Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

مولدوفا... بلد قدمه في روسيا وعقله في أوروبا

بروكسل أكبر شريك تجاري لتشيسيناو لكن موسكو الأكثر أهمية كوجهة للعمال المولدوفيين

مواطنة مولوفدية تسير أمام العلم الوطني في العاصمة تشيسيناو (أ ف ب)

ملخص

لا توجد دولة في أوروبا الشرقية تجمع بين ظروف مولدوفا تلك الدولة السوفياتية الصغيرة والفقيرة والمقسمة التي تضم مجموعات متناقضة يميل بعضها ظاهرياً نحو الهوية الرومانية وبعضها الآخر ذو هوى روسي

أدى زوال النظام الأمني الذي نشأ برعاية أميركا خلال فترة ما بعد الحرب الباردة في أوروبا إثر بدء الحرب في شرق أوكرانيا عام 2022 وضم روسيا للقرم عام 2014 إلى ظهور تقسيم جديد لأوروبا لا يشبه ذلك الذي كان قائماً أيام الحرب الباردة.

فعلى أحد جانبي هذا الانقسام توجد الهياكل الأمنية والسياسية والاقتصادية لحلف شمال الأطلسي والاتحاد الأوروبي وعاصمتهما بروكسل، وعلى الجانب الآخر توجد روسيا وحليفتها الوحيدة بيلاروس، ويتبقى بينهما دول عدة في أوروبا الشرقية، أوكرانيا وجورجيا ومولدوفا. كلهم أجزاء سابقة من الاتحاد السوفياتي. لقد كافحوا جميعاً في مواجهة تحديات المرحلة الانتقالية في مرحلة ما بعد الاتحاد السوفياتي. والآن أصبح الجميع عالقاً في لعبة شد الحبال الجيوسياسية بين روسيا وأوروبا. وبالنسبة إلى هذه البلدان جميعاً، أصبح التحول إلى مرحلة ما بعد الاتحاد السوفياتي أكثر صعوبة إلى حد كبير نتيجة لانهيار النظام الأمني في أوروبا في مرحلة ما بعد الحرب الباردة.

ومع التزام روسيا الدفاع عن مصالحها "الإمبراطورية" التكاملية الخاصة بها واعتبارها أن الغرب الجماعي يسعى إلى إنزال هزيمة استراتيجية بها سعى الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي إلى إيجاد سبل لتعزيز المشاركة مع هذه الدول تمهيداً لضمها، لذلك تحاول هذه الدول الثلاث الإبحار عبر مسار غير آمن بين مركزي الثقل المتنافسين.

مولدوفا بين روسيا والغرب

إن الجذب في كل اتجاه قوي يستلزم أكثر من مجرد القرب الجغرافي من أوروبا وروسيا، فهو إضافة إلى ذلك يشمل التاريخ المشترك والثقافة والدين والعلاقات الاقتصادية والظروف السياسية المحلية الفريدة لكل دولة، ولا توجد دولة في أوروبا الشرقية تجمع بين كل هذه العوامل في تشابك أكثر تحدياً من مولدوفا الدولة السوفياتية الصغيرة والفقيرة والمقسمة التي تضم مجموعات متناقضة يميل بعضها ظاهرياً نحو الهوية الرومانية وبعضها الآخر ذو هوى روسي، وترجمت هذه التناقضات إلى عداء دائم بعد الصراع تجاه ذوي الأصول الروسية والعكس صحيح.

ولكن إذا لم يكن إرث الصراع بين شطري مولدوفا السابقة هو العامل الحاسم في حاضرها ومستقبلها، فما هو العامل الحاسم؟ يبدو أن قرب البلاد ــ بكل معنى الكلمة ــ من رومانيا، بالتالي من الاتحاد الأوروبي هو المحرك الأكثر أهمية لانفصام شخصيتها وهويتها. وكان القرب من رومانيا والقومية المولدوفية الرومانية والتوجه نحو الوحدة مع رومانيا أمراً بالغ الأهمية في إشعال الصراع الترانسدنيستري (نسبة إلى منطقة ترانسدنيستريا الانفصالية). وكان القرب من الاتحاد الأوروبي عبر رومانيا عاملاً رئيساً في ابتعاد مولدوفا عن تاريخها السوفياتي وانسلاخها عن مصالحها الملتصقة بروسيا، ومن المرجح أن يظل الأمر كذلك في المستقبل المنظور.

 

 

وفي الوقت نفسه فإن تاريخ الارتباط مع روسيا ونفوذ موسكو السياسي ووجودها العسكري في ترانسدنيستريا والعلاقات الاقتصادية بين مولدوفا التي تسيطر عليها كيشيناو وترانسدنيستريا المتحالفة مع روسيا، يعني أن موسكو أيضاً ستظل ذات أهمية حاسمة للتنمية المستقبلية لمولدوفا. ومن المرجح أن يكون عدم قدرة مولدوفا على تحقيق التوازن بين هذين القطبين عاملاً يشبه لغماً خطراً في تشكيل مستقبلها.

أفضل وصف للوضع الحالي والتوقعات المستقبلية لمولدوفا في المستقبل المنظور هو ذكر الأرقام البائسة فيها. فمولدوفا التي يبلغ ناتجها المحلي الإجمالي ما يزيد قليلاً على 8 مليارات دولار ونصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي نحو 2200 دولار، تعد من بين أفقر البلدان في أوروبا، بل وتوصف في بعض الأحيان بأنها الأفقر. ويعيش نحو 20 في المئة من سكانها تحت خط الفقر. يبلغ عدد سكان مولدوفا الرسمي (من دون احتساب ترانسدنيستريا) نحو 3.5 مليون نسمة.

وعلى نحو غير استثنائي بالنسبة إلى أوروبا الشرقية شهدت مولدوفا انخفاضاً في عدد سكانها، ومن المتوقع أن يستمر. ومن المتوقع أن يصل عدد سكان البلاد إلى نحو 3 ملايين نسمة بحلول عام 2030 و2.4 مليون نسمة بحلول عام 2050. ويعد متوسط العمر الذي لا يتجاوز الـ71 سنة في مولدوفا من بين أدنى المعدلات في أوروبا.

موسم الهجرة

تعد الهجرة حالياً أحد أهم العوامل التي يقوم عليها اقتصاد مولدوفا. ومن المرجح أن تظل كذلك في المستقبل المنظور. والهجرة ترفد البلاد بأحد أكبر مصادر الدخل، لكنها تشكل عائقاً أمام نمو البلاد. ومع أن أكثر من ربع ناتجها المحلي الإجمالي يأتي من التحويلات المالية من العمال في الخارج، فإن مولدوفا هي ثالث أكبر متلق للتحويلات الأجنبية في العالم، بعد طاجيكستان وقيرغيزستان فحسب، إذ يعمل ما يقارب مليون مواطن مولدوفي كعمال غير مهرة في دول أخرى، لا سيما في روسيا أو أوروبا.

وأكدت دراسة شاملة أجرتها المنظمة الدولية للهجرة عام 2012 عن وضع الهجرة في مولدوفا، الافتقار إلى الفرص الاقتصادية في مولدوفا. ووفقاً لهذه الدراسة، حصل ما يقارب 65 في المئة من المهاجرين على تعليم ثانوي، وكان أكثر من 10 في المئة منهم قد حصلوا على تعليم عال - وهو ما يمثل زيادة بنحو 3 نقاط مئوية عن عام 2005.

 

 

وأشارت الدراسة نفسها إلى أنه على رغم وجود طلب على العمالة الماهرة في مولدوفا، فإن الأجور كانت أعلى بأكثر من الضعف في رومانيا وروسيا منها في مولدوفا.

وكما هو متوقع، تواصل رومانيا وروسيا الاضطلاع بأدوار حاسمة في التأثير في تنمية مولدوفا. تتجلى العلاقات الوثيقة بين رومانيا ومولدوفا - حتى لو كان من غير المرجح أن تؤدي إلى التوحيد الرسمي في المستقبل القريب - في سياسة رومانيا المتمثلة في منح جنسيتها لأحفاد المقيمين في الأراضي الرومانية التي دمجت في مولدوفا السوفياتية.

منذ عام 1991، عندما اعتمد هذه السياسة، حصل ما يصل إلى نصف مليون مولدوفي على جوازات سفر رومانية. وفي عام 2014، منح الاتحاد الأوروبي مواطني مولدوفا حق الدخول من دون تأشيرة. ومع ذلك، منذ عام 2007، عندما انضمت رومانيا إلى الاتحاد الأوروبي، أصبح بإمكان مئات الآلاف من المولدوفيين الذين يحملون جوازات سفر رومانية السفر والعمل في الاتحاد الأوروبي.

ويبدو أن رومانيا كانت بمثابة بوابة عبور للمولدوفيين إلى الاتحاد الأوروبي إلى حد كبير وليس وجهة في حد ذاتها. ووفقاً لنفس دراسة المنظمة الدولية للهجرة، فإن أكبر مجتمع مولدوفي في أوروبا كان موجوداً في إيطاليا، إذ يعيش نحو 200 ألف شخص هناك ونحو 40 ألفاً فقط في رومانيا.

الصادرات والواردات

تأتي المواد الغذائية غير الأساسية على رأس قائمة الصادرات التي ينتجها اقتصاد مولدوفا، مثل النبيذ والعصائر والمشروبات والتي تلعب فيها الزراعة دوراً كبيراً. إن القرب الجغرافي لرومانيا يجعلها الوجهة الأقرب إلى الصادرات المولدوفية والتي تبلغت قيمتها نحو 750 مليون دولار سنوياً.

يعد الاتحاد الأوروبي أكبر شريك تجاري لمولدوفا وبلغ حجم التجارة الإجمالية 4.5 مليار دولار في عام 2022. ومع ذلك، فإن روسيا أكثر أهمية من رومانيا كوجهة للعمال المهاجرين المولدوفيين. فروسيا تعد موطناً لنحو 500 ألف عامل مولدوفي. وتعد روسيا ثاني أكبر سوق لصادرات السلع المولدوفية، بقيمة 281 مليون دولار في عام 2019. وتزود روسيا معظم الطاقة لمولدوفا. مولدوفا مدينة لروسيا بأكثر من 6 مليارات دولار. وتدين ترانسدنيستريا بجزء كبير من هذا الدين لشركة الطاقة الروسية العملاقة "غازبروم" مقابل تسليم الغاز.

 

 

حتى وقت قريب، لم تحرز مولدوفا سوى تقدم ضئيل نحو تأمين استقلالها في مجال الطاقة عن روسيا وتنويع إمداداتها من الطاقة. إن اعتماد مولدوفا على مزود الكهرباء الوحيد الذي يقع مقره في ترانسدنيستريا والمملوك لروسيا يعني أن مرافقها الرئيسة كانت في أيدي موسكو والسلطات الانفصالية في تيراسبول. وأخيراً وقعت حكومة مولدوفا اتفاقاً جديداً مع مورد مقره في أوكرانيا قبل بدء الحرب هناك ليحل محل المزود القديم. وإذا استمر هذا الأمر بعد تعرض مرافق الطاقة الأوكرانية لقصف روسي عنيف ومستمر، فقد يكون خطوة مهمة نحو تقليل اعتماد البلاد على روسيا في مجال واحد بالغ الأهمية.

وكانت علاقات مولدوفا مع شركائها الأجانب الرئيسين ــ روسيا والاتحاد الأوروبي (مباشرة وعبر رومانيا) ــ بمثابة شريان حياة أساس وعائق رئيسي أمام تنمية البلاد. ومع قلة مصادر الدعم الخارجية، إن وجدت، فإن السؤال الرئيس هو ما إذا كانت البلاد ستكون قادرة على إيجاد موارد محلية للخروج من هذا المأزق.

التحديات الداخلية

كان أحد أكبر إنجازات مولدوفا منذ الاستقلال هو قدرتها على الحفاظ على نظام سياسي تنافسي ولو في الشكل كحد أدنى. على مدى 33 عاماً من الاستقلال وعلى رغم عديد من التحديات الخارجية والداخلية، أجرت البلاد سلسلة من الانتخابات المتنازع عليها والتي لم تكن نتائجها دون اعتراضات واضطرابات - وهو أمر نادر الحدوث في دول الاتحاد السوفياتي السابق. لذلك حصلت مولدوفا على تصنيف "حر جزئياً" من منظمة "فريدوم هاوس".

ولم تتمكن سوى قلة من دول ما بعد الاتحاد السوفياتي من تحقيق هذا التصنيف، بسبب غياب الوعي السياسي والديمقراطية الفعلية وتحكم القيادات الشيوعية السابقة أو ورثتها وذريتها بمصير البلاد ومقدراتها.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

في عام 2014 وقعت مولدوفا اتفاق شراكة مع الاتحاد الأوروبي. وإلى جانب أوكرانيا وجورجيا، التزمت مولدوفا بالسير على طريق التكامل الأوروبي وإجراء الإصلاحات الضرورية. وكان الاتفاق معلماً مهماً. وفي مواجهة الضغوط الروسية لعدم التوقيع على اتفاق الشراكة والبقاء بدلاً من ذلك في فلك موسكو، أشارت اتفاق الشراكة واتفاق منطقة التجارة الحرة العميقة والشاملة الذي وقعته مولدوفا في الوقت نفسه إلى التزام البلاد بمسارها الأوروبي. ومع ذلك، لم تفتح اتفاق الشراكة ولا اتفاق التجارة الحرة العميقة والشاملة لمولدوفا الطريق بسهولة إلى عضوية الاتحاد الأوروبي.

تتمتع مولدوفا ببيئة إعلامية تنافسية نسبياً. ومع ذلك وفقاً لمؤسسة "فريدوم هاوس"، يتأثر المناخ الإعلامي العام بالحماية غير الكافية للصحافيين والتدخل الحكومي وتركيز ملكية وسائل الإعلام بيد رجال الأعمال والشخصيات السياسية واستخدام تلك الشخصيات للموارد الإعلامية لتعزيز أجنداتها. وقد أدى تأثير المصالح التجارية والسياسية على وسائل الإعلام إلى خلق جو من عدم الثقة العامة وانتشار نظريات المؤامرة.

الفساد ونهب المال العام

خلال ثلث قرن من الاستقلال، شهدت مولدوفا أكثر من نصيبها العادل من الاضطرابات السياسية. إن قائمة الفضائح المرتبطة بتعاقب الحكومات من مختلف التوجهات السياسية والميول الجيوسياسية طويلة ولا تستحق السرد هنا، لكن الفضائح السابقة طغت عليها فضيحة سرقة البنوك عام 2014 التي هزت البلاد. وتضمنت سرقة مليار دولار من خزائن الدولة، أو ما يقارب سدس الناتج المحلي الإجمالي السنوي للبلاد.

ويقبع رئيس وزراء سابق متورط في الفضيحة في السجن ويقضي حكماً بالسجن لمدة تسع سنوات. وأعقب هذه الفضيحة اكتشافات أخرى مفادها أن مولدوفا كانت حلقة رئيسة في مخطط لغسل الأموال نشأ في روسيا ويقال إنه قام بغسل ما يصل إلى 20 مليار دولار (وربما أكثر) بين عامي 2010 و2014.

الفساد كان وما زال مشكلة كبرى بالنسبة إلى مولدوفا طوال ثلث قرن من استقلالها. وفي عام 2016، احتلت البلاد المرتبة 123 من بين 176 دولة شملها الاستطلاع. في عام 2015، احتلت المرتبة 103، إضافة إلى البيئة السياسية المحلية المنقسمة والتغييرات الحكومية المتكررة والفقر ووجود مصالح تجارية قوية، كان الفساد عائقاً رئيساً أمام عمل الحكومة وتنمية القطاع الخاص والاستثمار في البلاد.

 

 

احتمالات نجاح مولدوفا في اختراق هذا المزيج من عدم الاستقرار السياسي والفضائح والخلل الحكومي والفساد غير مؤكدة. أسفرت الانتخابات الرئاسية لعام 2020 عن فوز المرشحة المؤيدة لأوروبا، مايا ساندو، على الرئيس الموالي لروسيا، إيغور دودون، في الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية في مولدوفا.

وفي مولدوفا، لم تكن التسميات "المؤيدة لروسيا" و"المؤيدة لأوروبا" تحمل المعنى نفسه تماماً كما هي الحال في أوكرانيا المجاورة، إذ ارتبطت في كثير من الأحيان بالأجندات المناهضة والمؤيدة للإصلاح على التوالي. وفي مولدوفا، من المعروف أن القادة السياسيين من كلا الاتجاهين الجيوسياسيين يشعرون بخيبة الأمل عندما يتعلق الأمر بجودة حكمهم وإصلاحاتهم. ومع ذلك وعلى رغم أن الرئاسة في مولدوفا لا تتمتع بسلطة تنفيذية قوية وعدت أول امرأة تفوز برئاسة هذه الدولة السوفياتية السابقة بأجندة إصلاح تقود البلاد إلى الطريق الأوروبي.

على رغم الصراعات الداخلية المحتدمة، فإن الأجندة المؤيدة لأوروبا والداعمة للإصلاح تحظى بتأييد علني من قبل المواطنين عامة، إضافة إلى حزب الرئيسة ساندو في مولدوفا، الذي تبنى علناً قضية التكامل الأوروبي وأعلن عزمه على إبقاء الحزب والبلاد على مسار مؤيد للولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.

التقدم في حقل من الألغام

في عام 2022 تقدمت مولدوفا بطلب الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي وتم إنشاء كتلة فيكتوريا الانتخابية. وفي 20 أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، ستجري الانتخابات الرئاسية في مولدوفا. ومن المقرر إجراء استفتاء حول قضية اندماج البلاد في الاتحاد الأوروبي في اليوم نفسه. ووفقاً لنتائج استطلاع الرأي الذي أجري في أبريل (نيسان) الماضي فإن 56 في المئة من مواطني مولدوفا سيصوتون لمصلحة الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، في حين سيصوت 19 في المئة ضده.

صورة مولدوفا بعد مرور ثلث قرن على استقلالها، هي صورة الدولة التي تضع رجليها في روسيا وقلبها وعقلها في أوروبا ورومانيا، فصحيح أن هذه الدولة الصغيرة والفقيرة تغلبت على عدد كبير من الشدائد في تحول ما بعد الاتحاد السوفياتي وحققت التقدم في عدد من المجالات الرئيسة، ولكنها أيضاً دولة لا تزال تواجه تحديات متعددة قبل أن يصبح تحولها آمناً.

على رغم أنه لا ينبغي التعامل مع أي من التحديات التي تواجه مولدوفا - الاقتصادية أو السياسية أو الجيوسياسية - باستخفاف، فمن المهم ألا نغفل جملة من المزايا التي تتمتع بها مولدوفا. فهي دولة أوروبية، متجانسة نسبياً إلى حد ما وصغيرة. وإن قربها وارتباطها بالاتحاد الأوروبي عبر رومانيا وموقعها الجغرافي وثقافتها، عوامل تجعلها تطمح لتصبح جزءاً من أوروبا. ولا يستطيع الاتحاد الأوروبي أن يحول انتباهه عن مولدوفا بحجة أنها ليست أوروبية. إن أوراق اعتمادها الأوروبية لا تقل صلاحية عن أوراق اعتماد ألبانيا، أو مقدونيا، أو الجبل الأسود.

 

 

لكن الفرق يكمن في أن الدول المذكورة لم تكن سوفياتية ولم ترتبط بموسكو بعلاقة لا تنفصم خلال الحقبة السوفياتية، خلافاً لمولدوفا التي كانت جمهورية سوفياتية ومرتبطة عضوياً وفعلياً بروسيا، لا سيما في المجال الاقتصادي والأمني والاجتماعي.

الحجم مهم أيضاً. ويشكل صغر حجم مولدوفا ميزة في تعاملاتها مع الاتحاد الأوروبي، في حين يمثل حجم أوكرانيا قيداً مهماً على ما يستطيع الاتحاد الأوروبي أن يفعله لدولة يبلغ عدد سكانها نحو 44 مليون نسمة ومساحة جغرافية تعادل مساحة فرنسا تقريباً.

وينظر على نطاق واسع إلى الصراع الترانسدنيستري الذي لم يتم حله باعتباره أحد أكبر التحديات التي تواجه مولدوفا. وهذا أمر واقع. فعلى رغم أن احتمال التوصل إلى حل رسمي لهذه المشكلة يبدو بعيداً في أفضل تقدير في الوقت الحالي، فإن شطري مولدافيا السوفياتية السابقة اللذين كانا يتعايشان بسلام قبل بدء الحرب في أوكرانيا، انقلب حالهما مع بدء العمليات العسكرية الروسية في أوكرانيا وعادت احتمالات انخراطهما في صراع دموي إلى الواجهة لا سيما من البوابة الأوكرانية. وربما لن يعترف الجميع في مولدوفا بذلك علناً، ولكن يبدو أن الوضع الراهن يزيد التوتر والاحتقان بين معظم الأطراف، إن لم يكن جميعها.

هذا يعني بكل تأكيد أن مولدوفا تواجه تحديات كبرى. وعلى أجندة السياسة الخارجية والأمنية للبلاد، لا يوجد تحدي أكبر من علاقتها مع روسيا. إن ضم شبه جزيرة القرم والحرب في أوكرانيا والأدوات المألوفة الآن للحرب الهجينة، ألقت بظلالها الطويلة على كل دول الاتحاد السوفياتي السابقة. تتمتع مولدوفا بميزة عدم تقاسم الحدود مع روسيا ولكن ترانسدنيستريا تظل بمثابة القاعدة الأمامية لروسيا وموطناً للوجود العسكري الروسي المتبقي الذي لا تستطيع أي حكومة في مولدوفا أن تتجاهله. ولا يزال تصميم موسكو على إبقاء مولدوفا في مدارها يتجلى في التهديدات الدورية باستخدام النفوذ الاقتصادي ضد شريكها الفقير ومحاولات إدخال مولدوفا في مخططات موسكو التكاملية.

التهديد الروسي

في الخامس من يونيو (حزيران) الجاري كان لافتاً اتهام نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل غالوزين، الغرب بأنه يعد مولدوفا للعب دور "أوكرانيا الثانية" باعتبارها "أداة عدوان" من قبل الغرب ضد روسيا.

وأكد غالوزين في مقابلة مع "تاس"، أن تقارب مولدوفا مع الاتحاد الأوروبي ودول "الناتو" يعوق تسوية قضية بريدنيستروفيه. وشدد المسؤول الروسي على أن موسكو "لا تريد المصير الأوكراني لشعب مولدوفا الصديق تقليدياً لروسيا والذي يريدون أن يصنعوا منه مادة مستهلكة لتنفيذ المصالح الجيوسياسية لشعوب أخرى". وأشار أيضاً إلى أن نحو 250 ألف مواطن روسي يعيشون على ضفتي نهر دنيستر.

أما بالنسبة إلى الاتفاق بين مولدوفا والاتحاد الأوروبي في شأن التعاون في مجال الأمن والدفاع والذي تم التوقيع عليه في 21 مايو (أيار) الماضي، فيرى غالوزين أنه "يهدف إلى جذب كيشيناو نحو الاتحاد وعسكرة الجمهورية وتآكل وضعها المحايد المنصوص عليه في الدستور".

 

 

ووفقاً لنائب الوزير الروسي، فإن هذا العامل، إضافة إلى "توجه السياسة الخارجية متعددة الاتجاهات لكيشيناو وتيراسبول، يعقد عموماً تسوية قضية بريدنيستروفيه، فيما يؤكد التاريخ أن أي مساعدة من الغرب لم تحقق الاستقرار والأمن للدول التي تلقتها". وخلص الدبلوماسي إلى أن هذا أصبح ينطبق تماماً على مولدوفا الآن.

وكان وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف قد قال في فبراير (شباط) الماضي إن الغرب "يتطلع إلى أن تصبح مولدوفا (أوكرانيا التالية)، لأن رئيسة مولدوفا مايا ساندو ستفعل كل شيء للانضمام إلى حلف (الناتو)".

وتقع جمهورية بريدنيستروفيه غير المعترف بها على الضفة اليسرى من نهر دنيستر وتتمركز هناك قوات حفظ سلام روسية على أراضيها منذ عام 1992 وتعارض سلطات بريدنيستروفيه انضمام مولدوفا إلى الاتحاد الأوروبي وتسعى جاهدة للتقارب مع موسكو.

لذلك تظل العلاقات مع روسيا عنصراً أساساً في معادلة مولدوفا الاقتصادية والسياسية والأمنية. ولا تستطيع مولدوفا أن تتحمل علاقات سيئة مع روسيا ويتعين عليها أن تدير هذه العلاقات بعناية وبتوازن دقيق. فالاتحاد الأوروبي وكذلك الولايات المتحدة، ليس في وضع يسمح لهما بالتدخل وإزاحة روسيا في هذه المعادلة. إن تحقيق التوازن الدقيق بين روسيا والغرب يشكل المفتاح السحري المعقد لمستقبل مولدوفا والإشارة إلى خلاف ذلك ستكون محفوفة بعواقب وخيمة على البلاد.

تراجع الموارد البشرية

بعيداً من روسيا، فإن التحدي الرئيس الآخر الذي يواجه مولدوفا يتمثل في بيئتها السياسية والاقتصادية المحلية. ويشكل الفساد والخلل الحكومي وانعدام الآفاق الأسباب الرئيسة وراء خسارة البلاد لعدد سكانها بسبب الهجرة إلى بلدان أخرى بحثاً عن مستقبل أفضل. في دراسة حديثة، أشار أكبر عدد من المشاركين في الاستطلاع إلى الفساد والبطالة - 38 و35 في المئة على التوالي - باعتبارهما أكبر المشكلات التي تواجه مولدوفا. وكان انخفاض الأجور والمعاشات التقاعدية ثالث أكبر مشكلة بنسبة 34 في المئة.

 

 

وهذه الأسباب مجتمعة هي أيضاً الأسباب وراء الانخفاض الكبير المتوقع في عدد السكان في مولدوفا لعقود قادمة. ولا يمكن حل أي من هذه المشكلات بسرعة وكلها تتطلب التزاما طويل الأمد من قبل المؤسسة السياسية في البلاد وأصدقائها وشركائها الأجانب، في حين أن تصميم رئيسة البلاد الحالية المعلن على مواصلة التكامل الأوروبي لا يشكل تغييراً حقيقياً يستحق الترحيب، لأن التغيير الحقيقي يستدعي اتباع نهج مؤسسي أكثر في التعامل مع التحديات التي تواجهها البلاد بدلاً من الالتزام الشخصي القائم على آراء سياسية وثقافة غربية وليس على وقائع ملموسة قائمة على أرض الميدان.

الشراكة الشرقية تلبي نظيرتها

ولا شك أن تقديم مولدوفا لطلب انضمامها إلى الاتحاد الأوروبي وتوقيعها على اتفاق الشراكة واتفاق منطقة التجارة الحرة العميقة والشاملة مع الاتحاد الأوروبي كان خطوة كبيرة إلى الأمام نظرياً، لكن كل هذه الأمور لم تنعكس تحسناً على الأوضاع المعيشية والاقتصادية الصعبة في البلاد، مع أن اتفاق الشراكة والتعاون مع منطقة التجارة الحرة العميقة والشاملة يحوي مخطط تفصيلي لتقدم البلاد وتنفيذهما هو السبيل لمعالجة أكبر مشكلاتها وعكس ذلك سيكون بمثابة خطوة أكبر إلى الوراء.

ويشير هذا الوضع إلى المجالات ذات الأولوية للتعامل الغربي مع مولدوفا، كما يشير التوازن غير المستقر نسبياً في العلاقات بين مولدوفا وترانسدنيستريا إلى ضرورة الحفاظ على الوضع الراهن، بما في ذلك الدعم المستمر من المجتمع الدولي ومهمة منظمة الأمن والتعاون في أوروبا للمساعدة في إدارة العلاقة وعدم زعزعة الاستقرار الهش هناك.

مولدوفا و"الناتو"

كانت مولدوفا عضواً في برنامج الشراكة من أجل السلام التابع لحلف الناتو وشاركت في جهود حفظ السلام في كوسوفو. إن علاقة مولدوفا بمنظمة حلف شمال الأطلسي تتلخص في "غرام محرم" لأن الحياد منصوص عليه في دستورها، بالتالي فإن مسألة الانضمام تستوجب انتزاع هذا (الحياد) من دستور البلاد وعندها يمكن أن تكون عملية الالتحاق بالناتو على جدول الأعمال، وهو ما تسعى إليه رئيسة مولدوفا الحالية، مايا ساندو، لتمهيد طريق انضمام البلاد إلى حلف (الناتو)، لا سيما إذا ما أعيد انتخابها لولاية رئاسية ثانية في خريف هذا العام.

 

 

و"الناتو" من جهته لا يترك هذه البلاد الواقعة بين المطرقة الروسية والسندان الغربي لحال مصيرها، بل يكثف جهوده في مولدوفا بحجة مساعدة البلاد على إنشاء "قوات حديثة ومتنقلة وعالية الاستعداد ومجهزة تجهيزاً جيداً وفعالة من حيث الكلفة وقابلة للتشغيل المتبادل مع قوات الدول الأخرى". علاوة على ذلك وفقاً لحلف شمال الأطلسي، "تشمل مشاريع الإصلاح الرئيسة تحسين هياكل القيادة والسيطرة والخدمات اللوجيستية العسكرية وإدارة شؤون الموظفين والتدريب وتعزيز قدرات دوريات الحدود في مولدوفا". ومما لا شك فيه أن معظم هذه المجالات إنتاجية وتحتاج إليها القوات المسلحة في مولدوفا بشدة، بخاصة إذا ساعدت مؤسسة الأمن الوطني في استخدام مواردها الشحيحة بصورة أكثر كفاءة.

ومع ذلك، في حين أن عمليات حفظ السلام هي مصدر للخبرة المفيدة في قابلية التشغيل البيني مع حلف شمال الأطلسي، فإن فائدة مشاركة مولدوفا فيها وأهمية قابلية التشغيل البيني مع حلف شمال الأطلسي مفتوحة للتساؤلات لأسباب عدة. أولاً، ربما يكون من الأفضل استخدام موارد مولدوفا الشحيحة لأداء المهام في الداخل وليس في عمليات حفظ السلام في أماكن أخرى. ثانياً، من الصعب أن نتصور أن مولدوفا ستشارك في عملية التحالف في المستقبل المنظور.

وفي حالة تجدد الصراع في ترانسدنيستريا، فمن المرجح أن تواجه القوات المسلحة المولدوفية تحالفاً من القوات الانفصالية والروسية ولكن يبدو من غير المرجح إلى حد كبير أن يهرع حلف شمال الأطلسي أو أي من أعضائه لإنقاذ مولدوفا. بالتالي، فعلى رغم أن إصلاح وبناء قوة دفاع تتسم بالفاعلية والكفاءة والمصممة لتلبية حاجات الأمن الوطني للبلاد يشكل بلا شك أولوية بالنسبة إلى مولدوفا، فإن مهمتها تبدو أكثر ترجيحاً داخل البيئة المادية للبلاد وليس خارجها.

تتدخل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ودول "الناتو" علناً في الشؤون الداخلية لمولدوفا، مرة باسم الحفاظ على الجهود المستمرة الرامية إلى إصلاح الشرطة وإصلاح القضاء ومراراً بحجة دعم المجتمع المدني والمساعدة في تنفيذ مولدوفا لاتفاق الشراكة الآسيوية واتفاق التجارة الحرة العميقة والشاملة مع الاتحاد الأوروبي، باعتبارها القنوات الحاسمة لتكاملها الأوروبي وأحياناً تحت عنوان المشاركة السياسية والدبلوماسية الشاملة، للإشارة إلى أن مولدوفا تظل شريكاً مهماً لكل من واشنطن وبروكسل ولإبعادها عن مجال النفوذ الروسي.

منذ عام 2014، عندما ضمت روسيا شبه جزيرة القرم وقلبت النظام الأمني الأوروبي بعد الحرب الباردة برمته، أصبحت جدوى وفاعلية سياسة الشراكة الشرقية التي ينتهجها الاتحاد الأوروبي موضع شك. إن الأزمة في العلاقات بين الشرق والغرب جعلت تلك السياسة، التي لا تهدف إلى منح عضوية الاتحاد الأوروبي للبلدان الواقعة في لعبة شد الحبل بين روسيا والغرب، بل تكيفها التدريجي مع معايير الاتحاد الأوروبي وممارساته، أكثر أهمية من غيرها. كان ذلك قبل عام 2014. ولا يوجد بلد مرشح للمشاركة من خلال الشراكة الشرقية للاتحاد الأوروبي أفضل من مولدوفا.

إرث ثقيل

وفي منطقة حيث تم رسم الحدود وإعادة رسمها من خلال الإمبراطوريات المتقدمة والمتراجعة، لا تدين حدود أي دولة بتكوينها الحالي لهذا الإرث من المد والجزر الإمبراطوري أكثر من حدود مولدوفا. لقد تركت الإمبراطوريات الروسية والعثمانية وحتى الإمبراطورية النمسوية - المجرية، بصماتها على خريطة على مولدوفا الحديثة.

على رغم هذه الجذور التاريخية العميقة للجغرافيا السياسية في مولدوفا، فإن أهم سمات المشهد الحالي لمولدوفا حديثة نسبياً، فقد تأسست مولدوفا الحديثة عندما تفكك الاتحاد السوفياتي وتدين بصورتها الحالي إلى ذلك الحدث المهم والصراع الانفصالي الذي اندلع في أعقابه.

 

 

ومولدوفا اليوم هي الدولة الخلف لجمهورية مولدوفا الاشتراكية السوفياتية وهي إحدى الجمهوريات التأسيسية للاتحاد السوفياتي. كانت مولدوفا نتاجاً للتجريب العرقي السياسي والإداري السوفياتي والذي منح الحكم الذاتي لمولدوفا للمرة الأولى داخل جمهورية أوكرانيا الاشتراكية السوفياتية في عشرينيات وثلاثينيات القرن الـ20. بعد ذلك حول هذا الكيان ذات الحكم الذاتي في عداد أوكرانيا، إلى جمهورية مولدوفا السوفياتية الاشتراكية بعد استيلاء ستالين على أجزاء من رومانيا عام 1940 في أعقاب اتفاق مولوتوف - ريبنتروب والترتيبات التي فرضها الاتحاد السوفياتي بعد الحرب العالمية الثانية في أوروبا الشرقية.

واستلزمت هذه التجربة الإدارية العرقية السياسية في الحقبة السوفياتية إعادة رسم الحدود ونقل السكان. وعقب ذلك انتقل المزيد من الروس والأوكرانيين إلى الجمهورية السوفياتية الجديدة بعد الحرب العالمية الثانية، إضافة إلى أولئك الذين أقاموا على الجانب الأيمن لضفة نهر دنيستر قبل تشكيل جمهورية مولدوفا الاشتراكية السوفياتية. وكانت النتيجة دولة ذات حدود يمكن تحديها بمجرد سقوط الروابط الإمبراطورية وسكان منقسمون لأن مكوناتهم حريصة على الحفاظ على الروابط الأصلية مع أوطانهم التاريخية.

عندما تفكك الاتحاد السوفياتي في عام 1991، شهدت مولدوفا المستقلة قوى جذب قوية من رومانيا وروسيا. لقد تجلت تأثيراتهم السياسية والثقافية واللغوية والاقتصادية طوال ثلث القرن الأول من استقلال مولدوفا وتشير كل الدلائل إلى أن هذه التأثيرات ستستمر في لعب دور رئيسي في المصير المستقبلي للبلاد.

كانت الاحتكاكات الداخلية في مولدوفا السوفياتية موجودة حتى قبل تفكك الاتحاد السوفياتي. وكان تخفيف القيود الأيديولوجية خلال أواخر الفترة السوفياتية وسياسة الشفافية (الغلاسنوست) التي أتى بها ميخائيل غورباتشوف سبباً في فتح الأبواب أمام عملية إعادة كتابة سجل الحكم الشيوعي في مختلف أنحاء الاتحاد السوفياتي بالكامل. ولم تكن مولدوفا السوفياتية استثناءً من هذا التغيير في المشهد الأيديولوجي والسياسي. وكما هو الحال في أجزاء أخرى من الاتحاد السوفياتي، أدى استرخاء المناخ الأيديولوجي والسياسي إلى صعود المشاعر القومية المكبوتة منذ فترة طويلة بين الغالبية العرقية من سكان الجمهورية المولدوفية الرومانية.

شمل قمع القومية المولدوفية الرومانية في الحقبة السوفياتية الجهود المبذولة لصياغة هوية سوفياتية مولدوفية جديدة، متميزة عن الهوية الرومانية، مع لغتها المولدوفية الخاصة المنفصلة عن اللغة الرومانية ومكتوبة بالأبجدية السيريلية، بدلاً من الأبجدية اللاتينية. وسرعان ما تبددت هذه الأوهام خلال الأجواء المتساهلة على نحو متزايد في أواخر الثمانينيات وظهرت حركة قومية مولدوفية رومانية قوية كقوة سياسية رئيسة.

أثارت هذه الأجندة القومية المتطرفة رد فعل عنيفة بين ذوي العرق الروسي وغيرهم من السكان الناطقين بالروسية في مولدوفا السوفياتية وأقلية غاغاوز المسيحية الأرثوذكسية التركية. خوفاً من فقدان مكانتهم وقطع علاقاتهم مع روسيا وتحولهم إلى مواطنين من الدرجة الثانية فيما سيصبح في الأساس رومانيا الكبرى.

وكانت النتيجة تأسيس جمهورية ترانسدنيستريا الانفصالية التي أعلنت نفسها في عام 1990، والتي يقع معظمها على الضفة الشرقية لنهر دنيستر وعاصمتها تيراسبول. وفي تطور منفصل وبعد مفاوضات مطولة، أنشت منطقة غاغاوزيا المتمتعة بالحكم الذاتي داخل مولدوفا وعاصمتها كومرات، في عام 1994.

أدت محاولات حكومة كيشيناو لإخضاع ترانسدنيستريا تحت سيطرتها إلى صراع قصير في عام 1992 وأثبتت فشلها عندما انتشر الجيش الـ14 الروسي على الضفة الشرقية لنهر دنيستر وتدخل نيابة عن الانفصاليين. وجمدت الصراع منذ التوقيع على وقف إطلاق النار في يوليو (تموز) 1992.

 

 

لكن الانقسام داخل مولدوفا لم يكن على أسس عرقية فحسب. إن إرث الاحتلالات المتعاقبة قبل وأثناء الحرب العالمية الثانية، والذي صاحبه الاضطهاد من قبل الفاشيين الرومانيين، قد خلف عديد من الذكريات المريرة بين أولئك الذين تم تطهير عائلاتهم. ويشمل ذلك السكان المولدوفيين العرقيين، فضلاً عن الروس والأوكرانيين والأقليات الأخرى. ونتيجة لذلك، لم تأت معارضة توحيد مولدوفا مع رومانيا من ذوي العرق الروسي وغيرهم من الناطقين بالروسية وحدهم، بل وأيضاً من العرقيين المولدوفيين. يقدر عدد سكان ترانسدنيستريا رسمياً بنحو 500 ألف نسمة ولكن من المرجح أن يكون أقل بكثير – 400 ألف أو حتى أقل.

كانت ترانسدنيستريا أكبر الجمهوريات الانفصالية غير المعترف بها في الاتحاد السوفياتي السابق حتى الصراع في شرق أوكرانيا الذي بدأ في عام 2014. وعلى رغم أن الأرقام الدقيقة لسكان ترانسدنيستريا غير متوافرة، فإن التقارير تشير إلى أن العرقيين المولدوفيين يشكلون أكثر من 30 في المئة من سكان ترانسدنيستريا. ويمثل العرقيون الروس والأوكرانيون على التوالي 6 في المئة و8 في المئة من سكان مولدوفا (باستثناء ترانسدنيستريا).

وعلى رغم أن فكرة توحيد مولدوفا رسمياً مع رومانيا تطرح أحياناً في الحملات السياسية، فقد وضعت على الرف بهدوء لجميع الأغراض العملية منذ تجميد الصراع. ولا يزال يحظى ببعض الجاذبية في رومانيا، لكن يبدو أنه يحظى بدعم غير ضئيل للغاية في مولدوفا.

إن ارتباطات مولدوفا المتنوعة بكل من روسيا ورومانيا وحضور التوترات بين العرقيين المولدوفيين الرومانيين والعرقيين الروس تعمل على إضعاف ما كان يمكن أن يكون شعوراً أقوى بالهوية الوطنية. ومما زاد من إضعاف هذه الهوية سجل ثلث القرن الماضي، الذي تورطت خلاله الحكومات من جميع الميول - الموالية لروسيا والموالية لرومانيا (أو المؤيدة لأوروبا) - في فضائح مختلفة وفقد صدقيتها، مما ترك البلاد في حالة من الفوضى الدائمة وعلى مفترق طرق في توجهاتها الجيوسياسية.

وعلى رغم إرث الصراع وحقيقة أن المحاولات المتكررة للتوفيق بين أطراف هذا الصراع لم تسفر عن أي نتيجة، فإن المولدوفيين والروس لا يتقاسمون إرثاً من التوترات العرقية. يتم التحدث باللغة الروسية في جميع أنحاء مولدوفا. تم فعلياً تطبيع الاتصالات الاقتصادية والشعبية بين ترانسدنيستريا ومولدوفا التي تسيطر عليها كيشيناو. وخلافاً لبعض الصراعات المجمدة الأخرى في حقبة ما بعد الاتحاد السوفياتي، ولولا نشوب الحرب في أوكرانيا عام 2022، لكان احتمال فك تجميد الصراع واستئناف الأعمال العدائية ضئيلاً جداً.

صراع الأضداد

نشأ معظم الصراعات المجمدة في منطقة ما بعد الاتحاد السوفياتي، جزئياً في الأقل، من توترات طويلة الأمد نشأت في العهد القيصري عن الاختلافات العرقية والدينية التي سبقت الصراعات الفعلية. ترجع جذور صراع ناغورنو قره باغ إلى القرن الـ19، عندما كانت أرمينيا وأذربيجان جزءاً من الإمبراطورية الروسية. لذلك انعكست على هذا الصراع التاريخ المعقد والمتوتر للعلاقات الأرمنية التركية. وكان للحرب بين جورجيا وأبخازيا جذورها التاريخية المعقدة من العهد القيصري أيضاً.

لكن الصراع في ترانسدنيستريا مختلف. لم يبرز قبل تاريخ من العلاقات بين الأعراق المولدوفية الروسية وتعبيرات القومية المولدوفية الرومانية في مولدوفا وصياغة هوية مولدوفية متميزة.

مولدوفا اليوم

حالياً يمكن القول إن العلاقات بين مولدوفا وموسكو تدهورت بعد انتخاب مايا ساندو من حزب العمل والتضامن المؤيد لأوروبا رئيسة للجمهورية في عام 2020. والمفارقة أنه بعد انتخابها رئيسة، صرحت ساندو علناً أنها تعتزم القيام بزيارة إلى روسيا لمناقشة مشكلات العلاقات الثنائية. ومن بينها، ذكرت تصدير المنتجات المولدوفية وإمدادات الغاز، فضلاً عن دعم مئات الآلاف من المواطنين المولدوفيين الذين يعملون في روسيا. ومع ذلك، لم تقم ساندو بزيارة موسكو قط، وهذا يشكل مؤشراً واضحاً على المستوى المتدني الذي وصلت إليه العلاقات بين البلدين.

فبعد أن شنت روسيا عملية عسكرية خاصة في أوكرانيا، أوقفت السلطات المولدوفية الحوار مع موسكو واتخذت موقفاً مؤيداً للغرب. طوال عام 2022، أكدت ساندو مراراً وتكراراً أن مولدوفا، باعتبارها دولة محايدة، لن تنضم إلى العقوبات المفروضة على الاتحاد الروسي، ولا يسعنا إلا أن نتحدث عن "القيود الفردية". على وجه الخصوص، هناك حظر في أراضي مولدوفا على التعامل مع القطاع المصرفي الروسي، بما في ذلك القيود في نظام "سويفت". وفي الوقت نفسه يظل تدفق الأموال من المواطنين المولدوفيين العاملين في روسيا مصدراً مهماً لتشكيل الناتج المحلي الإجمالي المولدوفي.

 

وأصبح تدهور الوضع الاقتصادي في مولدوفا في عام 2022 وتراجع مستويات المعيشة سبباً لعديد من الإجراءات المناهضة للحكومة التي نظمتها المعارضة، لكن السلطات تعتبرهم "عناصر حرب هجينة من جانب روسيا". وفي 13 فبراير (شباط) 2023، أفادت ساندو أن الوكالات الحكومية في الجمهورية أكدت المعلومات الواردة من الرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي حول خطط الاتحاد الروسي المزعومة لزعزعة استقرار الوضع في مولدوفا.

في الثالث من مارس (آذار) 2023، صرح نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية والتكامل الأوروبي نيكولاي بوبيسكو للصحافيين بأن مولدوفا تخطط للانضمام قريباً إلى معظم الإجراءات التقييدية التي فرضها الاتحاد الأوروبي ضد روسيا. وفي 19 مارس، أعلن بوبيسكو أن الحكومة تعتزم فرض عقوبات على 25 مواطناً روسيا "متورطين بطريقة أو بأخرى في العدوان على أوكرانيا"، لكنه لم يعلن عن أسمائهم، موضحاً أن مولدوفا ستنضم إلى حزمة العقوبات الفردية بناءً على طلب الاتحاد الأوروبي.

في الـ20 من مايو (أيار) 2023، ذكرت ساندو، في مقابلة مع الصحافي إيفان سفياتشينكو، تم بثها على صفحة الرئيسة على "فيسبوك"، أنها لا ترى فرصة لمواصلة الشراكة الاستراتيجية مع روسيا، فضلاً عن تطوير التعاون داخل رابطة الدول المستقلة.

ثم بعد ثلاثة أيام، قالت ساندو في مقابلة مع "يورونيوز رومانيا"، إن ضباط إنفاذ القانون المولدوفيين وفقاً لقرار المحكمة الجنائية الدولية، سيعتقلون الرئيس الروسي في حال زيارته الجمهورية. وفي 29 مايو 2023، أعلنت رئيسة مولدوفا أنه سيتم إنشاء مركز لمكافحة المعلومات في الجمهورية، وسيستهدف عمله بصورة أساسية ضد "الهجمات المعلوماتية" التي تشنها موسكو.

تقليص التعاون داخل رابطة الدول المستقلة

بعد وصول الحكومة المؤيدة لأوروبا إلى السلطة في عام 2020، علقت مولدوفا عملها فعلياً في الهيئات الرئيسة في رابطة الدول المستقلة. ولم تشارك ساندو مطلقاً في مؤتمرات قمة الرابطة.

في الـ17 من مارس 2022 أوضحت ساندو، في حديثها أمام البرلمان، أن السبيل الوحيد لمولدوفا هو الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي وليس الاندماج في رابطة الدول المستقلة وليس تطوير التعاون الأوراسي.

لا ترسل الجمهورية ممثلين إلى اجتماعات الهيئات القانونية لرابطة الدول المستقلة والاتحاد الاقتصادي الأوراسي ورفضت الرئاسة المشتركة لرابطة الدول المستقلة في عام 2023 ورفضت تنفيذ برنامج "العواصم الثقافية للكومنولث". وفي الـ20 من مايو 2023، أعلنت ساندو أن مولدوفا لن تستضيف قمم رابطة الدول المستقلة بعد الآن.

وفي الـ17 من نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 أعلنت رئيسة مجلس الاتحاد الروسي فالنتينا ماتفيينكو أن مولدوفا ستتوقف رسمياً عن كونها عضواً في اتحاد الدول المستقلة لرابطة الدول المستقلة اعتباراً من الثامن من فبراير الماضي.

إضافة إلى ذلك، في عام 2023 انسحبت الجمهورية من عديد من الاتفاقات الأخرى المبرمة داخل رابطة الدول المستقلة (29 اتفاقاً تم إنهاؤها حتى نهاية أكتوبر "تشرين الأول" 2023).

في الثاني من نوفمبر 2023، أعدت وزارة المالية في مولدوفا مسودة تعديلات، والتي بموجبها لن تدفع الجمهورية رسوم العضوية لمنظمات رابطة الدول المستقلة. والأسباب المذكورة في الوثيقة هي "عملية إنهاء العضوية فيها، فضلاً عن العقوبات المفروضة على البنوك الروسية".

في الـ13 من أكتوبر 2023 أشار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، رداً على أسئلة الصحافيين، إلى أنه في منطقة ما بعد الاتحاد السوفياتي هناك عديد من الدول التي ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالدول المجاورة خارج رابطة الدول المستقلة عرقياً أو لغوياً، لكنها تقدر هويتها وتفعل كل شيء. للحفاظ عليه. ومع ذلك، فإن مولدوفا وفقاً لبوتين، هي "حالة خاصة"، لأن النخبة السياسية الحالية لا تعد نفسها مولدوفية، بل رومانية.

منع دخول المواطنين الروس إلى مولدوفا

في السنوات الأخيرة منعت السلطات المولدوفية مراراً وتكراراً الفنانين وعلماء السياسة والعلماء والشخصيات العامة والصحافيين الروس من دخول الجمهورية.

في الـ17 من أبريل (نسيان) 2023، منع رئيس تتارستان رستم مينيخانوف من دخول مولدوفا. وقال إن سلطات البلاد صنفته شخصاً غير مرغوب فيه في الجمهورية.

 

 

وعقب ذلك بـ10 أيام، قال رئيس وزراء مولدوفا دورين ريسيان في مقابلة مع قناة "TV-8"، إن هناك قائمة بالمسؤولين الروس الممنوعين من دخول الجمهورية. لم يتم نشر هذه القائمة. أولئك الذين تكون إقامتهم في أراضي مولدوفا غير مرغوب فيها لن يعلموا عن الحظر إلا عند وصولهم.

تبادل طرد الدبلوماسيين

بين عامي 2017 و2018، قبل وصول الحكومة المؤيدة لأوروبا إلى السلطة، أعلنت وزارة الخارجية المولدوفية مرتين أن 8 دبلوماسيين روس أشخاص غير مرغوب فيهم، من بينهم الملحق العسكري. وفي الـ27 من مارس 2018، طردت ثلاثة دبلوماسيين روس "كدليل على التضامن" مع بريطانيا، فيما يتعلق بما يسمى قضية تسميم سكريبال.

في المقابل، اتخذت روسيا إجراءات مماثلة رداً على ذلك، إذ طردت أعضاء البعثة الدبلوماسية المولدوفية في الـ31 من مايو 2017 والـ29 من مارس 2018.

وأعلنت وزارة الخارجية المولدوفية في الـ31 من أكتوبر 2022 قرار إعلان ممثل السفارة الروسية لديها شخصاً غير مرغوب فيه بعد حادثة سقوط شظايا صاروخ روسي أسقطته الدفاعات الجوية الأوكرانية على مشارف مولدوفا. وكإجراء انتقامي، أعلنت موسكو، في التاسع من نوفمبر 2022، طرد موظف في سفارة مولدوفا في موسكو.

في الـ25 من أبريل الماضي جرى إعلان السكرتير الأول لسفارة مولدوفا في موسكو فاليريو مانيا شخصاً غير مرغوب فيه من قبل الجانب الروسي. واستدعيت سفيرة الجمهورية لدى موسكو ليليان داريوس إلى وزارة الخارجية الروسية لتقديم مذكرة احتجاج، إضافة إلى ذلك، وأبلغت بقرار منع دخول بعض المسؤولين المولدوفيين إلى روسيا، بما في ذلك وزيرة الداخلية المولدوفية آنا ريفينكو رداً على تصريحاتهم المنتظمة المناهضة لروسيا، فضلاً عن انضمام مولدوفا إلى قوائم عقوبات الاتحاد الأوروبي، التي تشمل مواطني الاتحاد الروسي.

وفي الـ22 من يونيو 2023 قال رئيس برلمان مولدوفا إيغور غروسو لقناة "جورنال تي في" إن السلطات تدرس إمكانية خفض عدد الدبلوماسيين الروس في البلاد. وأضاف أنه يجب على سكان الجمهورية أن يتخلوا عن "وهم ألف عام من الصداقة مع روسيا".

 

 

وبحلول الـ26 من يوليو (تموز) 2023 قررت السلطات المولدوفية خفض عدد الموظفين في السفارة الروسية. وبحسب وزير الخارجية والاندماج الأوروبي في مولدوفا نيكولاي بوبيسكو فإن السبب هو شكوك بأن "بعض موظفي السفارة متورطون في زعزعة استقرار الوضع في البلاد".

آنذاك قررت مولدوفا طرد 18 دبلوماسياً روسياً و27 موظفاً فنياً وتركت 10 دبلوماسيين و15 موظفاً فنياً في السفارة الروسية. وتعليقاً على هذا القرار، الذي اعتبرته المتحدثة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا خطوة أخرى نحو تدمير العلاقات الثنائية وقالت إن موسكو لن تترك تصرفات الجانب المولدوفي دون رد.

ثم في الـ18 من أغسطس (آب) 2023 استدعت روسيا سفيرة مولدوفا لدى موسكو ليليان داريوس إلى وزارة الخارجية، إذ تسلمت مذكرة احتجاج على قرار بلادها بتخفيض عدد الموظفين في السفارة بصورة جذرية، كما أبلغت بمنع دخول عديد من المسؤولين المولدوفيين إلى الاتحاد الروسي. وشمل الحظر 20 مواطناً من الجمهورية، بينهم 18 نائباً عن حزب العمل والتضامن الحاكم، فضلاً عن رئيس رابطة الصحافة المستقلة بيتر ماكوفي ونائب رئيس شرطة الحدود أوليغ بوكاتارو.

لا تفكر مولدوفا بعد في مسألة التقارب مع حلف شمال الأطلسي - ففكرة الانضمام إلى "الناتو" اليوم لا تحظى بدعم كافٍ بين مواطني البلاد، وذلك باعتراف عديد من المسؤولين في مولدوفا.

لكن هذا الاعتراف صحيح حتى إشعار آخر، ففي سياق العلاقات المتدهورة بين روسيا والغرب، من المفيد للغاية بالنسبة إلى الاتحاد الأوروبي أن يبقي مولدوفا في فلكه السياسي والعسكري، لكن هذا لا يعني أنه مستعد لرؤيتها كشريك على قدم المساواة. ويجب ألا ننسى أن انضمام دولة أخرى من أوروبا الشرقية إلى الاتحاد الأوروبي يسبق انضمامها إلى حلف شمال الأطلسي. والانضمام إلى "الناتو" يسبقه توسيع التعاون العسكري. وفي هذه المرحلة يستطيع الغرب أن يسيطر على مولدوفا إلى أجل غير مسمى، في حين يتمكن من حل كافة مهامه المتمثلة في احتواء روسيا.

مع الأخذ في الاعتبار طموحات أوروبا وحلف شمال الأطلسي لاحتواء روسيا ومحاصرتها تبدو الصحوة المفاجئة للطموحات الرومانية تجاه ضم مولدوفا وجرها إلى "الناتو" والاتحاد الأوروبي وكأنها محاولة أخرى لإبقاء الوضع على الجانب الجنوبي الغربي من منطقة النفوذ الروسية في حالة من الترقب والتوتر.

اقرأ المزيد

المزيد من تحقيقات ومطولات