ملخص
يشدد الحزب الحاكم على أن التشريع يهدف إلى ضمان "الشفافية"، مشيراً إلى أن المجموعات الممولة من الخارج تقوض سيادة جورجيا. لكن منظمات حقوقية وحكومات غربية تحذر من أنه قد يؤدي إلى تأجيج التوتر أكثر في الدولة الواقعة في منطقة القوقاز التي تعاني في الأساس الاستقطاب.
أسقط النواب الجورجيون اليوم الثلاثاء "الفيتو" الرئاسي ضد تشريع مثير للجدل في شأن "التأثير الأجنبي"، وأقروا النص بصورة نهائية على رغم تحركات احتجاجية عدة نظمت ضده وتحذيرات غربية من أن النص الذي يعدّ نسخة من قانون قمعي روسي، يخرج مساعي البلاد للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي عن مسارها.
وتبنى نواب حزب "الحلم الجورجي" الحاكم الذين يشكلون غالبية في البرلمان، التشريع بغالبية 84 صوتاً مؤيداً مقابل أربعة أصوات معارضة، مسقطين بذلك "الفيتو" الذي استخدمته الرئيسة المؤيدة للغرب سالوميه زورابيشفيلي ضد النص بعد أن أقره البرلمان في الـ14 من مايو (أيار) الجاري. وخرج نواب المعارضة بغالبيتهم من البرلمان خلال التصويت، وفق مراسلي وكالة الصحافة الفرنسية.
ويصنف القانون الذي أثار احتجاجات واسعة تواصلت لأسابيع، المنظمات غير الحكومية والمنصات الإعلامية التي تتلقى خمس تمويلها في الأقل من الخارج على أنها "منظمات تسعى إلى تحقيق مصالح قوى خارجية".
وتحذر بروكسل من أن التشريع "غير متوافق" مع مساعي الجمهورية السوفياتية السابقة للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، وهو توجه مدرج في دستور البلاد ويحظى وفق استطلاعات للرأي، بتأييد أكثر من 80 في المئة من السكان.
بعد إسقاط الفيتو الرئاسي وتبني التشريع نهائياً أعرب الاتحاد الأوروبي عن "أسفه البالغ" لهذا التطور، وقال مسؤول السياسة الخارجية للتكتل جوزيب بوريل إن بروكسل "تدرس كل الخيارات للرد على هذه التطورات".
بدورها دانت واشنطن تبني القانون الجديد، وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية ماثيو ميلر إن بلاده تدين تبني القانون "المناهض للديمقراطية والذي لا يتوافق مع المعايير الأوروبية".
وصرحت النائبة المعارضة خاتيا ديكانويدزي إلى وكالة الصحافة الفرنسية بأن النتيجة كانت متوقعة، "الأمر لا يتعلق بالقانون، بل بالخيار الجيوسياسي لمصلحة روسيا. الآن ننتظر العقوبات من الولايات المتحدة وكذلك من الاتحاد الأوروبي".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
لكن رئيس الوزراء إيراكلي كوباخيدزه قال إن فكرة العقوبات ليست "جدية"، وأضاف في مؤتمر صحافي بعد التصويت أنه "لا يمكن لأحد أن يعاقب الشعب الجورجي، ولا يمكن لأحد أن يعاقب السلطات التي انتخبها الشعب الجورجي".
وتجمع حشد من المتظاهرين أمام البرلمان ملوحين بأعلام جورجيا والاتحاد الأوروبي وهاتفين "عبيد روس" خلال التصويت.
وتشهد جورجيا منذ سبعة أسابيع موجة تحركات غير مسبوقة، رداً على إحياء الحزب الحاكم التشريع الذي يتضمن تدابير مشابهة لنص تم التخلي عنه العام الماضي بعد أن أثار نقمة شعبية.
ويتوقع تنظيم مسيرة جديدة مساء في وقت تشهد تبليسي احتجاجات بالفعل منذ أعاد حزب "الحلم الجورجي" طرح القانون مطلع أبريل (نيسان) الماضي.
وقالت المتظاهرة ليزي كينتشوشفيلي البالغة 23 سنة في تصريح إلى وكالة الصحافة الفرنسية "أعتقد بأننا كنا جميعاً نتوقع هذه النتيجة، لكني أشعر بغضب كبير أشعر بإحباط كبير. الأهم الآن هو ألا نفقد الأمل".
ويشدد الحزب الحاكم على أن التشريع يهدف إلى ضمان "الشفافية"، مشيراً إلى أن المجموعات الممولة من الخارج تقوض سيادة جورجيا.
لكن منظمات حقوقية وحكومات غربية تحذر من أنه قد يؤدي إلى تأجيج التوتر أكثر في الدولة الواقعة في منطقة القوقاز التي تعاني في الأساس الاستقطاب.
وأفادت منظمات غير حكومية بينها "الشفافية الدولية" وكالة الصحافة الفرنسية بأنه من المحتمل أن تُجمد أصولها ويصار إلى الحد من نشاطها إذا أقرّ القانون.
وكان التوتر على أشده في البرلمان قبل التصويت وتعرض النائب المعارض جورجي فاشادزي للرش بالماء أثناء خطاب كان يلقيه.
وسبق أن وقعت مشادات ومشاجرات بين الحكومة ونواب المعارضة خلال مناسبتين في الأقل.
وكان بوريل حذر أمس الإثنين من أن القانون يظهر أن الحكومة الجورجية "بصدد الخروج عن المسار الأوروبي".
ودعت الرئيسة زورابيشفيلي التي تنتقد الحزب الحاكم بشدة المعارضة إلى تشكيل جبهة موحدة قبيل الانتخابات التشريعية المقررة في أكتوبر (تشرين الأول) المقبل.
وأعلنت الولايات المتحدة الأسبوع الماضي فرض قيود على تأشيرات المسؤولين الذين يقفون خلف إعادة إحياء القانون وتعيد النظر في علاقتها مع تبليسي.
وواجه ناشطون وصحافيون مستقلون وسياسيون من المعارضة أسابيع من العنف والتهديدات منذ أعلنت الحكومة مسودة مشروع القانون، في ما وصفتها مجموعات حقوقية بأنها حملة مستهدفة.
واتهم سياسيون في المعارضة الحكومة بإخراج جورجيا عن المسار الغربي وإعادة البلاد إلى فلك الكرملين، مما تنفيه السلطات.