Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

عقبات التمويل تهدد الموسم الزراعي في السودان

تردي الأوضاع الأمنية يعرقل المزارعين في ولايات الصراع والحكومة تعدهم بخطة دعم لمحاصيل القمح والذرة والدخن

الولايات المتأثرة بالحرب لن تخرج كلياً من دائرة الإنتاج لأن المشاريع الزراعية تتركز في الأرياف (اندبندنت عربية - حسن حامد)

ملخص

وزير الزراعة والغابات السوداني أبوبكر عمر البشرى بث تطمينات للمزارعين بقوله إن "المدخلات ستكون جاهزة قبل الـ15 من يونيو الجاري، ولدينا تنسيق مع الدولة ووزارة المالية لتذليل العقبات وتهيئة المناخ الملائم للموسم الزراعي، ووضعنا خطة لزراعة 35 مليون فدان بالتركيز على الذرة والدخن نظراً إلى اعتماد غالبية السودانيين على هذه المحاصيل في الأمن الغذائي".

يواجه الموسم الزراعي في السودان مصاعب جمة نتيجة عدم توافر التمويل اللازم والبذور المحسنة، وكذلك الأسمدة والمبيدات والمدخلات، فضلاً عن شح الوقود وارتفاع أسعاره على رغم هطول الأمطار منذ منتصف مايو (أيار) الماضي.

ويمثل الوضع الأمني في مناطق الصراع المسلح أبرز العقبات والمهددات لمزارعين من قطاعي الزراعة المروية والمطرية، بخاصة في ولايات الجزيرة وكردفان ودارفور، وهي الأقاليم التي تعتمد عليها البلاد في تأمين الأمن الغذائي، مما يزيد المخاوف من الفشل الباكر للموسم في وقت تتسع فيه فجوة الجوع وتتزايد.

قلق وخوف

وفي ظل سيطرة قوات "الدعم السريع" على ولاية الجزيرة التي يوجد بها مشروع الجزيرة، أكبر المشاريع المروية في أفريقيا المقدرة مساحته بنحو مليوني فدان، يسيطر القلق والخوف على المزارعين الموجودين في الإقليم حال التحرك والشروع في التحضيرات للزراعة خشية التعرض للموت أو نهب وسلب معداتهم الزراعية، علاوة على التوقيف والاعتقال.

 

 

وعلى رغم هطول أمطار غزيرة في ولايات كردفان ودارفور فشل مزارعين كثر في الوصول إلى وجهات عملهم بسبب أخطار القصف وانفراط الأمن وتزايد عمليات السلب والنهب.

تذليل العقبات

وزير الزراعة والغابات السوداني أبوبكر عمر البشرى بث تطمينات للمزارعين بقوله إن "المدخلات ستكون جاهزة قبل الـ15 من يونيو (حزيران) الجاري، ولدينا تنسيق مع الدولة ووزارة المالية لتذليل العقبات وتهيئة المناخ الملائم للموسم الزراعي، ووضعنا خطة لزراعة 35 مليون فدان بالتركيز على الذرة والدخن نظراً إلى اعتماد غالبية السودانيين على هذه المحاصيل في الأمن الغذائي".

وقال البشري إن "الولايات المتأثرة بالحرب لن تخرج كلياً من دائرة الإنتاج لأن المشاريع الزراعية تتركز في الأرياف وليس المدن، فضلاً عن إصرار المزارعين على زيادة المساحات هذا العام، وفي المقابل نحن حريصون على توفير المدخلات لهذه الأقاليم".

وفي شأن التمويل أشار وزير الزراعة إلى أن "البنك الزراعي وصل مرحلة قريبة من الإفلاس بسبب عدم استرداد الأموال التي منحها للمزراعين خلال الموسم الماضي لأن الصراع المسلح أسهم في تعثر الغالبية عن السداد، وبالتالي نراهن على وزارة المالية في التمويل إلى جانب المطالبة برفع الرسوم على الوقود والمدخلات".

وأوضح البشري أن "الاستهلاك الكلي للحبوب الغذائية في عام 2024 يقدر بنحو 7.3 مليون طن لعدد 48 مليون مواطناً، ويبلغ متوسط الاستهلاك السنوي للفرد من الحبوب حوالى 152 كيلوغراماً، وفق تقرير أعدته منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (فاو)".

إعسار وديون

المزارع عيسى محجوب قال إن "الموسم الزراعي الحالي في ولايات دارفور ينذر بالفشل بسبب الحرب والأخطار الأمنية وغياب التمويل، وبالتالي فمن المتوقع وبشكل قاطع خروج معظم الأراضي الزراعية من دائرة الإنتاج".

 

 

وأضاف المزارع أن "غالبية المزارعين معسرين ومثقلين بالديون المتراكمة من الموسم الماضي الذي يعد فاشلاً أيضاً لتدني إنتاجيته وعدم تمكن عدد كبير من إجراء عمليات الحصاد، بسبب تفاقم الأوضاع الأمنية وتعرض آخرين للقتل والنهب والسلب والاعتقال".

وتوقع محجوب ازدياد الجوع في جميع أنحاء السودان، بخاصة في ظل خطر نقص الغذاء واعتماد 40 في المئة من السكان على محاصيل الذرة والدخن والقمح في الغذاء الرئيس".

