Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

عواصف الشمس أساس في طقس الفضاء الذي يخلخل الأشياء كلها

أثرت في المزارعين والرحلات الجوية ورسمت مشهدية مؤثرة من الأضواء الشمالية لكن تصاعد حدتها يؤثر بعمق في البنى التحتية

تجدد ظهور البقعة الشمسية أي آر 13697 ما دفع العلماء إلى الاعتقاد بأن مزيداً من العواصف الشمسية باتت في طريقها إلينا (غيتي/آيستوك)

ملخص

ضربت الأرض عاصفة شمسية عاتية في الشهر المنصرم وتفاعلت طاقتها مع المجال الفضائي القريب من الأرض وكذلك مع الحقل المغناطيسي للكوكب الأزرق ما أدى إلى تضخم ظاهرة أنوار الشمال وحدوث عواصف جيومغناطيسية عند القطب الشمالي. وقد تحصل عواصف مماثلة أو أشد منها خلال أشهر قليلة مقبلة.

في سبتمبر (أيلول) من عام 1859، أوقف عاملان في مركزي تبادل الرسائل البرقيّة، أي "تليغراف"، الآلتين اللتين يعملان عليهما، وبينهما مسافة مئة ميل (161 كيلومتراً) بانتظار انتهاء فترة من نشاط كهرومغناطسي خارج عن المألوف. وفي الساعتين التاليتين، دُهِشَ العاملان بأنهما استطاعا مواصلة محادثتهما مع الاكتفاء، بشكل حصري، باستعمال التيار الكهربائي الذي وصل إليهما من الفضاء أتياً من بقعة شمسية تبعد عن الأرض 150 مليون كيلومتراً. حدث ذلك الأمر في خضم العاصفة الشمسية الأعتى في التاريخ الموثَّق عن تلك الظاهرة. وقد مكَّن ذلك التيار من إجراء الاتصال الأول تاريخياً باستعمال طاقة شمسية، وكذلك ثَبُتَ أن قوته وصلت إلى حد إصابة بعض مشغلي مراكز التلغرافات بصدمات كهربائية. وتصاعد الشرر من أقطاب بعض معدات التلغراف، بل أن النار اندلعت في عدد منها. ولاحقاً، سُميت تلك الحوادث "الأسبوع الذي لمست فيه الشمس الأرض".

في تسمية رسمية، عُرِفَتْ تلك الحوادث نفسها بـ"حادثة كارينغتون" التي تسببت بها مجموعة من الشفق الشمسي أمكن رؤيتها في السماء ممتدة من الشمال وصولاً إلى الجنوب عند المكسيك. وتبدَّى كل منها على هيئة تدفق كثيف لكتل من إكليل الشمس، اخترقت الحقل المغناطيسي للأرض. ولم تُشاهد مثل تلك الظاهرة من تمدد أضواء الشمال إلى الجنوب، إلا بعد 165 سنة، حينما هبَّتْ عاصفة جيومغناطيسية من الفئة الخامسة، وأضاءت السماء عبر منطقتي "سينالوا" و"شيهواهوا" المكسيكيتين في العاشر من مايو 2024. [يشير مصطلح العاصفة الجيومغناطيسية إلى حدوث اضطراب ضخم في الحقل المغناطيسي للأرض بالترافق مع حدوث انتقال ضخم في الطاقة من عاصفة شمسية كبرى إلى المجال الفضائي المحيط مباشرة الأرض. وتعتبر ظاهرة أنوار الشمال التي تشاهد قرب القطب الشمالي للأرض، جزءاً من الحوادث التي تصاحب العواصف الجيومغناطيسية].

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

في هذه المرة، لم يكن ثمة مراكز للتلغراف كي يُثار الاضطراب فيها. وفي المقابل، إن الإشعاعات التي انبعثت من منطقة نشطة في الشمس تُعرف باسم "أي آر 13664"AR 13664  بلغت من الشدة الفائقة إلى حد التسبب بمشكلات على الأرض. إذ أُجبرت طائرات الخطوط الجوية للإمارات وقطر على تغيير مساراتها بغية تجنّب العواصف الجيومغناطيسية الأسوأ عند قطبي الأرض. وبالترافق مع ذلك، عانى مزارعون في كندا وأجزاء من الولايات المتحدة، خللاً في معداتهم عقب انقطاع اتصالها بنظام التوجيه العالمي "جي بي أس" GPS.

في حال حدوث أي عاصفة أشد عتواً من تلك المسجلة في العاشر من مايو الماضي، فإنها لن تكتفي بالتأثير في الرحلات والأقمار الاصطناعية المخصصة لأنظمة التوجيه على الأرض. إذ سيشمل تأثيرها شبكات كهربائية أساسية بأكملها. وقد تؤثر في الاتصالات ومجموعة من البنى التحتية الحساسة، ما يُحدث فوضى على مستويات تفوق ما حدث في "حادثة كارينغتون". وقد تبدو مثل تلك العاصفة الشمسية من النوع الذي يحدث مرّة كل بضعة أجيال، إلا أن الفترة الحالية من النشاط الشمسي لم تصل إلى نهايتها حتى الآن. ومع عودة النشاط إلى البقعة الشمسية "أي آر 13697" AR 13697 هذا الأسبوع، يُحذِّر بعض خبراء الطقس الفضائي، من إمكانية قدوم مزيد من العواصف الشمسية إلينا، تكون أعتى مما حدث في مايو المنصرم.

وحاضراً، تقترب الشمس من نقطة الذروة من دورة نشاطها التي تقدر بإحدى عشر عاماً. ويترافق مع ذلك أن يتبادل قطبا الشمس الشمالي والجنوبي موقعيهما فيما ينقلب تماماً حقلها المغناطيسي. ويُقاس ذلك بالتبدل في عدد البقع الشمسية والمناطق المظلمة المتسمة بأنها نقاط تكثُّف في الحقول المغناطيسية، وتُشاهد على سطح تلك النجمة. (في هذه الأيام، من المستطاع متابعة الدورة الشمسية عبر عدد عمليات البحث على مصطلحات كـ"عاصفة شمسية" التي يسجلها "غوغل تريندز").

وصلت الشمس إلى نقطة الذروة في دورة نشاطها السابقة، خلال أبريل (نيسان) من عام 2014، فكانت متأخرة قليلاً عمّا توقعته الأرصاد الشمسية أصلاً. بعد ذلك، وصلت الشمس إلى أدنى نقطة في دورة نشاطها، أبكر قليلاً من المتوقع، أثناء ديسمبر (كانون الأول) من عام 2019. ثم شرع نشاطها في التزايد تدريجاً، مع حدوث ذروة في منتصف مايو الماضي.

وبحسب ما نُقِلَ إلى "اندبندنت" من العالِم المتخصص بالشمس في "جامعة نورث كامبريا"، د. ستيف ياردلي، "يتوقع أن تصل الشمس إلى أعلى نقطة في دورة نشاطها الحالية، في يوليو (تموز) من عام 2025، على رغم أن العلماء لن يعرفوا بوصولها إلى تلك النقطة إلا بعد انتهاء تلك الذروة. وإذا أخذنا في الاعتبار أن النقطة الأدنى في دورة نشاط الشمس، جاءت أبكر من المتوقع، فقد ينطبق الأمر نفسه على زمن الوصول إلى النقطة الأعلى من النشاط. وقد تحدث ظاهرة الشفق الشمسي خلال أي وقت من دورة نشاط الشمس، وكذلك ستكون مظاهرها أكثر تكراراً، وغالباً ما ستكون أشد عتواً خلال فترة الارتفاع الأعلى في نشاط الشمس".

وتحت قيادة البروفيسور رامي قهوجي من "جامعة برادفورد"، تتعاون مبادرة "مجموعة توقع الطقس الفضائي" Space Weather Prediction Group مع القمر الاصطناعي التابع "مرصد الديناميكيات الشمسية" Solar Dynamics Observatory في وكالة "ناسا" الأميركية، بغية الاشتغال على أحدث الصور التي يلتقطها المركز بهدف التوصل إلى توقعات عن العواصف الشمسية الشديدة القوة.

وبحسب بروفيسور قهوجي، لقد وصلت الشمس بالفعل إلى الذروة في دورة نشاطها الحالية، ما يعني أن الأشهر القليلة المقبلة قد تجلب معها فترة من النشاط المكثف.

ووفق قهوجي، "لقد نجح نظامنا في توقع العواصف الشمسية الأخيرة التي أحدثت ظاهرة أنوار الشمال التي شوهدت في المملكة المتحدة. نحن نعايش الآن فترة يصل فيها نشاط الشمس إلى أعلى نقاطه. وبالأصل، جرى توقع أن تصل الشمس إلى تلك النقطة خلال عام 2025، لكن يبدو أن الشمس وصلت إلى ذروتها أبكر من المتوقع".

واستكمالاً، توحي التوقعات الأخيرة لـ"مركز توقع طقس الفضاء" في الولايات المتحدة، أن نشاط الشمس سيصل إلى أعلى مستوياته بين يناير (كانون الثاني) وأكتوبر (تشرين الأول) من العام الجاري. ويترافق ذلك مع ارتفاع عدد البقع الشمسية ليسجل ذروة له تتراوح بين 137 و173 بقعة، ما يفوق بأكثر من 114 بقعة العدد المُسجَّل خلال ذروة النشاط نفسه لعام 2014.

في مايو المنصرم، أعلنت "وكالة الفضاء البريطانية" أن القمر الاصطناعي الأوروبي الأول المخصص لرصد العواصف الشمسية، سيبنى في "ستفناج" ثم يوضع في الخدمة. وسيؤدي ذلك إلى زيادة ملحوظة في قدرتنا على توقع الحوادث المؤثرة جديّاً في طقس الفضاء. وكذلك سيقدم ذلك القمر الاصطناعي نفسه تحذيرات إضافية عن هبوب عواصف شمسية تحمل إمكانية التسبب بالاضطراب على الأرض. وستسبق تلك الإنذارات وصول الرياح الشمسية إلى الأرض بفترة تتراوح بين أربعة إلى خمسة أيام.

وبالتالي، ستمنح الإنذارات المبكرة مهلة زمنية للاستعداد لتلقي صدمة عواصف الشمس. ومن المستطاع فصل عمل الأدوات المعرضة للتأثر بتلك العواصف عن شبكات الكهرباء، أو إعادة الأنواع الجوية منها إلى الأرض. وستتيح تلك المهلة لمشغلي شبكات الكهرباء التثبّت من السيطرة الكافية على التيار الكهربائي، فلا تؤدي التدفقات الإضافية [التي قد تحملها عواصف شمسية كبرى] إلى أن تنوء الشبكات بأحمالها.

وفيما يدور الجزء المسؤول عن النشاطات التي سجلت أخيراً للشمس، كي يواجه الأرض مجدداً، سيصل عدد متزايد من العواصف الشمسية إلى الأرض في زمن قريب. [تدور الشمس حول نفسها بمعدل مرة كل 27 يوماً].

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من علوم