Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ضحايا "النصيرات" ظنوا أنهم نجوا من الحرب

عدد منهم خرج حياً بأعجوبة من قصف سابق ولاذ بالمناطق الآمنة أملاً في حياة جديدة بعد انتهاء القتال

ملخص

أثناء عملية تحرير الرهائن التي وصفها الرئيس الأميركي جو بايدن بأنها "نظيفة للغاية"، ووصفها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بأنها "أكثر العمليات العسكرية دقة"، قتل نحو 274 فلسطينياً، وأصيب نحو 400 جريح، وفقاً لوزارة الصحة الفلسطينية.

كان صابر دائماً يقول لأمه هند إن "الشخص الذي استطاع الحفاظ على حياته لمدة 248 يوماً من دون أن يصاب بأذى، فقد نجا من أعنف وأبشع قتال بين الفلسطينيين والإسرائيليين"، لكن الشاب سقط ضحية العملية الأخيرة في مخيم النصيرات.

قتل صابر بعد أن أطلقت عليه طائرة مسيرة إسرائيلية من نوع "كواد كابتر" عياراً نارياً أصاب قلبه وتسبب في موته على الفور، وكان هذا الخبر صادماً على قلب أمه التي تقول، "ظن أنه نجا من الحرب".

دماء العملية النظيفة

في يوم السبت الثامن من يونيو (حزيران) الجاري، نفذت إسرائيل هجوماً احترافياً على مخيم النصيرات ومناطق أخرى، بهدف تحرير رهائن كانت احتجزتهم حركة "حماس" أثناء هجومها على البلدات العبرية القريبة من القطاع في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وأثناء عملية تحرير الرهائن التي وصفها الرئيس الأميركي جو بايدن بأنها "نظيفة للغاية"، ووصفها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بأنها "أكثر العمليات العسكرية دقة وتفاصيلها كأنها مشهد هوليودي" قتل نحو 274 فلسطينياً، وأصيب نحو 400 جريح، وفقاً لوزارة الصحة الفلسطينية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

من وجهة نظر الفلسطينيين فإن ما ارتكبته إسرائيل في عملية تحرير الرهائن يعد جريمة قضت على أحلام كثير من الشباب الذين ظنوا أنهم نجوا من الحرب.

بالعودة لقصة صابر، تقول أمه هند "كان يتحدث معي قبل مقتله حول أنه حقق إنجازاً عظيماً عندما استطاع الصمود لأكثر من 249 يوماً من دون أن يصاب بأذى، وبناء على ذلك قرر أن يحافظ على نفسه عن طريق الاستجابة لتعليمات الجيش الإسرائيلي حتى ينجو من الحرب".

تضرب هند كفاً بكف وتضيف "قتل ابني بينما كان يخطط لمستقبله خارج غزة"، إذ كان صابر قرر السفر من القطاع فور عودة معبر رفح للعمل من جديد، وكان يحدث أمه عن أحلام في نفسه ينوي العمل على تحقيقها بعد مغادرته حدود غزة.

ناجون وضحايا معاً

ليس صابر وحده الذي ظن أنه نجا من الحرب، لكن سامي أيضاً كان لديه اعتقاد بأنه من الناجين، بخاصة بعدما تعرض لحوادث عسكرية عدة وخرج منها سالماً من دون أي أذى. يقول والده باسل "كان ابني في مخيم البريج وسط القطاع عندما ارتكبت إسرائيل هناك مجزرة وخرج منها سالماً، وعندما قابلته حكى لي كيف أنقذ نفسه من موت محقق".

ليلة سقوط سامي قتيلاً، ضحك أمام أبوه بصوت عال، وقال له "تخيل كم نحن عظماء، كنا في وسط مجازر، وعشنا حصاراً خانقاً، واستطعنا تجاوز الجوع، كل هذا حصل معنا، أعتقد أننا تجاوزنا أصعب المراحل، ونحن من الناجين من هذه الحرب المدمرة".

 

 

كان لسامي أمل كبير في أن يعيش حياة هادئة بعد الحرب، ولديه خطط لتعليم أطفاله في مدارس دولية، يوضح والده أنه كان دائماً يبحث عن مكان آمن يلجأ إليه، ويحاول أن يبقى صغاره بالقرب منه، ويتقاسم رعايتهم وتجهيز الطعام لهم مع زوجته، وكان في آخر لحظات حياته يبحث عن الطعام في السوق، وهناك أطلق عليه الجنود النار وأردوه قتيلاً.

في مارس (آذار) الماضي أصاب حمزة عيار ناري في منطقة الساق، وظن أن هذا قدره من الحرب، وأنه نجا من موت محقق، وعندما خرج من المستشفى توجه للعيش في خيمة إيواء مع أقاربه، لكنه لم يتحمل ارتفاع درجات الحرارة داخل معسكرات النزوح.

قرر حمزة الانتقال للعيش بالقرب من عيادة صحية ليتمكن من الذهاب لتلقي العلاج، واختار مخيم النصيرات الذي يضم عيادة طبية تابعة للأمم المتحدة، وفي وقت عملية تحرير الرهائن كان في المركز الصحي برفقة زوجته ياسمين.

تقول الزوجة "كان لدى حمزة اعتقاد بأن اكتظاظ النازحين في وسط النصيرات سيجعلهم في أمان من القصف، وحتى لو حصل له أي مكروه فإن المحيطين سيقومون بمساعدته أو نقله إلى مستشفى أو عيادة صحية، لكنه قضى في عملية تحرير الرهائن الأربعة".

إلى المحاكم الدولية

وتضيف ياسمين، "نجا زوجي من ثلاث مجازر، وأصيب في واحدة، وظن أنه أخذ كفايته من الحرب، واعتقد أنه بات من الناجين لأنه يعيش بالقرب من عيادة صحية، لكن المركز الطبي المحمي وفق القانون الدولي لم يحمه من الموت".

في أثناء عملية تحرير الرهائن، كثفت إسرائيل من قصفها على النصيرات، وأطلقت النار من البر والبحر والجو، وكانت العملية وقت الظهر، أي فترة اكتظاظ السكان في الشوارع، وتسبب إطلاق النار بشكل كثيف في قتل عشرات من بينهم حمزة، "الذي ظن نفسه أنه نجا من الحرب".

 

 

يقول سكان غزة إن عملية تحرير الرهائن من النصيرات خلفت مجزرة هي الأبشع منذ بداية القتال، ووثقت المؤسسات الحقوقية الدولية تفاصيل مروعة لهذه الحادثة، وبحسب رامي عبده مدير المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، فإن "ملف مجزرة النصيرات سيضاف إلى ملفات فلسطين في المحاكم الدولية التي تؤكد نية الإبادة الجماعية الإسرائيلية".

لكن إسرائيل وأميركا تنفيان ارتكاب الجيش أية مخالفات قانونية في حادثة النصيرات، ويؤكد دانيال هاغاري المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أن قوات بلاده "ملتزمة في القانون الدولي الإنساني وقوانين الحرب طوال فترة القتال، وأثناء تحرير الرهائن شددنا على القوات الالتزام بذلك".

المزيد من متابعات