Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"المشاهد" يستكشف الفن السابع من منظور المتفرج

حوار مع المخرج الفرنسي أرنو ديبليشين الذي احتفى فيلمه في "كان" بجميع محبي السينما

ملخص

يحتفي الوثائقي بجميع محبي الأفلام الذين تأثرت حياتهم بسحر السينما، ويتطرق إلى قضية اللاجئين في فرنسا.

حقق المخرج الفرنسي أرنو ديبليشين نصراً جديداً في "كان"! فبعدما تم اختياره خمس مرات في المهرجان السينمائي الأول في العالم، قدم في الدورة الأخيرة فيلماً فريداً وحميمياً - وهو وثائقي مبتكر يمزج بين مختلف عناصر الخيال، ويسلط الضوء على شخصية غالباً ما يتم تجاهلها في كل قصة: "المشاهد".

يصور العمل شخصية ديبليشين الشاب (يلعب دوره الممثل اليافع ميلو ماشادو غرانر، المعروف في فيلم "تشريح سقوط" Anatomy of a Fall)، فيما يحتفي أيضاً بجميع محبي الأفلام الذين تأثرت حياتهم بسحر السينما.

"اندبندنت عربية" التقت المخرج الشهير الحائز جوائز عدة، لمناقشة الفيلم الذي يقدم باعتباره اعترافاً حقيقياً وعميقاً بأهمية السينما وصالات العرض.

ضحك وبكاء

يقول المخرج الفرنسي أرنو ديبليشين عن فيلمه الوثائقي "المشاهد" الذي يعد مضحكاً ومبكياً في آن وتحية للسينما عما ألهمه لإنتاج العمل في هذه المرحلة من مسيرته المهنية "العمر، على الأرجح! لكن كان هناك أيضاً منعطف في السينما ظهر بعد فترة تفشي فيروس كوفيد. يتوارد إلى ذهني فيلم أحبه كثيراً هو (أرماغدون تايم) Armageddon Time لجيمس غراي، وفيلم (ذا فايبلمانز) The Fabelmans لستيفن سبيلبيرغ، وحتى فيلم (ميغالوبوليس) Megalopolis لفرانسيس كوبولا الذي عرض في (كان) هذه السنة. ويبدو أن هذه الأفلام تمثل محطات مهمة في السينما. فخلال فترة الوباء كنا محاصرين في منازلنا، نستهلك المحتوى على منصات مختلفة، مما دفع بكثير منا إلى التفكير في المعنى الحقيقي للسينما".

ويضيف "في ما يتعلق بي حاولت أن أستكشف عالم الفن السابع من منظور المتفرج وليس من وجهة نظر فنان معروف. وبغض النظر عما إذا كنت من عشاق السينما فقد سألت نفسي: ماذا يعني لي أن أذهب لمشاهدة فيلم؟ وهذا السؤال بالتحديد قاد مسيرة استكشافي الجواب خلال مسيرة إنتاجي للفيلم".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وعن العمل الذي يمزج بين الوثائقي والخيال ويتطرق إلى المسرح أيضاً، ومفهوم الديمقراطية الحديثة، يعتقد "أن جميع أشكال الأداء تجسد تلك العملية. وعلى رغم أنني لا أشارك بالكامل وجهة نظر كانيه بأن التلفزيون ليس ديمقراطياً - لأنني أرى الشاشة الصغيرة صورة من صور ديمقراطية ما بعد الحداثة - فإنني أعتقد أن العروض، سواء على المسارح أو في دور السينما تعكس التطور المجتمعي. على سبيل المثال يرمز المسرح داخل المدينة إلى الديمقراطية".

ويتابع "وعلى رغم أنه قد لا يحضره جميع المواطنين فإن وجود المسرح يعزز حيوية المدينة، ويعمل كنقطة محورية للمشاركة المجتمعية مع انعكاسات الحياة التي يتم تصويرها على المسرح. من ناحية أخرى تجسد السينما ديمقراطية أوسع نطاقاً ـ إنها أشبه ببلد، إذ تتأثر ديناميكياته بالأيديولوجيات الرأسمالية أو الاشتراكية، وتختلف من دولة إلى أخرى".

ويضيف "على سبيل المثال تتمتع الدول الشرقية بتقاليدها السينمائية المتميزة، مثل السينما الروسية أو الصينية الشهيرة، بحيث يمثل كل منها صوراً فريدة من صور الديمقراطية. ومرة أخرى نواجه مظاهر مختلفة للديمقراطية عبر منصات وسائل الإعلام الاجتماعية، التي يقدم كل منها شكلاً مميزاً عن الوسائط التقليدية".

