Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

البريطانيون لا يثقون في الوعود الضريبية للحزبين المتصارعين في الانتخابات

غالبية المواطنين يتوقعون زيادة العبء عليهم سواء بقي سوناك أو فاز ستارمر

 العبء الضريبي على المواطنين منذ انتخابات عام 2019 قد يصل إلى 37.1 في المئة من الناتج المحلي خلال السنة المالية 2028 – 2029 (أ ف ب)

ملخص

أظهرت النتائج أن غالبية البريطانيين يتوقعون ارتفاع الضرائب أياً كان الحزب الفائز في الانتخابات بعد أسابيع، على رغم الوعود الانتخابية بعدم زيادة العبء الضريبي

تركز الحملات الانتخابية لحزبي "المحافظين" الحاكم و "العمال" المعارض على أهم قضية تخص الناخبين البريطانيين، ألا وهي تحسين مستوى المعيشة بخفض نفقات الأسر من كلفة فواتير الاستهلاك المنزلي، وصولاً إلى تقليل الأعباء الضريبية، مما دفع الحزبين إلى تقديم الوعود الانتخابية التي يخضعها المحللون للتدقيق فتبدو غير قابلة للتحقق.

وعلى رغم أن الحزب المعارض يتقدم على نظيره الحاكم في استطلاعات الراي بفارق كبير، إلا أن ذلك لا يعد دليلاً على ثقة الناخبين في أن حزب "العمال" قادر على حل مشكلات بريطانيا الاقتصادية أكثر من "المحافظين"، كما كان متوقعاً، قبل الإعلان عن موعد الانتخابات في الرابع من يوليو (تموز) المقبل، فتأخر الحزب الحاكم في نتائج استطلاعات الرأي، إنما هي رغبة الناخبين في التغيير بعد عقد ونصف من حكم "المحافظين"، خصوصاً مع غرق الحزب في صراعات ومشكلات داخلية أدت إلى تغيير رئيس الوزراء والحكومة أربعة مرات خلال أربعة أعوام.

وعلى أية حال تعد قضية العبء الضريبي على المواطنين من أهم القضايا التي على أساسها يصوت البريطانيون، ومع أنه تقليدياً يعتبر "المحافظين" حزب خفض الضرائب والانفاق العام على عكس "العمال" المعارض الذي يتصف باتجاهه إلى زيادة الضرائب والانفاق العام، إلا أن الوضع السيئ للاقتصاد البريطاني حالياً من حيث نسبة النمو وعجز الموازنة أذاب ذلك الفارق بين الحزبين الكبيرين إلى حد كبير.

زيادة الضرائب

ذلك ما كشف عنه استطلاع للرأي في شأن قضية انتخابية واحدة وهي الضرائب، أجرته مؤسسة "إيبسوس" للأبحاث واستطلاعات الراي وصحيفة "فايننشال تايمز"، ونُشرت نتائجه أمس الجمعة.

وأظهرت النتائج أن غالبية البريطانيين يتوقعون ارتفاع الضرائب أياً كان الحزب الفائز في الانتخابات بعد أسابيع، على رغم الوعود الانتخابية بعدم زيادة العبء الضريبي، إذ توقع أكثر من نصف المستطلعة آراؤهم أن يدفعوا ضرائب أكثر، سواء استمر ريشي سوناك رئيساً للحكومة أو شكل زعيم "العمال" كيير ستارمر الحكومة.

وبلغت نسبة من توقعوا رفع "العمال" الضرائب 56 في المئة، بينما رأت نسبة 52 في المئة أن "المحافظين" سيرفع الضرائب إذا استمر في الحكم أيضاً.

وتعكس نتائج الاستطلاع الأخير عدم ثقة المواطنين في الوعود الانتخابية للحزبين الكبيرين بأنهما لن يرفعا الضرائب الأساس، وهي ضريبة الدخل ومساهمات التأمينات الاجتماعية وضريبة القيمة المضافة، والتي تشكل القدر الأكبر من عائدات الحكومة.

في غضون ذلك حذر كبار الاقتصاديين من أن من سيفوز في الانتخابات سيواجه أزمة التعامل مع الوضع المالي المتردي للحكومة والضغط الشديد على الخدمات العامة، وسيكون على الحكومة إيجاد السبل لزيادة عائداتها، ولن يتم ذلك من دون زيادة الضرائب.

ومن النتائج الجانبية المهمة للاستطلاع أن نسبة أكبر قليلاً من المواطنين يفضلون زيادة الانفاق الحكومي على الخدمات العامة عن خفض الضرائب، إذ صوتت نسبة 37 في المئة لمصلحة زيادة الانفاق العام على الخدمات، في مقابل نسبة 30 في المئة لمصلحة خفض الضرائب.

وبالطبع فالنسبة الأكبر ممن يفضلون زيادة الإنفاق على الخدمات العامة هم من مؤيدي "العمال" المعارض، أما الذين يفضلون خفض الضرائب فهم من مؤيدي الحزب الحاكم.

