Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

لا بد من أن مانديلا يتقلب في قبره من الحال الذي بلغته جنوب أفريقيا

بينما يتوجه الناخبون إلى صناديق الاقتراع يتفشى الفساد في "أمة قوس قزح" وتتضاءل الثقة بالديمقراطية، وبينما يكافح حزب "المؤتمر الوطني الأفريقي" للحفاظ على غالبيته  البرلمانية بعد ثلاثة عقود من حكمه الفاشل، هناك بصيص من الأمل

 رجل ينتظر سيارة أجرة في شارع تصطف على جانبيه الملصقات الانتخابية في بلدة هامانسكرال، بريتوريا (أ ب)

ملخص

الدرس الثابت هنا هو أن الديمقراطية زهرة هشة تحتاج إلى الرعاية المستمرة والنضال المتواصل من أجلها ضد قوى النخبوية الاقتصادية والجشع

قبل 30 عاماً عدت للبلد الذي نفي منه والداي كرهاً كي أشهد نهاية نظام الفصل العنصري بموجب الدستور الجديد، وشاهدت برهبة آلاف المواطنين السود وهم يخرجون مع طلوع الفجر للإدلاء بأصواتهم، النساء المسنات والشبان وهم يهتفون عالياً احتفالاً بأول انتخابات ديمقراطية على الإطلاق في جنوب أفريقيا، واليوم وبينما تتوجه البلاد إلى صناديق الاقتراع أصبح الوضع مختلفاً بشكل كبير.

لقد تغلغل الفساد في كل ركن من أركان الحياة كما السرطان في الجسد، وفي عهد جاكوب زوما الذي دامت ولايته الرئاسية عقداً من الزمن وكانت سامة للغاية، فقدت البلاد خُمس ثرواتها الوطنية في خضم موجة من النهب وغسل الأموال والانهيار الاقتصادي.

وعلى رغم أن الرئيس سيريل رامافوزا أطاح بسلالة زوما وأعاد تأهيل جهاز النيابة العامة في البلاد الذي جرى تحريفه، واستعاد نظام الضرائب المعطل، إلا أن إصلاحاته البطيئة كانت بمثابة خيبة أمل كبيرة.

يتغلغل الفساد داخل حزب "المؤتمر الوطني الأفريقي" من القاع إلى القمة مدفوعاً بعقلية فاسدة تحمل شعار "حان دورنا لنأكل".

فقد الملايين، بخاصة الشباب، الأمل مع تعثر الاقتصاد وانقطاع التيار الكهربائي اليومي وإهمال صيانة الشبكات المائية وتوقف الخدمة البريدية وشلل الخدمات العامة المحلية، وبحسب دراسة حديثة فإن ثلثي سكان البلاد يفضلون العودة للاستبداد، وهو ما يشكل إدانة شديدة لرؤية نيلسون مانديلا لأمة "قوس قزح".

لا بد من أنه يتقلب في قبره، إذ من المرجح أن يواجه حزب "المؤتمر الوطني الأفريقي" خسارة يستحق أن يتكبدها في حجم الدعم الذي يتلقاه من ناخبيه.

ولكن رياح التغيير تهب الآن، إذ يشير وجود 52 حزباً على ورقة الاقتراع إلى وجود نزعة قوية نحو زعامة جديدة، ومن بين هذه الأحزاب الجديدة الواعدة حزب "رايز مزانسي" الذي يتألف جوهره الشبابي من أتباع حزب "المؤتمر الوطني الأفريقي" المحبطين، ويبرز زعيمهم سونجيزو زيبي بأجندة ديمقراطية اجتماعية تحتاج إليها البلاد بشدة، وقد تكون أصواتهم صغيرة لكن تأثيرهم قد يكون كبيراً، وإذا لم يكن الأمر كذلك في هذه الانتخابات فلا يزال بوسع جنوب أفريقيا أن تنهض من رماد الفساد وخيبة الأمل.

إن بقاء ديمقراطيتها على مدى ثلاثة عقود من الزمن إنجاز مذهل نظراً إلى الإرث الوحشي الذي خلّفه نظام الفصل العنصري من قمع وحشي وبطالة جماعية وفقر.

تتباهى جنوب أفريقيا بأفضل دستور في العالم، وانتخابات حرة وقضاء مستقل ومجتمع مدني قوي ووسائل إعلام استقصائية لا تعرف الخوف على رغم افتقارها إلى الموارد، وأحزاب معارضة مستقلة بقوة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

هذه هي الإيجابيات التي تتوق إليها بلدان أخرى في جميع أنحاء العالم، ومع ذلك فهي موجودة جنباً إلى جنب مع جرائم شبيهة بأساليب المافيا وحكومات غير فعالة على جميع المستويات، وهذا الخلل الوظيفي يشجع العنصريين البيض واليمينيين على السخرية: "لقد قلنا لكم [إن السود سيكونون] كذلك".

وربما كان النشطاء السابقون من أمثالي، الذين تعجبوا قبل 30 عاماً من التغيير الدراماتيكي الذي ناضلنا من أجله، ضد دولة الفصل العنصري التي كانت تبدو قادرة على فعل كل شيء، كانوا يتوقعون أكثر مما ينبغي، وفي وقت باكر بصورة مفرطة.

والدرس الثابت هنا هو أن الديمقراطية زهرة هشة تحتاج إلى الرعاية المستمرة والنضال المتواصل من أجلها ضد قوى النخبوية الاقتصادية والجشع، ويصدق هذا اليوم على بريطانيا والولايات المتحدة كما يصدق على جنوب أفريقيا.

 ربما أصبحت القوى الرجعية صاحبة اليد العليا في البلد الذي نشأت فيه أيام طفولتي، إلا أن الاندفاع الشعبي من أجل التغيير يُظهر أن زمن هذه الرجعية آخذ في التلاشي.

إن ضحايا الفصل العنصري لا يستحقون أقل من اقتصاد متنام وليس اقتصاداً منكمشاً أو راكداً، ووظائف جديدة توافر للجميع سقفاً يحميهم وطعاماً يكفيهم، وهم يستحقون في المقام الأول سياسيين يعطون الشعب الأولوية، لا مصالحهم الفئوية أو الخاصة، كما فعل ذلك الجيل المُلهم من القادة مثل نيلسون مانديلا وأوليفر تامبو ولونجي سيسولو وديزموند توتو ذات يوم.

اللورد هاين ناشط سابق مناهض للفصل العنصري ووزير في حكومة الظل "العمالية" في بريطانيا، ونشر كتابه المثير الذي تدور أحداثه في جنوب إفريقيا بعنوان "مؤامرة الأسد" من قبل دار "موسويل بريس".

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من آراء