Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

دول مغاربية تترقب استحقاقات رئاسية بلا مفاجآت

الغموض يحيط بالاستحقاق التونسي وتبون يتجه إلى الحسم في الجزائر وزخم بموريتانيا

نصف سكان الأرض سيتوجهون إلى صناديق الاقتراع في نحو 70 دولة تشهد انتخابات برلمانية ورئاسية (أ ف ب)

ملخص

يبقى المشهد في ليبيا هو الأعقد بين الدول المغاربية، إذ يسيطر الصراع السياسي وتعصف حدة الخلافات بفكرة التوجه إلى صناديق الاقتراع مرة أخرى.

أشارت تقارير إلى أن ما يقارب نصف سكان المعمورة سيتوجهون إلى صناديق الاقتراع في نحو 70 دولة تشهد انتخابات برلمانية ورئاسية، من بينها ثلاث دول مغاربية هي تباعاً موريتانيا والجزائر وتونس، بين شهري يونيو (حزيران) الجاري وأكتوبر (تشرين الأول) المقبل، فيما تبقى الانتخابات الليبية رهينة التوافقات السياسية واستقرار الوضع الأمني.

في السطور التالية نتناول ظروف إجراء هذه الانتخابات في تلك الدول المغاربية وأبرز المترشحين لها وفرص نجاحهم وأهم ما يميزها وشروط إجرائها والظروف الداخلية والخارجية المحيطة بها، بحس المشهد السياسي لكل دولة على حدة.

موريتانيا: نحو تكريس التداول السلمي

وتستعد موريتانيا لإجراء أول استحقاق انتخابي بين الدول المغاربية، حيث عرفت الاستقرار أخيراً بعد سلسلة من الاضطرابات التي مرت بها جراء سلسلة من الانقلابات العسكرية على رأس السلطة منذ عام 1978 إلى أن حدث التبادل السلمي للسلطة عام 2019، ومن المنتظر أن تدور الانتخابات الرئاسية في الـ29 من يونيو الجاري، وفق بلاغ نشرته الرئاسة.

ومن المقرر تنظيم جولة ثانية في الـ13 من يوليو (تموز) المقبل في حال عدم فوز أي من المرشحين بالغالبية المطلوبة في الجولة الأولى، وسيكون موعد الحملة الانتخابية بين يومي الـ 14 والـ 27 يونيو.

 

 

وتقدم إلى الاستحقاق الانتخابي الموريتاني عدد من المترشحين من الموالاة للسلطة الحالية والمعارضين لها، وأبرز المترشحين وأول من قدم ترشحه للمجلس الدستوري هو الرئيس الحالي محمد ولد الشيخ الغزواني.

ويسمح الدستور الموريتاني لولد الغزواني بالترشح لولاية ثانية بعد توليه رئاسة البلاد منذ عام 2019، وهو متقاعد من المؤسسة العسكرية بعد أن كان قائداً للأركان العامة للجيش ومديراً عاماً للأمن في عهد الرئيس السابق محمد ولد عبدالعزيز، ويحظى الجنرال بمساندة الجيش والطبقة السياسية والأحزاب المقربة من السلطة والأثرياء وشيوخ القبائل والطبقة السياسية التقليدية المتمثلة في رجال الأعمال وشيوخ القبائل والأحزاب القريبة من السلطة.

ويتنافس ولد الغزواني مع عدد من المترشحين الذين قدموا ترشحهم حتى الآن، ومن بينهم محمد الأمين المرتجى الوافي الذي خاض غمار الانتخابات عام 2019، وقد أودع ملف ترشحه مباشرة بعد ولد الغزواني في الـ 31 من مايو (أيار) الماضي، ويعتبر الوافي مقرباً من الرئيس الحالي ويؤكد مراقبون أنه هو من دفعه للترشح لإضعاف حظوظ منافسيه.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ومن المتنافسين في الاستحقاق الرئاسي مرشح المعارضة والإسلاميين أمادي ولد سيدي المختار الذي رشحه "حزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية الإسلامي" ذو التوجه الإخواني، ويعتبر من أكبر الأحزاب المعارضة.

