ملخص
ألبانيا المتواضعة بين ثلاث قوى كروية أوروبية عملاقة هي إيطاليا وإسبانيا وكرواتيا في المجموعة الثانية ببطولة الأمم الأوروبية 2024 ولكل منها آمال في رفع الكأس
تنطلق في الـ14 من يونيو (حزيران) الجاري منافسات بطولة الأمم الأوروبية لكرة القدم "يورو 2024" التي تستضيفها ألمانيا حتى الـ14 من يوليو (تموز) المقبل، في إطار التنافس على أغلى كؤوس القارة العجوز وإعلان من سيخلف إيطاليا على عرش البطل لمدة أربعة أعوام جديدة.
وبالحديث عن المنافسة على اللقب من جانب أقوى المنتخبات المرشحة، أو الدفاع عنه من جانب المنتخب الإيطالي الذي لا يزال حامل لقب النسخة الأخيرة التي أقيمت في صيف 2021، ستتجه الأنظار تلقائياً إلى المجموعة الثانية باعتبارها إحدى أقوى المجموعات وأعلاها تنافسية، إذ تضم إسبانيا وإيطاليا وكرواتيا وألبانيا.
إيطاليا هي حاملة اللقب وإحدى القوى الكلاسيكية في كرة القدم الأوروبية مهما غابت عن منصات التتويج أو مرت بفترات تراجع، وسبق لها التتويج باللقب مرتين الأولى في 1968 والثانية في 2021، ومن المؤكد أنها ستسعى إلى الحصول على النجمة الثالثة لمعادلة الرقم القياسي الذي تتشاركه إسبانيا مع ألمانيا ولكل منهما ثلاث بطولات.
وفي ظل بناء جيل جديد لكرة القدم الإسبانية ربما لن يكون الأمر صعباً للتتويج باللقب الرابع في تاريخها والأول منذ 2012، أما المنتخب الكرواتي صاحب الصولات والجولات في نهائيات كأس العالم، الذي احتل المركز الثاني في نسخة مونديال روسيا 2018، ثم المركز الثالث في النسخة الماضية بقطر عام 2022، فربما تكون هذه فرصته الأخيرة لتحقيق نتيجة مشرفة في المحفل القاري بعدما ودع المنافسة من دور الـ16 ضمن آخر نسختين، أما المنتخب الألباني فسيكون هدفه الأول هو تحسين موقعه بالمقارنة مع مشاركته الأولى في النسخة قبل الماضية بفرنسا عام 2016.
المنتخب الإيطالي الذي يحتل المرتبة الثانية في الترتيب التاريخي للبطولة بإجمالي 45 مباراة حقق الفوز في 21 منها وتعادل في 18 وخسر في ست مواجهات فقط، يدخل إلى نسخة 2024 من دون أي ضغوط ناجمة عن ترشيحه للفوز باللقب، لكن من عادات إيطاليا المعروفة لكل متابع جيد لكرة القدم أن منتخبها لا يمكن أبداً استبعاده من حسابات التتويج إذا ما تمكن من تجاوز مجموعة صعبة.
وخاضت إيطاليا بطولة "يورو 2024" عقب فشلها في التأهل إلى كأس العالم 2018، وتدخل بطولة هذا العام في الموقف نفسه، لكنها تستعد تحت قيادة لوتشيانو سباليتي لوضع الماضي خلفها في سعيها إلى تكرار أيام المجد.
وعلى عكس المرة الماضية عندما تأهلت لصدارة مجموعتها في التصفيات المؤهلة إلى بطولة أوروبا 2020 بـ10 انتصارات من 10 مباريات، فإن تأهلها للنهائيات هذه المرة كان مهدداً حتى الجولة الأخيرة.
وفازت إيطاليا على إنجلترا بركلات الترجيح لتحقق لقب البطولة الماضية، لكنها عندما واجهت المنافس نفسه في التصفيات خسرت المباراتين، وجاء التعادل السلبي مع أوكرانيا ليمنحها التأهل من دون الحاجة إلى خوض الملحق.
معاناة إيطاليا في التصفيات وضعتها بالتصنيف الأخير في قرعة البطولة، لينتهي بها المطاف في أقوى المجموعات إلى جانب إسبانيا وكرواتيا وألبانيا.
وتولى سباليتي الذي قاد نابولي إلى أول ألقابه في الدوري الإيطالي منذ 1990 الموسم الماضي، تدريب إيطاليا حين قرر روبرتو مانشيني الاستقالة في أغسطس (آب) م2023.
ولم يحظَ سباليتي بكثير من الوقت لإجراء تغييرات جذرية، إذ احتاج بدلاً من ذلك إلى التركيز على النتائج والتأهل لكنه إلى جانب الحفاظ على نهج هجومي واضح بدأ بإعادة روح الفريق.
وكانت مشكلة إيطاليا الأساسية أخيراً هي الهجوم، مما أدى إلى استدعاء ماتيو ريتيغي المولود في الأرجنتين وعلى رغم أن اللاعب (25 سنة) سجل أربعة أهداف في ست مباريات، إلا أنه لا يوجد ضمان لنجاحه في البطولة الكبرى.
