Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الاختفاء المفاجئ عن الشريك سهل لكنه صادم نفسياً

مع إطلاق تطبيق "هينج" للمواعدة الغرامية ميزة تهدف إلى منع المستخدمين من إنهاء المحادثات من دون تفسير، نتساءل عما إذا كنا قد واجهنا فعلاً الآثار الجانبية للاختفاء بصورة كاملة من حياة الشركاء العاطفيين

عندما يختفي شخص ما بعد اتصال حميم، يمكن أن يؤدي ذلك إلى تضخيم مشاعر الخيانة والعار والألم العاطفي (آيستوك)

ملخص

"الاختفاء المفاجئ" في المواعدة يمكن أن يؤدي إلى حالات اضطراب القلق وانخفاض الثقة بالنفس وأعراض الاكتئاب، وغالباً ما ينجم عنه الخوف من المواجهة أو تفادي الاستثمار العاطفي، ومن أجل مكافحة هذه الظاهرة، أطلق تطبيق "هينج" ميزة جديدة تهدف إلى تشجيع المستخدمين على الرد أو إنهاء المحادثات مع الطرف الآخر

في زمننا الحالي، عندما نفكر في كلمة شبح، يتبادر ربما إلى أذهاننا ليس طفل من العهد الفيكتوري [عهد بريطانيا استمر من عام 1837 إلى 1901 وهي حقبة حكم الملكة فيكتوريا] شاحب تحول إلى شبح بسبب بتر دورة حياته من دون مقدمات فحسب، بل أيضاً حبيب سابق اختفى فجأة [أي تحول إلى شبح]. في محاولة لتغيير ذلك، أضاف تطبيق "هينج" Hinge للمواعدة الغرامية الشهر الماضي ميزة جديدة تُدعى "يور تورن ليميتس" (الحد الأقصى لمحادثات التي هي دورك في الإجابة فيها) your turn limits. تشجع هذه الميزة المستخدمين الذين تم التوفيق بينهم وبين ثمانية أشخاص أو أكثر ينتظرون رداً منهم إما أن يتفاعلوا معهم أو أن ينهوا المحادثة قبل السماح لهم ببدء التعارف مع شخص جديد. وكما أوضحت ستيفاني تين، رئيسة المنتج في "هينج": "نحن نشجع المستخدمين على الحفاظ على زخم محادثاتهم الحالية أو إنهاء المحادثة بصورة صحيحة لمنح الطرف الآخر الوضوح الذي يحتاج إليه".

وتأتي هذه التغييرات في ظل إعادة تقييم تطبيقات المواعدة، إذ تتناقص معدلات التسجيل ويعاني المستخدمون الإرهاق. يُلقى اللوم في هذا غالباً على "الاختفاء المفاجئ" – أي الانسحاب المفاجئ من حياة شخص ما (أو هاتفه) من دون سابق إنذار – مما يعتبر مصدراً رئيساً للشعور بخيبة الأمل.

ودخل مصطلح "الاختفاء المفاجئ" إلى قاموس الثقافة الشعبية في أواخر العقد الأول من الألفية الجديدة، وبحلول عام 2012 تم ترشيحه ليكون كلمة العام في قاموس "كولينز" الإنجليزي. كان هذا الترشيح نذيراً لما سيأتي: بعد أكثر من عقد، كشفت دراسة أجريت عام 2023 عن أن 84 في المئة من أبناء جيلي الألفية و"زد" تعرضوا لتجربة الاختفاء المفاجئ. اليوم، يبدو أننا جميعاً إما مختفون أو نواجه الاختفاء المفاجئ. (أنا شخصياً، أعيش الحالين معاً).

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

على رغم أن مصطلح "الاختفاء المفاجئ" نشأ في عصر تطبيقات المواعدة، إلا أن هذه الممارسة ليست جديدة: فقد اعتاد الناس على بدء علاقات رومانسية ثم الاختفاء من دون ترك أي أثر. لكن قبل أن تغزو التكنولوجيا عالم الحب، كان معظم الناس يتعرفون إلى بعضهم بعضاً من خلال العمل أو الأصدقاء، لذا كانت المصادفات واللقاءات التالية أمراً لا مفر منه. أما الآن، فمنحت الطبيعة المجهولة للتطبيقات مثل "هينج" المستخدمين القدرة على الاختفاء من دون تبعات.

وعلى رغم انتشار ظاهرة الاختفاء المفاجئ، إلا أنها تعتبر قاسية عموماً. على عكس الانفصال الحاد والسريع، يتطلب الاختفاء موتاً بطيئاً للعلاقة. يتركك منتظراً على أحر من الجمر رسالة نصية. أو تقوم بتفعيل وإلغاء وضع الطيران على هاتفك مراراً وتكراراً للابتعاد من الشبكة والعودة إليها آملاً. ربما تنشر قصصاً غير محددة على "إنستغرام" على أمل إثارة دة فعل. ثم تدرك في النهاية أن الرسالة المطمئنة التي تحوي عذراً مقبولاً لن تأتي أبداً.

ومن الطبيعي أن يتسبب هذا ربما في أضرار نفسية طويلة الأمد. تشير سيلفيا أنيم، المعالجة النفسية المتخصصة في العلاقات الجنسية والداعمة للأفراد والأزواج من مختلف الهويات والديناميات العاطفية، إلى أن "كثيراً من العملاء يعانون القلق وانخفاض تقدير الذات، وكذلك أعراض الاكتئاب". وأجرت الدكتورة دارسي باول، الأستاذة المساعدة في علم النفس في كلية رونوك، دراسة حول الاختفاء المفاجئ ووجدت نتائج مشابهة. تقول لي: "عندما يتأمل المشاركون في تجربتهم كضحايا للاختفاء، يفيدون بشعورهم بتراجع في الانتماء وانخفاض في تقدير الذات ونقص في السيطرة وتقلص في شعورهم بوجود معنى لحياتهم".

ليس من المستغرب أن التأثير الأكبر للاختفاء المفاجئ يكون في قيمة الشخص الذاتية (بدلاً من فقدان العلاقة بحد ذاتها). توضح أنيم من ملاحظاتها مع عملائها أن: "الطبيعة المفاجئة وغير المبررة للاختفاء تجعلهم يشككون في قيمتهم ويتساءلون عن الخطأ الذي ربما ارتكبوه، مما يمكن أن يكون ضاراً خصوصاً لصحتهم النفسية".

ليست هذه التجربة غريبة على كارميلا*، محررة الكتب البالغة من العمر 29 سنة. كانت تواعد رجلاً تعرفت إليه عبر تطبيق "هينج" لمدة شهرين، وعندما دعاها إلى حضور مباراة رغبي يشارك فيها، اختفى بعد المباراة ولم يحضر للقائها في الحانة كما اتفقا، وتوقف فجأة عن الرد على رسائلها النصية. تقول كارميلا: "لقد أثر ذلك في حالي النفسية بصورة كبيرة... قضيت أياماً أبكي خلال مكالماتي مع أصدقائي عبر ’فيس تايم‘ لأنني شعرت وكأن الأرض انشقت من تحت قدمي ولم أفهم ماذا فعلت لأستحق هذه المعاملة".

أما ألكسندر*، المبدع المقيم في الولايات المتحدة، فيخبرني أنه تعرض للاختفاء المفاجئ من قبل صديقه بعد علاقة دامت سبعة أشهر. يقول: "عندما يختفي أحد من حياتك فجأة، تبدأ بالشك بنفسك، وتحاول أن تعرف ما الخطأ الموجود فيك أو ما هي صفاتك الشخصية السيئة... بينما من المحتمل ألا يكون الشخص الآخر يفكر في ذلك حتى، لكن الأمر مؤلم ومدمر للذات".

غالباً ما يؤدي القلق الناتج من الاختفاء المفاجئ إلى تأثيرات في العلاقات المستقبلية أيضاً. عندما ترسل رسالة وتبقى من دون رد لفترة أطول قليلاً من المعتاد، يبدأ الخوف من تكرار التجربة، وتسمع ناقوس موت علاقة ناشئة يدق قبل أن تبدأ فعلياً. تقول أنيم: "يمكن أن يخلق الاختفاء المفاجئ مشكلات في الثقة والخوف من الهجر في العلاقات المستقبلية... قد يصبح العملاء أكثر حذراً وتردداً في الانفتاح عاطفياً، خوفاً من تكرار تجربة التعرض للاختفاء المفاجئ. وبينما عبّر بعضهم عن تعلقهم الزائد أو شعورهم بالحاجة الملحة إلى التطمين في العلاقات التالية، عبّر آخرون عن شعورهم بالابتعاد والانغلاق العاطفي".

لكن ما هي قواعد الاختفاء المفاجئ؟. يعتمد الأمر عادة على السياق. يعتقد بعضهم بأنه من المقبول الاختفاء بعد تبادل رسائل متقطعة. وفقاً لكتيب "194 قاعدة حديثة للحياة ما بعد كوفيد" الذي نشرته مجلة نيويورك "لا بأس في الاختفاء المفاجئ بعد موعد واحد فقط".

تقول إيل*، كاتبة مقيمة في نيويورك: "أنا شخص مخضرم في الاختفاء المفاجئ... الخطوة الأولى هي الاعتراف!، لأنني أواعد رجالاً، وأجد نفسي أتعامل مع خيارات سيئة في معظم الأحيان، لذا لا أشعر بالندم عموماً". هذا الشعور شائع بين النساء من جيل الألفية. تتابع إيل: "لكن بين الحين والآخر يأتي شخص لطيف للغاية لا أشعر برابط معه، لذا أنهي العلاقة بعد فترة قصيرة من الحديث أو بعد موعد واحد".

لكن الاختفاء بعد ممارسة الجنس يزيد بصورة كبيرة من احتمال إيذاء الآخرين، بخاصة بعد أشهر من تبادل الرسائل العاطفية أو الخروج في مواعيد متعددة. تشرح أنيم: "العلاقة الجنسية غالباً ما تتضمن مستوى أعلى من إظهار الضعف والاستثمار العاطفي... عندما يتم تجاهل شخص ما بعد علاقة بهذه الحميمية، يمكن أن يتضخم شعور الخيانة والعار والألم العاطفي". حتى إيل، المتجاهلة المتكررة، تلتزم هذا المعيار، وتقول: "لا أستطيع حتى تخيل فعل ذلك لشخص ما".

وعلى رغم أن وصف الشخص الذي اختفى بصورة مفاجئة بأنه سيئ بطبيعته أمر مغرٍ، إلا أن هذا الفعل له دوافعه المعقدة. تقول أنيم: "تتنوع الدوافع، ولكنها تشمل عادة الخوف من إيذاء مشاعر الشخص الآخر أو نقص الاستثمار العاطفي في العلاقة... بعض الأشخاص الذين لديهم أنماط ارتباط سطحية يختفون للحفاظ على البعد العاطفي وتلافي الضعف [الناتج من الارتباط]. بينما قد يختفي آخرون بسبب نقص مهارات التواصل أو عدم ارتياحهم للمواجهة".

في هذه الأثناء، أظهرت دراسة أخرى لـباول أن الأشخاص الذين تعرضوا للاختفاء من قبل يكونون أكثر ميلاً إلى ممارسة الفعل نفسه. نعم، وعلى رغم أنهم غالباً ما يشعرون بالارتياح، فإنهم أيضاً يشعرون بالذنب، وفقاً لـباول. (هم أيضاً معروفون بالعودة في النهاية، كما حدث مع شريك ألكسندر).

إذاً، هل يمكن للميزة الجديدة في تطبيق "هينج" أن تقلل من حدوث الاختفاء المفاجئ وتبعاته؟. تشك باول بذلك، مشيرة إلى أن الميزة لا تعالج الجانب الأكثر أهمية في الظاهرة وهي: الغموض. وقول: "مع هذه الميزة الجديدة، إذا اختار الفرد ’إنهاء المحادثة ببساطة‘، على رغم أن المتسلم لم يتعرض للاختفاء المفاجئ حرفياً، إلا أن هذا لا يعني عدم وجود تساؤل حول السبب". وتحذر كذلك من أن هذا قد يشجع ظاهرة "الإبقاء في حال انتظار" – وهو مصطلح يعني إبقاء الشخص معلقاً – فقد يتم تشجيع المستخدمين على "قول شيء يجعلهم يبدون مهتمين... لضمان قدرتهم على الاستمرار في التوافق مع آخرين". كما أن هذه الميزة تتعامل فقط مع الاختفاء في المراحل المبكرة داخل التطبيق، عندما يكون أقل ضرراً.

من غير المرجح أن تزول ظاهرة الاختفاء المفاجئ بين عشية وضحاها. ولكن مع كون تطبيقات المواعدة تربة خصبة لهذا السلوك، ربما يكون بناء علاقات حقيقية في الحياة الواقعية خياراً أكثر أماناً. الخيار البديل، إذا كنت تتعامل مع طيف الاختفاء بالفعل، هو أن تجد العزاء ربما في النصيحة التي تقدمها أنيم إلى مرضاها.

وتشرح: "من المهم للعملاء أن يدركوا أن التعرض للاختفاء المفاجئ ليس انعكاساً لقيمتهم أو قدرهم كشخص... من خلال إعادة تأطير التجربة وفهم أن الاختفاء غالباً ما يشي أكثر بمزيد عن سلوك وظروف الشخص الآخر، يمكن للعملاء تجنب الوقوع في دورة لوم النفس وتقريع الذات".

*تم تغيير الأسماء

© The Independent

المزيد من منوعات