أدى إعلان إفلاس الشركة البريطانية "توماس كوك"، التي أنشئت عام 1841، إلى بروز مخاوف حول مدى احتمال تأثير ذلك في القطاع السياحي في المغرب. فعملت الحكومة المغربية على تشكيل خلية أزمة من وزارة السياحة والمكتب الوطني المغربي للسياحة والفيدرالية الوطنية للسياحة، للمساهمة في جمع المعلومات والعمل على إنجاح عملية ترحيل عملاء الشركة، إضافةً إلى دراسة الأضرار المحتملة على الاقتصاد السياحي المغربي.
ووفق معطيات غير رسمية، هناك ما بين 1300 و1500 سائح من زبائن الشركة البريطانية قصدوا المغرب لقضاء عطلاتهم، غالبيتهم من البريطانيين. ويُتوقع تنظيم رحلات لإعادتهم إلى بلادهم على أربع دفعات، ابتداء من 25 سبتمبر (أيلول) حتى 5 أكتوبر (تشرين الأول). ويشكل هؤلاء 5 في المئة من مجموع السياح البريطانيين في مدينة مراكش، التي تُعتبر أهم وجهة سياحية في البلاد.
تعاقد لم يكتمل
قلّل المكتب الوطني المغربي للسياحة من مدى تأثير إفلاس "توماس كوك" المحتمل في القطاع السياحي، معتبراً أنه على الرغم من أنّ الشركة شريك تاريخي، إلاّ أنّ حصتها شهدت تقلصاً في السوق السياحية المغربية خلال السنوات الماضية، كباقي الشركات "التقليدية"، وذلك لصالح أطراف جديدة ومنظمي الرحلات السياحية عبر الإنترنت.
ويجمع بين الشركة المفلسة والمكتب المغربي للسياحة عقد كان يهدف إلى جلب 102 ألف سائح خلال عام 2019، مع ضمان 50 ألف مقعد في الطائرات، مخصّص حصرياً لعملائها البريطانيين والبلجيكيين. وبالتالي، يؤدي إعلان إفلاسها إلى وقف سريان الاتفاق. ويُتوقّع أن يتسبب هذا الوضع بخسارة في قطاع السياحة، باعتبار أن الشركة أنجزت 60 في المئة من أهداف العقد من حيث عدد السياح و90 في المئة من حجوزات الطائرات.
ويرى محمد الريحاني، المسؤول في إحدى وكالات السفر بمدينة الدار البيضاء، في حديثه لـ"اندبندنت عربية"، أنه لن يكون لإنهاء الاتفاق بين المكتب والشركة تأثير كبير في الرحلات، لأن لـ"توماس كوك" رحلة واحدة فقط أسبوعياً إلى المغرب.
ويضيف الريحاني "وكالات السفر التي تعتمد عروض السفر المنظم والفنادق التي تتعامل بشكل كبير مع الشركة المفلسة هي من ستتضرر بالأساس. أظن أن تأثير إفلاس توماس كوك لن يتعدى الـ1 في المئة من حجم معاملات القطاع السياحي المغربي، في الوقت الذي أصبحت تنتشر ثقافة الحجز المباشر عبر الإنترنت، باعتبار أن حوالى 50 في المئة من المسافرين المغاربة يلجأون إلى هذه الطريقة، سواء في الرحلات العادية أو المنظمة".
تداعيات خطيرة
وعلى الرغم من تلك التطمينات، إلاّ أنّ هناك من يرى أن حجم الضرر المحتمل لإفلاس الشركة سيكون كبيراً، بسبب ارتباط بعض الفاعلين السياحيين المغاربة بها. وينبه عثمان شريف العلمي، رئيس إحدى وكالات السفر، إلى أن الخسائر ستكون هائلة على الصعيد العالمي وكبيرة على الاقتصاد السياحي المغربي، خصوصاً أن دين الشركة يقدر بـ1.9 مليار جنيه استرليني (2.3 مليار دولار)، مشيراً إلى أن خسائر قطاع الفنادق المغربي تقدر بـ200 مليون درهم (20.6 مليون دولار)، لكون المغرب يستقبل ما بين 100 و150 ألف عميل للشركة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأضاف العلمي أن المتضرر الأكبر من هذا الإفلاس هم أصحاب الفنادق، الذين لم يتلقوا تعويضاتهم الخاصة بأشهر يونيو (حزيران) ويوليو (تموز) وأغسطس (آب).
لكن إعلان "توماس كوك" باريس أنها غير معنية بإفلاس الشركة الأم أعاد الأمل إلى المتعاملين مع الشركة البريطانية، خصوصاً أن حوالى نصف عملائها من السياح يأتون إلى المغرب عبر الفرع الفرنسي، ولكون القانون الفرنسي يُلزم الشركات السياحية المفلسة إعادة السياح إلى بلادهم، إضافةً إلى تعويض الذين لم يسافروا بعد. وبالتالي، يتوقّع العلمي أن "يُصار إلى تعويض الفنادق المغربية بنسبة تصل إلى 50 أو 75 في المئة، وأنه على الرغم من هذه الضربة القوية، فإن القطاع الذي يعتمد في نشاطه على التعامل مع هذه الشركة، سيتعافى في نهاية المطاف".
ويضيف العلمي أن إفلاس "توماس كوك" سيدفع القطاع السياحي إلى ضرورة تغيير نموذج العمل ليكون أكثر حذراً وأقل تكلفة.