Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

كيف جمع خليفة ستيف جوبز ثروةً من الذكاء الاصطناعي؟

حقق جين-سون هوانغ، مؤسّس "إنفيديا" ورئيسها التنفيذي، مكانة تكاد تكون مقدّسة في عالم التمويل والتكنولوجيا. ذلك أن شركته، البالغة قيمتها ثلاثة تريليونات دولار، أصبحت ثاني أكبر الشركات قيمةً في الكوكب، ويصغي المستثمرون إلى كل كلمة يتفوّه بها

جين-سون هوانغ في سترته الجلدية السوداء المميزة (أسوشيتد برس)

ملخص

صاحب أكثر قصص النجاح إلهاماً في عالم التكنولوجيا جين-سون هوانغ يمشي على خطى ستيف جوبز ويستفيد من الذكاء الاصطناعي.

يعمل صديق لي في شركة "إنفيديا" للتكنولوجيا في لندن. لن أقول من هو أو أقدّم أي تفاصيل من شأنها أن تحدّد هويته، لأن ذلك لن يكون منصفاً. هو ليس خبيراً تكنولوجياً وعندما حلّ في الشركة للمرة الأولى، في منصب غير تكنولوجي، أظهر بعض الحيرة وعدم الاهتمام. "هم يصنعون الرقائق"، كان يقول، وهو يكاد يهزّ كتفيه معتذراً. بدا أنّه لا يعرف ماذا يصنعون أيضاً.

كانت المحادثة تتوقّف هنا وكنّا نغير الموضوع ونمضي قدماً. ثم تغيرت فحوى الدردشة. كان قد اشترى بعض الأسهم في الشركة وكان يحدّد قيمة الشركة مقارنة بالمرة الأخيرة التي التقينا فيها.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

حتى ذلك الحين، بدا الأمر موقتاً وغير واقعي. ومع ذلك، كان من المؤكد أنه في المناسبة التالية سيحدّد رقماً أعلى. في المرة الأخيرة كان يقرص نفسه ممازحاً. كان مبتهجاً، يهزّ رأسه إزاء حدة المنحنى التصاعدي لقيمة "إنفيديا" في السوق، ولم يكن مصدّقاً لحظه الجيد.

الآن يتحوّل الحديث تماماً. بعيداً من التساؤل عما يفعله هناك، نجد أنفسنا نحاول إخفاء غيرتنا. نحن سعداء من أجله، بالطبع نحن كذلك، لكننا سنكذب إذا قلنا إننا لا نحسده.

هو موظف من موظفي ثاني أكثر الشركات قيمة في العالم، شركة تبلغ قيمتها أكثر من ثلاثة تريليونات دولار (2.3 تريليون جنيه استرليني). وهو مساهم في الشركة التي تتجه إلى احتلال المرتبة الأولى. لم تعد المسألة تتعلق بما إذا كانت "إنفيديا" ستتفوق على "مايكروسوفت"، بل بموعد تفوقها هذا.

إن وول ستريت متفائلة، وفق العبارة الدارجة في الولايات المتحدة، في ما يتعلّق بـ"إنفيديا". لا يمكن للمستثمرين أن يشبعوا من الشركة التي تصنع مُعالِجات للذكاء الاصطناعي العامل بالرقائق الدقيقة، وتتاجر بأنظمة الذكاء الاصطناعي وتشغّلها، أنظمة على غرار "تشات جي بي تي".

في ضوء انطلاق الذكاء الاصطناعي وتبيانه لمنفعته وتلميحه إلى إمكانيات محتملة لم يكن أحد ليحلم بها، كذلك تفعل "إنفيديا". ذلك أن شخصاً استثمر ثمانية آلاف دولار (ستة آلاف و250 جنيهاً) قبل تسع سنوات يملك اليوم حصة قدرها 1.22 مليون دولار (950 ألف جنيه).

جين-سون هوانغ، أو "جنسون" كما يعرفه الجميع، أو "عراب الذكاء الاصطناعي" كما تحب وول ستريت أن تسميه، هو مؤسس "إنفيديا" ورئيسها التنفيذي المولود في تايوان. كانت ثروته 13.8 مليار دولار (10.8 مليار جنيه) بداية العام الماضي. وتبلغ ثروته الشخصية اليوم 107 مليارات دولار (84 مليار جنيه)، ما يجعله يحتل المرتبة الـ13 بين أغنى أغنياء العالم.

ثمة إحصائية أخرى مثيرة للإعجاب: قبل أسبوعين، تجاوزت قيمة "إنفيديا" السوقية القيمة الكاملة لمؤشر "فايننشال تايمز 100" المخصص لأكثر 100 شركة قيمة في بورصة لندن.

مع نجاح هوانغ، حقق مكانة تكاد تكون الأرفع. في مؤتمر "كمبيوتكس" الذي استضافته تايوان الأسبوع الماضي، كان طقس "الجنسونية" واضحاً للغاية، إذ صاحت الحشود لرؤيته ولمسه. توقف في مرحلة ما للتوقيع على بلوزة معجبة فوق صدرها. شهدنا هذا المستوى من التملق سابقاً. آخر من استمتع بهذا النوع من الاهتمام في عالم التكنولوجيا كان ستيف جوبز.

انتقل هوانغ (61 سنة) إلى الولايات المتحدة عندما كان في التاسعة من عمره مع شقيقه. وتخرّج الفتى الذكي في شكل مذهل من المدرسة الثانوية في ولاية أوريغون سابقاً زملاءه بسنتين. وحصل على شهادة في الهندسة الكهربائية من جامعة ولاية أوريغون وأعقبتها درجة ماجستير من جامعة ستانفورد.

انتقل إلى تصميم المُعالِجات الدقيقة، إذ عمل في شركة "الأجهزة الدقيقة المتقدمة" ("أي أم دي"). عام 1993، عندما كان يبلغ من العمر 30 سنة، التقى بصديقين في مطعم "دينيز" الواقع على جانب إحدى الطرق – من قبيل الصدفة، كانت وظيفته الأولى في فرع لـ"دينيز" بأوريغون كنادل – واتفقوا على تأسيس "إنفيديا". أصبح هوانغ الرئيس التنفيذي والرئيس، وكريس مالاتشوسكي، المسؤول عن الهندسة والعمليات، وكورتيس برييم، كبير المسؤولين التكنولوجيين. لا يزال مالاتشوفسكي، الملياردير، يعمل مع الشركة، في حين تقاعد برييم عام 2003.

ويُعَد هوانغ، وهو متزوج وأب لطفلين، شخصاً نادراً في وادي السيليكون الذي يتخذ منه هوانغ مقراً، شخصاً يتولى الرئاسة التنفيذية للشركة نفسها منذ أكثر من ثلاثة عقود. مرة أخرى، كان الشخص الآخر الذي سيطر على شركته بالفهم وطول مدة الخدمة نفسيهما هو جوبز. ومثل عملاق "أبل"، يرتدي هوانغ ملابس مميزة. فضّل جوبز دائماً البلوزة السوداء ذات الياقة العالية؛ ويفضّل هوانغ القميص الأسود والسترة الجلدية السوداء.

أوجه التشابه لا تنتهي عند هذا الحد. أتقن هوانغ أيضاً فن بناء الإثارة، وتحويل منتجاته إلى منتجات ضرورية من خلال حفز الترقّب في الفترة التي تسبق الكشف الكبير. يقف على خشبة المسرح، مثل جوبز، محاطاً بصخب، ويكشف النقاب عن منتجه أمام جمهور يضم مستثمرين معجبين بالشركة وأطرافاً معنية ووسائل إعلام قطاعية.

لديه أسماء لطيفة للمنتجات أيضاً، ما يزيد من جاذبيتها وإثارتها. قد تبدو مُعالِجاته مثل أجزاء مملة من السيليكون لكنها تُسمَّى "هوبر" و"بلاكويل" و"روبين". يمثّل هذا الأخير الجيل المستقبلي من مُعالِجات "إنفيديا". لن يبدأ شحنها حتى عام 2026، لكن هوانغ سرّته إغاظة المؤمنين بشركته في "كمبيوتكس" حولها، بطريقة جوبز الحقيقي.

كذلك تحدّث عن الموجة التالية من الذكاء الاصطناعي، إذ أشار إلى أن روبوتي الدردشة الرائدين "تشات جي بي تي" و"كوبايلوت" قد يكونان قديمين، مع تولي الروبوتات زمام الأمور. كان على خشبة المسرح مع روبوتات شبيهة بالبشر إذ قال: "الموجة التالية من الذكاء الاصطناعي هي الذكاء الاصطناعي الجسدي. الذكاء الاصطناعي الذي يفهم قوانين الفيزياء. الذكاء الاصطناعي الذي يمكن أن يعمل بيننا. كل شيء سيكون روبوتياً. المصانع كلها ستكون روبوتية. ستنسّق المصانع الروبوتات وستبني هذه الروبوتات منتجات روبوتية".

إن "إنفيديا" في وضع جيد للاستفادة من ذلك كله، ذلك أن برمجياتها وأجهزتها تُستخدَم في الذكاء الاصطناعي الأكثر تطوراً، مثل إنتاج الروبوتات. والشركة كذلك ليست متخصصة بمنتج واحد. تنتج "إنفيديا" أيضاً بطاقات غرافيكيات عالمية لمصنعي الألعاب والشاشات في سيارات مثل "تيسلا".

مثل جوبز، يثبت هوانغ براعته في ضمان استمرار إخلاص المشترين. ستقبل منتجاته برمجيات "إنفيديا" فقط، وبانتظام ستُحدَّث وتُستبدَل نماذج جديدة بها. يؤكّد أن مشتريه يحصلون على أحدث التكنولوجيات، بينما يتّهمه آخرون بتأسيس احتكار وبأنه مناهض للمنافسة. بعد مرور بعض الوقت في هذا الصدد، أُثِير أخيراً اهتمام السلطات الأميركية، إذ أعلنت وزارة العدل ولجنة التجارة الفيدرالية أنهما تحققان في الجهات الفاعلة الرئيسية في سوق الذكاء الاصطناعي.

هما تتقاسمان المستهدفات إذ ستتفحص اللجنة "مايكروسوفت" و"أوبن أي آي" وستتفحص وزارة العدل "إنفيديا". يمكن ألا يتعدّى الإجراء كونه سحابة نادرة في أفق هوانغ؛ مرة أخرى، قد يثبت الإجراء أنه ليس عبئاً على الإطلاق.

حتى الآن، السوق غير منزعجة نسبياً: بعد انتشار الأخبار، انخفضت أسهم "إنفيديا" قليلاً. شهدنا شيئاً مماثلاً من قبل. أثارت شركة أخرى الجدل وكانت موضوع تحقيقات متكررة حول أساليب مبيعاتها واستقطاب مستهلكيها. ولا تزال الشركة، "أبل"، ثالث أكثر الشركات قيمة في العالم.

© The Independent

اقرأ المزيد