ومع هذه الأسماء البارزة تتنافس في الرئاسيات شخصيات أخرى من بينها المعارض السياسي والنائب السابق بيرام الداه اعبيد والمحامي والسياسي عضو "هيئة المحامين" العيد ولد امبارك، فضلاً عن شخصيات سياسية أخرى جديدة على المشهد السياسي لم يسبق لها أن انتخبت في البرلمان أو البلديات.

وتعتبر الانتخابات الرئاسية الحالية مفصلية في تاريخ موريتانيا، بخاصة أنها قد تؤسس لتجربة ديمقراطية تقوم على التداول السلمي على السلطة ومواجهة تحديات داخلية مثل انتشار البطالة في صفوف الشباب وزيادة الأسعار وملف الهجرة، وخارجية في ظل التوتر الأمني والخلافات التي تعرفها دول الجوار حول عدد من الملفات الإقليمية.

الجزائر: انتخابات بلا مفاجآت

 أما بالنسبة إلى الجزائر فقد قرر الرئيس عبدالمجيد تبون إجراء الانتخابات الرئاسية في السابع من سبتمبر (أيلول) المقبل، مما يعني تقديمها بثلاثة أشهر عن موعدها الذي كان مقرراً في ديسمبر (كانون الأول) المقبل، وجاء في بيان للرئاسة الجزائرية عقب اجتماع ترأسه تبون لدرس التحضيرات للانتخابات الرئاسية وحضره المسؤولون السياسيون والعسكريون، في خطوة عدت مفاجأة سياسياً، بخاصة أن تبون قلص مدة عهدته الرئاسية.

 

 

القرار خلف ردود فعل متباينة بين أحزاب الموالاة وعلى رأسها "جبهة التحرير الوطني"، أكبر الأحزاب في البلاد والتي رأت أن السلطة الحالية أثبتت أن الجزائر "دولة مؤسسات ونموذج مثالي في الديمقراطية"، وبين المعارضة وأبرزها حركة مجتمع السلم التي طالبت بضمان انتخابات نزيهة وشفافة قبل كل شيء.

ويبقى الرئيس الحالي عبدالمجيد تبون أكثر المترشحين قدرة على حسم الانتخابات لمصلحته والفوز بعهدة رئاسية ثانية منذ انتخابه عام 2019، وهو القادم من مسار إداري وتدرج في السلم البيروقراطي، كما طالب نواب في البرلمان الجزائري تبون بالترشح لفترة رئاسية ثانية، وهو ما رد عليه بالقبول المبدئي من دون أن يعلن رسمياً ترشحه، مما دفع سبعة أحزاب سياسية إلى إعلان تأسيس تكتل سياسي جديد يطرح "مرشحاً توافقياً" قد يكون الأمين العام لـ "التحالف الوطني الجمهوري" بلقاسم ساحلي الذي تعهد بالانفتاح على جميع التشكيلات السياسية، سواء عبر التحالف أو التنسيق لضمان مواجهة تبون.

تونس: غموض وجدل وتكهنات

أما في تونس وعلى رغم الغموض الذي يلف مصير الانتخابات الرئاسية المقبلة فقد بدأت الأمور تتضح شيئاً فشيئاً، بعد إعلان هيئة الانتخابات أنها تدرس ثلاثة مواعيد محتملة لتنظيمها، وهي إما ستة أو13 أو20 أكتوبر المقبل، على اعتبار أنه الشهر الأفضل لإجراء الانتخابات شرط عدم تجاوز الآجال القانونية، أي 23 أكتوبر 2024.

 وكشف المتحدث الرسمي باسم الهيئة العليا المستقلة للانتخابات محمد التليلي المنصري عن إضافة ثلاثة شروط جديدة للترشح، وهي السن والجنسية والحقوق المدنية والسياسية، مع الحفاظ على شروط التزكيات وفق دستور عام 2022، وهو توفير 10 آلاف تزكية من مواطنين أو تعويضها بـ 10تزكيات من نواب البرلمان أو مجلس الأقاليم والجهات أو 40 تزكية من المجالس المحلية.

هيئة الانتخابات أكدت جهوزيتها لتنظيم الانتخابات وأنها ستصادق خلال أيام على الرزنامة الانتخابية قبل صدور الأمر الرئاسي المتعلق بدعوة الناخبين إلى صناديق الاقتراع.

