Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الترقب يخيم على الاستحقاق الرئاسي في تونس

هيئة الانتخابات ستكون أمام تحدٍ صعب بعد مشاركة هزيلة في الانتخابات البرلمانية والمحلية

يحشد مؤيدو الرئيس قيس سعيد أنفسهم دعماً له قبل الانتخابات الرئاسية (أ ف ب)

ملخص

يعتبر مراقبون أن التكهنات السائدة في شأن موعد الانتخابات الرئاسية بتونس تصب في مصلحة الرئيس قيس سعيد على رغم أنه لم يكشف النقاب عن ترشحه لولاية ثانية بعد

في الوقت الذي بدأت فيه الهيئة العليا المستقلة للانتخابات في تونس عملية لتعديل سجل الناخبين لا تزال ملامح الانتخابات الرئاسية، التي قد تشكل محطة حاسمة في صراع مرير بين السلطة والمعارضة، لم تتضح بعد.

ويثير الأمر تساؤلات عن الطرف المستفيد من ذلك، خصوصاً أن الغموض لم يقتصر على القانون التي ستنظم وفقه الانتخابات الرئاسية فحسب، بل حتى موعدها، فيما كان الرئيس قيس سعيد قد أفاد في وقت سابق بأن هذا الاستحقاق سيجري في موعده.

ومنذ انفراده بمعظم الصلاحيات في الـ25 من يوليو (تموز) 2021 في تحرك وصفته المعارضة بـ"الانقلاب" فيما قال إنه أتى تصحيحاً لمسار انتفاضة 2011، يسعى الرئيس سعيد إلى تثبيت نفسه رقماً صعباً في المعادلة السياسية في تونس، وقد نجح في ذلك بصورة كبيرة بحسب ما تظهره استطلاعات الرأي على رغم الانتقادات الحادة التي تواجهها تحركاته.

قيس سعيد المستفيد الأبرز

ولاية الرئيس سعيد الأولى في قصر قرطاج تشارف على نهايتها، حيث انتخب في أكتوبر (تشرين الأول) 2019 رئيساً لتونس في انتخابات مبكرة جرت إثر وفاة الرئيس الباجي قائد السبسي. 

 

وسادت تكهنات في الآونة الأخيرة بأن تجري الانتخابات الرئاسية في أكتوبر المقبل. وقال الباحث السياسي هشام الحاجي إن "هناك حالة ترقب في ما يتعلق بموعد الانتخابات الرئاسية القادمة وإلى حد ما شروط الترشح لهذا الاستحقاق، وفي تقديري إن حالة الترقب تخدم إلى حد كبير الرئيس الحالي لسببين في الأقل".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وفسر الحاجي في حديث إلى "اندبندنت عربية" أن "السبب الأول أن سعيد يخوض هذا الاستحقاق وهو في السلطة، وهذا يخدمه بصورة غير مباشرة لأنه يتمتع مقارنة ببقية المرشحين المحتملين بحضور إعلامي شبه يومي علاوة على أنه قد أقام بحكم ممارسة السلطة شبكة علاقات مهمة داخل البلاد وخارجها". وأردف أن "السبب الثاني أن سعيد لا يخوض حملات انتخابية بالمعنى التقليدي المتعارف عليه".

وأفاد الحاجي بأنه "في ما يتعلق بمنافسيه المحتملين فإن عدم تحديد موعد الانتخابات الرئاسية القادمة بدقة يربك إعدادهم لهذا الاستحقاق، بخاصة في الجانب السياسي، بمعنى مدى الحاجة إلى تحالفات من عدمها وأيضاً قراءة السلوك المحتمل للناخبين لأن نسبة المشاركة يمكن أن تؤثر في النتائج".

وسارع عديد من وجوه معسكر المعارضة في تونس إلى إعلان ترشحهم للانتخابات الرئاسية في تهافت غير مسبوق على رغم الغموض الذي يكتنف موعد هذا الاستحقاق.

 

ومن بين تلك الوجوه زعيمة "الحزب الدستوري الحر" التي تقبع في السجن عبير موسي والأمين العام للحزب الجمهوري المسجون هو الآخر عصام الشابي والنائب البرلماني السابق الصافي سعيد ورئيس "حزب الاتحاد الشعبي الجمهوري" لطفي المرايحي وآخرون.

ترتيبات معقدة

وعلى رغم الدعوات التي أطلقتها أوساط سياسية إلى تعديل القانون الانتخابي وإضافة شروط أخرى للمرشحين المحتملين على غرار شرط الإقامة في تونس فإن السلطات لم تحسم بعد في ذلك.

لكن المتحدث باسم هيئة الانتخابات محمد التليلي المنصري كشف أخيراً عن أن الهيئة ستقر الشروط المتعلقة بالترشح للانتخابات الرئاسية، وتطرق إلى شرط مثير للجدل، وهو التزكيات.

وقال المنصري إنه "بحسب القانون الانتخابي الحالي فإن المرشح عليه جمع 10 آلاف تزكية من المواطنين، أو 10 تزكيات من أعضاء مجلس النواب، أو 10 من المجلس الوطني للجهات والأقاليم (الغرفة الثانية للبرلمان)، أو 40 تزكية من المجالس المحلية والجهوية" في ما بدا وكأنه قطع للطريق أمام الدعوات لتعديل القانون الانتخابي.

واعتبر الباحث السياسي ماجد البرهومي أن "تمديد حالة الترقب الراهنة لا يمكن إلا أن تصب في مصلحة رئيس الجمهورية، خصوصاً إذا أراد الترشح إلى ولاية ثانية".

ولفت البرهومي في تصريح خاص إلى أن "هذه الحالة تفيد الرئيس سعيد لأن إجراءات وترتيبات الترشح بالنسبة لبقية المرشحين ستكون معقدة، إذ ليس من السهل إعداد ملف الترشح وجمع التزكيات، ناهيك عن أن سعيد نجح في جس نبض المعارضة التي تسرع كثير من الشخصيات داخلها في الترشح لهذا الاستحقاق من دون أي علم لها بتفاصيله، مما كرس حالة الانقسام داخلها".

ولم يكشف الرئيس التونسي النقاب عن ترشحه لولاية ثانية على رغم أن أحزاب الموالاة تدعوه إلى ذلك، لكنه قال في أبريل (نيسان) الماضي إنه "سيقدم ترشحه في الفترة القانونية" وشن هجوماً على الذين أعلنوا عزمهم الترشح.

تحدي هيئة الانتخابات

وبعيداً عن الاشتباك الذي ألفه التونسيون بين قوى المعارضة المنقسمة على نفسها والرئيس قيس سعيد، فإن هيئة الانتخابات ستكون أمام تحدٍ صعب، فبعد مشاركة هزيلة للغاية في الانتخابات البرلمانية والمحلية سيكون اجتذاب التونسيين إلى صناديق الاقتراع في استحقاق الرئاسة واحداً من أبرز أهداف الهيئة.

وقال ماجد البرهومي إن "هيئة الانتخابات أمام تحدٍ صعب بالفعل، فنسب المشاركة في الانتخابات الرئاسية هي التي ستضفي شرعية سواء قوية أم ضعيفة على ساكن قرطاج القادم". وشدد على أن "هناك نقطة أخرى، وهي التزوير، والتزوير هنا لا يشمل فحسب زيادة عدد من الأصوات لمرشح على حساب آخر، بل أيضاً المساواة وتكافؤ الفرص للمرشحين في القيام بحملاتهم الدعائية، وغير ذلك، واليوم لدينا مرشحان في الأقل في السجن وهما عبير موسي وعصام الشابي، فكيف سيقومان بحملتهما الدعائية؟ كلها عوامل تضع الهيئة أمام تحدٍ صعب بالفعل وواقع عليها حسن التعامل معه".

وفي ظل الانتقادات التي تواجهها من قبل المعارضة، خصوصاً بعد مقاضاتها نواب ونشطاء سياسيين، فإن هيئة الانتخابات في تونس ستكون أمام اختبار صعب في استحقاق رئاسي سيكون ساخناً بالنظر إلى العلاقة المتوترة بين الرئيس سعيد وخصومه.

المزيد من تقارير