Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

على جدران غزة كتب الجنود الإسرائيليون شعارات حب وتهديد

سبب استخدام فن الغرافيتي حرجاً للجيش واعتبر خارج قيم وزارة الدفاع

ملخص

ماذا كتب الجنود الإسرائيليون على جدران منازل الفلسطينيين في غزة أثناء اجتياح مدن القطاع؟

حين عاد كامل إلى بيته في مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة بعد ثلاثة أشهر من النزوح لم يدهش من منظر الدمار الذي رآه، لكن ما لفت انتباهه هو الرسوم والعبارات التي خطها الجنود الإسرائيليون على جدران منزله.

بنظرة عادية كان كامل يتفقد شاشة تلفزيونه المحطمة وجدران منزله المدمرة، حتى إن سقف بيته المثقوب جراء قذيفة صاروخية لم يجعله يدهش، وإنما وقف يتمعن بانبهار برسمة خطها جندي على جدار منزله لرقم خمسة وله جناحان جاهزان للتحليق.

باستغراب نظر كامل إلى الرسائل التي تركها الجنود الإسرائيليون وراءهم بعد انسحابهم من مدينة خان يونس عقب العملية العسكرية الموسعة التي نفذتها تل أبيب في الجنوب للقضاء على كتائب حركة "حماس".

أسلوب الغرافيتي

وبعد انسحاب الجيش تمكن سكان خان يونس من العودة إلى مناطق سكنهم المدمرة، وهناك وجودوا أن الإسرائيليين اتبعوا أسلوب "الغرافيتي"، ورسموا وكتبوا عبارات على جدران منازل الفلسطينيين.
ولم يقتصر استخدام فن الكتابة على الجدران في مدينة خان يونس جنوباً، بل لوحظ "الغرافيتي" حتى في النصف الشمالي من القطاع، وهذا ما دفع الفنانين إلى الاعتقاد أن هناك رسائل خفية من وراء هذا النشاط موجهة إلى الغزيين والإسرائيليين على حد سواء.

بطريقة عشوائية كان جنود الجيش يرسمون ويكتبون على جدران منازل غزة، وغالب ما خطوه كان عبارة عن عبارات مكتوبة باللغة العبرية، وبينما أخذت الرسومات حيز أقل، وتعتقد مسؤولة دائرة الفنون في وزارة الثقافة في غزة، أحلام الشاعر أن "ذلك يعني توجيه رسائل إلى المجتمع الإسرائيلي نفسه وليس إلى الفلسطينيين".
وتبني الشاعر نظريتها هذه على اعتبار أن هناك نسبة كبيرة من الجنود يجيدون اللغة العربية، ولو أرادوا مخاطبة سكان غزة في الشعارات التي خطوها على جدران منازل الغزيين لكتبوها باللغة العربية بدلاً من العبرية.


عبارات حب وغرام

يقرأ كامل الذي يتقن قراءة وكتابة اللغة العبرية ما كتبه الجنود على جدران منزله، وفي عبارة ترجمتها تعني "نوعاً حبيبتي أنا الآن في خان يونس" يدهش الرجل مما قرأه ويضحك ثم يضرب كفاً بكف.

وفي زاوية أخرى من الجدار يقرأ كامل "أشتاق إليك يا نوعا، وسأعود إلى أحضانك". يغتاظ الرجل من العبارات كثيراً، ويتحسر على ما أصاب بيته، ويقول "يبدو أن الجنود الإسرائيليون استخدموا منازلنا لأغراض الذكريات".
وبحسب ترجمة العبارات المكتوبة باللغة العبرية في منزل كامل، فإن الجندي يبدو وكأنه يحاول أن يثبت لعشيقته أو زوجته أنه داخل مدينة خان يونس، إذ كتب عبارات على جدران المنازل تحمل مشاعر الود والغرام ومكانه الحالي، ومن المؤكد بحسب هذا التصرف أنه التقط صورة لنفسه وللحائط وأرسلها إلى فتاته من أجل الاحتفاظ بها كذكرى من الحرب.
في فترة اجتياح الجيش الإسرائيلي لخان يونس، انتشرت مقاطع مصورة تظهر الجنود وهم يتصرفون بطريقة غريبة في غزة تخالف تعليمات وقيم الجيش، ومن بين تلك التصرفات تصوير مقاطع من قبل الجنود أنفسهم أثناء وجودهم في غزة وهم يكتبون على جدران المنازل المدمرة عبارات مختلفة المضامين.
وفي تعليق كامل على كتابة عبارات باللغة العبرية على جدران منزله، يضيف أنه "شيء مستفز للغاية أن تعود إلى منزلك الذي فيه ذكريات جميلة وتجده مدمراً، لا بل وتجد أن الجنود كانوا يتسلون في باحته ويكتبون عبارات عشق".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