منصات البث

ولدى سؤال المخرج الفرنسي عما تمثله منصات البث اليوم، يجيب "على رغم أن المنصات ليست من جيلي فإن هناك مشكلة صغيرة تتعلق بها: فهي مدفوعة بالخوارزميات. أستخدمها لطلب الكتب لأنها عملية للغاية، إذ يجري توصيلها إلى المنزل وما إلى ذلك، لكن ينتهي بي الأمر دائماً بترك المنصة بعد شراء ما خططت له بالضبط، إلا أنه عندما أزور متجراً للكتب غالباً ما أغادر مع كتاب لم أكن أنوي شراءه على الإطلاق".

 

 

ويضيف "الأمر نفسه ينطبق على منصات البث: تقترح الخوارزمية محتوى يتوافق مع تفضيلاتك والأشخاص المشابهين لك، مما يترك مساحة أقل للمفاجآت. في المقابل عندما تذهبين إلى صالة السينما قد تخططين لمشاهدة فيلم معين، لكن إذا كان أصدقاؤك قد سبق أن شاهدوه أو بيعت تذاكره بالكامل فقد ينتهي بك الأمر بمشاهدة فيلم آخر لم يخطط المرء لمشاهدته. وعلى رغم أن الخوارزميات رائعة لأنها تزود الأفراد بمحتوى مخصص بناءً على تفضيلاتهم، فإنه من المؤسف أنها غالباً ما يقتصر عملها على هذا الأمر فحسب".

ويرى صاحب فيلم "الأخ والأخت"، "على رغم أننا قد نفقد بعض جوانب الديمقراطية فإن هناك مكاسب، ولا يزال لدى الأفراد الفرصة للتعبير عن أنفسهم. إنه نوع مختلف من الديمقراطية، نحن فقط في حاجة للتكيف مع العصر".

وعن فيلم "شوا" Shoah (المحرقة) لكلود لانزمان، الذي يذكره ديبليشين في عمله أنه أثر بصورة عميقة في منظوره للأمور، وشكل محطة محورية مهمة بالنسبة إليه في مجال السينما، يقول "هذا الفيلم أثر فيَّ كثيراً، مما جعلني متفرجاً متمرساً بكل تأكيد. أعتبر نفسي محظوظاً لأنني التقيت كلود. فقد تواصلت معه ذات يوم وبقينا أصدقاء حتى وفاته. هذا الفيلم أصابني بالذهول ومن يحضره يدرك أنه شاهد للتو عملاً رائعاً للغاية. لقد مثل تجربة سينمائية نموذجية بالنسبة إليَّ. تشاهدينه ثم تخرجين من الغرفة وتقولين لنفسك إن ما شاهدته للتو كان جيداً حقاً".

ويتابع "إلا أنه عند محاولة مناقشته مع الآخرين فقد يرفضونه باعتباره مجرد فيلم طويل آخر مدته تسع ساعات، عن محنة يهود أوروبا الشرقية التي يقولون إنهم يعرفونها. ومن ثم، تجيبينهم: لا، لا أعتقد أنكم تعرفون ذلك"، فيضطر المرء إلى أن يتحدث عنه، لكن أحداً لا يصدق روايتك. ولا يمكنك العثور على الكلمات المناسبة، مما يجعلك تشعرين بأنك أقرب إلى الشخصيات الموجودة في الفيلم. لقد كانت تجربة ساحقة بالنسبة إليَّ. كل محاولة لمناقشة الفيلم جعلتني أختنق من شدة التأثر، لأن الدموع كانت تنهمر من عيني في كل مرة حاولت فيها ذلك. لقد بقيت متأثراً بالأمر إلى حد ما لفترة طويلة".

يتطرق الوثائقي الذي عرض في الدورة الأخيرة لمهرجان "كان" إلى موضوع الجزائريين، وتتشابك قصة حياة المخرج مع المشاركة المدنية واتخاذ مواقف معينة كنشأته في روبيه، إذ كان الفصل بين الأطفال البيض والجزائريين في الملعب، وقيادته حركة عصيان مدني، وكيفية التعامل مع الأجانب.

يرى ديبليشين أن "روبيه على الأرجح هي من بين الأمكنة الأقرب لمعالجة هذا الموضوع في أعمالي. يمكنك تمييز ذلك في تفاصيل معينة في أفلامي. ومع ذلك لا أعتقد أن لصوتي وزناً يفوق صوت مواطن آخر في هذا البلد، عندما يتعلق الأمر بسياساتنا في شأن اللاجئين أو الأجانب أو أي قضية أخرى. وعلى رغم أن لدي آراء خاصة فإنها ليست أكثر أهمية من آراء أي شخص آخر. قد أكون مخرجاً سينمائياً، لكن يحق للمعلم أو الممرضة أو الخباز أن تكون لهم وجهة نظرهم على حد سواء. أنا ببساطة لا أتفق مع المفهوم القائل بأن الأفراد العاملين في المهن الفنية يتمتعون بسلطة أو صوابية أكبر من غيرهم عند مناقشة مثل هذه المسائل".

اقرأ المزيد

المزيد من سينما