Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

معاناة لاجئ سوري احتجز في بريطانيا استعدادا لترحيله إلى رواندا

حصري: كان محمد واحداً من بين أكثر من 100 طالب لجوء محتجز تمهيداً لترحيلهم على متن طائرات

اعتقل محمد في مايو، تمهيداً لترحيله جواً إلى رواندا، وقد أطلق سراحه بكفالة (اندبندنت)

ملخص

بين مطرقة النزاع في سوريا وسندان الترحيل إلى رواندا، قصة لاجئ احتجز 25 يوماً في مطار "غاتويك" ليعاد ويطلق سراحه في النهاية.

عقب صدور قرار بترحيله من المملكة المتحدة على متن إحدى الرحلات الجوية الأولى المتجهة إلى رواندا، تحدث لاجئ سوري على وشك الترحيل عن كوابيسه المتواصلة، وعن قلقه ويأسه الشديدين على امتداد 25 يوماً أمضاها في الاحتجاز.

وفي التفاصيل، روى محمد الخريوش، البالغ من العمر 25 سنة، كيف ظل يتساءل عن سبب ورود اسمه ضمن القائمة الأولى من الأشخاص [المنوي ترحيلهم]، وقال إنه أصيب بيأس شديد، ما انفك يتزايد طوال فترة مكوثه في مركز الاحتجاز في مطار "غاتويك".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وقد روى كيف أن وصوله إلى المملكة المتحدة في عام 2022 سمح له بمعاودة الاتصال بشقيقه الذي حصل على حق اللجوء في البلاد كقاصر، وكشف عن أنه "يخشى كثيراً" احتمال افتراقهما مجدداً.

وكان محمد من بين أكثر من 100 طالب لجوء اعتقلتهم وزارة الداخلية في مايو (أيار) الماضي، وسط استعدادها لإطلاق رحلات ترحيل مقررة إلى رواندا.

وفي ذلك اليوم، بثت وزارة الداخلية مقطع فيديو، أظهر عمليات اعتقال طاولت طالبي لجوء تمهيداً لترحيلهم، في خطوة وصفها حزب العمال بأنها "محاولة يائسة يبذلها المحافظون للظهور على أنهم متشددون".

بيد أن كثيراً من هؤلاء [المحتجزين] استعادوا اليوم حريتهم، إذ أطلق سراحهم بكفالة، بعد أن قال ريشي سوناك إن الرحلات الجوية لن تنظم إلا في حال فوزه في انتخابات الرابع من يوليو (تموز) المقبل، لا سيما أن حزب العمال تعهد بإلغاء المخطط [بترحيل طالبي اللجوء إلى رواندا]، البالغة قيمته 290 مليون جنيه استرليني (نحو 367 مليون دولار أميركي)، في حال فوزه في الانتخابات.

وقد تحدث محمد من مقر إحدى الجمعيات الخيرية بعد إطلاق سراحه بكفالة، وقال إنه رأى نفسه مرغماً على الفرار من سوريا في عام 2022، بعد أن تعرض لضغوط للانضمام إما إلى صفوف جيش الرئيس بشار الأسد أو إلى قوات المعارضة.

وصحيح أن المملكة المتحدة كانت قد خصصت طريقة وإجراءات لإعادة توطين الأشخاص الفارين من الحرب السورية، بيد أنها وضعت لها حداً في عام 2021. لذا ما عاد لديها أي سبيل آمن تستخدمه [لإيواء السوريين].

وبهذه الطريقة، بات أي شخص وصل إلى المملكة المتحدة بصورة غير نظامية بعد الأول من يناير (كانون الثاني) 2022، مثل محمد الذي وصل على متن قارب صغير، معرضاً للترحيل إلى رواندا بموجب مخطط سوناك.

وبالكلام عن محمد، الذي كان يعيش مع شقيقه في بلدة أكتون، فقد اعتقل خلال زيارة روتينية قام بها إلى مكتب الهجرة في الأول من مايو الماضي.

وقد اقتيد إلى مطار "غاتويك"، إذ وضع في غرفة مع لاجئ سوري آخر كان يعاني مشكلات في الصحة النفسية.

وبالكلام عن الفترة التي قضاها في مركز الترحيل التابع لمكتب الهجرة في جوار كراولي، أفاد بالقول: "وضعوني في بيئة قاهرة، وقد عانيت كثيراً بسبب كوابيسي المتواصلة وأرقي المستمر. لقد سبق أن تجاوزت مسيرة حافلة بالتحديات. لذا صعب عليَّ استيعاب حقيقة وضعي، وبقيت أتساءل عن السبب الذي أدى إلى احتجازي استعداداً لترحيلي".

"وفي الغرف، كنت أقيم مع محتجز آخر في غرفة مشتركة. ومع أنهم وفروا لنا الأسرة، لكن البيئة بحد ذاتها كانت أبعد ما يكون عن الراحة. ومع أننا وجدنا في متناولنا فسحة للتسوق وصالة للتمارين الرياضية، إلا أن فكري كان دائم الانشغال بمسألة ترحيلي، وكنت سيئ المزاج، إلى حد منعني من الاستفادة من هذه المرافق".

"وصحيح أنهم قدموا لنا الطعام، لكنني لم آكل إلا الحد الأدنى لأبقى على قيد الحياة. ومن ثم، فإن ذهني كان منشغلاً بآمالي بمستقبل أفضل، مع أن أي أمل [في هذا الاتجاه] راح يتلاشى مع مرور الأيام، لأن طيف ترحيلي الوشيك كان يطغى عليَّ ويزيد من شدة اضطرابي وتوتري. لذا كان [وضعي في] مركز الاحتجاز صعباً للغاية".

وبالكلام عن قراره بالرحيل عن موطنه، أخبر قائلاً: "لقد كان قرار الرحيل عن سوريا صعباً للغاية، لكنني كنت مجبراً على اتخاذه، ضماناً لأمني وأمن عائلتي. فالوضع كان لا يطاق في المكان، وكنا نعيش في خوف مستمر من أعمال العنف وعدم الاستقرار".

"ومن ثم، فإن الضغوط التي تعرضت لها لأنضم إما إلى صفوف الجيش السوري أو إلى قوات المعارضة زادت الطين بلة. لذا اتخذت قراراً بوضع أمن عائلتي في طليعة أولوياتي وبتفضيله على الحرب، وكل ما كنت أريده هو العيش بسلام، بعيداً من فوضى الحرب وغوغائها".

ومع أن زوجته وطفله الصغير لا يزالان في سوريا، لكنهما باتا أكثر أماناً بعد رحيله، ولم يرغمهما أي كان على اختيار طرف في الصراع المسلح. واليوم، جل ما يتمناه [محمد] هو أن يتمكنا من ملاقاته ذات يوم في المملكة المتحدة.

وفي سياق متصل، كان شقيقه الأصغر قد حصل على حق اللجوء إلى المملكة المتحدة قبل أربع سنوات، باعتباره قاصراً، وهو يعمل اليوم في مجال البناء. وقد استأجر هذا الأخير شقة ويعيل محمداً وشقيقاً آخر لهما وصل إلى المملكة المتحدة منذ بضعة أشهر. واللافت أن محمد لم يكتشف أن شقيقه مقيم في المملكة المتحدة إلا بعد وصوله إلى البلاد. لذا يشعر بالتوتر إزاء فكرة افتراقه عنهما مجدداً.

وقد شرح قائلاً: "لقد هربت من الحرب في موطني سوريا، وهذه الحرب قطعت أوصال عائلتنا وشتتتها. وفي المملكة المتحدة، تسنى لي للمرة الأولى أن أعاود الاجتماع بشقيقي. لذا فإن فكرة تهجيري مجدداً مرعبة إلى أقصى الحدود، ناهيك بأن إعادة توطيني في بلد مثل رواندا - بالنظر إلى سيرة الحروب والعنف، وإلى عدم توفر شبكة دعم فيه - ستزيد من ضعفي وهشاشتي".

وفي سياق مواز، قيل لمحمد إن طلب اللجوء الذي قدمه لم يلق قبولاً، لذا فإن وزارة الداخلية تنوي ترحيله إلى رواندا. أما شقيقه الثاني، فلم يتلق حتى الساعة أي رد في شأن طلب اللجوء الذي قدمه.

وما إن وصل [محمد] إلى مركز الاحتجاز، حتى أعطاه مسؤولون من القوات الحدودية منشوراً فيه شرح عن طبيعة رواندا. وفي هذا السياق، يقال لطالبي اللجوء إن هذا البلد معروف باسم "أرض الألف تل"، وإن الروانديين يتعاملون مع الزوار بود.

وقد جاء على صفحة من المنشور بعنوان "هل رواندا آمنة؟" أن البلاد عموماً تنعم بالأمن والسلام، وأن سجلها حافل بالدعم المقدم لطالبي اللجوء".

ولكن في نوفمبر (تشرين الثاني) من السنة الماضية، كانت المحكمة العليا في المملكة المتحدة قد أصدرت حكماً يفيد بضرورة الوثوق بمفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين UNHCR في تقييمها بأن رواندا ليست بلداً آمناً لطالبي اللجوء.

وفي هذا الإطار، يشار إلى أن المفوضية حذرت قضاة المحكمة العليا، منذ أقل من أسبوع، بأنها قد تمتلك أدلة جديدة على أن رواندا تعرض طالبي اللجوء للخطر، بيد أن البرلمان البريطاني قام، في سياق هذه السنة، بإقرار قانون يؤكد أن رواندا بلد آمن، ضارباً بقرار المحكمة العليا عرض الحائط.

ومن جهتها، أفادت ماري أتكينسون، مستشارة السياسات في "المجلس المشترك لرعاية المهاجرين" Joint Council for the Welfare of Immigrants (JCWI) (مؤسسة خيرية تعنى بعدالة قوانين الهجرة والجنسية واللاجئين) بالقول: "لقد تسببت سياسة رواندا في معاناة نفسية هائلة لدى الأشخاص الذين عانوا من صدمة نفسية تلو الأخرى، وهي بالتالي مثال آخر على نهج ‘الردع’ الفاشل".

وأضافت بالقول: "ينبغي علينا تغيير المسار الآن، وتوفير طرق آمنة [للاجئين] والترحيب بالأشخاص الذين يتخذون من المملكة المتحدة موطناً لهم".

أما وزارة الداخلية فقالت إنها لن تصدر أي تعليق، أكان في شأن الاعتقالات أو في شأن أي نشاط عملياتي.

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير