Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

التجاوزات الإسرائيلية في الضفة الغربية بين الأمن والاستباحة

مخيمات اللاجئين تتحول إلى ميدان للعمليات العسكرية ومراقبون يرون أنها تجنب مسبق لتكرار سيناريو غزة

مبنى مدمر أعقاب غارة شنتها القوات الإسرائيلية في جنين بالضفة الغربية  (أ ف ب)

ملخص

 قتلت إسرائيل أكثر من 500 فلسطيني في الضفة الغربية منذ السابع من أكتوبر 2023 في سفك غير مسبوق للدماء، بحسب الأمم المتحدة التي أشارت إلى مقتل 22 إسرائيلياً، بينهم ثمانية جنود خلال الفترة ذاتها، إضافة إلى اعتقال آلاف الفلسطينيين.

اختار وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريش خط التماس الفاصل بين مدينة طولكرم والمستوطنات الإسرائيلية مكاناً لإطلاق وعيده بتحويل مدن وبلدات ومخيمات الضفة الغربية إلى مناطق مدمرة كقطاع غزة، بهدف "قطع الطريق" على أية محاولة فلسطينية لتكرار هجمات شبيه بما وقع في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

ومن المكان نفسه وقف وزير الدفاع الإسرائيلي يؤاف غالانت لإعطاء الجيش الإسرائيلي الإذن بـ "حرية العمل في الضفة الغربية لإحباط المحاولات الإيرانية لإغراق المنطقة بالسلاح".

وكشف غالانت عن خطة لتشكيل "فرق تدخل على خط التماس" الذي أقامته إسرائيل ليبتلع مزيداً من أراض الضفة الغربية على حساب خطوط الرابع من يونيو (حزيران) عام 1967.

مزيد من العمليات العسكرية

ومع أن الجيش الإسرائيلي كثف منذ مارس (آذار) 2022 عملياته العسكرية التي يصفها بالاستباقية، وبخاصة شمال الضفة الغربية لمنع أية هجمات مسلحة، إلا أن سموتريش طالب بشن ما وصفها بالحرب الدفاعية" في الضفة الغربية.

ووفق وزير المالية الإسرائيلي الذي يترأس حزب "الصهيونية الدينية" فإنه لا مفر من توجيه ضربة حاسمة للإرهاب للتأكد من أن المستوطنات في الضفة لن تصبح كالمستوطنات في غلاف غزة.

يأتي ذلك مع تصعيد الفلسطينيين عمليات إطلاق النار من طولكرم باتجاه المستوطنات الإسرائيلية الواقعة على تخوم الخط الأخضر الفاصل بين الضفة الغربية وإسرائيل، لكن تلك العمليات تبقى محدودة الخسائر البشرية أو المادية، ومع ذلك فإن إسرائيل تعتبرها تهديداً لها وتشن هجمات استباقية ضد المجموعات المسلحة للقضاء عليها.

قتلى ومعتقلون

وقتلت إسرائيل أكثر من 500 فلسطيني داخل الضفة الغربية منذ السابع من أكتوبر 2023 في سفك غير مسبوق للدماء، بحسب مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك الذي أشار إلى مقتل 22 إسرائيلياً بينهم ثمانية جنود، داخل الضفة الغربية خلال الفترة ذاتها.

كما اعتقل الجيش الإسرائيلي منذ بداية الحرب أكثر من 9 آلاف فلسطيني من أنحاء الضفة الغربية، وفصل مدن وبلدات وقرى الضفة عن بعضها بالحواجز العسكرية والبوابات الحديدية والسواتر الترابية، وحتى قبل هجوم السابع من أكتوبر فإن الجيش الإسرائيلي كثف اقتحاماته لمدن وبلدات ومخيمات الضفة، إذ كان العام الماضي الأكثر دموية منذ الانتفاضة الثانية.

وأتاحت سيطرة إسرائيل على الضفة الغربية في ظل إمكاناتها الاستخباراتية الحد من الهجمات المسلحة للفلسطينيين، إلى جانب ضعف البنية التنظيمية والعسكرية للفصائل الفلسطينية.

 

اقتحامات إسرائيلية متكررة

وعملياً تمكنت إسرائيل من الحد من تشكيل الفصائل خلايا مسلحة وبنية عسكرية، إذ لجأ الجيش إلى القضاء على تلك المجموعات حتى قبل تنفيذ هجماتها أو إثر ذلك، وقبل أيام أعلن جهاز الأمن العام الإسرائيلي (شاباك) إحباط هجوم تفجيري "خطط لتنفيذه في داخل إسرائيل بتوجيه من مكتب ’حماس‘ في تركيا"، مشيراً إلى اعتقال مجموعة فلسطينيين من مدينة نابلس اتهموا بالتخطيط لتنفيذ الهجوم.

وتكاد لا تمر ليلة أو يوم من دون اقتحام الجيش الإسرائيلي المدن والقرى الفلسطينية لاعتقال فلسطينيين أو تصفية آخرين كما وقع مساء أمس الإثنين، إذ قتل الجيش الإسرائيلي مسلحين فلسطينيين اثنين خلال اشتباك قرب حاجز عسكري إسرائيلي غرب طولكرم.

واستبعد الباحث في مركز دراسات الشرق الأوسط في الجامعة العربية الأميركية سليمان بشارات شن إسرائيل حرباً مدمرة في الضفة كما تفعل في قطاع غزة، وذلك لأسباب عدة من بينها عدم تماسك الوجود الفلسطيني الجغرافي والديموغرافي في الضفة، والضعف الحاد في  البنية العسكرية للمقاومة الفلسطينية، وقدرة الجيش الإسرائيلي على التحرك والسيطرة الميدانية فيها.

وأوضح بشارات أن إسرائيل نجحت في تقليم أظافر المجموعات المقاومة داخل الضفة الغربية، وأن الجيش سيواصل سياسته القائمة على اقتحام المدن واعتقال كل من يشتبه فيهم أو يمكن أن يشكل خطراً على إسرائيل، مرجحاً أن يبادر المستوطنون الإسرائيليون إلى إشعال الأوضاع في أية مواجهة مقبلة مع الفلسطينيين داخل الضفة الغربية.

تطهير عرقي

ويرى الأمين العام للمبادرة الوطنية الفلسطينية مصطفى البرغوثي أن إسرائيل تصعد هجماتها سواء بوجود مقاومة أو لا، مشيراً إلى أن سلوك الاحتلال يعمل على قمع الوجود الفلسطيني ويمارس التطهير العرقي ضد الفلسطينيين عبر جعل حياتهم قاسية وصعبة، في ظل رفضها حل الدولتين أو حل الدولة الواحدة، كما استبعد شن الجيش هجوماً ضخماً على مدن الضفة الغربية، مشيراً إلى أنه سيواصل العمل بالوتيرة الحالية نفسها.

من جانبه اعتبر المحلل السياسي الإسرائيلي يؤاف شتيرن أن حرية الحركة النسبية للجيش الإسرائيلي في الضفة الغربية تمنع حركة "حماس" من إنشاء خلايا مسلحة قوية، إضافة إلى ملاحقة الأمن التابع للسلطة الفلسطينية تلك المجموعات، موضحاً أن ذلك أدى إلى نشوء تنظيمات مسلحة محلية صغيرة داخل مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في جنين وطولكرم ونابلس.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ومع أن شتيرن أشار إلى أن المؤسسة الأمنية والعسكرية الإسرائيلية لا تدفع لتفجير الأوضاع داخل الضفة، إلا أنه شدد على وجود جهات إسرائيلية من اليمين المتطرف تسعى إلى ذلك.

وزاد أن تلك الجهات التي تنتمي إلى الصهيونية الدينية تعمل على إشعال الأوضاع، لأن ذلك يتيح لها فرصة لتوسيع الاستيطان ومنع الفلسطينيين من الوصول إلى أراضيهم.

ووفق شتيرن فإن هناك جهات فلسطينية لها مصلحة أيضاً في التصعيد، مشيراً إلى أن إسرائيل أرسلت رسالة واضحة إلى جميع الأطراف عبر حربها التدميرية في غزة بأن أية مواجهة معها "ستكون باهظة الكلفة".

وتابع أن الفلسطينيين في الضفة الغربية يتحاشون أية مواجهة مباشرة وقوية مع الإسرائيليين خشية رد الفعل، وبسبب صعوبة تشكيل قوة مسلحة كبيرة للفصائل الفلسطينية في الضفة فقد لجأت "حماس" إلى تشكيل مجموعات صغيرة من أشخاص عدة أو شخص واحد، وفق الباحث في الشؤون الإسرائيلية محمد عواد.

وأوضح أن تلك السياسية اعتمدها قائد "حماس" في الضفة الغربية صالح العاروري قبل اغتياله، وذلك بهدف خلق جبهة مساندة لقطاع غزة، مشيراً إلى أن إسرائيل تتعامل مع الهجمات المسلحة في مستوطنات غلاف طولكرم وجنين على أنها خطر محتمل، كما حصل ضد مستوطنات غلاف قطاع غزة في السابع من أكتوبر 2023.

وأضاف أن تلك الهجمات شبيهة بالتي كانت تقوم بها الحركة داخل القطاع في بداياتها، ولذلك فإسرائيل لا تريد الاستهانة بتلك الهجمات كما فعلت مع غزة، وعليه تعمل على قطع الطريق عليها بصورة مسبقة.

حصار اقتصادي

واستعبد الباحث في مركز مدار للدراسات الإسرائيلية وليد حباس اندلاع انتفاضة جديدة في الضفة الغربية بسبب الانقسام بين حركتي "فتح" و"حماس" والإحباط الفلسطيني العام، وانصرافهم نحو التركيز على تدبر أمورهم الشخصية.

وأوضح حباس أن إسرائيل تشن حرباً مالية على السلطة الفلسطينية وتمنع عشرات آلاف الفلسطينيين من العمل لديها، كما تعزل المدن والقرى الفلسطينية عن بعضها بعضاً.

وأشار إلى أن المدن والبلدات ومخيمات اللاجئين، وبخاصة في شمال الضفة الغربية، تحولت إلى مرتع للعمليات العسكرية للجيش الإسرائيلي، بهدف القضاء على الخلايا المسلحة فيها.

ووفق حباس فإن الضفة الغربية مقسمة إلى أربعة أجزاء، الأول في الشمال، جنين وطولكرم وقلقيلية، حيث تنشط المجموعات المسلحة وتلاحقها إسرائيل بقوة هائلة وبطاقة تدميرية واسعة، والثاني في رام الله التي يقتحمها الجيش الإسرائيلي يومياً لتنفيذ عمليات الاعتقال، والثالث يتكون من الخليل وبيت لحم اللتين تشهدان اقتحامات أقل من الجيش الإسرائيلي وهدوءاً نسبياً.

وتابع، "أما الرابع والأخير فهو الأكثر خطوة والأكبر مساحة ويتمثل في مناطق (جـ) البالغة مساحتها 60 في المئة من الضفة الغربية وتشكل الريف الفلسطيني، وفيه تعمل إسرائيل على مصادرة أراضي الفلسطينيين بهدف التوسع الاستيطاني ومنع الفلسطينيين من البناء فيها أو حتى الزراعة في بعض الأحيان".

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات