تنتهي اليوم الجلسة الخامسة من أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، حيث يتبارى رؤساء وملوك وأمراء الدول في عرض قضايا بلادهم، في الاجتماع الرابع والسبعين لهذه القاعة الأممية الكبيرة. وكالمعتاد يستغل رؤساء الدول هذا الموعد السنوي لعقد لقاءات وطرح مبادرات وإسماع صوتهم إلى العالم. وطبعاً طغى احتمال لقاء بين الرئيسين الأميركي والإيراني على ما عداه من اللقاءات. ولكن حتى الساعة لا يزال اللقاء متعذراً رغم التصريحات التي يتبادلها ترمب وروحاني، والتي يكتنفها بعض الغموض الذي يتيح لكل منهما حرية التحرك.
التحرك الفرنسي
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، كثّف تحركاته في اليومين الأخيرين معتبراً أن "ظروف استئناف سريع للمفاوضات" قد "تهيأت".
ورأى ماكرون "يعود الآن لإيران والولايات المتحدة أن تستغلا هذه الظروف، من خلال لقاء بين روحاني وترمب أو من خلال عملية ترتدي طابعا تدريجيا أكثر".
وقبل مغادرته نيويورك، أطلق ماكرون صرخة أخيرة "إذا غادر روحاني من دون أن يلتقي الرئيس ترمب فستكون هذه حقاً فرصة ضائعة ".
اللقاء إذا حصل سيكون الأول على هذا المستوى بين البلدين منذ إطاحة شاه إيران في عام 1979 وقطع العلاقات الإيرانية الأميركية. والهدف منه تخفيف التوتر الذي لم يكف عن التصاعد خلال الأشهر الأخيرة ووصل إلى ذروته منذ الهجمات في 14 سبتمبر (أيلول) الحالي على منشأتين نفطيتين سعوديتين، والتي نسبها الغربيون إلى طهران.
الرئيسان الأميركي والإيراني أطلقا في الأيام الأخيرة مواقف متباينة، فقد أكدا على الخلافات بينهما، وتبادلا أحياناً التهديدات، لكن من دون أن يغلقا تماماً الباب على لقاء بينهما.
وترمب، الذي يحبذ دوماً عقد لقاءات "تاريخية"، قال من نيويورك "يريدون التفاوض، هذا أمر جيد، لكننا لم نتفق بعد". بيد أن الرئيس الأميركي قد تعهد أمام ممثلي 193 عضواً في الأمم المتحدة، "تشديد" العقوبات "طالما استمر سلوك إيران التهديدي".
خطاب روحاني
ومن المقرر أن يلقي الرئيس الإيراني اليوم الأربعاء 25-9-2019 خطابه أمام الجمعية العامة، ويعرض فيه مشروعه الإقليمي "تحالف من أجل الأمل" الذي انتقدته السعودية أصلاً.
لكن روحاني سبق أن وجه رسالةً في مقابلة مع "فوكس نيوز" القناة المفضلة لدى ترمب، تؤكد أن على الرئيس الأميركي خلق "مناخ من الثقة المتبادلة" إذا كان يريد فعلياً الحوار مع إيران.
وذكّر روحاني بأن ترمب "قوّض هذه الثقة" بقراره سحب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي الإيراني المبرم عام 2015.
وتابع روحاني أنه إذا "تمت إعادة" هذه الثقة عبر رفع العقوبات، حينها سيكون مستعداً للتفاوض على اتفاقات أخرى مع الولايات المتحدة.
بالإضافة إلى إيمانويل ماكرون، كثفت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل ورئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون ونظيره الياباني شينزو آبي، اللقاءات والمساعي للتقريب بين ترمب وروحاني.
المسعى الباكستاني
واعلن رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان أنّ الرئيس ترمب كلّفه القيام بوساطة مع إيران لخفض حدّة التوتّر واستطلاع إمكان إبرام اتفاق جديد حول الملف النووي لطهران.
وقال خان لصحافيين في الأمم المتّحدة عقب لقائه في اجتماعين منفصلين الرئيسين الأميركي والإيراني إنّ "ترمب سألني ما إذا كان بإمكاننا المساهمة في تهدئة الأوضاع وربّما التوصّل إلى اتّفاق جديد مع طهران حول برنامجيها النووي والبالستي".
غير أنّ الرئيس الأميركي قدّم رواية مغايرة بعض الشيء، مؤكّداً أنّ رئيس الوزراء الباكستاني هو الذي بادر إلى عرض وساطته. ورد ترمب "هو (خان) يحب القيام بذلك، وتربطنا علاقة جيّدة للغاية، لذلك هناك احتمال أن ينجح هذا الأمر".
وأضاف "في الواقع هو الذي طلب مني ذلك، وأعتقد أنّ اللقاء أمر جيّد. نحن موجودون جميعاً هنا، في نيويورك، ولدينا وقت"، من دون أن يؤكّد صراحة موافقته على هذه الوساطة الباكستانية.
وجدّد ترمب التأكيد أنّ القادة الإيرانيين "يودّون التفاوض"، مضيفاً "لكنّهم لم يقبلوا بعد بلقاء على أعلى مستوى". وكان قال خلال مؤتمر صحافي أول الأسبوع إنّه ليس بحاجة لوسيط بينه وبين إيران.
وأكّد رئيس الوزراء الباكستاني "نحاول أن نبذل قصارى جهدنا" في ما خصّ هذه الوساطة، مضيفاً "إنه شيء لا يزال جارياً، لذلك لا يمكنني أن أقول أكثر من ذلك".
وأوضح خان أنّه بوصوله إلى الولايات المتحدة "تحدّثت على الفور مع الرئيس روحاني أمس (الاثنين) بعدما التقيت بالرئيس ترمب".
وتابع "لا أستطيع أن أقول الآن، بهذا الخصوص، أكثر من أنّنا نحاول ونتدخّل لتخفيف التوتر".
وتتمتّع باكستان تقليدياً بعلاقات قوية مع السعودية، لكنها تحتفظ أيضاً بعلاقات وطيدة مع إيران.
وإسلام أباد هي المسؤولة عن رعاية المصالح القنصلية الإيرانية في الولايات المتحدة، في ظل غياب علاقات دبلوماسية بين واشنطن وطهران.