Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل انسحبت الجزائر من منطقة الساحل الأفريقي؟

طرحت القرارات التي اتخذتها باماكو ونيامي أخيراً علامات استفهام

انسحاب القوات الفرنسية من مالي ترك فراغاً لم تستغله الجزائر (أ ب)

ملخص

هل أصبحت الانقلابات العسكرية "خطوة ديمقراطية" عندما يتعلق الأمر بتحقيق المصالح؟

لم يعد حضور الجزائر في المشهد العام بالساحل كما كانت عليه الحال قبل الانقلابات العسكرية التي عرفتها دول المنطقة مثل مالي والنيجر، لا سيما بعد التعاطي "السلبي" إزاء الجزائر الذي اعتمده كل من المجلس العسكري في باماكو ونيامي، مما فتح أبواب التساؤل حول انسحاب الجزائر من عدمه من منطقة الساحل؟

 

قرارات وتصريحات "متوترة"

وأثارت القرارات التي اتخذتها باماكو بعد الانقلاب العسكري في ما خص الجزائر، وما تبعتها من تصريحات وتصريحات مضادة توتراً بلغ حد استدعاء سفيري البلدين، واتبعت نيامي المسار نفسه مع الجزائر باعتماد "الندية" التي وصلت إلى حد اتهام الجزائر بسوء التعاطي مع المهاجرين النيجريين غير الشرعيين، وكل ما سبق طرح علامات استفهام حول مستقبل المنطقة التي بات الصراع حولها يشتد بين الدول الكبرى وعلى رأسها الولايات المتحدة وروسيا والصين.

وفي حين رافعت الجزائر لمصلحة رفض الوجود العسكري الأجنبي في المنطقة، حضر العسكريون الروس بقوة في مالي والنيجر، ما وضع الجزائر في حرج بين الاستمرار في رفض التدخل الأجنبي أو التزام الصمت.

بين الغرب وروسيا

ويترقب المتابعون رد فعل وتعامل الجزائر مع تعاظم الوجود الروسي في منطقة الساحل التي تعد عمقها الأفريقي وميداناً حساساً لأمنها القومي، إذ استعانت مالي بقوات "فاغنر" الروسية لإنهاء العمل بـ"اتفاق السلام" الذي ترعاه الجزائر منذ عام 2015، وأصبحت تجول وتصول في المنطقة بدليل تدخلها في شرق موريتانيا تحت تبرير ملاحقة الإرهابيين، كما تشارك بقوة في المعارك التي تقودها القوات الحكومية والمالية في شمال البلاد لا سيما بعد انسحاب قوات الأمم المتحدة، في محاولة لمنع الجماعات الانفصالية والمسلحة من احتلال الثكنات والمواقع الأممية. كما تستمر روسيا في بسط نفوذها عبر إرسال فرق "فاغنر" إلى النيجر، وتزويدها نظاماً مضاداً للطائرات وعتاداً عسكرياً من الجيل الجديد، كما وجه رئيس الوزراء الانتقالي المعين من قبل المجلس العسكري عبدالرحمن تشياني كلمات قاسية ضد الجزائر، واتهمها بالرغبة في "التلاعب" بالسلطة الجديدة في نيامي.

النفوذ يعني الحضور

أمام هذا الوضع تراقب الجزائر من بعيد من دون ضجيج في تغير لافت لدبلوماسيتها في المنطقة، مما جعل جهات ترى أنها تفقد نفوذها في الساحل، وهو ما أشار إليه الدبلوماسي الجزائري السابق عبدالعزيز رحابي حين قال في تصريحات إعلامية "للأسف لا نملك نفوذاً إعلامياً في الساحل حتى يفهم موقفنا ونكسب ود الشعوب، ليست لدينا بنوك وأئمة وأطباء ومعلمون كما كان الشأن في الثمانينيات، النفوذ يعني الحضور"، مضيفاً أنهم يعملون على إخراج الجزائر من دائرة النفوذ في المنطقة. وأضاف رحابي أن قوى تسعى إلى وضع نظام إقليمي جديد في المنطقة يستهدف تغيير ميزان القوى وإضعاف موقف الجزائر واستنزاف الجيش الجزائري، مشيراً إلى أن السلطة الجديدة في مالي انخرطت في عملية إرساء هذا النظام الذي يتجاوز إمكاناتها وقد يتجاوز خطابها السياسي الحالي، وقال إنه إذا تبنى بلد هذه السياسة يعني أنه يعول على قوى غير إقليمية، أو دخل في استراتيجية قوى غير إقليمية. وشدد على أن الهدف من النظام الإقليمي الجديد، هو محاولة الحد من نفوذ الجزائر، ووضع الجيش الجزائري تحت الضغط المستمر وإدخاله في حرب استنزاف، وكذلك خلق مشكلات للاقتصاد الجزائري وما يترتب عن ذلك من مشكلات اجتماعية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

لا تخدم أجندة روسيا الحالية

من جانبه رأى البرلماني السابق والقيادي في حزب التجديد الديمقراطي والجمهوري بالنيجر عمر مختار الأنصاري لـ"اندبندنت عربية" أن الفرق الوحيد بين الولايات المتحدة وروسيا لدى المجلس العسكري في النيجر أن واشنطن طالبت المجلس العسكري بالإسراع في العودة إلى النظام الدستوري وعدم التقارب مع موسكو وطهران بصورة تؤثر في أمنها القومي ووجودها بالساحل، بينما موسكو ليس لديها حرج في استغلال الحكومات المنبثقة من انقلابات عسكرية بالساحل لتعزيز وجودها بأفريقيا واستغلال ثرواتها لتعويض خسائرها بأوكرانيا والانتقام من الغرب في مناطق نفوذه بأفريقيا رداً على مزاحمته لها بأوكرانيا.

وواصل الأنصاري أن العلاقات النيجرية - الجزائرية أساسها القواسم المشتركة بين البلدين الديموغرافية والثقافية والجغرافيا والتاريخ، وذلك يدركه كل من الشعبين النيجري والجزائري، وبخاصة مناطق الشريط الحدودي الطويل بين البلدين، وبينما كانت "علاقات حكوماتنا المنتخبة وطيدة مع الجزائر، نجد حكومة الأمر الواقع متذبذبة في تصرفاتها بين دوافع خارجية وتصرفات شعبوية"، مشدداً على أنه لا جهة خارجية تحذر المجلس العسكري بنيامي من الجزائر سوى حليفه في بامكو الذي هو حلقة الوصل الأساس مع موسكو.

وتابع القيادي النيجري أن موسكو بإمكانها تهدئة الأوضاع بين الجزائر ومالي والنيجر، لقوة صلتها بحكام باماكو ونيامي الذين يعتمدون على القوات الروسية ومرتزقتها للبقاء في الحكم، لكنها لا تفعل ذلك ربما لأنها ترى أن الجزائر لا تخدم أجندتها الحالية ضد الغرب "التي من أولوياتها تشجيع الهجرة غير الشرعية، وإيقاف تصدير الطاقة الأفريقية إلى أوروبا، ويحقق هذه الأهداف فصل الجزائر عن دول الساحل".

المزيد من تقارير