Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل تعصف الانتخابات البريطانية بالجنيه الاسترليني؟

مرحلة جديدة قد تفتح تقلبات في سعر الصرف مع حال عدم اليقين السياسي بعد الخامس من يوليو المقبل

توقع الرفاعي مرور الجنيه الاسترليني بحال ضعف في مقابل الدولار بعد الانتخابات مع الفوز المتوقع لحزب العمال (رويترز)

ملخص

يضع المضاربون على الجنيه الاسترليني في الحسبان مسار الانتخابات العامة البريطانية، إذ وصل الجنيه إلى أعلى مستوياته منذ أسابيع في مقابل اليورو، لكن بعض المحللين يقولون إن العملة قد تتذبذب إذا تراجعت الميزة الكبيرة لحزب العمال في استطلاعات الرأي.

غالباً ما يرى المتخصصون الاقتصاديون أن العملات تتأثر بالأجواء السياسية الساخنة، ولعله في خضم ما يجري من استعدادات لاختيار نواب مجلس العموم فان الجنيه الاسترليني سيكون محاصراً بعدد من الضغوط، خصوصاً وسط الانقسام الحزبي القائم وتردد البنك المركزي الإنجليزي في خفض الفائدة، إضافة إلى حال عدم اليقين السياسي لمستقبل البلد بعد تداعيات "بريكست" والابتعاد من أوروبا.

المؤشرات السلبية باتت طاغية منذ التقلبات التي أعقبت موازنة رئيسة الوزراء السابقة ليز تروس المصغرة لعام 2021، إذ استمر المشهد السياسي وحتى الحكومة القائمة برئاسة ريشي سوناك، ففي الأفق انتخابات عامة أخرى وهزة تنتظر الجنيه الإسترليني، بحسب المتخصصين.

متى ستجرى الانتخابات البريطانية؟

وستجرى الانتخابات العامة في المملكة المتحدة في الرابع من يوليو (تموز) المقبل، وبعضهم اعتبرها مفاجئة وغير متوقعة من رئيس الوزراء في ظل التخبط الاقتصادي وضعف توقعات النمو في البلاد، كما أخبرنا صندوق النقد الدولي، وعلى رغم أن المشهد الاقتصادي يحمل معه التباطؤ السريع في التضخم داخل البلاد مع تراجع المعدل الرئيس من 3.2 إلى 2.3 في المئة، وهو قريب من معدل بنك إنجلترا الذي يستهدف اثنين في المئة، إلا أن الغموض المقبل سيظل مسيطراً على البلاد.

أي حزب من المرجح أن يفوز؟

حزب العمال لا يزال متقدماً بفارق كبير على "المحافظين" في آخر استطلاعات للرأي، إذ أظهر استطلاع "أم آر بي" الأخير الذي أجرته "يو غوف" في أوائل أبريل (نيسان) الماضي فوز حزب العمال بغالبية 154 مقعداً، وتشير استطلاعات الرأي الأحدث إلى أن حزب العمال يتقدم بفارق 21 نقطة في المتوسط، وهو ما يكفي لضمان الغالبية.

ومن المرجح أن نرى تقدم حزب العمال يتراجع إلى حد ما، إذ تميل استطلاعات الرأي إلى التضييق مع اقتراب يوم الانتخابات، ومع ذلك فقد يواجه "المحافظون" صعوبة في سد الفجوة حتى لو أدار حزب العمال حملته السياسية بشعارات باهتة.

ويعتقد معظم المعلقين السياسيين أن فوز حزب العمال نتيجة حتمية، إذ إن فوز الغالبية هو النتيجة الأكثر ترجيحاً.

المضاربون ينتظرون

في الوقت ذاته يضع المضاربون على الجنيه الإسترليني في الحسبان مسار الانتخابات العامة البريطانية، إذ وصل الجنيه إلى أعلى مستوياته منذ أسابيع في مقابل اليورو، لكن بعض المحللين يقولون إن العملة قد تتذبذب إذا تراجعت الميزة الكبيرة لحزب العمال في استطلاعات الرأي.

ويرى آخرون أن توجهات سعر الجنيه المستقبلية تعتمد على نتائج الانتخابات البرلمانية البريطانية، وأن العملة المحلية قد تتذبذب تبعاً لاستفتاءات الرأي في المملكة المتحدة، قائلين إنه إذا تراجع حزب العمال في استطلاعات الرأي فإن المضاربين سيعملون على جني الأرباح من الجنيه الإسترليني، وهو ما يعني تراجعه.

تداول الجنيه في نطاق ضيق

ويؤكد المتخصص الاقتصادي طارق الرفاعي في حديث مع "اندبندنت عربية" أن "تداول الجنيه الإسترليني كان ولا يزال ضمن نطاق ضيق طوال العام بين 1.25 و1.28 للدولار، وكان هذا مفيداً لاقتصاد بريطانيا، لكن الانتخابات المقبلة ستغير هذا الأمر بالتأكيد".

وتوقع الرفاعي كذلك مرور الجنيه الإسترليني بحال ضعف فيمقابل الدولار بعد الانتخابات مع الفوز المتوقع لحزب العمال، وقال "لا أرى أن الجنيه سينخفض بشكل كبير على رغم ذلك".

وذكر أن القلق الأكبر سيكون خلال العام أو العامين المقبلين من حال الاقتصاد، إذ يشير إلى أن السياسات المتوقعة لحكومة حزب العمال الجديد ستكون سلبية على الاقتصاد والجنيه الإسترليني معاً.

ويرى المتخصص الاقتصادي صالح طربية، أنه على رغم الإيجابيات التي تحيط بالجنيه الاسترليني كارتفاع الرواتب الصافية الخالية من التضخم، وسعر الفائدة القيمة المغرية لأسعار أسهم "فوتسي"، وتوقع فوز حزب العمال الذي يريد علاقة تجارية أفضل مع الاتحاد الأوروبي، لكن لم نشهد ارتفاعاً يعكس هذه الإيجابيات، متسائلاً، "لماذا يخشى البنك المركزي الإنجليزي من خفض سعر الفائدة على رغم انهيار مؤشر التضخم إلى 3.2 في المئة، وهل يتوقع أزمة هبوط الاسترليني إلى مستويات لم نشهدها من قبل؟".

وأضاف طربية، "ما يقلقني هو انعدام استثمار رأس المال في البنى التحتية وضعف إنتاجية الفرد البريطاني ونمو ناتج قومي لا يذكر، مما يشكل خطراً على اتجاه الاسترليني في المستقبل. أضف إلى ذلك تجديد سندات بقيمة 165 مليار استرليني (209.41 مليار دولار) ستستحق في العامين المقبلين إذا كان إقبال المستثمرين الدوليين ضعيفاً، وهذا سيشكل ضغطاً على العملة الوطنية."

3 سيناريوهات للانتخابات البريطانية

وقال عضو المجلس الاستشاري الوطني في معهد "تشارترد" للأوراق المالية والاستثمار في الإمارات وضاح الطه إن الأحداث السياسية الرئيسة، وبخاصة مسألة الانتخابات، لها تأثير كبير في العملات، وأوضح أن لهذا الموضوع تاريخ طويل في بريطانيا، إذ تؤثر الأحداث السياسية عادة على حركة الجنيه الإسترليني مما يؤدي إلى تذبذب أكبر في العملة بسبب حال عدم اليقين المتعلقة بنتائج الانتخابات المرتقبة.

وأضاف الطه في تصريحات إلى "اندبندنت عربية" التي ترصد تداعيات الانتخابات البريطانية على الجنيه الإسترليني، أن التذبذب يعتبر معياراً للأخطار، مشيراً إلى أن ارتفاع مستوى التذبذب يعد شكلاً من أشكال المخاطرة.

وعن الاتجاه العام للعملة البريطانية في ظل الانتخابات الباكرة المفاجئة، قال الطه إن "هناك ثلاث احتمالات، الأول بقاء الأمر كما هو، أي فوز حزب المحافظين مجدداً، وهو الاحتمال الذي قد ترجحه نسبة مهمة من المستثمرين  تتجاوز الـ 40 في المئة، وهذا هو الخيار المفضل لأصحاب الأعمال فهم لا يرغبون في رؤية مفاجآت جديدة، ليس لأنهم سياسيون ولكن لأنهم لا يرغبون في حدوث تغييرات جسيمة نتيجة تغير الحزب الحاكم الذي يحاول أن يثبت بأن الطرف الآخر على خطأ وهو على صواب".

أما الاحتمال الثاني فهو فوز حزب العمال الذي يبدو أنه يحصد مزيداً من الأصوات وفقاً لاستطلاعات الرأي الأخيرة، فيما تشير بعض استطلاعات الرأي التي شملت رجال أعمال ومستثمرين إلى أنه قد يكون هناك منحى هبوطي للجنيه الإسترليني، بحسب الطه.

ولكن الأسوأ من هذا وذاك هو الاحتمال الثالث كما يقول، أي تشكيل حكومة ائتلافية بسبب عدم قدرة أي حزب على حسم الانتخابات وحده، وهذا السيناريو وفقاً للطه، يقود إلى حال من التلكؤ وعدم اليقين في الأداء الحكومي، وربما يقود إلى تأخير في اتخاذ القرارات بسبب الجدل الذي سيحصل على بعض القرارات السياسية أو الاقتصادية، ولذلك فقد نشهد حال تذبذب في الجنيه الإسترليني  خلال الفترة المقبلة.

وختم الطه بالقول "باعتقادي أن أسوأ  قرار  سياسي لبريطانيا والذي كان له تأثير اقتصادي في البلاد هو ترتيب الخروج من الاتحاد الأوروبي، فالقرار لم يكن في مصلحة البلاد، والإحصاءات تشير إلى خسائر بعشرات المليارات من الجنيهات الإسترلينية نتيجة هذا الخروج غير المدروس، وحتى من الناحية السياسية والإحصائية فإن نسبة المصوتين في حقيقة الأمر لم تكن تشكل الغالبية العظمى التي اتخذت هذا القرار المفصلي الرئيس".

كيف يمكن أن تؤثر الانتخابات في الجنيه؟

وبشكل عام ستُضرّ حال عدم اليقين السياسي بالجنيه الإسترليني، ولذلك يمكننا أن نرى هذه التقلبات معاً قبل وأثناء الانتخابات، بخاصة إذا ضاقت الفجوة بين الحزبين الرئيسين.

وبحسب متخصصين فإن الأسواق تبدو جاهزة لإجراء الانتخابات، ومع أن النتيجة المتوقعة لانتصار حزب العمال تبدو محتملة للغاية فقد تكون التقلبات في حدها الأدنى.

ماذا بعد انتصار "العمال"؟

وفي جانب آخر يرى محللون بأنه في حال فوز حزب العمال في الانتخابات بتشكيل حكومة غالبية، فمن الممكن أن يتعزز الجنيه الإسترليني بعكس المتوقع، وفي حين تفضل الأسواق عادة الاستمرارية على التغيير إلا أنه يبدو أن تحول حزب العمال إلى موقف أكثر تأييداً للأعمال التجارية كان سبباً في اجتذاب المستثمرين.

وتشير عدد من الصحف المحلية إلى الاستطلاعات التي أجريت أخيراً وأن 44 في المئة من المستثمرين المحترفين يعتقدون أن فوز حزب العمال الواضح في الانتخابات سيكون "النتيجة الأكثر ملاءمة للسوق"، وبالمقارنة فقد رأى 25 في المئة فقط من المتخصصين في القطاع المالي أن الفوز المباشر لحزب المحافظين، الذي كان عادة حزب الأعمال والتمويل، هو أفضل نتيجة.

حكومة ائتلافية

ومن المحتمل أن تكون النتيجة الأكثر إزعاجاً للجنيه هي برلمان معلق، وهذا احتمال بالتأكيد، إذ يعد تشكيل ائتلاف بقيادة حزب العمال نتيجة أكثر ترجيحاً من التحالف الذي يقوده "المحافظون"، لكن أياً من النتيجتين يمكن أن تضع ضغوطاً على الجنيه الاسترليني، وفي حال لم يتمكن أي حزب من تشكيل غالبية فإن عدم اليقين في شأن متى وكيف سيجرى تشكيل الائتلاف قد يؤدي إلى ضعف الجنيه البريطاني.

 

وعلاوة على ذلك تميل الحكومات الائتلافية إلى العثور على صعوبة أكبر في التوصل إلى توافق في الآراء، وقد تكون هناك مخاوف أخرى، فعلى سبيل المثال إذا جرى تخفيف موقف حزب العمال المؤيد لقطاع الأعمال من قبل شركاء الائتلاف، أو إذا كانت المكاسب التي حققها الحزب الوطني الاسكتلندي تثير شبح الاستقلال الاسكتلندي، فقد يواجه الجنيه الإسترليني مزيداً من الخسائر.

