ملخص
تخشى الدول الغربية أن تثير سياسة إسرائيل الاقتصادية فوضى في الضفة الغربية.
بموازاة تصاعد التوتر في الضفة الغربية على وقع الحرب في قطاع غزة، تعاني السلطة الفلسطينية أزمة مالية في ظل قيود إسرائيلية متزايدة، فيما تواجه الضفة الغربية المحتلة تدهوراً متواصلاً في الوضع المالي مند اندلاع الحرب بين إسرائيل و"حماس" في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023، مع وقف إسرائيل تسليم السلطة الفلسطينية كامل عائدات الرسوم الجمركية التي تقوم بجبايتها لمصلحتها.
ويشكو رجال أعمال فلسطينيون تراجعاً كبيراً في عائداتهم منذ اندلاع الحرب في غزة، من بينهم عماد رباح الذي يملك مصنعاً للبلاستيك، إذ يقول إن أرباحه الصافية تراجعت بنسبة النصف خلال عام واحد.
حرب اقتصادية
كذلك قال نخلة جبران الذي ينتج العرق، إن مبيعاته تراجعت بنسبة 30 في المئة خلال الفترة ذاتها، مضيفاً أن الضفة الغربية تواجه "حرباً اقتصادية" بموازاة الحرب في قطاع غزة.
وبموجب اتفاقات السلام التي توسطت فيها النرويج جزئياً في التسعينيات، تجمع إسرائيل الأموال للسلطة الفلسطينية التي تمارس حكماً ذاتياً محدوداً في أجزاء من الضفة الغربية.
لكن غداة هجوم "حماس" على غلاف غزة الذي أطلق شرارة الحرب المدمرة في قطاع غزة، أوقفت إسرائيل تسليم السلطة الفلسطينية كامل المبلغ العائد لها من الرسوم الجمركية، متذرعة بأن المال يستخدم من أجل تمويل "حماس" التي تسيطر منذ 2007 على قطاع غزة وتعتبرها إسرائيل "منظمة إرهابية"، فيما تحتاج السلطة إلى هذه المبالغ لدفع رواتب موظفيها ولتأمين نفقاتها، وفق مسؤولين.
البنوك الفلسطينية
قد يتفاقم الوضع في يوليو (تموز) المقبل إذ هدد وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش (يمين متطرف) في مايو (أيار) الماضي بقطع قناة مصرفية حيوية بين إسرائيل والضفة الغربية رداً على اعتراف ثلاث دول أوروبية بدولة فلسطين.
وأبلغ سموتريتش رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو بأنه "لا يعتزم تمديد" الضمانات الممنوحة للمصارف الإسرائيلية المتعاملة مع المصارف الفلسطينية لإعطائها حصانة من أية دعاوى قضائية قد تواجهها بتهمة "تمويل الإرهاب".
وهذه الحماية السنوية التي تمنحها الحكومة الإسرائيلية وتنتهي مدتها في الـ30 من يونيو (حزيران) الجاري، ضرورية للسماح لمصرفي "هبوعليم" و"ديسكاونت بنك" الإسرائيليين بمواصلة أداء دور المراسلة بين البنوك الفلسطينية ونظيراتها في إسرائيل والدول الأخرى.
"أموال تشجع الإرهاب"
وقرر سموتريتش اقتطاع نحو 35 مليون دولار من عائدات الضرائب التي جرى تحصيلها لمصلحة السلطة الفلسطينية وتحويلها إلى عائلات "ضحايا الإرهاب"، متهماً السلطة الفلسطينية بالعمل على "تشجيع الإرهاب" عبر "دفع أموال لعائلات الإرهابيين والسجناء والسجناء المفرج عنهم".
وأثارت تهديدات الوزير الإسرائيلي مخاوف كبرى في واشنطن، حليفة تل أبيب، ورأت وزيرة الخزانة الأميركية جانيت يلين أن "قطع المصارف الفلسطينية عن المصارف الإسرائيلية المتعاملة معها سيولد أزمة إنسانية".
وشددت على أن "هذه القنوات المصرفية أساسية للقيام بتحويلات تسمح بنحو ثمانية مليارات دولار من الواردات الآتية من إسرائيل بما في ذلك الكهرباء والمياه والوقود والمواد الغذائية، وتسهل حوالى ملياري دولار من الصادرات في العام، يعول عليها الفلسطينيون لتأمين معيشتهم".
من جانبه، أوضح محافظ سلطة النقد الفلسطينية فراس ملحم لوكالة "فرانس برس" أن قطع القنوات المصرفية "سيكون له تأثير كبير فينا لأن اقتصادنا يعتمد على الاقتصاد الإسرائيلي ولأن إسرائيل تسيطر على الحدود".
وتضرر الفلسطينيون بفعل منع العمال من الدخول إلى إسرائيل للعمل، وبسبب تراجع حاد في النشاط السياحي في الضفة الغربية.
الاقتصاد يؤزم الأوضاع
وعلى الصعيد الأمني، تشهد الضفة الغربية تصاعداً في العنف منذ أكثر من عام تفاقم بصورة خاصة مع اندلاع الحرب في قطاع غزة، مما أدى إلى مقتل ما لا يقل عن 546 فلسطينياً بأيدي القوات الإسرائيلية أو مستوطنين وفقاً لمسؤولين فلسطينيين، فيما أدت الهجمات التي نفذها فلسطينيون إلى مقتل 14 إسرائيلياً في الأقل بين جنود ومستوطنين خلال الفترة نفسها، بحسب أرقام رسمية إسرائيلية.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وتخشى الدول الغربية أن تثير سياسة إسرائيل الاقتصادية فوضى في الضفة الغربية، وحذر مصدر دبلوماسي أوروبي في القدس طالباً عدم كشف هويته من أن "النظام المصرفي قد ينهار... السلطة الفلسطينية في أزمة مالية وقد تنهار قبل أغسطس (آب) المقبل".
ورأى موسى شامية الذي يملك شركة تصنيع ملابس للنساء أن السياسة الإسرائيلية هدفها دفع الفلسطينيين إلى مغادرة الضفة الغربية، وقال إن الإسرائيليين "يريدون أن نغادر أرضنا وهم يعرفون أنه سيكون من الصعب علينا البقاء إذا لم يكن بإمكاننا مزاولة أعمال".
ويشكو مدير مدرسة سيرك فلسطين في بيرزيت محمد رباح صعوبات مالية وقال "نعاني مع المدفوعات الدولية"، لافتاً إلى عقبات بيروقراطية تؤخر تسليم المدرسة تجهيزات ومعدات تحتاج إليها لفترة تصل إلى شهر.
وأوصى فراس ملحم "علينا العمل على خطة بديلة في ما يتعلق بالعلاقات التجارية".