Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

استقالة غانتس تربك حكومة نتنياهو والتجنيد يقرب تفككها

مراقبون يرون أن ابن غفير وسموتريتش تسببا في التنازل الفعلي عن التحالف الإقليمي بقيادة واشنطن

سيدة إسرائيلية تسير أمام جدارية تحمل صورتي غانتس ونتنياهو في انتخابات سابقة (رويترز)

ملخص

تعامل الأميركيون مع بيني غانتس بشكل منفرد عن الحكومة الإسرائيلية عزز الخلافات بينه وبين نتنياهو الذي حرمه حضور بعض الاجتماعات وحسم فيها قرارات متعلقة بصفقة الأسرى.

في ذروة التغني الإسرائيلي بعودة أربعة محتجزين من غزة بعد عملية عسكرية وضعت رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو على منصة التفاخر والتغني بتحقيق إنجاز فائق، حلت استقالة زعيم "المعسكر الوطني" بيني غانتس كصاعقة على "بيبي".

نشوة نتنياهو من هذا النصر لم تدم كثيراً بعدما رفض غانتس طلبه بالبقاء في الائتلاف الحكومي وسارع إلى إعلان الانسحاب في اليوم التالي من تحرير المحتجزين الأربعة.

الاستقالة، وإن حرص نتنياهو على إظهار عدم تأثيرها على مجريات الحكومة الإسرائيلية وسير اتخاذ القرارات بخصوص حرب غزة والأسرى، إلا أنها أحدثت زعزعة داخل الائتلاف الحكومي وأبقته أمام مفترق شائك، ما بين مسارين أولهما تفكيك الحكومة وانتخابات قريبة دعمها غانتس بنجاحه في تجنيد مئات آلاف الإسرائيليين للخروج إلى الشوارع، أما المسار الثاني فيتمثل في إفشال قانون التجنيد الذي سيقدم للتصويت في الكنيست في ظل أصوات من داخل الحكومة قد تسقطه، مما سيؤدي إلى انسحاب حزبي "شاس" (10 مقاعد) و"يهدوت هتوراة" (7 مقاعد) لتتراجع أكثرية معسكر نتنياهو من 64 مقعداً إلى 47، وأمام هذه المعضلة فلن يستطيع نتنياهو الاستمرار بالتظاهر وكأن شيئاً لم تغيره استقالة غانتس وانسحاب المعسكر الوطني من حكومة الطوارئ.

جدعون ساعر البديل الأقرب

وعندما اعتلى غانتس المنصة ليعلن استقالته عقد نتنياهو اجتماعاً للـ "كابينت" الحربي الذي بات مقتصراً عليه رفقة الوزيرين يوآف غالانت ورون ديرمر، ويحضره بشكل عام من دون أن يكون عضواً فيه زعيم "حركة شاس" أرييه درعي بعد انسحاب غانتس وغادي أيزنكوت.

وبعقده الـ "كابينت" حاول نتنياهو الترويج وكأن شؤون الحكومة والحرب تسير كالمعتاد، لكن بهذه التركيبة سيكون من الصعب على الـ "كابينت" الحربي الاستمرار، فإما أن يقرر نتنياهو إلغاءه وتعود القرارات المتعلقة بالحرب وصفقة الأسرى وغيرهما المجلس الوزاري الأمني المصغر وفيه الوزيران المتطرفان، إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش، أو أنه يسعى إلى بديلين عن غانتس وأيزنكوت، أو في الأقل بدل غانتس.

وفي هذه الأثناء يبحث نتنياهو في إمكان ضم جدعون ساعر وأفيغدور ليبرمان، والأخير سبق ورفض قبل أكثر من أسبوع هذا العرض والجلوس في حكومة إلى جانب ابن غفير وسموتريتش، ليبقى الاحتمال الأكبر ضم ساعر.

 

 

لكن ابن غفير سبق الجميع وطلب انضمامه إلى الـ "كابينت"  الحربي، وهذا بحد ذاته يشكل تحدياً ومعضلة لنتنياهو في كيفية الاستمرار في الوضع الحالي أمام المواقف المتطرفة لدى أحزاب ائتلافه الحكومي.

أما قانون التجنيد الذي يسمح بعدم تجنيد المتدينين في الجيش فسيكون الإشكال الأكبر مع نتنياهو حيث الأصوات المتعالية لرفضه من داخل حزبه وحكومته، وأعلن مقربون أن وزير الأمن يوآف غالانت سيصوت ضد هذا القانون، والخوف من أن يتخذ غيره من الليكود والحكومة مثل هذا الموقف ويسقطون القانون.

وإذا لم يتراجع غالانت عن قراره ولم ينسحب من الحكومة فسيبقى وحيداً إلى جانب رئيس أركان الجيش هرتسي هليفي الذي يشارك بعض جلسات الـ "كابينت" في مواجهة بقية أعضائه من اليمين المتمسك بإصرار نتنياهو على استمرار القتال حتى "تحقيق النصر الحتمي".

وفي ظل هذه الوضع هناك من يرى أن استقالة غانتس لن تؤثر بشكل مباشر وكبير في الحكومة، فهو منذ أن انضم إلى الـ "كابينت" الحربي فلم ينجح في تغيير قرارات يختلف فيها مع نتنياهو، خصوصاً ما يتعلق بصفقة الأسرى واليوم التالي لحرب غزة، مما دفعه إلى بلورة خطة خاصة به رفض "بيبي" حتى الاطلاع عليها، واقتصرت مناقشتها على مسؤولين أميركيين كبار.

تعامل الأميركيين مع غانتس بشكل منفرد عن الحكومة الإسرائيلية عزز الخلافات بين غانتس ونتنياهو، وحال دون دعوة الأول إلى كثير من الاجتماعات، وبعضها حسمها نتنياهو في قرارات متعلقة بصفقة الأسرى، بعكس موقف غانتس مستغلاً غيابه.

وحدة مزيفة

وعند انضمامه إلى الائتلاف الحكومي كرر غانتس كثيراً أهمية الوحدة الوطنية في وقت الحرب وحال الطوارئ، لكن هناك من رأى أن هذه الوحدة مصطنعة ومزيفة بعد أن بقيت القوة الحقيقية في يد رؤساء أحزاب اليمين، وتحديداً ابن غفير وسموتريتش.

ومع هذا فقد سُجل لغانتس وأيزنكوت قرار واحد منع إسرائيل من حرب تجاه لبنان ربما امتدت إلى حرب إقليمية، فبعد انضمام غانتس إلى الائتلاف الحكومي تلقى الجيش أمراً من المستوى السياسي الذي شارك فيه ابن غفير وسموتريتش بشن حرب على لبنان، ووفق ما كشف من تفاصيل فإن غادي أيزنكوت حذر من خطورة هذه الحرب وتوجه إلى رئيس الاستخبارات العسكرية الذي اقتنع برأيه، وحذر أمام متخذي القرار من خطورة هذه الحرب وضرورة التركيز على غزة لضمان تحقيق أهدافها، وعندها تراجع متخذو القرار وأمروا الجيش بالتراجع.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ولمح إلى هذا القرار ابن غفير عندما أعلن بعد استقالة غانتس أنه قرار في مصلحة إسرائيل، مضيفاً "لو لم يكن غانتس في الحكومة لكنا اليوم في مكان آخر من الحرب".

وعلى عكس موقف ابن غفير أجمع سياسيون وأمنيون أن خطاب استقالة غانتس الذي أكد فيه ضرورة استمرار الاحتجاجات والتكاتف لانتخابات قريبة، كانت بداية تجنيد جماهيري وأيضاً حزبي وسياسي، لتشكيل ائتلاف واسع يكون قادراً على التصدي لحكومة اليمين الإسرائيلي.

ومن المتوقع عقد لقاءات قريبة بين قادة أحزاب المعارضة لبلورة إطار يضع خطة إستراتيجية لإخراج إسرائيل من الوضع الحالي، والإسراع إلى صفقة أسرى وإنهاء الحرب في غزة.

شرخ متعمق في الجيش أيضاً

وبفارق أقل من ساعة من إعلان استقالة غانتس، أكد قائد فرقة غزة آفي روزنفيلد تحمله مسؤولية إخفاقات السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023 وعدم قدرته على حماية سكان غلاف القطاع، وقدم استقالته ليكون الضابط الثاني الكبير الذي يتخذ تلك الخطوة من قيادة الجيش، إذ سبقه رئيس جهاز الاستخبارات العسكرية أهرون حليفاه، مع توقع استقالات أخرى.

وفي أعقاب هذه الاستقالة أكدت جهات عسكرية أن الشرخ داخل الجيش يتعمق في مقابل تحركات من داخل الاحتياط لرفض العودة لغزة والمشاركة في القتال، وانعكس انتحار جندي احتياط أمس الأحد بعد تلقيه أمراً بالعودة لمعسكر الجيش للتحضير للقتال في الجنوب والشمال، على مئات عائلات وجنود الاحتياط، وبدأوا بالتجنيد لحملة واسعة لرفض العودة لغزة، وهو لقي دعماً كبيراً من منتدى عائلات الأسرى الذي وجد باستقالة غانتس قوة إضافية لاحتجاجات العائلات وقدرتها على التأثير في نتنياهو وقراراته.

المتخصص في الشؤون الإستراتيجية والسياسية يوسي فيرتر الذي تحظى مواقفه بثقة كبيرة بين سياسيين وعسكريين، اعتبر بقاء سموتريتش وابن غفير في الحكومة دماراً لإسرائيل ومستقبلها، قائلاً "تمرغ الجيش الإسرائيلي في وحل غزة من دون إستراتيجية خروج ومن دون أي فكرة عما سيحصل بعد رفح التي أصبحت أسطورة، وهو نتاج سيئ لوجود ابن غفير وسموتريتش الدائم".

 

 

وأضاف في تعليقه على استقالة غانتس محذراً من أن "وجود هذين الوزيرين أدى أيضاً إلى التنازل الفعلي عن التحالف الإقليمي برئاسة الولايات المتحدة، والإهمال المستمر في الضفة الغربية، وهياج المستوطنين الذين أخذت أعمال عنفهم في الازدياد".

وكان فيرتر أول من دعا غانتس وأيزنكوت إلى الاستقالة من حكومة نتنياهو، ورأى أنهما مجرد غطاء مريح لنتنياهو أمام الولايات المتحدة والغرب، مضيفاً "عندما كان كبار الإدارة الأميركية يأتون إلى إسرائيل ويلتقون مع أعضاء المعسكر الرسمي، غانتس وأيزنكوت، فقد كانوا يخرجون بشعور أن الوضع غير ميؤوس منه".

وأمام كيل التوقعات لمستقبل الحكومة التي استقال منها غانتس وأيزنكوت وأيضاً حيلي تروفر (المعسكر الوطني) وبإبقاء الـ "كابينت" الحربي مقتصراً على داعمي سياسة نتنياهو، باستثناء غالانت الذي يعارضه في بعض القضايا، عقب فيرتر بقوله إن "ائتلاف نتنياهو عاد لحجمه الطبيعي (64 مقعداً)، وحكومة اليمين المطلق التي أحدثت هنا دماراً بأبعاد توراتية".

وتابع، "رئيس حكومة الفشل والمذبحة سيضطر من الآن فصاعداً إلى مواجهة ملائكة التخريب الذين أدخلهم إلى الحكومة، والتقدير هو أنه سيحل ’كابينت‘ الحرب وسيكتفي بالـ ’كابينت‘ السياسي - الأمني، ولن يكون هناك غانتس وأيزنكوت وتروفر كي يحصلوا على الإهانة من اليمين، في وقت يصمت نتنياهو ويستمتع".

وبرأي فيرتر فإن "إعلان نتنياهو بعد استقالة غانتس أن الباب مفتوح أمام أي حزب صهيوني كذبة واضحة أخرى للشخص الذي نسي قول الحقيقة، فقد جعل جدعون ساعر ينسحب من الحكومة قبل شهرين ونصف الشهر، ورفض بإصرار ضم أفيغدور ليبرمان إلى الـ ’كابينت‘  الحربي على رغم محاولاته الكثيرة، واليوم ستواصل هذه الحكومة تفضيل أمن الكرسي عن أمن إسرائيل".

المزيد من تقارير