتم بالأسرى بل بسبل إطالة عمر حكومته والحرب في غزة. لم يسمع تحذيراتنا من أخطار الحرب. أوامر الاعتقال ضده هي خلاصة أعماله وسياسته". وكان ذلك بعد ساعات على رفض كتلة حزب العمل، في الكنيست، التوقيع على عريضة أعدها نتنياهو لجمع تواقيع ضد المدعي العام والمحكمة الدولية، تحت عنوان "تعبير واضح ضد السامية"، إذ اعتبر حزب العمل العريضة "أداة في اللعبة التي يديرها نتنياهو منذ أشهر لشرعية بقاء نظامه الفاسد".

غرور نتنياهو

حديث ممثلة العائلات ومفاده أن نتنياهو هو من جلب لنفسه هذا القرار والإهانة لإسرائيل هو حديث برز في مضمونه موقف الإسرائيليين وهم يناقشون قرار مذكرات الاعتقال.
وكتبت صحيفة "هآرتس" في افتتاحيتها، "إنها بطاقة صفراء من محكمة العدل الدولية تلقتها إسرائيل"، معتبرة أن "بعض الفشل الاستراتيجي يرتبط بغرور نتنياهو. منذ نشوب الحرب والعالم بأسره يخرج عن طوره كي يحذر إسرائيل من جرائم حرب في غزة. هذا القرار يأتي بعد صدور قرارات دولية عدة تلزم إسرائيل باتخاذ الوسائل كافة لمنع الإبادة الجماعية، وقتل المدنيين، وإلحاق الضرر بهم، والسماح بإدخال المساعدات الإنسانية إلى القطاع، غير أن نتنياهو، بغروره، استهتر بكل الطلبات والتحذيرات".

أمنيون وعسكريون إسرائيليون ممن دعوا على مدار الأشهر الثلاثة الأخيرة، ومنذ صعّد نتنياهو تهديداته باجتياح رفح إلى الاعتراف بالفشل في القضاء على "حماس" وإنهاء الحرب، اعتبروا أن إسرائيل، وفي ظل قرار مواصلة الحرب ستقف، لأول مرة، أمام تهديد عالمي خطر، على المدى البعيد، وإذا تم تطبيق هذه الأوامر فستجد نفسها أمام تدهور دبلوماسي ساحق، يمكن أن تكون له آثار بعيدة المدى على العلاقات الاقتصادية والاكاديمية والتجارية ومجالات أخرى تربط إسرائيل بالعالم.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


اتهام المدعي العام بـ"خداع" إسرائيل

الحديث عن أن تعنت نتنياهو وغروره أوصلا إسرائيل إلى وضع قيادتها في خانة المطاردين دولياً والمتهمين بارتكاب جرائم حرب، يأتي أيضاً في سياق الإقرار بأن الإسرائيليين استهتروا وتعاملوا بلا مبالاة مع معلومات وتفاصيل وصلتهم وأكدت توجه المحكمة إلى إصدار قرار الاعتقال هذا.

وادعى مسؤولون في وزارتي القضاء والخارجية، خلال تعليقهم على القرار، بأن المدعي العام كريم خان "خدعهم". وبحسبهم فقد حصلت إسرائيل قبل ستة أسابيع على معلومات مؤكدة حول نية المدعي العام إصدار الأوامر، من قبل أحد عاملي المحكمة، الذي أبلغ أحد المسؤولين الإسرائيليين، ومن هناك وصل إلى ديوان نتنياهو ووزارتي القضاء والخارجية وحتى إلى أجهزة الاستخبارات، وفق خبير الشؤون العسكرية – الاستخباراتية رونين بيرغمان الذي قال إن "الاسرائيليين بذلوا جهداً كبيراً لفهم ما قد يحصل في المحكمة، وأن ما وصلهم ليست إشاعات وإنما معلومات مؤكدة، وهو ما أدخل نتنياهو في حالة عصبية وضغط كبير".

لكن الخبراء في وزارة القضاء الإسرائيلية، بحسب بيرغمان، اعتبروا أنهم سيتمكنون من إلغاء أو على الأقل تأجيل صدور مذكرات الاعتقال، معتبرين أنها "مجمدة ولا يتم البحث فيها".

ليس هذا فحسب، بل إن وزارة القضاء قالت، إن الأمور تحت السيطرة، مما أدى إلى تهدئة نتنياهو ومَن حوله ولكن، أضاف بيرغمان، "لم يهتم لتداعيات مثل هذا القرار ومدى احتمال صدوره بل استمر بالدفع بفكرة إقامة حكم عسكري في غزة، والتهديدات بتوسيع عملية رفح، وتجاهل هو ومَن حوله أن العمليات العسكرية في قطاع غزة منافية للقوانين الدولية، وتصرفوا كأنهم يعيشون في فراغ، ثم سعى بعضهم إلى استهداف جهاز القضاء الإسرائيلي وسمعته، وهكذا أصبح المدعي العام على قناعة بأن إسرائيل تعمل بشكل غير قانوني".




أمام خطر عقوبات دولية 

في سياق مناقشة القرار، الذي تصدر أجندة الإسرائيليين، هناك من اعتبر صدور أوامر الاعتقال ضد نتنياهو وغالانت مقدمة لأوامر تشمل أيضاً، ضباطاً ومسؤولين عسكريين وأمنيين آخرين. وباعتقاد مطلعين على التفاصيل، فإن "خطوة المدعي العام يمكن أن تؤثر أيضاً على ما يحدث في محكمة العدل الدولية في لاهاي، التي تناقش مسألة وقف الحرب".

وحذر المحلل العسكري لصحيفة "هآرتس"، عاموس هرئيل من أن "رفض نتنياهو تنفيذ قرار قد يصدر من المحكمة الدولية لوقف النار، وهذا متوقع، يمكن أن يضع إسرائيل على مسار فرض عقوبات دولية عليها إذا بدأ النقاش بهذا الشأن في مجلس الأمن". ويضيف "إسرائيل ليست روسيا أو إيران، بل هي مجتمع ديمقراطي يعتمد كلياً على علاقاته مع الغرب. قد لا يقلق كل ذلك رؤساء أحزاب اليمين المتطرف في الحكومة، لكن يتطور هنا خطر محتمل يمكن أن يؤثر سلباً على حياة كثير من المواطنين الإسرائيليين".

"إسرائيل أسهمت في صدور القرار"

وفي رؤية قانونية – سياسية، رأى رجل القانون الخبير في شؤون القضاء الجنائي والعسكري مردخاي كرمنتسر، أن "محكمة الجنايات الدولية لا يمكنها، بسبب نقص الموارد، مناقشة جميع المخالفات للقانون الدولي. المحكمة تقول إنها ستركز على الجرائم والمجرمين الأكثر خطراً، الذين يجب عقابهم بجدية. من هذه الناحية يمكن التساؤل حول تقدير المدعي العام الذي اختار التركيز على من عملوا على الدفاع عن دولتهم وشعبهم حتى لو تجاوزوا حدود ما هو مسموح"، لكنه أضاف أن "اضطرار النيابة العامة في المحكمة إلى الاختيار بعناية الملفات التي قررت مناقشتها، يدفعنا إلى الافتراض أنه في إطار التقدير الذي تستخدمه، هي تختار الدولة التي قادتها مشتبه بارتكابهم جرائم، بنظرة واسعة. من هذه الناحية لا مناص من الاعتراف بأن إسرائيل جلبت على نفسها معاملة دولية تجاهها كدولة مخالفة للقانون، ولذلك المطلوب اليوم هو كبحها ومطالبة قادتها المارقين بالالتزام بالنظام".

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات