Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

جوردان بارديلا تلميذ لوبن الوسيم الذي أصاب ماكرون بالذعر

رئيس حزب "التجمع الوطني" اليميني المتطرف يسعى إلى تقويض حكومة الرئيس الفرنسي

أطلقت مارين لوبان على تلميذها جوردان بارديلا لقب "شبل الأسد" - الذي أصبح الآن "الأسد" (أ ف ب/ غيتي)

ملخص

يرى البعض في بارديلا شخصاً أجوف يفتقر إلى المعرفة الجوهرية بشؤون البلاد أو الأحداث الدولية ويعتمد في الأساس على تكرار الخطاب السياسي لمارين لوبان

لعب جوردان بارديلا، والذي ما يشبه غالباً بأيقونة السينما الفرنسية إيف مونتان، دوراً حاسماً في النجاح الأخير الذي حققه حزب "التجمع الوطني" National Rally (RN) اليميني المتطرف في فرنسا في الانتخابات البرلمانية للاتحاد الأوروبي.

ينتمي بارديلا، الذي نشأ على يد أم عزباء في شقة شاهقة الارتفاع في إحدى الضواحي الباريسية المحرومة، إلى عائلة مهاجرة. ومن المحتمل أن يصبح هذا الشاب – البالغ من العمر 28 عاماً - رئيساً لوزراء فرنسا في غضون أسابيع، وذلك في أعقاب القرار المفاجئ الذي اتخذه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بالدعوة إلى انتخابات مبكرة، وذلك بعد الهزيمة الكبيرة التي مني بها حزبه في صناديق الاقتراع لاختيار الأعضاء الفرنسيين في البرلمان الأوروبي.

بارديلا الذي يترأس حزب "الجبهة الوطنية"، وجه ضربة قاسية إلى الرئيس ماكرون وحزبه "النهضة" Renaissance عندما حصد أكثر من 30 في المئة من الأصوات في نهاية الأسبوع الماضي. وسيقود بارديلا بالتعاون مع مارين لوبن، جهود حزب "الجبهة الوطنية" للحصول على غالبية برلمانية.

ومن المحتمل أن يؤدي قرار الرئيس ماكرون حل البرلمان الفرنسي والسماح لـ"الشعب صاحب السيادة بأن يقول كلمته" إلى تسليم اليمين المتطرف في فرنسا سلطة سياسية كبيرة، بعد أعوام من التهميش. ويبدو أن هذه الخطوة غير المتوقعة منه مصممة استراتيجياً لمفاجأة خصومه، وإحداث صدمة لدى الناخبين بهدف تحفيزهم على الإقبال بأعداد كبيرة على صناديق الاقتراع، لرفض الأيديولوجيات اليمينية المتطرفة. وزير المال برونو لومير وصف التصويت المقبل والمتوقع في الـ30 من شهر يونيو (حزيران) الجاري بأنه سيكون الاقتراع البرلماني "الأكثر تأثيراً" في التاريخ السياسي الحديث لفرنسا.

جوردان بارديلا الذي انضم إلى الحزب اليميني خلال أعوام مراهقته، سرعان ما برز نجماً صاعداً داخل هرمية "التجمع الوطني"، ليتولى في نهاية المطاف رئاسة الحزب عام 2022. وقد علقت مارين لوبان في وقت سابق على مساره بالقول "إنه غير مثقل بالوصمة المرتبطة بالتصويت لمصلحة ’الجبهة الوطنية‘ Front National [بالتالي فهو قادر على تقديم منظور جديد للحزب من دون أن تعوقه سمعته السابقة] وأشارت إلى أن "جوردان يمثل جيلاً جديداً".

ويتمتع بارديلا بمهارة في التواصل مع الناس ويمتاز بشخصية عامة قوية، وهو ما يتضح من متابعيه عبر حسابه على تطبيق "تيك توك"، الذين بلغ عددهم أكثر من مليون و200 ألف شخص، وغالباً ما كان يسلط الضوء على خلفيته إذ نشأ في أحد الأبراج السكنية في ضاحية "سين سان دوني" في باريس على يد والدته، وهي مهاجرة إيطالية. والتحق بمدرسة "ليسيه سان جان باتيست دو لا سال" Lycee Saint-Jean-Baptiste-de-la-Salle الخاصة، ويقال إن والده كان يتحمل رسوم التعليم.

 

وتخلى بارديلا عن متابعة دورة في مادة الجغرافيا في "جامعة باريس سوربون" Paris-Sorbonne University للتركيز على السياسة، ودأب على تصوير الضاحية حيث مسقط رأسه، على أنها مبتلاة بالعنف وبحال من عدم الاستقرار. وقدم نفسه على أنه مختلف عن النخبة في المؤسسة السياسية ونقيض لها، فيما وجه انتقاداً لتكدس أعداد كبيرة من المهاجرين واللاجئين في ضواحي العاصمة الفرنسية.

وفي كلمة ألقاها بارديلا في إحدى ساحات باريس الأسبوع الماضي أمام أنصاره الذين لوحوا بالعلم الفرنسي في تجمع حاشد، حذر من "زوال محتمل للحضارة الفرنسية"، وعزا مخاوفه إلى "تدفق المهاجرين على البلاد، الذي زعم أنه سيغير عاداتها وثقافتها وأسلوب حياتها بصورة دائمة لا رجعة فيها". وهذا النوع من الخطاب التحريضي هو ما دفع بالرئيس ماكرون إلى حض الفرنسيين على الاتحاد ضده، والتعاون لوضع حد له.

أما في ما يتعلق ببعض قضايا السياسة الدولية فقد كان جوردان بارديلا أكثر حذراً في الحديث عنها مقارنة بمارين لوبن. فهو دان الحرب التي تشنها روسيا في أوكرانيا لكنه أكد أنه سيمتنع عن التصويت لإرسال مساعدات عسكرية فرنسية إلى كييف. وكان قد قال لمجلة "بوليتيكو" في مارس (آذار) الماضي، إن حزبه "التجمع الوطني" لن يطبق سياسته المتمثلة في الانسحاب الفرنسي من القيادة الموحدة لـ"حلف شمال الأطلسي" (ناتو)، إلا بعد توقف الأعمال العدائية، مشيراً إلى أنه "لا يمكن تغيير المعاهدات في زمن الحرب".

 

يمكن القول إن الشعبية التي يحظى بها بارديلا في فرنسا أصبحت واضحة، وتجذب ناخبين من مختلف الأعمار. وقد برز باعتباره السياسي الوحيد المدرج في القائمة التي اختارتها صحيفة "لو جورنال دو ديمانش" للشخصيات الـ50 الأكثر شعبية في فرنسا. وكان استطلاع أعدته مؤسسة "إيبسوس" لأبحاث السوق توقع أن نحو ثلث الشباب الذين تتفاوت أعمارهم ما بين 18 و24 سنة سيمنحونه صوتهم في الانتخابات البرلمانية الأوروبية. وكان قد أعرب عن رغبته في استبدال الاتحاد الأوروبي الراهن بـ"أوروبا الأمم" Europe of Nations. وأعلن أخيراً أن أوروبا في عام 2016 - وهو عام الاستفتاء البريطاني على مغادرة المملكة المتحدة الاتحاد الأوروبي - تختلف بصورة كبيرة عما هي عليه اليوم". وأمل في أنه - مع "أوروبا الأمم" الجديدة هذه - سيعود البريطانيون إلى طاولة المفاوضات.

واللافت أنه عند إطلاق الحملة الانتخابية لحزب "التجمع الوطني" في مدينة مارسيليا جنوب فرنسا، لم تكن الهتافات الأعلى صخباً لمارين لوبان بل لتلميذها بارديلا، الذي أطلقت عليه بمودة لقب "شبل الأسد" الذي بات يشار إليه الآن بـ"الأسد". وبحسب ما يتردد فهو يواعد نولوين أوليفييه ابنة شقيقتها.

ومع ذلك وعلى رغم جاذبيته وشعبيته، يعتقد بعض النقاد أنه يفتقر إلى الإنجازات أو المؤهلات الجوهرية لتبرير الاهتمام والدعم الذي يتلقاه.

فرنسوا كزافييه بيلامي، الزعيم الأوروبي لحزب "الجمهوريين" Les Republicains الفرنسي المحافظ، الذي واجه أسوأ هزيمة له في تاريخ الاقتراع الأسبوع الماضي قال "إن (بارديلا) يجتذب شريحة واسعة من الناخبين من خلال تجنبه اتخاذ مواقف واضحة وحازمة في ما يتعلق بالقضايا الرئيسة". وعلى نحو مماثل علق فلوريان فيليبو النائب السابق لمارين لوبن على مرونة بارديلا، مشيراً إلى أن "اقتناعاته تبدو قابلة للتكيف بسهولة مع الظروف أو المواقف السياسية المختلفة".

أما باسكال هومو الرئيس السابق للتواصل في حزب "التجمع الوطني"، الذي كان قد أشرف على تقديم تدريب إعلامي مكثف لجوردان بارديلا، فوصفه بأنه "يعتمد في الأساس على تكرار الخطاب السياسي لمارين لوبان" وبأنه "شخصية جوفاء يتم التحكم بها، ويفتقر إلى المعرفة الجوهرية بشؤون البلاد أو الأحداث الدولية".

 

وأضاف هومو ضمن البرنامج الوثائقي "مزيد من التحقيقات" Complément d'enquête (استقصائي تعرض حلقاته أسبوعياً على محطة "فرانس 2") أن "بارديلا كان يفتقر في البداية إلى العمق أو المعرفة الجوهرية في ظهوره العام. إن الانسيابية والحماسة اللتين يظهرهما اليوم تطلبتا أشهراً من الجهد الدؤوب والتدريب المكثف لتطويرهما".

ويشار إلى أن بارديلا حافظ على سجل نظيف نسبياً حتى وقت سابق من هذا العام، عندما اتهمته قناة "فرانس 2" بإدارة حساب مجهول على تطبيق "تويتر" (إكس حالياً) لنشر رسائل عنصرية، وذلك في الفترة الممتدة ما بين عام 2015 وعام 2017. إلا أنه نفى بشدة أية صلة له بالحساب، حتى إن حزبه هدد باتخاذ إجراءات قانونية ضد مالكي القناة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وعلى رغم التصور السائد بأن شعبية بارديلا المتنامية يمكن أن تشكل تهديداً لمنصب مارين لوبن، فإن هذه الأخيرة دافعت عن تلميذها بشراسة. وتشير تقارير إلى أنها واجهت نائب رئيس حزب "التجمع الوطني" في "الجمعية الوطنية" (البرلمان الفرنسي) من خلال دفعه بقوة إلى الحائط، وتهديدها بطرده من الحزب بسبب الشكاوى التي ساقها ضد بارديلا.

وأعربت لوبن عن ثقتها في القدرات السياسية لبارديلا، عندما قالت لمحطات تلفزيونية في مارس الماضي إنه إذا ما حدث شيء لها كأن "تصطدمها شاحنة غداً"، فإنها تعد أن بارديلا يتمتع بالمؤهلات السياسية اللازمة لخلافتها.

وواصل الثنائي يوم الأحد الماضي تقديم صورة عن جبهة موحدة أمام الرأي العام. وعرض بارديلا أن يصبح رئيساً لحكومة الرئيس إيمانويل ماكرون في حال فوز "التجمع الوطني" في الانتخابات، فيما أعربت لوبن عن نية حزبها "وضع حد لهذه الحقبة المؤلمة من العولمة"، وأضافت "نحن مستعدون لتولي السلطة".

هومو وصف لصحيفة "نيويورك تايمز" بارديلا بأنه "أشبه بوحش مهيمن على المشهد الإعلامي ومخيف لخصومه"، وبأنه "كان لديه هدف واحد منذ أن كان في السابعة عشرة من عمره، وهو أن يصبح رئيساً للوزراء ورئيساً لفرنسا. ولا أعتقد أن أحداً يستطيع أن يحرفه عن مساره".

© The Independent

المزيد من متابعات