كشفت مصادر مطلعة عن أن عدداً من المسؤولين المصريين يوجدون في لندن حالياً لقياس مدى شهية الأجانب تجاه إصدارات الديون الجديدة، بما في ذلك إصدارات السندات الدولارية الدولية، لكن لم تقرر الحكومة حتى الآن، ما إذا كانت ستصدر ديوناً في الأسواق الدولية خلال العام المالي 2024-2025.
كانت الحكومة المصرية خصصت نحو 1.5 مليار دولار من إصدارات السندات الدولية للعام المالي المقبل، وجمعت نحو 1.5 مليار دولار من إصدارها الأول من الصكوك السيادية في العام المالي الحالي، وواصلت إصدار سندات بالعملات المحلية في الصين واليابان، إذ جمعت ما يعادل 980 مليون دولار من السندات المقومة باليوان الصيني والين الياباني.
ودخلت البلاد في أزمة عنيفة بعد تخارج أكثر من 20 مليار دولار من الأموال والاستثمارات الساخنة بصورة مفاجئة خلال الربع الأول من 2022، وفي إطار تجاوز الأزمة أعلنت الحكومة عديداً من الإجراءات أهمها العودة إلى صندوق النقد الدولي وطلب تمويل جديد، ووافق الصندوق على برنامج تمويلي بقيمة 8 مليارات دولار، وبعد سلسلة من الإجراءات، ارتفع احتياط النقد الأجنبي لمصر إلى 46.125 مليار دولار مقابل 41.057 مليار دولار بنهاية أبريل (نيسان) الماضي، وفق بيانات البنك المركزي المصري.
استراتيجية خفض الدين لأقل من 80 في المئة
وفي تصريحات سابقة، قال وزير المالية المصري، محمد معيط، إن الحكومة المصرية تعمل وفق استراتيجية متكاملة لإدارة الدين والنزول بمعدلاته لأقل من 80 في المئة خلال عام 2027، وإطالة متوسط عمر الدين من 3.2 سنة في يونيو (حزيران) 2023 إلى 4.5 أو خمس سنوات في يونيو 2028 لتخفيف أعباء وكلفة خدمة الدين، من خلال تخفيض الإصدارات القصيرة الأجل، والتحول إلى الإصدارات المتوسطة والطويلة الأجل.
ولفت إلى أن حكومة بلاده تعمل على تقليل فاتورة خدمة الدين بصورة تدريجية على المدى المتوسط، وتنويع مصادر وأدوات التمويل والاعتماد بصورة أكبر على السندات الخضراء والصكوك والأدوات غير التقليدية ذات الكلفة المنخفضة مثل سندات "الساموراي" و"الباندا"، مؤكداً أنه ليس هناك أي خطة طرح بالأسواق الدولية حتى نهاية العام المالي الحالي.
وأشار إلى سداد كل الالتزامات في مواعيد الاستحقاق وبشروط الإصدارات نفسها من دون تغيير، وأكد أن التدفقات النقدية الأخيرة والمتوقعة مع برنامج الإصلاح الاقتصادي المدعوم من صندوق النقد الدولي تساعد في تخفيف الضغوط التمويلية، وتقلل الحاجة إلى التمويلات السريعة، أخذاً في الاعتبار أن نجاح صفقة "رأس الحكمة" يعكس قدرة الاقتصاد المصري على جذب مزيد من التدفقات الاستثمارية، إضافة إلى توجيه نصف إيرادات برنامج الطروحات لخفض المديونية الحكومية بصورة مباشرة، وتحسين مؤشرات المالية العامة للدولة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وقال إن الحكومة المصرية تنفذ أجندة شاملة ومتكاملة للإصلاح الاقتصادي تضع البلاد على المسار الصحيح، من خلال انطلاقة جديدة للإصلاحات الهيكلية المتكاملة التي تعزز القدرة على الاستقرار والتقدم الاقتصادي.
محاولات لتجنب أزمة هرب الأموال الساخنة
ومع التحسن الكبير في مستوى السيولة الدولارية تعتزم الحكومة المصرية عدم التوسع في الاقتراض عبر الأموال الساخنة مرة أخرى خلال الفترة المقبلة والتعامل بحرص في هذا الشأن، إذ تضع الضغوط الكبيرة التي تعرضت لها الأسواق الناشئة في حسبانها مع خروج هذه الأموال مع بدء "الفيدرالي" الأميركي سياسة التشديد النقدي ورفع سعر الفائدة خلال العامين الماضيين، وعدم تكرار أزمة الخروج الجماعي للأموال الساخنة في عام 2022.
وفق البيانات المتاحة تستهدف الموازنة العامة للدولة تحقيق إجمالي إيرادات قدرها 2.6 تريليون جنيه (55.437 مليار دولار)، وإجمالي مصروفات بنحو 3.9 تريليون جنيه (83.155 مليار دولار)، ليصل العجز الكلي إلى نحو 1.2 تريليون جنيه (25.586 مليار دولار) بنسبة 7.3 في المئة من إجمالي الناتج المحلي، فيما تبلغ نسبة إجمالي دين أجهزة الموازنة العامة للدولة إلى الناتج المحلي نحو 86 في المئة. ويتضمن مشروع الموازنة مخصصات مالية لدعم السلع التموينية بنحو 134 مليار جنيه (3.049 مليار دولار)، مع وجود مخصصات بقيمة 40 مليار جنيه (0.916 مليار دولار) لدعم برنامجي "تكافل" و"كرامة"، مع رصد 23 مليار جنيه (0.490 مليار دولار) مخصصات لدعم الصادرات من نحو 20 مليار جنيه (0.426 مليار دولار) متوقعة في 2023-2024.
ومع تحسن السيولة الدولارية واستمرار تدفق الاستثمارات الأجنبية قلصت الحكومة المصرية من حجم الاقتراض المباشر من البنك المركزي المصري خلال مارس (آذار) الماضي بنسبة 24 في المئة على أساس شهري إلى 1.697 تريليون جنيه (35.427 مليار دولار).