Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

احتجاجات بالجزائر بسبب نقص المياه والحكومة تستجيب

أطلقت خطة طوارئ لتعبئة الموارد المادية واللوجستية من مختلف المؤسسات والولايات

عجزت السلطات الجزائرية عن إيجاد حل مستدام لأزمة المياه بالنظر لحالة الجفاف  (التواصل الاجتماعي)

ملخص

قرر الرئيس تبون إنجاز مشروع لتحويل المياه من منطقة شط الشرقي على مسافة 42 كيلومتراً واستكماله في غضون 20 يوماً

تواجه الجزائر أزمة جديدة في توفير المياه الصالحة للشرب أثارت احتجاجات في ولاية تيارت، وسرعان ما استجابت الحكومة وبادر الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون خلال مجلس للوزراء إلى مناقشة احتجاجات السكان وإطلاق خطة طوارئ لتوفير المياه الصالحة للشرب من خلال تعبئة الموارد المادية واللوجيستية من مختلف المؤسسات الحكومية والولايات المجاورة، إذ شوهدت عديد من الشاحنات والمركبات محملة بصهاريج مياه تتجه إلى الولاية لتزويد السكان.

وأمر الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون الحكومة بحل مشكلة المياه في تيارت خلال 48 ساعة، لكن التزام هذه المهلة بدا صعباً إلا في حال تسخير إمكانات الولايات المجاورة، فيما يتطلب التزويد الطبيعي بالمياه أياماً وأسابيع وفقاً لتصريحات الوزراء والمسؤولين.

وذكر بيان مجلس الوزراء أن "رئيس الجمهورية أمر وزيري الداخلية والري بوضع برنامج طوارئ استثنائي لحل مشكلة تزويد سكان تيارت بالمياه الصالحة للشرب، بمشاركة المجتمع المدني ومنتخبي الولاية".

وقرر الرئيس تبون إنجاز مشروع لتحويل المياه من منطقة شط الشرقي، على مسافة 42 كيلومتراً، واستكمال المشروع في غضون 20 يوماً، إضافة إلى مشروع تحويل المياه الجوفية من منطقة "أجرماية" لدعم مياه الشرب في الجزء الشرقي من ولاية تيارت، كما تقرر أيضاً حفر 8500 متر طولي من الآبار وربطها بالكهرباء في ولاية تيارت، وحفر 4 آلاف متر طولي لآبار استكشافية عميقة في مناطق مختلفة، لدعم مياه الشرب في البلديات التي تعاني نقص التموين.

وطمأن وزير الداخلية الجزائري إبراهيم مراد سكان تيارت بأن وضعية توفير الماء ستتحسن في غضون أسبوعين بحلول عيد الأضحى بفضل الإجراءات العملية المتخذة، مؤكداً أن الرئيس يولي أهمية قصوى لتلبية حاجات المواطنين، وأرسل وفد لتدعيم جهود السلطات المحلية.

وأشار الوزير إلى أن الوضعية ستتحسن بصورة موقتة ثم سيتم القضاء نهائياً على أزمة الماء في تيارت من خلال تعميق آبار حوض عين دزاريت، وبدء مشروع جلب المياه من الحوض الجوفي عجرماية.

أزمة متكررة

لا تعد أزمة المياه في تيارت جديدة بل تعود إلى سنوات، إذ قال وزير الري طه دربال، خلال زيارة الولاية في الـ23 من مارس (آذار) الماضي، إن "أزمة التموين بالماء الشروب بهذه الولاية ستشهد حلولاً جذرية" من خلال مجموعة من الاقتراحات المتوافرة.

وعرض المسؤولون المحليون أمام الوزير برنامج تزويد عاصمة ولاية تيارت بالماء، إذ يتم تموين السكان يوماً كل ستة أيام على أن تتحسن الوضعية خلال يوليو (تموز) المقبل لتصبح يوماً كل ثلاثة أيام بعد دخول ثلاث آبار من حقل سيدي واضح حيز الخدمة إضافة إلى مشروع جلب المياه من الشط الشرقي. ولم يشفع العرض للمسؤولين، إذ سرعان ما قرر وزير الري إنهاء مهام مدير الموارد المائية لولاية تيارت ومدير فرع شركة الجزائرية للمياه بالولاية.

توسع بلا برامج حكومية

ويرى مراقبون أن من يعتقد أن أزمة المياه في تيارت بسبب جفاف مخزون سد بخدة مخطئ، وجفاف السد هو القطرة التي أفاضت الكأس، لأن الولاية بخاصة مدينة تيارت تعاني نقص مياه الشرب منذ سنوات عدة.

وأضافوا أنه على رغم توسع المدينة الدائم وتضاعف عدد ساكنيها، فإن هذا التوسع لم ترافقه برامج جديدة في إيجاد مصادر أخرى لتزويد المدينة بالمياه كإنجاز سدود جديدة أو حفر آبار أو استغلال المنابع الطبيعية وتهيئتها، وبقي اعتمادها فقط على السد الوحيد الأكبر على مستوى الولاية الذي تم بناؤه في أربعينيات القرن الماضي، وكانت مهمته تزويد مدينة تيارت بحجمها في ذلك الوقت، فكيف يمكن تزويد المدينة التي يقارب عدد سكانها حالياً المليون نسمة؟

 

قال النائب البرلماني عن ولاية تيارت سليمان زرقاني، في تصريحات صحافية، إن أزمة المياه في الولاية ترجع إلى سنوات عدة على رغم التنبيه إلى غياب المشاريع في قطاع الموارد المائية بالمنطقة.

وأوضح أن بعض أحياء الولاية منذ فبراير (شباط) الماضي تزود بمياه الشرب لمدة ساعة واحدة خلال فترة شهر، مشيراً إلى وجود تقصير على مستوى المشرفين على قطاع الموارد المائية في الولاية.

ويرى الباحث في الاقتصاد عبدالمجيد سجال أن السلطات المحلية في ولاية تيارت عجزت عن إيجاد حل لأزمة المياه بالنظر إلى حالة الجفاف التي تعرفها البلاد وتناقص معدلات تساقط الأمطار خلال السنوات الأخيرة، فيما لدى الولاية سد واحد فقط لتجميع المياه منسوبه انخفض كثيراً حتى كاد يجف تماماً.

وأضاف أنه كان من المفروض على السلطات المحلية جرد كل الآبار، بما فيها التابعة للقطاع الخاص ضمن خريطة هيدروليكية لإمكانات المياه ومن ثم حفر آبار أخرى لتعويض النقص وتقسيمها جغرافياً على جميع مناطق الولاية لتزويد السكان بمياه الشرب، لأن المياه الجوفية ثروة باطنية مثلها مثل البترول والغاز.

ويعتقد سجال أنه لا توجد بدائل كثيرة لحل أزمة المياه في الولاية سوى القيام بضخ مياه تحلية البحر إلى تيارت عبر ولاية غليزان وهو مشروع مكلف جداً يحتاج إلى إمكانات تقنية كبيرة. كما يقترح حلاً يتمثل في تقنية الحصاد المائي خلال موسم تساقط الأمطار على الولاية عبر تخزين المياه في خزانات مائية تحت الأرض لمنعها من التبخر، لأن الاعتماد على السدود ليس مستداماً بسبب الجفاف والتبخر الشديد.

تغيرات وتحديات

وتكشف أزمة المياه في تيارت عن التحديات التي تواجهها الجزائر في ظل التغيرات المناخية التي أثرت بصورة مباشرة في موارد المياه بالبلاد، إذ يعاني الغرب الجزائري والهضاب العليا الغربية بصورة كبرى هذه الأزمة مقارنة بوسط البلاد وشرقها، إذ شهدت هذه المناطق هطول أمطار ساعدت في إنقاذ الموسم الزراعي، وخففت من حدة مشكلة نقص مياه الشرب.

وتزامناً مع أزمة تيارت نشر ناشطون في منظمات المجتمع المدني بولاية سطيف (300 كيلومتر شرق العاصمة) على حساباتهم بالإعلام الاجتماعي دعوات إلى الجهات المتخصصة وبصفة مستعجلة لإتمام التحويلات من سد ذراع الديس لتزويد مدينة العلمة وما جاورها بمياه الشروب لتفادي سيناريو ولاية تيارت.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتمتلك الجزائر موارد مياه من مصادر تقليدية تتمثل في المياه السطحية والجوفية والأحواض المغلقة، والأحواض الصحراوية جنوب البلاد، أما الثانية الموجودة في الطبقات المائية في كل مناطق شمال البلاد فموجهة لتلبية الري الزراعي والتزويد بماء الشرب.

ووفق إحصاءات رسمية يستهلك الجزائريون سنوياً ما بين 3.6 و4 مليارات متر مكعب، بينها 30 في المئة تأتي من السدود، فيما تأتي البقية من الآبار ومحطات تحلية مياه البحر.

حسب دراسات أكاديمية محلية تأتي الجزائر ضمن الدول الفقيرة من جهة الموارد المائية، إذ تقدر نسبة الاستهلاك السنوي للفرد بأقل من 600 متر مكعب، في حين يحدد البنك الدولي النسبة بمقدار 1000 متر مكعب سنوياً.

 

ومن المرتقب ارتفاع عدد محطات تحلية مياه البحر إلى 19 محطة خلال 2024، إذ جرى برسم البرنامج الأول إنجاز 11 محطة على الشريط الساحلي بقدرة إنتاجية تبلغ 2.11 مليون متر مكعب يومياً، فيما أنجزت الحكومة، في إطار المخطط الاستعجالي ثلاث محطات أخرى بقدرة 70 ألف متر مكعب يومياً، موازاة مع إنجاز خمس محطات إضافية بعنوان البرنامج التكميلي، وهو ما سيوفر 1.5 مليون متر مكعب يومياً بخمس ولايات خلال 2024.

وتهدف الاستراتيجية الوطنية للمياه 2021-2030 إلى تلبية حاجة الجزائريين من ماء الشرب من طريق تحلية مياه البحر بنسبة تصل إلى 60 في المئة بحلول 2030، ويتم حالياً تغطية 17 في المئة من الحاجات بالمياه المحلاة، وفق الأرقام الرسمية.

وتكشف أرقام وزارة الري توفر الجزائر حالياً على 75 سداً في طور الاستغلال وخمسة سدود قيد الإنشاء، بينما لا تمثل السدود إلا 33 في المئة من الموارد المائية المنتجة وطنياً، مقابل 50 في المئة من المياه الجوفية ونظيرتها التي تأتي من محطات المعالجة.

وتشير معطيات الوزارة إلى أن مخزون المياه الجوفية في الجزائر يعادل 7.5 مليار متر مكعب، بنسبة استعمال تراوح سنوياً ما بين 51 و52 في المئة، إذ تتركز 2.5 مليار متر مكعب في الشمال فيما يقدر مخزون المياه بالجنوب بنحو خمسة مليارات متر مكعب.

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي