ملخص
شدد الرئيس الفلسطيني على "جاهزية الحكومة الفلسطينية لتسلم مهماتها في غزة بما في ذلك معابر القطاع كافة، واستعدادها المتواصل للتنسيق مع الدول والمنظمات الدولية ذات العلاقة".
من خلال طرحها خطة "الإغاثة والإنعاش المبكر" في قطاع غزة، تحاول السلطة الفلسطينية تقديم نفسها باعتبارها الجهة المسؤولة عن القطاع، وحجز مقعد لها في اليوم التالي للحرب الأكثر طولاً وتدميراً في القطاع الذي تسيطر عليه حركة "حماس".
ومع أن العالم أجمع باستثناء إسرائيل يدعو إلى تولي السلطة الفلسطينية حكم غزة مع الضفة الغربية، إلا أن واشنطن ودول أوروبية تطالب بأن يكون ذلك بعد "تنشيط السلطة وإصلاحها".
وقدمت الحكومة الفلسطينية برئاسة محمد مصطفى تلك الخطة إلى مؤتمر "الاستجابة الإنسانية الطارئة لغزة" في منطقة البحر الميت اليوم الثلاثاء الذي شارك فيه الرئيس الفلسطيني محمود عباس ومصطفى.
وطالب عباس دول العالم بدعم تلك الخطة وبرامج الحكومة الفلسطينية للإغاثة وإعادة الخدمات الأساسية والإصلاح المؤسسي والاستقرار المالي والاقتصادي، مشدداً على "جاهزية الحكومة لتسلم مهماتها في غزة بما في ذلك معابر القطاع كافة، واستعدادها المتواصل للتنسيق مع الدول والمنظمات الدولية ذات العلاقة".
وتنقسم الخطة الحكومية الفلسطينية إلى مرحلتين رئيستين، الأولى مخصصة "للاستجابة الطارئة والإنعاش المبكر"، والثانية "للإنعاش الاقتصادي وإعادة الإعمار"، وفق نسخة للخطة حصلت عليها "اندبندنت عربية".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وتصل مدة المرحلة الأولى إلى ثلاثة أعوام، على أن تبدأ فور وقف إطلاق النار في قطاع غزة، ويفترض المباشرة بتنفيذها في بداية يوليو (تموز) المقبل.
وتتكون المرحلة الأولى من ثلاثة برامج رئيسة، وهي "الاستجابة لحالات الطوارئ مع التركيز على تدابير إنقاذ الحياة وتقديم الحاجات الأساسية وتوفير السكن، ثم استعادة الخدمات الأساسية".
ووفق الخطة فإنه سيتم العمل في المرحلة الأولى على "توفير المأكل والمشرب ومساعدات نقدية لنحو 300 ألف عائلة، والإيواء الموقت والمواد غير الغذائية لنحو 600 ألف عائلة في قطاع غزة. وتمتد المرحلة الثانية لأكثر من 10 أعوام وتركز على إنعاش البنية التحتية والاقتصاد".
وأشارت الخطة إلى أن الحكومة الفلسطينية ستعمل على "بناء تصور وتحقيق إعادة إعمار جذرية لمحافظات قطاع غزة، ودمجها بالكامل في دولة فلسطين سياسياً واجتماعياً واقتصادياً".
وبحسب الخطة فإنه من الممكن "وجود تداخل بين المرحلتين ومكوناتهما مثل المياه والطاقة والإنعاش الاقتصادي، فتبدأ المرحلة الثانية مع انتهاء البرنامج الأول من المرحلة الأولى ومدته ستة أشهر".
حياة مزدهرة وسلمية
وتدعو الخطة الحكومية الفلسطينية إلى "تفعيل إمكانات غزة بالكامل وتزويد مواطنيها بحياة مستدامة ومزدهرة وسلمية يستحقونها".
وأوضحت الخطة أن الحكومة الفلسطينية ستستكمل خلال الأشهر المقبلة "عمليات التخطيط لبقية مراحل الاستجابة الطارئة والإنعاش المبكر والانتهاء من إعداد الخطة الوطنية لإعادة الإعمار".
وخلال الأسابيع الماضية قدمت الحكومة الفلسطينية تلك الخطة إلى وزراء الخارجية العرب الذين أيدوها، داعين إلى تمويل تنفيذها، وإلى وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي.
وتشير وثيقة "الخطة الأولية" إلى أن الهدف الأساسي منها هو "حشد المساعدات الحيوية والأساسية للفلسطينيين المنكوبين وتعزيز قدرتهم على الصمود من خلال استرجاع سبل عيشهم ودعم البنية التحتية المجتمعية الخاصة بهم".
وتعتبر الخطة "بمثابة إطار عمل أساسي لحشد الموارد وتنسيق المساعي التعاونية والمواءمة بين المبادرات الدولية والإقليمية والمحلية".
وبحسب الخطة فإنه "ستكون هناك مرونة عالية في ما يتعلق بالجهات المنفذة والمشرفة على عمليات الإغاثة والإعمار، وستُعطى مساحة كبيرة لمؤسسات القطاع الخاص الفلسطيني في عمليتي التوريد والبناء من خلال التعاقد مع الجهات المنفذة ضمن عمليات تعاقدية تنافسية تضمن أعلى مستوى ممكن من الشفافية والنزاهة والكفاءة".
ووفق الخطة فمن "الآليات الممكنة للتنفيذ قيام الوزارة المعنية بإنجاز المشاريع مباشرة، أو عبر منظمات الأمم المتحدة، أو بصورة مشتركة بين الجانبين، كما يمكن التنفيذ من قبل المؤسسات غير الحكومية أو تلك التابعة لوزارات الخارجية والتنمية في الدول المانحة، إما بصورة فردية أو بالتعاون مع الوزارات الفلسطينية".
وتابعت الخطة الحكومية الفلسطينية أنه "سيكون الاسترشاد بأفضل الممارسات والخبرات الدولية مع التركيز على الموازنة بين تلبية الحاجات الآنية والأهداف متوسطة المدى، وكذلك بين الأهداف متوسطة وبعيدة المدى".
وقال وزير الدولة الفلسطيني لشؤون الإغاثة باسل ناصر إن "إعادة إعمار غزة ستحتاج إلى أكثر من 20 عاماً وإزالة الركام والأنقاض ستستغرق نحو أربع سنوات".
وشدد ناصر في حديث إلى "اندبندنت عربية" على هامش مشاركته في مؤتمر البحر الميت على أن الحكومة الفلسطينية "مهتمة بإنجاز تلك الخطة بغض النظر عن الجهة المنفذة لها، أو تتم عبر أي طرف"، مستدركاً أن "المهم لنا إتمام الخطة".
حجم الدمار
ووفق تقديرات الأمم المتحدة فإن نحو 55 في المئة من المباني في قطاع غزة، ومعظمها سكنية تعرضت للضرر أو للدمار الكلي وعددها يقارب 138 ألف منزل.
لكن الوزير الفلسطيني شدد على أن تلك "تقديرات مبدئية غير دقيقة تم التوصل إليها عبر صور الأقمار الاصطناعية"، وأشار إلى تعرض 370 ألف منزل للتدمير الجزئي أو الكلي، إضافة إلى المنشآت الصناعة والتجارية والمدارس والجامعات والمستشفيات والبنية التحتية".
وأوضح ناصر أن "55 في المئة من الخطة الأولية تركز على الحماية الاجتماعية وتوفير المساعدات الغذائية والماء والإسكان الموقت والرعاية الصحية والصحة النفسية ودعم القطاع الخاص وإيجاد فرص عمل موقتة".
واعتبر المحلل السياسي جهاد حرب أن تقديم الحكومة الفلسطينية لخطتها يهدف إلى "إبداء استعدادها والقول إنها جاهزة لإدارة المساعدات وإعادة الإعمار، وإنها مستعدة لتولي مسؤولية حكم قطاع غزة".
وقال حرب إن العالم بحاجة إلى "جهة شرعية معترف بها دولياً كي تمر المساعدات وجهود إعادة الإعمار عن طريقها"، مشيراً إلى إمكان إشراف الأمم المتحدة على تلك الجهود.
ويعرب حرب عن اعتقاده بأن حركة "حماس" ستوافق على تلك الآلية لأنها الجهة الموجودة على الأرض، لافتاً إلى تجارب سابقة كما حصل بعد حرب عام 2014.
واستبعد عودة السلطة الفلسطينية لقطاع غزة وأن تواصل "حماس" حكم القطاع، مضيفاً أن "غالبية الفلسطينيين في القطاع لا تفضل رجوع السلطة لأنها برأيهم غير جديرة بحكمهم، إذ إنها تركتهم خلال فترة الحرب".