وبحسب وصف معهد الدراسات المالية فإن البرلمان الحالي الذي انتخب عام 2019 وحُل هذا الأسبوع، هو البرلمان صاحب "أكبر زيادة في الضرائب في التاريخ"، إذ ارتفع العبء الضريبي على المواطنين منذ انتخابات عام 2019 كنسبة من الناتج المحلي، ويتوقع أن يواصل الارتفاع ليصل إلى نسبة 37.1 في المئة من الناتج المحلي الإجمال في السنة المالية 2028 – 2029.

وعود غير واقعية

وعلى رغم خفض وزير الخزانة جيريمي هانت مستقطعات التأمينات الاجتماعية منذ موازنة الخريف في نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، إلا أن ملايين البريطانيين لا يزالون يدفعون ضرائب أكثر من ذي قبل، إذ يرجع ذلك إلى استمرار تجميد سقف الشرائح الضريبية، مما يعني أنه كل عام يدخل مزيد من المواطنين إلى شريحة أعلى بالتالي يدفعون ضرائب أكثر.

ويوم الخميس الماضي بدا من تصريحات هانت وستارمر أن سقف الشرائح الضريبية سيظل مجمداً بعد الانتخابات، مما يعني مزيداً من العب الضريبي على ملايين المواطنين، حتى لو لم تزد دخولهم إلا بمعدلات ارتفاع التضخم وحسب.

وتعني تلك التصريحات أن وعود الحزبين بتخفيف أعباء المعيشة على الأسر البريطانية غير واقعية وإنما مجرد دعاية انتخابية.

وتواجه وزير خزانة الظل لـ"العمال" راتشيل ريفز معضلة ألا تبدو عازمة على رفع مزيد من الضرائب أكثر مما أعلن حول فرض ضريبة القيمة المضافة على مصروفات المدارس الخاصة.

في المقابل أعلن سوناك عن إجراءات لتوفير 2.4 مليار جنيه إسترليني (ثلاثة مليارات دولار) سنوياً لرفع التجميد عن سقف الإعفاء الضريبي للحد الأدنى وذلك لأصحاب معاشات التقاعد وحسب.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتشبه التصريحات التي يعلنها الحزبان في سياق الحملة الانتخابية في شأن الضرائب ما يُعلن في جوانب أخرى، بهدف الايحاء بأن هذا الحزب أو ذاك سيدخل سياسات تقلل من كلف المعيشة.

من ذلك ما يقوله "العمال" إنه سيؤسس شركة حكومية للطاقة من المصادر المتجددة بهدف توفير الكهرباء بسعر أقل، مما يوفر على الأسرة البريطانية 300 جنيه إسترليني (383 دولار) سنوياً، إلا أن تدقيق ذلك من قبل المحللين والاقتصاديين أظهر أنه وعد غير واقعي، إذ يتطلب استثمارات هائلة لا تملك الخزانة موارد لتغطيتها، فضلاً عن أنها سياسة ستؤدي إلى فقدان الوظائف في قطاعات الطاقة التقليدية.

العجز والاقتراض

في الأثناء تشير كل الدلائل إلى أن الحكومة البريطانية المقبلة، محافظة كانت أم عمالية، ستكون مضطرة إلى زيادة الاقتراض وبالتالي اتساع فجوة العجز، وهكذا يصبح من غير المنطقي توقع أن تخفض الضرائب، بل على الأرجح ستضطر إلى رفعها لزيادة عائدات الخزانة العامة.

وكان صندوق النقد الدولي حذر بريطانيا قبل أسابيع من فجوة عجز في المالية الحكومية قد تصل إلى 30 مليار جنيه إسترليني (38 مليار دولار)، مشيراً إلى أن خطط الحكومة تقلل من احتمالات زيادة الإنفاق العام خلال الأعوام المقبلة.

ونصح الصندوق بريطانيا إجراءات عدة ضرورية لزيادة العائدات الحكومية، منها زيادة الضرائب على انبعاثات الكربون وزيادة الضرائب والرسوم على استخدام الطرق وتوسيع قاعدة تحصيل ضريبة القيمة المضافة وضريبة التركات (الإرث) لزيادة حصيلتها، وإصلاح نظام الضرائب على الأرباح والضريبة على مكاسب بيع العقارات.

وبالطبع لا يمكن لأي من الحزبين فعلياً تبني أي من تلك المقترحات التي طرحها الصندوق الدولي، إذ أن ذلك يعني خسارة أصوات الناخبين، لكن السكوت لا يعني أنها لن تطبق بمجرد انتهاء الانتخابات وتشكيل الحكومة.

وإذا كان من سيصوتون لـ"العمال" يرون أنه ربما ينفق أكثر على تحسين الخدمات، خصوصاً الخدمة الصحية العامة، فإن ذلك سيعني مزيداً من العجز ربما أكثر من توقعات صندوق النقد الدولي.

ومع تقديرات ألا يتجاوز النمو الاقتصادي نسبة ما بين واحد واثنين في المئة خلال الأعوام القليلة المقبلة، لن يكون أمام الحكومة لزيادة عائداتها سوى الاقتراض وزيادة الضرائب والرسوم.

ومع استمرار أسعار الفائدة مرتفعة فإن كلفة خدمة الدين العام تزيد على الحكومة، مما يجعل زيادة الاقتراض أكثر كلفة، وبالتالي يكون الباب الأسهل لزيادة العائدات هو رفع الضرائب والرسوم.

اقرأ المزيد