انهيار وشيك

واعتبر عضو تحالف مزارعي الجزيرة والمناقل سعد حسين أن "الأوضاع الحالية في الإقليم لا تشجع على الزراعة، خصوصاً في ظل تصاعد وتيرة المعارك ونزوح آلاف المواطنين، مما جعل المزارعين يزهدون في ممارسة النشاط، إذ سيطر الخوف والرعب على الموجودين في مناطق النزاع المسلح".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ولفت حسين إلى أن "خروج ولاية الجزيرة من دائرة الإنتاج ينذر بكارثة، ولا سيما في ظل الأوضاع الأمنية المعقدة التي تواجه مزارعي دارفور وكردفان، وإمكان خروجهم من دائرة الإنتاج خلال فترة موسم الأمطار".

وحذر عضو تحالف مزارعي الجزيرة والمناقل من الانهيار الكامل للقطاع حال تأخر عمليات الزراعة في المناطق الآمنة، مثل ولايات النيل الأبيض وسنار والشمالية، فضلاً عن توفير التمويل والمدخلات.

تدخل سريع

ويشتكي عضو اتحاد مزارعي "مشروع الرهد" زكريا الفكي من مشكلات الري المتفاقمة بسبب عدم صيانة مضخات المياه، وغياب عمليات تطهير القنوات التي تعاني تراكم الحشائش والطمي نتيجة انعدام التمويل وعدم حماسة الشركات العاملة في تلك المجالات للعمل، مضيفاً أن "المشروع يحتاج إلى تأهيل منظومة الري التي تعتمد على 11 طلمبة انتهى العمر الافتراضي لسبع منها، على رغم أنها تروي كل مساحة المشروع".

ونوه الفكي إلى أن "حل هذه الأزمات في وقت باكر يسهم في زراعة مساحات شاسعة ويعزز إمكان إنتاج محاصيل عدة يعول عليها في تحسين موقف الأمن الغذائي".

بؤرة ساخنة

وتسببت الحرب في فشل الموسم الزراعي الماضي، وعلى إثر ذلك جاء السودان ضمن 18 بؤرة ساخنة للجوع تضم 22 بلداً رجحت "فاو" أن يزداد فيها مستوى انعدام الأمن الغذائي الحاد حجماً وشدة، وفقاً لتقرير حديث صادر عن الأمم المتحدة في شأن الإنذار الباكر.

ووصف الأكاديمي والمحلل الاقتصادي مأمون إبراهيم ضو البيت الموسم الصيفي في السودان بأنه الأكبر، نظراً إلى زراعة 40 مليون فدان سنوياً، لكن العنصر الأساس في تحديد نجاح الموسم الزراعي من عدمه هو الأمن".

وأوضح ضو البيت أن "القطاع المروي وتحديداً في ولاية الجزيرة سيفقد هذا الموسم مليون فدان، وفي المقابل لا تكفي مساحة 10 آلاف فدان في منطقة المناقل لتوفير أمن غذائي لعدد السكان هناك، كما أن الوضع الأمني غير مستقر في مشروعي الرهد والسوكي".

وأشار الأكاديمي والمحلل الاقتصادي إلى أن "المدينة السودانية الوحيدة التي تشهد استقراراً أمنياً هي حلفا الجديدة، وهي تزرع 80 ألف فدان وتعتبر المساحة الأكبر في القطاع المروي، أما المطري فغالبيته في كردفان ودارفور وبعض المساحات في كسلا والقضارف، وكذلك سنار والنيل الأبيض".

 

 

وتوقع ضو البيت أن "لا تتأثر مشاريع الزراعة التقليدية في دارفور وكردفان بظروف الحرب بسبب بعدها عن المدن وتركزها في القري النائية، لكن ينبغي توفير التمويل والوقود والمدخلات من أجل نجاح الموسم الزراعي".

تدابير مهمة

المهندس الزراعي مبارك عثمان نوه إلى ضرورة وضع الزراعة ومشاريع الأمن الغذائي ضمن الأولويات، بخاصة في ظل ظروف المجاعة الحرجة وما يمر به السودان من أزمات اقتصادية وأوضاع إنسانية معقدة"، وشدد على أهمية وضع التدابير اللازمة لحل مشكلات الزراعة وإنجاح الموسم الحالي في كل مراحله، منذ التحضيرات وتوفير المدخلات من تقاوي وسماد ووقود.

وأشار المهندس الزراعي إلى أن"السودان ظل يزرع سنوياً المساحات الأكبر في القطاع المطري بحكم المحدودية النسبية للمساحات المروية، لكن ظروف الحرب الحالية ستسهم في تقليص الرقعة الزراعية هذا العام مما يفاقم أزمة الأمن الغذائي".

ويعد القطاع الزراعي من أكبر القطاعات الاقتصادية في البلاد، ويسهم بشقيه في نحو 44 في المئة من إجمال الناتج القومي.

ويعتمد ما يزيد على 60 في المئة من سكان السودان على الذرة الرفيعة والدخن، فيما تقدر مساحة الزراعة التقليدية بما يقارب 20 مليون فدان، تتركز في الغرب والجنوب وأجزاء من وسط.

وتسهم هذه المناطق في نحو 90 في المئة من الدخن و48 في المئة من الفول السوداني و28 في المئة من السمسم، وكذلك 11 في المئة من الذرة الرفيعة و100 في المئة من الصمغ العربي، إلى جانب بعض المحاصيل الأخرى.

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي