ملخص
عرض لافروف على الدول الأربع التي زارها على نحو مقتضب خلال ثلاثة أيام (غينيا والكونغو وبوركينا فاسو وتشاد) تعزيز "تعاونها" مع روسيا، على المستويين الاقتصادي والتجاري وأيضاً العسكري.
اختتم وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في تشاد جولة في غرب أفريقيا ووسطها، أدلى خلالها بتصريحات مناهضة للغرب.
وعرض لافروف على الدول الأربع التي زارها على نحو مقتضب خلال ثلاثة أيام (غينيا والكونغو وبوركينا فاسو وتشاد) تعزيز "تعاونها" مع روسيا، على المستويين الاقتصادي والتجاري وأيضاً العسكري، من أجل "القضاء على جيوب الإرهاب المتطرف" في منطقة الساحل.
بديل الغرب في أفريقيا
منذ سنوات تبذل روسيا جهوداً دبلوماسية في أفريقيا سعياً لكي تكون بديلاً للقوى الغربية، وفي حين تواجه عزلة دولية وتبحث عن تشكيل تحالفات جديدة، ضاعفت روسيا جهودها منذ أطلقت هجومها على أوكرانيا في فبراير (شباط) 2022.
في نجامينا اعتبر لافروف في تصريح لصحافيين أن في أوكرانيا "ليس السلام هو ما يريد الغرب حفظه"، إنما "المبادئ التالية: الاختيار ما بين دعم روسيا ودعم" أوكرانيا، و"من يدعم روسيا فسيعاقب. هذه هي الرؤية الغربية".
وتشاد هي واحدة من الدول التي تحاول موسكو ضمها إلى رقعة نفوذها المتنامي في منطقة الساحل.
في المنطقة كانت فرنسا صاحبة النفوذ الأكبر، لكن جيشها طرد منها في نهاية المطاف في إطار تقارب مع روسيا في ثلاث دول.
تحالف دول الساحل
وانسحبت مالي وبوركينا فاسو والنيجر من المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا في بداية العام، لتشكيل منظمة خاصة بها سميت تحالف دول الساحل، كما أعلنت في مارس (آذار) تشكيل قوة عسكرية مشتركة لمكافحة المتطرفين.
تنشر فرنسا في تشاد ألف جندي، وأخيراً جددت تأكيد عزمها الإبقاء على وجود عسكري "أقل حجماً".
في نجامينا التقى لافروف الرئيس محمد إدريس ديبي إتنو الذي انتخب في السادس من مايو (أيار) في اقتراع طعنت المعارضة بنتائجه ونددت به منظمات غير حكومية.
وكان ديبي عين رئيساً انتقالياً في أبريل (نيسان) 2021 من مجلس عسكري مكون من 15 جنرالاً، بعد مقتل والده الرئيس إدريس ديبي اتنو بالرصاص على يد متمردين بعد قضائه 30 سنة في السلطة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
في يناير (كانون الثاني) أجرى ديبي زيارة إلى موسكو بدا فيها أن التناغم قائم بينه وبين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، مما أثار تساؤلات حول سعي الرئيس التشادي إلى تنويع دعمه الدولي.
وجرت الزيارة في توقيت كانت فيه العواصم الغربية، باستثناء باريس التي أظهرت دوماً دعماً راسخاً له، قلقة في شأن رغبته في البقاء على رأس سلطة تقمع بعنف شديد كل المعارضة.
وطردت أنظمة عسكرية تولت السلطة في مالي في عام 2022 وفي بوركينا فاسو والنيجر في عام 2023، القوات الفرنسية التي كانت ركيزة للحرب ضد الجماعات المتطرفة في منطقة الساحل، وباشرت هذه الدول انفتاحاً على روسيا.
"فاغنر" في أفريقيا
وأرسلت موسكو قوات شبه عسكرية، خصوصاً مرتزقة مجموعة فاغنر، وقدمت هؤلاء العناصر على أنهم "مدربون" عسكريون.
وأصبحت تشاد المحاطة بدول استقبلت هؤلاء المرتزقة (جمهورية أفريقيا الوسطى والسودان وليبيا والنيجر)، آخر دولة، في الأقل رسمياً، تقاوم نشرهم على أراضيها.
لكن حسابات على شبكات التواصل الاجتماعي ووسائل إعلام موالية لروسيا تعج بإشاعات لم يؤكدها نجامينا أو تنفها حول وجود مسلحين روس إلى جانب الجنود التشاديين، خصوصاً في الجنوب.
خلال زيارته بوركينا فاسو التي يقودها نظام عسكري مقرب من موسكو قال لافروف إن "عدد المدربين الروس في بوركينا فاسو سيزداد".
في تشاد رداً على سؤال حول "المساعدات العسكرية" لهذا البلد، أشار لافروف إلى "اتفاقات تعاون عسكري سارية منذ فترة طويلة" و"مستمرة"، لا سيما "تسليم معدات".
واعتبر الخبير في مركز الدراسات الأفريقية في الكلية العليا للاقتصاد في موسكو فسيفولود سفيريدوف، أنه "على مدى الأشهر الستة الماضية كنا نشهد تحسناً حقيقياً للعلاقات"، وأضاف "الجيش الفرنسي باق لكن وجوده لا يعوق تطوير العلاقات بين موسكو ونجامينا".
وقال لافروف في نجامينا "يمكنني أن أطمئنكم: صداقتنا مع تشاد لن تؤثر في علاقاتها مع فرنسا"، لكنه لفت إلى أن "فرنسا لديها نهج آخر: إما أن تكون معنا أو ضدنا".
وقال الخبير في الجغرافيا السياسية في مركز بحوث الأنثروبولوجيا والعلوم الإنسانية (CRASH) في نجامينا يامينغي بيتينباي "هذه ليست حرباً باردة، إنما حرب نفوذ. وتشاد تريد تحقيق أقصى استفادة منها".
وفي مفارقة لافتة كان بوتين وإيمانويل ماكرون من بين قلة من رؤساء دول من خارج أفريقيا سارعوا إلى تهنئة ديبي علناً بانتخابه.