 

 

إعلان هيئة الانتخابات عد التزاماً ضمنياً من الرئيس التونسي قيس سعيد بإجراء الاستحقاق الرئاسي في موعده بعد الجدل الذي حدث على الساحة التونسية حول إمكان تأجيل الانتخابات أو إلغائها.

وتعد هذه الانتخابات الرئاسية الثالثة في البلاد بعد الثورة (2014 – 2019) وسيتم بموجبها اختيار ثامن رئيس للبلاد، ولئن لم يعلن الرئيس قيس سعيد حتى الآن ترشحه لهذه الانتخابات وتأكيده أنه "لن يتراجع قيد أنملة عن مساره، ولن يسلم الوطن لمن قاموا بتخريبه"، إلا أن كل التكهنات تصب في سياق أن السباق الرئاسي سيكون شرساً بين سعيد وخصومه من المعارضة الذين أعلنوا عزمهم الترشح وتقديم ملفاتهم إلى هيئة الانتخابات.

ويتوقع مراقبون أن تشهد الانتخابات تجاذباً سياسياً واستقطاباً ثنائياً بين مرشحي المعارضة ومساندي ما قبل الإجراءات الاستثنائية التي أقرها سعيد وبين مرشحي المسار التصحيحي للرئيس، على غرار ما حصل في انتخابات عام 2014 بين مرشح الإخوان المنصف المرزوقي ومنافسه مرشح الدستوريين والرافضين لحكم الإخوان الباجي قايد السبسي.

ومن أبرز المرشحين لخوض غمار الانتخابات رئيسة الحزب الدستوري الحر عبير موسي التي تقبع في السجن على خلفية تهمة محاولة قلب نظام الحكم، وهي من أشرس المعارضين لحكم الإخوان، وكذلك أعلنت رفضها لإجراءات الرئيس سعيد، والوزير الأسبق في نظام الرئيس الراحل زين العابدين بن علي، منذر الزنايدي، الذي تنامت شعبيته خلال الفترة الأخيرة، و الأمين العام للحزب الجمهوري المسجون بتهمة التآمر على أمن الدولة عصام الشابي، والكاتب الصحافي الصافي سعيد.

وكذلك من بين المرشحين المحتملين الأمين العام لـ "حزب الاتحاد الشعبي الجمهوري" لطفي المرايحي، والإعلامي والناشط السياسي نزار الشعري، ورئيسة حزب الجمهورية الثالثة ألفة الحامدي، إلا أن جل المراقبين يؤكدون أن طريق الرئيس الحالي قيس سعيد يبقى ممهداً لعهدة رئاسية ثانية، في ظل تشتت المعارضة وضعف قواعدها الشعبية والوضع السياسي الراهن وشعبية الرجل التي يحظى بها لدى عموم التونسيين.

ليبيا: مشهد معقد ومسار متعثر

ويبقى المشهد في ليبيا الأعقد بين الدول المغاربية، إذ يسيطر الصراع السياسي وتعصف حدة الخلافات بفكرة التوجه إلى صناديق الاقتراع مرة أخرى من قبل الليبيين.

 

 

واللاعبون الخمسة في المشهد الليبي هم رئيس مجلس النواب عقيلة صالح وقائد "القيادة العامة" خليفة حفتر، ورئيس المجلس الأعلى للدولة محمد تكالة، ورئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي، ورئيس حكومة الوحدة الوطنية المعترف بها دولياً عبدالحميد الدبيبة، لم يتفقوا إلى اليوم على إيجاد أرضية موحدة لتجاوز الخلافات القائمة بينهم حول العملية السياسية ومن ورائها ملف المصالحة الوطنية وتوحيد مؤسسات الدولة وإدارة شؤونها الاقتصادية وتقاسم ثرواتها، وهو ما يجعل خطر الانزلاق إلى المواجهات المسلحة أكثر احتمالاً في ظل الوضع الراهن، على رغم المحاولات الداخلية والأممية والدولية لرأب الصدع القائم.

ويبدو أن الوضع السياسي المتأزم طال أمده أكثر من اللازم، وهو ما عمق تعثر العملية السياسية وأخر موعد الانتخابات بشقيها الرئاسي والبرلماني إلى أجل غير مسمى في ظل مؤشرات حقيقية على الأرض بصعوبة التقارب بين السلطات غرب البلاد وشرقها.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير