Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل ينجح طارق بن سالم في انتشال اتحاد المغرب العربي من أزماته؟

قاد الرئيس التونسي الموقت محمد المنصف المرزوقي مبادرة قام على هامشها بجولة سعى خلالها إلى تقريب وجهات النظر

يخلف طارق بن سالم الطيب البكوش الذي دعا إلى خلوة مغاربية لحل الخلافات من دون أن ينجح (مواقع التواصل الاجتماعي)

أعلنت وزارة الخارجية التونسية تعيين الدبلوماسي طارق بن سالم أميناً عاماً جديداً لاتحاد المغرب العربي، الذي يعيش حال موت سريرية، مع تفاقم الأزمة بين الجزائر والمغرب الجارتين المتنافستين بسبب قضايا عدة، أهمها الصحراء التي تطالب جبهة "البوليساريو" المدعومة من الجزائر بانفصالها عن المغرب.

وعين ابن سالم خلفاً للأمين العام، المنتهية ولايته، الطيب البكوش الذي كانت له محاولات لترميم البيت المغاربي الداخلي، لكنها لم تنجح في بلوغ هدفها خصوصاً بعد توتر علاقته مع الجزائر.

ويأتي هذا التعيين في وقت طفت فيه على السطح مساع إلى استبدال اتحاد المغرب العربي بتكتلات جديدة وآليات جديدة للتنسيق بين دول المنطقة على غرار الآلية الثلاثية التي اتفقت عليها الجزائر وليبيا وتونس، والتي تنص على عقد قمة ثلاثية على مستوى قادة هذه الدول كل ثلاثة أشهر لكن الحماسة تجاه هذه الآلية بدأت تخفت في الأشهر الماضية.

 

مسار دبلوماسي طويل

وبمسار دبلوماسي طويل تقلد طارق بن سالم خلاله مناصب عدة منها سفير تونس لدى روسيا منذ عام 2019، وسفير تونس لدى مالي وبوركينافاسو والنيجر مع الإقامة في العاصمة المالية باماكو في الفترة الممتدة بين عامي 2011 و2015.

وسيكون ابن سالم أمام تحدي كسر الجمود الذي يسود اتحاد المغرب العربي، وقد حاول سلفه البكوش الدفع بمبادرات لحلحلة أزمات اتحاد المغرب العربي على غرار دعوته في أغسطس (آب) 2022 إلى عقد خلوة مغاربية خماسية تشارك فيها موريتانيا وتونس والمغرب وليبيا والجزائر، لكن محاولاته باءت بالفشل، وخصوصاً بعد تصاعد خلافه مع الجزائر.

وكان البكوش قد طالب الجزائر بسداد الديون بذمتها لدى اتحاد المغرب العربي عام 2023، وهو أمر ردت عليه الحكومة الجزائرية باتهام الأمين العام للاتحاد المغاربي بـ"تضليل الرأي العام المغاربي وتزييف الحقائق".

بث الروح في الاتحاد

لذلك، شكل تعيين ابن سالم مدعاة للتساؤل لدى كثيرين حول خلفية الأمر، وبخاصة أن ولاية البكوش انتهت منذ أكثر من عام.

واعتبر الدبلوماسي الليبي السابق عثمان البدري أن "طارق بن سالم أسهم على الأقل في مرحلة أولى في استئناف الاتحاد لنشاطه، وبث الروح في هذا الجسم الذي يعاني، وقد تكون له اندفاعة لإنعاش هذا الجسم بمحاولة وضع استراتيجية لرأب الصدع بين المغرب والجزائر أولاً ثم بقية دول المغرب العربي، التي لا توجد بينها مشاكل كبيرة تؤثر في فاعلية هذا التكتل"، وأوضح البدري أن "هناك صعوبات كثيرة مثل مشكلة الصحراء وبعض القضايا المتعلقة بالعلاقات البينية بين دول الاتحاد والتجارة البينية، التي قد تكون عائقاً أمام تفعيل الاتحاد، لكن كل هذه الصعوبات يمكن التغلب عنها وإعادة دور الاتحاد".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وشدد على أن "الحديث عن اتحاد المغرب العربي يجعلنا نتحدث عنه من خلال نجاحاته وإخفاقاته. هذا التجمع الإقليمي الذي كان يراد به لعب دور مهم في العمل بين دوله الأعضاء للتكامل الاقتصادي والثقافي والسياسي لما يمتاز به هذا التجمع من معايير كثيرة، يفترض أن تجعل منه منظمة إقليمية فاعلة في المحيط الإقليمي والعربي والأفريقي"، واستدرك البدري "لكن للأسف الشديد، نتيجة بعض المشكلات بين بعض دوله، أصبح هذا التجمع غير فاعل، خصوصاً بين المغرب والجزائر ومشكلة الصحراء ومنظمة البوليساريو، وهي أسباب في عدم فاعلية هذا الاتحاد".

صيانة المؤسسة فقط

ولم يعلق ابن سالم بعد على تعيينه كأمين عام لاتحاد المغرب العربي، الذي أنشئ عام 1989 في مدينة مراكش المغربية، والذي كان الهدف من تأسيسه النهوض بالقطاع الاقتصادي، وتوحيد الرؤى والمواقف الخارجية تجاه القضايا الدولية. وعلى رغم أن دوله الأعضاء، الخمس، سارعت فور تأسيسه إلى إنشاء لجان وهيئات داخلية لتنظيم عمله، فإن اتحاد المغرب العربي انزلق إلى أزمة وجودية منذ أعوام جراء تصاعد الخلافات الداخلية بين أعضائه.

وحاولت بالفعل أطراف كثيرة، في السابق، انتشال الاتحاد من أزمته لكن الخصومات السياسية حالت دون ذلك، إذ قدم وزير الخارجية المغربي آنذاك سعد الدين العثماني عام 2012 مقترحات لإصلاح الجهاز المغاربي من أبرزها تغيير اسمه، لكن هذه المقترحات وافقت عليها تونس وموريتانيا واعترضت عليها ليبيا والجزائر.

كما قاد الرئيس التونسي الموقت محمد المنصف المرزوقي في 2012 مبادرة أخرى قام على هامشها بجولة مغاربية سعى خلالها إلى تقريب وجهات النظر بين دول الاتحاد، واعتبر أن انتفاضات ما يسمى بـ"الربيع العربي" يمكن أن تشكل منطلقاً لإحياء هذا التكتل الإقليمي.

لكن كل هذه المبادرات باءت بالفشل، مما يطرح على بن سالم تحدياً صعباً على طريق إحياء اتحاد المغرب العربي.

واستبعد وزير الخارجية التونسي السابق أحمد ونيس أن "يدفع طارق بن سالم بمبادرات تكون قادرة في المرحلة الراهنة على انتشال اتحاد المغرب العربي من أزمته المتفاقمة". وتابع ونيس أن "طارق بن سالم شخصية توافقية دبلوماسية، وليس رجل سياسة، لذا أعتقد أن الهدف من وراء تعيينه صيانة مؤسسة اتحاد المغرب العربي، واتفاق قادة الدول الأعضاء على تعيينه في حد ذاته إشارة مهمة تعكس تمسكاً باتحاد المغرب العربي"، وشدد على أن "في ضمائر الجميع يجب عدم زعزعة المؤسسة صيانة للمستقبل أيضاً، الحاضر مع الأسف لا تزال فيه مشكلات بين المغرب والجزائر، والأزمة مرشحة للتفاقم أكثر، لكن هناك إدراك لأهمية المؤسسة وبخاصة أن شعوب المنطقة متمسكة بها ومتمسكة بالتكامل بينها سواء الثقافي أو غيره". واستنتج ونيس أن "هناك أدبيات تؤمن بمستقبل اتحاد المغرب الكبير وتعيين أمين عام جديد ليس برجل سياسة لكنه دبلوماسي ناجح يبعث برسائل طمأنة حول التمسك باتحاد المغرب العربي بعيداً من أي تكتلات بديلة".

ومنذ تأسيسه تداول على الأمانة العامة لاتحاد المغرب العربي أربع شخصيات: محمد عمامو (1991 - 2002)، الحبيب بولعراس (2002 - 2006)، الحبيب بن يحي (2006 - 2016)، الطيب البكوش (2016 - 2023)، ليكون بذلك طارق بن سالم خامس أمين عام للتكتل الإقليمي الذي تعالت فيه الخلافات السياسية على طموحات شعوب الدول الخمس.

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي