ملخص
يسلط غياب الأمير هاري عن حفل زفاف دوق وستمنستر هيو غروفينور الضوء على علاقاته المتوترة مع الأصدقاء المقربين السابقين بسبب انتقاداته العلنية للعائلة المالكة، على رغم أن صديقه العريس يجسد ذات الأفكار التقدمية والداعمة للبيئة، التي لربما عمل عليها دوق ساسكس بشكل أنجح لو بقي ضمن دائرة معارفه في بريطانيا
بمناسبة حفل الزفاف الذي أقيم في كاتدرائية تشيستر الجمعة الماضي والذي جمع دوق وستمنستر هيو غروفينور وأوليفيا هنسون، تكفل العريس الملياردير بتزيين مدينة تشيشير بـ100 ألف وردة نابضة بالحياة، ستبقى معروضة لبقية فصل الصيف هذا العام.
هذه البادرة جعلت واحدة من أكثر المدن الخلابة في بريطانيا مذهلة أكثر، بما يتناسب مع حفل زفاف أغنى رجل في بريطانيا تحت سن الـ40 والمناسبة الاجتماعية الأكبر لهذا العام.
وكان أمير ويلز أحد أقرب أصدقاء "هوغي" بمثابة المرشد، وحضر ضيوف مشاهير آخرين من الطبقة الأرستقراطية، بمن في ذلك الأميرة يوجيني، صديقة العروس من أيام كلية مارلبورو، وعائلة فان كوتسيم (ويليام فان كوتسيم هو الصديق المقرب للأمير ويليام، وشقيقه الأكبر إدوارد متزوج من ليدي تمارا غروفينور، شقيقة هيو. في هذا العالم، معظم الناس أقارب بطريقة أو بأخرى).
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
كما حضر صديقه من منطقة تشيشير، مركيز تشلمندلي وزوجته روز، التي يقع مقر أجدادها في قلعة تشلمندلي المجاورة، إضافة إلى المؤرخ دان سنو (زوج شقيقة هيو الليدي إدوينا) والشاب المشهور في المدينة، غالين كراولي، أحد أقربائه وواحد من الأبناء الروحيين الكثيرين للملك.
ولكن بغض النظر عن مدى بهاء المناسبة أو مدى فخامة قائمة الضيوف، فإن غياب الأمير هاري سيجذب أكبر قدر من الاهتمام حتماً. فهو صديق عمر الدوق، كما أن الدوق هو عراب ابن هاري الأول الأمير أرتشي.
مصادر قريبة من الأمير أطلعت مجلة "بيبول" People في الولايات المتحدة على أنه قرر عدم الحضور بعدما أدرك "التحديات المتعلقة بحضوره"، بما في ذلك الاحتمال المحرج جداً لاضطرار شقيقه الذي ابتعد عنه منذ عامين في الأقل لإرشاده إلى مقعده.
تم التوصل إلى "اتفاق حضاري" بدافع الاحترام لتجنب إفساد حفل الزفاف ولكن لا مفر من حقيقة أن هاري كان الشبح في الحدث. لا يمكن لهذه المناسبة بأكملها إلا أن تسلط الضوء على الخلاف بين الأمير والمجموعة التي كانت محورية في أعوام تكوينه.
وحضر أقرب أصدقاء هاري السابقين حفل الزفاف، علماً أن كثيراً منهم قطعوا علاقتهم معه بعد هجومه المتكرر على العائلة المالكة. عائلة فان كوتسيم هي مثال واحد على ذلك، كما يعترف هاري بنفسه في كتابه "الاحتياط" Spare، إذ ذكر أنه من بين "عديد من الأصدقاء المقربين والشخصيات المحبوبة في حياتي" الذين انتقدوه بسبب مقابلته مع أوبرا كان "أحد أبناء هيو وإميلي فان كوتسيم" وكذلك إميلي نفسها.
إنه لأمر محزن أنه أبعد نفسه بشكل حازم، بغض النظر عما إذا كنت تتعاطف مع أسبابه أم لا. فبعد أن فقد والدته في سن الـ12، كان هؤلاء الأشخاص بمثابة عائلته الفعلية، إذ شكلوا دائرة حماية حول الأمير المضطرب خلال أصعب أوقاته واحتفظوا بأسراره بإخلاص.
لكن ما اعتبره هاري "التحدث بصراحة" اعتبرته دائرته السابقة خيانة. حتى لو بقي هيو صديقه في الظاهر، فإن ولاءاته مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بالجانب الآخر. تعود العلاقات بين عائلة غروفينور والعائلة المالكة إلى أجيال مضت: هيو هو أحد أبناء الملك الروحيين وكان جزءاً من موكب الملك والملكة أثناء التتويج.
وكما قال مصدر مقرب من عائلة غروفينور العام الماضي "لا يحبون أن ينتقد الناس أسلوب حياتهم في العلن، وهو بالضبط ما كان يفعله هاري وميغان خلال الأعوام القليلة الماضية".
وعلى رغم أنه من المغري اعتبار انتقال هاري إلى مونتيسيتو بمثابة تخلص من أسلوب حياة خانق عفا عليه الزمن لصالح نهج أميركي أكثر ديناميكية وتطلعاً إلى الأمام، فإن حفل زفاف غروفينور يكشف في الواقع أن الجيل الأصغر من الأرستقراطيين أكثر توافقاً بكثير مع قيم هاري مما قد نعتقد.
يجسد هيو غروفينور نوعاً جديداً من الطبقة الراقية: أرستقراطي من جيل الألفية من مناصري حركة "ووك". تخيل الثروة الضخمة والمنازل الفخمة المجيدة والحفلات الملحمية على شاكلة ما رأيناها في فيلم "سولت بيرن" (يشاع أن حفل هيو لعيد ميلاده الـ21 "الرائع" الذي أقيم في عقار العائلة، إيتون هول، الذي تبلغ مساحته 11 ألف فدان، قد كلف خمسة ملايين جنيه استرليني)، ولكنه من مؤيدي مشاريع الطاقة المتجددة وقوانين البناء الصديقة للبيئة وجهود الحفاظ على التنوع البيولوجي بدلاً من المخدرات والفضائح التي تعج في فيلم إيميرلد فينيل "سولتبيرن".
على سبيل المثال، زهور الزفاف المزروعة حديثاً في جميع أنحاء تشيستر. ليس المقصود منها الزينة فقط، بل أيضاً تم اختيارها خصيصاً لتكون "ملقحات نابضة بالحياة، تفيد التنوع البيولوجي ووسائل الرفاهية في المدينة".
وقد كانت الاستدامة شغفاً دائماً لدى هيو الذي حصل على شهادة في إدارة الريف من جامعة نيوكاسل قبل أن يعمل في شركة "بيو-بين" Bio-bean التي تحول بقايا القهوة إلى وقود حيوي.
ومنذ أن أصبح دوق وستمنستر السابع عندما توفي والده جيرالد عام 2016، وبعدما ورث ثروة تقدر بـ10 مليارات جنيه استرليني وشركة غروفينور العقارية، التي تمتلك 50 في المئة من منطقة مايفير و300 فدان من منطقة بلغرافيا، قام بدفع شركة العائلة في اتجاه أكبر نحو مراعاة البيئة.
وتشمل المشاريع المقامة على أراضي غروفينور العقارية إنشاء أكبر منطقة متصلة من الزهور البرية في البلاد وإعادة تدوير السماد وتحويله إلى أسمدة عضوية لتجديد التربة.
هيو أيضاً رئيس جمعية "زا كاونتري ترست" The Country Trust، وهي مؤسسة خيرية تشجع الأطفال الأقل حظاً على زيارة المزارع بما في ذلك مزارعه في جميع أنحاء بريطانيا، ويشرف على مؤسسة وستمنستر التابعة لعائلته، وهي منظمة خيرية تساعد الشباب المهمشين. كل هذا يتماشى تماماً مع العمل الذي سعى هاري وميغان إلى القيام به.
أوليفيا، زوجته، من أصل أرستقراطي أيضاً إذ تنحدر من عائلة هور Hoare المصرفية، وماركيز بريستول ودوق روتلاند، وتعمل في شركة أغذية مستدامة تدعى "بيلازو" Belazu. وهما ينويان العيش في تشيشير ليديرا الأراضي بصورة كاملة.
تركيزهم على صقل مؤهلاتهم الصديقة للبيئة هو جزء من اتجاه متزايد بين طبقة النبلاء المالكين للأراضي، وهو ما دفع مجلة "تاتلر" Tatler إلى اعتبار أن "الاستدامة هي رمز المكانة الجديد". ففي منطقة غودوود، هناك برنامج قيد التنفيذ سيشهد زراعة 78 ألف شجرة حول العقار.
ومنطقة هولكام في طور التحول إلى عقار خال من الكربون تماماً. أما في ديلسفورد شركة الأغذية الفاخرة المفضلة لدى المجموعة، يوجد الآن ألفا لوح طاقة شمسي في العقار حيث حققت اكتفاء ذاتياً من الطاقة بنسبة 75 في المئة.
وتعد جائزة الأمير وليام "إيرث شوت" Earthshot المشروع الأكثر طموحاً لهذه الحركة. أصبحت الجائزة البيئية العالمية الشاملة للابتكارات التي يمكن أن تساعد في إصلاح الكوكب مؤسسة خيرية مستقلة العام الماضي، إذ جمعت مبلغاً مبهراً قدره 22.4 مليون جنيه استرليني في الأشهر التسعة الأولى.
والأمر الذي عد بمثابة هدية لمنتقدي هاري وميغان اللذين انخفض حجم التبرعات لصالح مؤسستهما "أرتشيويل" Archewell العام الماضي إلى 1.6 مليون جنيه استرليني من 10.3 مليون جنيه استرليني في العام الذي سبقه.
وجعل إطلاق العلامة التجارية الخاصة بميغان، "أميركان ريفيرا أورتشارد" American Riviera Orchard، ادعاءات الزوجين بأنهما "فاعلا خير عالميان" أمر لا يخلو من المبالغة.
كل ذلك يطرح السؤال التالي: هل كان بإمكان هاري فعلاً تحقيق مزيد من خلال البقاء في بريطانيا والانخراط في بعض القضايا الملحة هنا؟ وعندما يرى كل شخص كان يعرفه يحتفل بزواج صديق كان يعرفه طوال حياته، فهل يتساءل عما إذا كانوا لا يزالون حقاً أصدقاءه، بعد كل شيء؟
كان الانفصال عن عائلته صعباً بما فيه الكفاية، لكن الانفصال عن هؤلاء الأصدقاء الذين يعرفونه كثيراً ويشبهونه أكثر من أي أشخاص آخرين في العالم سيكون مفجعاً.
© The Independent