ومهما حدث فمن المحتمل أن تجلب الانتخابات تقلبات ملاحظة، ومع الإعلان عن الانتخابات العامة في بريطانيا وكذلك فرنسا والولايات المتحدة الأميركية، فقد انتهت فترة استقرار أسعار الصرف، وستنظر الأسواق بقلق إلى موعد الانتخابات وما تمثله من تغيير جذري برحيل حزب المحافظين الذي ظل متربعاً على السلطة طوال 14 عاماً، إذ يشير المحللون إلى أن هذا التغيير سيتسبب بسهولة في تحركات محمومة للعملات، كما يبدو من تقارير الصحف الاقتصادية المتخصصة أن المدخرات التي جمعت بصعوبة قد تتبخر لأي تغيير في العملة.

تغييرات حكومية

شهدت بريطانيا كثيراً من المتغيرات خلال 20 عاماً من العمل، بما في ذلك سبعة رؤساء وزراء، لكن لم يحدث سوى تغيير واحد في الحزب الذي يتولى السلطة عام 2010، وذلك عندما خسر حزب العمال بقيادة غوردون براون غالبيته مع انقشاع غبار الأزمة المالية العالمية.

لكن التغيير في الحكومة لم يقدم نصراً حاسماً وأصبح حزب المحافظين بقيادة ديفيد كاميرون أكبر حزب، لكنه قرر الدخول في حكومة ائتلافية مع الديمقراطيين الليبراليين الصاعدين، وثبت كيف أسفرت انتخابات عام 2010 عن أول برلمان معلق في البلاد منذ عام 1974، وتعثر الجنيه الاسترليني أمام اليورو والدولار الأميركي بين عشية وضحاها.

وسيستقر الجنيه الاسترليني خلال الأسابيع اللاحقة، لكن نقطة التعلم الرئيسة من هذه الانتخابات كانت مدى الأهمية التي توليها الأسواق لليقين، فإذا كان عام 2010 قدم الدراما فإن عام 2015 كان أكثر هدوءاً في المجمل، وكان السباق المحتدم يميل تدريجياً لمصلحة "المحافظين" الذين تمكنوا من تأمين الغالبية في البرلمان، وقد استفاد الجنيه من النتيجة الحاسمة فارتفع في مقابل العملات الرئيسة خلال 24 ساعة، واستمرت هذه المكاسب أكثر خلال الأسابيع والأشهر المقبلة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ومع ذلك فقد جلب عام 2016 خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وهو أحد أكثر الأحداث التي واجهها الجنيه الاسترليني اضطراباً على الإطلاق، وفي ما يزيد قليلاً على العام فقد الجنيه الاسترليني أكثر من 10 في المئة من قيمته في مقابل اليورو والدولار الأميركي، وكما اتضح في ما بعد فلم يتعاف الجنيه الاسترليني بعد إلى أي شيء يشبه الارتفاعات التي شهدها منتصف عام 2010.

ماذا يقول لنا تاريخ تقلب الإسترليني؟

كل انتخابات مختلفة، فلا توجد حقيقة عالمية يمكن استخلاصها من صوت واحد وتطبيقها في جميع الظروف، وفي ضوء جميع العوامل غير المرئية التي يمكن أن تحرك زوج العملات لأعلى أو لأسفل أو جانبياً، ومع ذلك فمن خلال النظر إلى الانتخابات الماضية يمكننا أن نرى ظهور بعض المواضيع المشتركة، فأسواق العملات تكره عدم اليقين، وعلى رغم أن استطلاعات الرأي قد تكون لمصلحة حزب العمال بقوة في هذا الوقت، فإن حقيقة عدم قدرة أي شخص على أن يجزم على وجه اليقين من سيكون الحزب الأكبر في الخامس من يوليو (تموز) المقبل، هي وصفة للتقلبات، كما يمكن أن يكون للانتخابات تأثير حاد للغاية في العملات، مما يؤدي في كثير من الأحيان إلى تحركها نقاطاً مئوية عدة بين عشية وضحاها، كما يمكن للحكومات الجديدة تغيير مسار العملة.

اقرأ المزيد

المزيد من أسهم وبورصة