وكان خط الوسط مصدر التهديد الأساسي على المنافسين خلال التصفيات، إذ تصدر دافيدي فراتيسي هدافي الفريق بثلاثة أهداف، لكن عودة جيانلوكا سكاماكا لمستواه ربما تمنح المشجعين الإيطاليين سبباً للسعادة.
وسيعتمد سباليتي على عدد من لاعبي إنتر ميلان الفائز بالدوري الإيطالي، إذ من المرجح أن يبدأ فيدريكو ديماركو وأليساندرو باستوني في الدفاع إضافة إلى إمكان مشاركة فرانشيسكو دارميان وفرانشيسكو أتشيربي أيضاً.
وفي الوسط، يأمل فراتيسي في أن يواصل قدرته على تسجيل الأهداف وسيكون نيكولو باريلا اللاعب الذي ستعتمد عليه إيطاليا لقيادة الفريق والإسهام في الهجوم والدفاع.
ويُعدّ باريلا لاعباً مهماً في تشكيلة إنتر ميلان الفائزة بلقب الدوري الإيطالي في الموسم الماضي وركيزة أساسية في خط الوسط ومن المتوقع أن تقوم ديناميكيته بدور مهم في تحقيق آمال الفريق الوطني في اليورو.
وخلاص بطولة أوروبا الأخيرة، بدأ باريلا خمس من ست مباريات لإيطاليا بينها النهائي وغاب فقط عن المباراة الأخيرة في دور المجموعات عندما أراح المدرب روبرتو مانشيني كثيراً من لاعبيه الأساسيين بعد الفوز في أول مباراتين.
وتلقى المنتخب الإيطالي ضربة موجعة بإصابة المدافع جورجيو سكالفيني لاعب أتالانتا، مما اضطر الجهاز الفني إلى استبداله بمدافع يوفنتوس فيديريكو غاتي.
ولن يكون المعسكر الإيطالي الوحيد الذي يحلم برفع الكأس في المجموعة الثانية، إذ ينافسه المنتخب الإسباني صاحب المركز الثالث في الترتيب التاريخي للبطولة برصيد 46 مباراة و21 فوزاً و15 تعادلاً و10 هزائم.
وتخوض إسبانيا بطولة أوروبا 2024 على أمل استعادة مكانتها ضمن أبرز المرشحين لنيل اللقب وتأمل في التخلص من الضجة المثارة حول اتحاد كرة القدم في البلاد الذي يعاني الفضائح.
وسيتعين على المدير الفني لإسبانيا لويس دي لا فوينتي ولاعبيه التعامل مع الضجة التي تحوم حول الاتحاد المحلي.
وبعد فتح تحقيق في الفساد وتداعيات القبلة غير المرغوب فيها التي منحها الرئيس السابق للاتحاد لويس روبياليس للاعبة جيني إيرموسو بعد فوز إسبانيا بكأس العالم للسيدات في سيدني العام الماضي، شكلت الحكومة لجنة خاصة قبل أسبوعين للإشراف على الاتحاد حتى عقد انتخابات جديدة.
وأدى ذلك إلى أشهر من الجدل طغت على فوز إسبانيا بدوري الأمم الأوروبية 2023 ومسيرة شبه مثالية في تصفيات بطولة أوروبا 2024 والتي تركت انطباعاً أن الفريق، ونواته من الشبان الموهوبين، يمكنهما التألق بقيادة دي لا فوينتي الهادئ.
وفي ظل تألق ثنائي برشلونة الشاب لامين يامال وباو كوبارسي، ومرور رودري لاعب وسط مانشستر سيتي بأفضل حالاته وحفاظ داني كاربخال ظهير ريال مدريد وألبارو موراتا مهاجم أتليتيكو على مستواهما، فإن إسبانيا تحظى بمزيج جيد من الخبرة والشباب.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وفاز دي لا فوينتي ببطولة أوروبا تحت 19 سنة في 2015 وبطولة تحت 21 سنة في 2019 ودرّب خلالهما كثيراً من اللاعبين الذين قادهم إلى تحقيق لقب دوري الأمم الأوروبية العام الماضي، بعدما عمل مع لاعبين أمثال بيدري وميكيل أويارزابال وفابيان رويز وميكل ميرينو وماركو أسينسيو وداني أولمو في فريق تحت 15 سنة.
أما ثالث القوى الكروية في المجموعة فهو المنتخب الكرواتي القوي، ثالث مونديال 2022 الذي اعتاد دائماً على تخطي التوقعات التي تبدو سخيفة مقارنة بالنتائج في بطولات كأس العالم، وصادمة في بطولة أوروبا.
ويأمل لاعبو كرواتيا في تغيير ذلك ضمن بطولة أوروبا 2024 في ألمانيا، فيما ستكون بالتأكيد الرحلة الأخيرة لقائد المنتخب لوكا مودريتش.
