Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

شروخ اليمين تشوه ترميم العلاقات الجزائرية- الفرنسية

الحزب الجمهوري رد على طلب استرجاع المنهوبات باستعادة أيضاً المجرمين والمهاجرين

لقاء سابق جمع تبون وماكرون في إحدى الزيارات (أرشيفية - الرئاسة الجزائرية)

ملخص

قبل أيام هاجم الحزب الجمهوري الفرنسي بقيادة زعيمه إيريك سيوتي، الجزائر بعبارات عنصرية وبذيئة في تغريدة على منصة "إكس"، الأمر الذي خلط الأوراق في عاصمتي البلدين، ويبدو أنها باتت تشوش على زيارة مرتقبة للرئيس عبدالمجيد تبون إلى الإليزيه

لا تسير العلاقات الجزائرية الفرنسية في اتجاه الترميم، بعد التصدعات التي أحدثها ولا يزال اليمين المتطرف في باريس، وآخرها مهاجمة الحزب الجمهوري بقيادة زعيمه إيريك سيوتي، البلد الشمال أفريقي بعبارات عنصرية وبذيئة في تغريدة على منصة "إكس"، الأمر الذي خلط الأوراق في العاصمتين، ويبدو أنها باتت تشوش على زيارة مرتقبة للرئيس عبدالمجيد تبون إلى الإليزيه.

وكتب الحزب الجمهوري تعليقاً على نتائج الجولة الخامسة للجنة المشتركة للذاكرة الجزائرية الفرنسية التي طرحت فيها الجزائر قائمة بالممتلكات التي تطالب باستعادتها، جاء فيه "رسالة خدمة للجزائر... يجب استعادة كل شيء... الممتلكات والشر بما في ذلك المجرمون والمخالفون والمهاجرون غير الشرعيين، وأولئك الذين صدرت بحقهم أوامر بالطرد".

ولم يكتف الحزب الفرنسي الذي يقوده إيريك سيوتي، والمصنف ضمن دائرة اليمين التقليدي، بالمنشور بل وضع أسفله الشعار الجزائري المعروف "وان تو ثري" مرفق بصورة لطائرة في وضع الإقلاع وأخرى للمناصرين المهاجرين وهم يحملون الأعلام الجزائرية ويحتفلون في شارع الشانزليزيه أمام قوس النصر بباريس، في إحدى المناسبات الكروية، في إشارة لدعوة المهاجرين غير المرغوب فيهم من قبل هذا الحزب إلى المغادرة.

هجمة وصفها البعض بـ"العنصرية" جاءت في سياق التنافس داخل اليمين الفرنسي المتطرف على استهداف الجزائر كلما تعلق الأمر بملف الذاكرة بين البلدين أو أي تقارب بين العاصمتين أو زيارة مرتقبة لرئيس إحدى الدولتين، إذ عرف الوضع ذاته مع حزب الجبهة الوطنية الذي تتزعمه مارين لوبن، وأيضاً المترشح السابق للرئاسة الكاتب والسياسي إيريك زمور، وغيرهم من الشخصيات المحسوبة على اليمين المتطرف.

الدولة العميقة

يرى الناشط السياسي دحو بن مصطفى، أن العلاقة بين الجزائر وفرنسا معقدة ومثقلة بإرث الماضي وتجاذبات الحاضر ومخاوف المستقبل، إذ لم يغفر أنصار الاستعمار القديم تبعات هزيمة باريس وانسحاب قواتها من البلد الأفريقي، كما أن جزءاً كبيراً من اليمين المتطرف كان آباؤهم منخرطين في الحركات المناوئة لاستقلال الجزائر.

وأوضح أن أبناء المتعاونين مع فرنسا ضد الثورة الجزائرية يشغل بعضهم مناصب قيادية حالياً في باريس، وكذلك أبناء ما يعرف بـ"الأقدام السوداء" وهم المستوطنون الأوروبيون الذين سكنوا أو ولدوا في الجزائر إبان الاحتلال الفرنسي، مضيفاً "لعل الرسالة التي وقعها 500 من قدماء الجيش الفرنسي بمختلف الرتب والتي ترفض اعتراف باريس بجرائمها في الجزائر لأن ذلك يشكل إدانة مباشرة لهم، تكشف حقيقة ما يجري داخل دوائر صناعة القرار في البلد الأوروبي".

 

 

أما عن توقيت تصرف حزب إيريك سيوتي، اعتبر بن مصطفى في حديثه لـ"اندبندنت عربية"، أنه يصادف الانتخابات البرلمانية الأوروبية المقررة يونيو (حزيران) الجاري، موضحاً أنها فرصة اليمين المتطرف والدولة العميقة للاستثمار في مسألة المهاجرين والدفع بمغالطات للتضليل وإقناع الناخبين بأن الأزمة في فرنسا وتراجع مستوى الرفاهية سببهما المهاجرون، وهذا دفع أيضاً قيادات سياسية إلى مهاجمة الجزائر حتى تحرم اليمين من الانفراد بهذه القضية كورقة انتخابية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأشار الناشط السياسي إلى أنه لا يمكن إنكار سعي الدولة العميقة إلى رفع درجة التوتر وإفشال محاولات التقارب بين الجزائر وفرنسا، وهي أيضاً تستهدف التشويش على زيارة تبون إلى باريس اعتقاداً منها أن إلغاءها سابقاً ثم توجهه إلى روسيا شكل إهانة إلى باريس.

وأوضح أنه لا يمكن تجاهل عنصرية بعض النخب الفرنسية التي لا تعبر علانية عن موقفها لكنها تمارسه من خلال الإعلام والثقافة، وهي تعتبر نفسها امتداداً للإمبريالية الثقافية القائمة على الاعتقاد بتفوق النموذج الحضاري الباريسي.

توتر الشرق الأوسط

لكن القانوني الجزائري محمد عدنان بن مير اعتبر أن فرنسا هي إحدى الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي، بالتالي فمن الطبيعي أن تتزايد حدة الهجمات العنصرية ضد كل ما هو جزائري بغية إبعاد أي تقارب بين البلدين، ذلك أن الجزائر تسعى لإصدار قرار يقضي بوقف إطلاق النار في الحرب الإسرائيلية على الشعب الفلسطيني.

ونبه إلى أن الهدف غير المباشر منع أي تقارب جزائري- فرنسي يمكن أن يفضي إلى اعتراف باريس بدولة فلسطينية خصوصاً بعد تصريحات بعض النواب الفرنسيين واتساع رقعة الربيع الطلابي في الجامعات والمعاهد العالمية.

ويواصل "بن مير" حديثه بالإشارة إلى أن الهجمات العنصرية الفرنسية ضد الجزائر تتعلق بالتوتر في الشرق الأوسط بعيداً من العلاقات بين البلدين.

لا رد رسمياً... وتحرك حزبي

وفي حين لم يصدر أي رد من الجهات الرسمية الجزائرية، جاء التحرك من الأحزاب السياسية، إذ كتب رئيس حركة البناء الوطني عبدالقادر بن قرينة، في منشور على حسابه في "فيسبوك"، "في الوقت الذي كنا نتطلع بعد اللقاء الأخير للجنة الجزائرية- الفرنسية للتاريخ والذاكرة، إلى التجاوب السريع والملموس مع طلب اللجنة استرجاع ممتلكات جزائرية تاريخية وثقافية وأرشيفية وغيرها، ذات الدلالات الرمزية، التي تحتفظ بها مختلف المؤسسات الفرنسية، بما يؤكد حسن نوايا باريس لإنجاح المسار التفاوضي في الملف الحساس للحقبة الاستعمارية وتحمل المسؤولية التاريخية، يخرج عواء من القطيع اليميني المتطرف، عبر تغريدة لرئيس الحزب الجمهوري الفرنسي".

 

 

وتابع أن الحركة تعي جيداً بأن هذا العويل العنصري المتطرف، ممن يدعي أنه يحمل قيم الجمهورية ويدافع عنها، يهدف إلى إثارة الكراهية والعنصرية تجاه الجالية الجزائرية بفرنسا، والدفع نحو تأزيم العلاقات الجزائرية- الفرنسية وتعطيل مسار إعادة بناء الثقة بين البلدين على أسس صحيحة لا تكرر أخطاء الماضي الأليم، معتبراً أن هذا التهجم محاولة لكسب أصوات في الانتخابات الأوروبية.

ليس كل الفرنسيين

وليس الجانب الجزائري وحده من انتقد التصرف، بل لقي إدانة حتى من شخصيات معتدلة في حزب الجمهوريين الفرنسي مثل الوزير السابق إكزافيي برتراند، الذي طالب بحذف التغريدة المسيئة، مشيراً إلى أن التنافس الانتخابي لا يبيح التطاول على دولة وشتمها.

كما تبرأ نائب الجمهوريين عن منطقة "تيريتوار دي بيلفور"، إيان بوكارد، بقوله "لا ينبغي لليمين الجمهوري أن يحاول تقليد الشعبويين على أمل كسب بعض الأصوات، الحملة الشجاعة التي يقودها فرانسوا- كزافيي بيلايمي وهو مرشح الحزب في الانتخابات الأوروبية، تظهر أننا يمكن أن نحقق أفضل من ذلك".

ونددت المنتخبة في مارسيليا غانية بن كدية، بما وصفته منشوراً بذيئاً وعنصرياً، إلى جانب السياسية المعروفة سندرين روسو، التي اعتبرت أن المنشور بغيض وغير لائق بحزب يدعي أنه جمهوري، بينما وصف الأمين الأول للحزب الاشتراكي، أوليفيي فور، التصريح بالرسالة التي تهدف إلى إذكاء الكراهية بمزيج من الأكاذيب.

المزيد من متابعات