Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الجيش السوداني يتقدم في محور الخرطوم بحري

أسلحة نوعية جديدة استخدمت خلال المعارك فيما المجاعة باتت وشيكة

اندلع القتال في العاصمة الخرطوم في أبريل 2023 وسرعان ما انتشر في أنحاء السودان (أ ف ب)

ملخص

قالت اللجنة الدائمة المشتركة لمنظمات الأمم المتحدة، "من دون تغيير فوري وكبير فسنواجه وضعاً كابوسياً ومجاعة ستنتشر في أجزاء كبيرة من البلاد، ومزيد من الناس سيفرون نحو دول مجاورة بحثاً عن سبل للبقاء والأمن، ومزيد من الأطفال سيقضون بسبب المرض وسوء التغذية".

قاد الجيش السوداني اليوم الجمعة هجوماً مباغتاً على قوات "الدعم السريع" المتمركزة في الناحية الشرقية لجسر الحلفايا الرابط بين مدينتي أم درمان والخرطوم بحري، حيث تمكن من عبور الجسر بعد معارك عنيفة استخدم فيها كثافة النيران والقصف المدفعي، بحسب مصادر عسكرية.

وأظهرت مقاطع فيديو مصورة أفراداً من الجيش يعبرون الجسر بمركبات ثقيلة وآخرون مشياً على الأقدام في شكل مجموعات، فضلاً عن تحليق الطيران الحربي لقصف أية تعزيزات عسكرية لقوات "الدعم السريع"، في حين تعالت أصوات المضادات الأرضية بشكل كثيف.

وقال بيان للجيش السوداني عبر صفحته على "فيسبوك"، "نفذت قواتكم عملية نوعية ناجحة فجر اليوم أدت إلى تدمير عدد كبير من معدات العدو وخلفت كثيراً من الهلكى من قادة وعناصر ميليشيات آل دقلو الإرهابية، كما تمكنت قوات الجيش من الوصول إلى عمق العدو في منطقة بحري والحلفايا حيث سقط سبعة قتلى و28 جريحاً من قواتناً".

سقوط طائرة

فيما أشار المتحدث باسم "الدعم السريع" الفاتح قرشي في بيان إلى أن "قوات الدعم السريع بمدينة الخرطوم بحري تمكنت الجمعة، من إسقاط طائرة حربية من طراز أبابيل تتبع للجيش".

وأردف قرشي أن "عملية إسقاط الطائرة الحربية جاءت ضمن معارك عسكرية تمكنت قوات الدعم السريع فيها من سحق العدو تماماً، بعد أن حاول التسلل إلى مدينة الخرطوم بحري وكبدته خسائر فادحة في الأرواح والعتاد".

في حين نوه مواطنون يسكنون شمال أم درمان أنهم شاهدوا طائرة عسكرية تتهاوى بعد سماعهم أصوات مضادات أرضية.

 

 

في المقابل تداولت مواقع التواصل الاجتماعي مقطعاً مصوراً لأحد أفراد الدعم السريع قال خلاله، "من الصعب سيطرة الجيش على منطقة بحري وتحديداً الحلفايا التي ستظل عصية وفي يد الأشاوس من قوات الدعم السريع"، مؤكداً أنهم كبدوا الجيش خسائر كبيرة في الأرواح والمركبات القتالية.

دوي انفجارات

وذكر شهود عيان لـ "اندبندنت عربية" أن ما حدث اليوم في منطقة شمال بحري يختلف عن كل الأيام منذ بدء الحرب، فصوت الرصاص ودوي الانفجارات يغطي سماء المنطقة بصورة كثيفة، وللمرة الأولى نسمع أصواتاً عالية لمفرقعات من جانب الجيش أشبه بالأصوات الحادة للرعد، مما يشير إلى أن هناك أسلحة نوعية استخدمت في هذه المعارك، لافتين إلى  أن الشوارع خالية تماماً من المارة نظراً لتساقط القذائف والرصاص الطائش.

وعلق الباحث في الشؤون العسكرية والسياسية اللواء أمين إسماعيل مجذوب في حديث خاص على ما جرى من معارك بقوله إن "العمليات التي قامت بها القوات المسلحة السودانية في منطقة بحري اليوم الجمعة تشكل من الناحية الإستراتيجية المرحلة الثانية، بعد تمشيط وتنظيف مدينة أم درمان والتي حرر خلالها معظم أحيائها بالتزامن مع العمليات الجوية، أما تكتيكياً فإنه واضح جداً أن ’الدعم السريع‘ سحبت أعداداً كبيرة من قواتها من مدينة بحري حتى يستعان بها في مناطق العمليات الأخرى، وتحديداً الفاشر وجنوب أم درمان وولاية الجزيرة".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأضاف مجذوب، "في تقديري أن التقدم الذي أحرزه الجيش في محور الخرطوم بحري يشير إلى أن قوات ’الدعم السريع‘ الموجودة حالياً في منطقة بحري أصابها الضعف والانهاك الشديدين، وبالتالي تحولت إستراتيجية الجيش بالاتجاه للسيطرة على مدينتي بحري وربما الخرطوم".

وبيّن أن "هذه العمليات تتزامن مع الدعوة التي قدمها الوسطاء للقوتين المتحاربتين لاستئناف المفاوضات، وبالتالي فإنه في حال وافقت الحكومة السودانية أو لم توافق على التفاوض يظل ما يجري من معارك لتطهير واحتلال مناطق مهمة عدة في العاصمة تجعل موقف الجيش أقوى في حال جلوسه إلى مائدة الحوار من عدمه".

وأوضح الباحث في الشؤون العسكرية والسياسية أن "الجيش استنفر أعداداً كبيرة من المواطنين وجهزهم بأسلحة نوعية وإسناد مدفعي وجوي حديث، فتغيرت الكفة في موازين القوة ومالت باتجاه الجيش في مواقع كثيرة من العمليات".

 

 

ولفت إلى أن هذا الأمر سينعكس أيضاً على معنويات قوات الجيش التي تخوض معارك ضارية في الفاشر وسلاح الإشارة ببحري، والتي أحرزت فيها تفوقاً ملاحظاً نظراً إلى التسليح الجيد وتوافر الإمكانات اللوجستية، ولذلك فمن المتوقع أن تكون الأشهر المقبلة حاسمة.

ويسعى الجيش من خلال توغله في عمق الخرطوم بحري إلى إنهاء الحصار الذي تفرضه قوات "الدعم السريع" على سلاح الإشارة الواقع أقصى جنوب الخرطوم بحري، والذي ظل منذ أسابيع يتعرض لهجمات مكثفة من "الدعم السريع" التي تسعى جاهدة إلى السيطرة عليه، بيد أن دفاعات الجيش المتقدمة ظلت تتصدى لهذه الهجمات بمعاونة الطيران المسير والمدفعية الثقيلة.

في الوقت ذاته يواصل الجيش عملياته الحربية الرامية إلى استعادة السيطرة على كامل غرب أم درمان، إذ اشتبك مع "الدعم السريع" في مناطق الفطيماب والقرية صفر وسوق القش والحارة 26 قرب محرقة اليهود، حيث تقع جميع هذه المواقع في الحدود بين محليتي كرري شمال أم درمان وأم بدة في الاتجاه الغربي.

رؤية لانهاء الحرب

من جهة ثانية اختتمت "تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية" (تقدم) أمس الخميس مؤتمرها التأسيسي الذي انعقد في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، بحضور أكثر من 600 ممثل للتنظيمات المدنية والحركات المسلحة، معلنة رؤية سياسية لإنهاء الحرب الدائرة بين الجيش وقوات الدعم السريع منذ منتصف أبريل (نيسان) 2023، وسط تجاذبات بين مؤيد ومعارض في شأن هذه الرؤية.

وقال رئيس "تقدم" عبد الله حمدوك إنه يرفض ما وصفه بمحاولات وصم "تقدم" بالاصطفاف مع طرف من طرفي الحرب الدائرة، معاهداً الشعب السوداني بالبحث بكل الطرق عن سبيل لوقف الحرب، ولافتاً إلى أنه لن يستجيب لخطابات التخوين والابتزاز.

ودعا خلال كلمته أمام الجلسة الختامية للمؤتمر الذي استمر أربعة أيام، طرفي الحرب إلى وقف القتال فوراً، مشدداً على النأي التام عن دعم أية جهة والسعي إلى وقف الحرب.

ووفقاً للبيان الختامي للمؤتمر فإنه أجاز رؤية سياسية لـ "إيقاف وإنهاء الحرب وتأسيس الدولة واستكمال الثورة" ترتكز على وقف وإنهاء الحرب وإعادة الأمن والاستقرار وعودة النازحين ووحدة السودان شعباً وأرضاً، إضافة إلى إقامة دولة مدنية ديمقراطية تقف على مسافة واحدة من الأديان والهويات والثقافات، وتعترف بالتنوع وتعبر عن جميع مكوناتها من دون تمييز، وإقرار أن المواطنة المتساوية هي أساس الحقوق والواجبات والاعتراف بالتنوع التاريخي والمعاصر.

خطر المجاعة

ذكرت وكالات تابعة للأمم المتحدة اليوم الجمعة أن الشعب السوداني يواجه "خطر مجاعة وشيكاً"، وذلك بعد مرور أكثر من عام على اندلاع الحرب بين الجيش وقوات "الدعم السريع" شبه العسكرية.

ويعاني نحو 18 مليون شخص بالفعل الجوع الحاد، بما في ذلك 3.6 مليون طفل يعانون سوء التغذية الحاد، وفقاً لبيان مشترك صادر عن مسؤولين في الأمم المتحدة منهم المفوض السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك.

وأضافت اللجنة الدائمة المشتركة لمنظمات الأمم المتحدة في بيان أن "الوقت ينفد أمام ملايين الأشخاص في السودان الذين يواجهون خطر المجاعة الوشيك، ونزحوا من أراضيهم ويعيشون تحت القصف وانقطعت عنهم المساعدات الإنسانية".

واندلع القتال في العاصمة الخرطوم في أبريل (نيسان) 2023، وسرعان ما انتشر في أنحاء البلاد وأثار جولة جديدة من القتل على أساس عرقي في إقليم دارفور غرب البلاد، وأجبر الملايين على الفرار في أكبر أزمة نزوح في العالم.

إيصال المساعدات

وطالبت الوكالات بتسهيل الوصول إلى سكان السودان بهدف تأمين ما يحتاجون إليه من مساعدة إنسانية.

وجاء في البيان الذي وقعه أيضاً مسؤول المساعدات الإنسانية في الأمم المتحدة مارتن غريفيث أنه "من دون تغيير فوري وكبير فسنواجه وضعاً كابوسياً ومجاعة ستنتشر في أجزاء كبيرة من البلاد، ومزيد من الناس سيفرون نحو دول مجاورة بحثاً عن سبل للبقاء والأمن، ومزيد من الأطفال سيقضون بسبب المرض وسوء التغذية".

وأضاف هذا المنتدى للتنسيق الإنساني أنه "على رغم الحاجات الهائلة إلا أن الطواقم الإنسانية لا تزال تواجه عوائق منهجية ورفضاً متعمداً من جانب طرفي النزاع لتسهيل وصول" المساعدات.

وقال البيان إن "طواقم إنسانية تتعرض للقتل والإصابة والترهيب، في موازاة نهب المساعدات الإنسانية".

خطر إبادة جماعية

ودعت اللجنة إلى وقف فوري لإطلاق النار وحماية المدنيين وإنهاء انتهاكات حقوق الإنسان، و"تسهيل وصول المساعدة الإنسانية للمدنيين عبر كل الطرق الحدودية"، وكذلك حضت طرفي النزاع على "تبسيط الآليات الإدارية والبيروقراطية المتصلة بتقديم المساعدة الإنسانية وتسريعها".

واندلعت الحرب مع وصول التوتر القائم منذ فترة طويلة حول دمج قوات "الدعم السريع" في الجيش السوداني إلى ذروته، وأشار مستشار الأمم المتحدة المعني بمنع الإبادة الجماعية، الأسبوع الماضي، إلى وجود خطر وقوع إبادة جماعية في أجزاء من دارفور.

وذكر تقرير تدعمه الأمم المتحدة في مارس (آذار) الماضي أن هناك حاجة إلى اتخاذ إجراءات فورية "لمنع سقوط قتلى على نطاق واسع، وانهيار تام لسبل العيش وتجنب أزمة جوع كارثية في السودان".

المزيد من العالم العربي