ورفع اللاعب الذي يبلغ من العمر 38 سنة، نجم كرواتيا وقائدها الرئيس، كل الألقاب على مستوى الأندية مع ريال مدريد الإسباني ويرغب في تكليل مسيرته المذهلة بألقاب دولية.
وتقلص عدد دقائق مشاركة اللاعب الفائز بجائزة الكرة الذهبية لعام 2018 الذي حصل كذلك على كثير من ألقاب الدوري الإسباني ودوري أبطال أوروبا، في ريال مدريد هذا الموسم، لكنه يظل العمود الفقري في منتخب كرواتيا الذي يفتقر نظرياً إلى جودة النجوم التي يتمتع بها بعض منافسيه.
ووصف مدرب كرواتيا زلاتكو داليتش لاعبه مودريتش العام الماضي بأنه "الكمال الكروي" و"متفوق (على الآخرين) بكل الطرق الممكنة"، لكن المدرب أيضاً أثبت براعته في دمج فريق أفضل في معظم الأحيان من مجموع أفراده.
وبفضل الإنجازات التي حققها داليتش الذي تولى المسؤولية عام 2017 في كأس العالم، إضافة إلى وصوله إلى نهائي دوري الأمم في 2023، بات أنجح المدربين في تاريخ البلاد.
واحتلت كرواتيا المركز الثاني في المجموعة الرابعة في تصفيات بطولة أوروبا بفارق نقطة واحدة خلف تركيا، إذ فازت في خمس مباريات بينما تلقت هزيمتين.
وأندريه كراماريتش هو هداف المنتخب في التصفيات بأربعة أهداف، وعلى رغم أهمية جهوده، فإن روح الفريق انعكست على الأرقام، إذ تناوب سبعة لاعبين على تسجيل 13 هدفاً لكرواتيا في التصفيات.
وفي وقت يخطف مودريتش الأضواء فإن طموحات البلاد في البطولة ربما تعتمد بالقدر نفسه على يوسكو غفارديول صخرة الدفاع.
وبرز اللاعب البالغ من العمر 22 سنة في نهائيات كأس العالم الأخيرة، عندما أسهم أداؤه الرائع إلى جوار ديان لوفرين في وصول كرواتيا إلى الدور قبل النهائي قبل أن تنتهي الرحلة على يد الأرجنتين التي فازت باللقب في النهاية.
وقال داليتش "غفارديول أفضل قلب دفاع في العالم، إنه أمر مذهل أن يلعب بهذا النضج".
ومن المحتمل ألا يكون غفارديول الأفضل، لكنه قوي وسريع ولفت أداؤه في قطر انتباه مانشستر سيتي الذي أنفق 77 مليون جنيه استرليني (96.87 مليون دولار) لضمه من لايبزيغ الألماني في أغسطس (آب) الماضي.
وكما يفعل كثير من اللاعبين عند الوصول إلى الدوري الإنجليزي الممتاز، خصوصاً عندما يتعين عليهم التكيف مع المتطلبات التكتيكية الدقيقة لبيب غوارديولا، واجه المدافع الكرواتي صعوبات في البداية للتأقلم مع الفريق لكنه سرعان ما تألق دفاعياً وهجومياً وأصبح أحد الأسلحة التهديفية لأبطال إنجلترا.
أما منتخب ألبانيا الذي يشارك في "يورو 2024" في ظهوره الثاني، وعلى رغم أنه يواجه مهمة شاقة للتأهل عن مجموعة شديدة الصعوبة، فإن سقف التوقعات المتدني قد يكون مفيداً.
ومنذ ظهورها التاريخي الأول عام 2016، أضاعت ألبانيا فرصة التأهل لبطولة أوروبا 2020، إضافة إلى كأس العالم مرتين لكنها تجاوزت المرحلة الصعبة تحت قيادة المدرب الجديد سيلفينيو.
وعام 2022، سجل الفريق فوزاً واحداً فقط في 11 مباراة، وتولى سيلفينيو تدريب ألبانيا في بداية 2023 وحصد الفريق خلال العام الماضي خمسة انتصارات في تسعة لقاءات خاضها وخسر مرة واحدة فقط.
واستعان سيلفينيو بمواطنه البرازيلي دوريفا والأرجنتيني بابلو زاباليتا للعمل معه وبدأوا البحث عن لاعبين يناسبون طريقتهم في اللعب.
وتأمل ألبانيا في أن تباغت إيطاليا خلال مباراتهما الافتتاحية في ألمانيا، ويحظى الفريق الألباني بكثير من اللاعبين الذين سيكونون على دراية كبيرة بمنافسيهم.
ويلعب كل من كريستيان أصلاني ونديم باغرامي وبيرات ديمسيتي والسيد هيساي ويلبر رمضاني وأتريت بيريشا وأرديان إسماعيلي مع أندية في دوري الدرجة الأولى الإيطالي وعمل سيلفينيو سابقاً تحت قيادة روبرتو مانشيني في إنتر ميلان.
ولن يتوقع أحد أن تتأهل ألبانيا عن مجموعتها في ألمانيا، مما يجعلها مرشحاً خطراً لأي طرف يعتبر مباراته أمامها مضمونة.