انتهاك خصوصية

غالب العبارات التي رصدت في مدينة خان يونس كانت تحمل شعارات حب وغرام، وتقول إحدى الرسائل "نوعا ورسمة قلب ثم شاحم" وعبارة أخرى "سعيدة يا حبيبتي"، و"سأعود وهذه للذكرى".

ويقول صابر نيرب الذي ترك منزله حين بدأت الحرب وأصيب بصدمة لدى عودته بعد انسحاب القوات الإسرائيلية "أشعر أنني اغتصبت نفسياً عندما وجدت الجنود قد كتبوا شعارات على جدران منزلي". ويضيف "خصوصيتي في بيتي ذهبت أدراج الرياح، ولست مجبوراً على قراءة العبارات والشعارات العبرية، هذا تصرف خاطئ، وأفكر في رفع دعوى قضائية على الجنود في محاكم إسرائيل نفسها".

ولا تعبر كل العبارات عن الحب، بل كتب الجنود شعارات تهديد مثل "محكمة حاخامات خان يونس" في مكان قريب من منزل يحيى السنوار، زعيم حركة حماس في غزة، وشعار آخر جاء فيه "بدلاً من محو الكتابة على الجدران، دعونا نمحو غزة".
كما ترك الجنود كتابات على جدران المنازل في شمال قطاع غزة، إلا أنها هناك حملت نفساً عدائياً ضد الفلسطينيين، إذ غلبت عليها القسوة، مثل "موتوا جميعاً، غزة نحن هنا، تختبئوا، جئنا للانتقام، سنحول غزة إلى مقبرة".


تهديد وعداء

وفي الشمال نقش الجنود عديداً من نجمات داوود على الجدران، ولوحظ هناك أن غالب الكتابات على الجدران جرى توقيعه باسم اللواء العسكري الذي كان جنوده يقاتلون في غزة.
وتقول مسؤولة دائرة الفنون أحلام الشاعر، "في شمال غزة كانت الحرب شرسة، وهي أول منطقة دخلها الجيش الإسرائيلي، وهناك كان القتال عنيفاً للغاية، وهذا ما ترجم بعبارات عدائية، على عكس الجنوب، حيث برزت شعارات الحب، لأن القتال في تلك المنطقة كان أخف وطأة".
وسببت العبارات التي كتبها الجنود الإسرائيليون في شمال غزة حرجاً للجيش، وفي محاولة لتبريرها قال المتحدث العسكري دانيال هاغاري "هذه الشعارات تتناقض مع قيم الجيش الإسرائيلي وننظر إليها بقلق". وأضاف "هذه سلوكات مدانة، ونتعهد اتخاذ إجراءات تأديبية تجاه مجموعة من الحالات الفردية". وأكد أن القوات الإسرائيلية ملتزمة القانون الدولي الإنساني وقوانين الحرب، وأنها تقاتل حركة "حماس" فحسب وليس سكان غزة.


نقد فني

في الواقع، للكتابة على جدران المنازل اعتبارات أخرى، ويقول الناقد الفني محمد الناقة، "يعد فن الغرافيتي من صور النضال السلمي الفلسطيني وهو تصرف غريب على الجنود الإسرائيليون". ويضيف "يبدو أن الجنود شعروا أنهم طلقاء في غزة، فتعلموا مما شاهدوه، إذ إن غالب جدران شوارع القطاع مكتوب عليها، وفي تفسيري إنهم استفادوا من ذلك وأخذوا يكتبون كما هو منتشر".

ولفت الناقة إلى أنه "لا يمكن حصر الغرافيتي فقط بالفلسطينيين، بل هو لكل العالم والإسرائيليون يستخدمون هذا الفن منذ زمن، ولكن الجديد في الأمر أنه استخدم بطريقة غريبة إذ كتب الجنود شعارات في داخل القطاع وليس في مناطق سكنهم، ولهذا يعد الأمر مستفز وخلفه رسائل خفية".

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات