ملخص
تقول المنظمة العالمية للأرصاد الجوية إن هناك احتمالاً بنسبة 86 في المئة أن يسجل أحد الأعوام الخمسة المقبلة أعلى درجات حرارة على الإطلاق، متجاوزاً عام 2023.
يبدو أنه صيف غير مسبوق، فموجات الحر المهلكة تجتاح أربع قارات بالفعل مع حلول اليوم الأول من فصل الصيف في النصف الشمالي من الكرة الأرضية، مما يشير إلى أن تغير المناخ قد يؤدي مرة أخرى إلى ارتفاع درجات الحرارة إلى مستويات قياسية يمكن أن تتجاوز تلك التي سجلت الصيف الماضي وجعلته الأكثر حرارة منذ 2000 عام.
ويشتبه في أن درجات الحرارة القياسية التي سجلت بالفعل في الأيام الأخيرة تسببت في وفاة المئات إن لم يكن الآلاف في جميع أنحاء آسيا وأوروبا.
وعانت دول في محيط البحر المتوسط أسبوعاً آخر من درجات الحرارة المرتفعة التي أسهمت في نشوب حرائق غابات من البرتغال إلى اليونان وعلى طول الساحل الشمالي لأفريقيا في الجزائر، بحسب الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي الأميركية.
وفي صربيا، توقع خبراء الأرصاد الجوية أن تصل درجات الحرارة إلى نحو 40 درجة مئوية خلال الأيام المقبلة، إذ دفعت الرياح القادمة من شمال أفريقيا بجبهة ساخنة عبر منطقة البلقان، وأعلنت سلطات الصحة حال تأهب للطقس من مستوى اللون الأحمر ونصحت المواطنين بعدم المغامرة بالخروج إلى الأماكن المفتوحة.
وقالت خدمة الطوارئ في بلغراد إن أطباء تابعين لها تدخلوا 109 مرات خلال الليل لعلاج أشخاص ممن يعانون أمراض القلب وأمراضاً مزمنة.
وفي الجبل الأسود المجاورة، نبهت سلطات الصحة السكان أيضاً إلى ضرورة البقاء في الظل حتى وقت متأخر من فترة الظهيرة، سعى عشرات الآلاف من السياح إلى قضاء أوقات على الشواطئ.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وتواجه أوروبا هذا العام موجة من حالات اختفاء ووفاة سياح وسط درجات حرارة خطرة. وقالت الشرطة اليونانية يوم الإثنين الماضي إنها عثرت على أميركي عمره 55 سنة وقد توفي في جزيرة ماثراكي، في ثالث حالة وفاة من نوعها خلال أسبوع.
وتعاني مناطق شمال شرقي الولايات المتحدة والغرب الأوسط أيضاً ما يعرف باسم القبة الحرارية، إذ صدرت تحذيرات لأكثر من 86 مليون شخص بسبب الحرارة اليوم الخميس، وفقاً لخدمة الطقس الوطنية الأميركية.
وتحدث القبة الحرارية عندما يحبس نظام قوي عالي الضغط الهواء الساخن فوق منطقة ما، مما يمنع الهواء البارد من الدخول ويتسبب في بقاء درجات حرارة الأرض مرتفعة.
وبموجب خطة طوارئ لمواجهة الحرارة، قالت مدينة نيويورك إنها ستفتح مراكز التبريد بها للمرة الأولى هذا العام.
وأصدرت هيئات الأرصاد أيضاً تحذيراً من الحرارة المفرطة في مناطق من ولاية أريزونا، بينها فينيكس، اليوم فمن المتوقع أن تصل درجات الحرارة إلى 45.5 درجة مئوية.
ليل حار في الهند
تستمر فترة الصيف في الهند من مارس (آذار) إلى مايو (أيار)، عندما تبدأ الأمطار الموسمية في اجتياح البلاد ببطء وتخفيف حرارة الجو.
لكن نيودلهي سجلت أمس الأربعاء أشد ليلة حرارة منذ 55 عاماً في الأقل، إذ سجل مرصد سافدارجونج الهندي درجة حرارة بلغت 35.2 درجة مئوية الساعة الواحدة صباحاً.
وعادة ما تنخفض درجات الحرارة خلال ساعات الليل، لكن العلماء يقولون إن تغير المناخ يتسبب في ارتفاع درجات الحرارة خلال الليل. وفي أجزاء كثيرة من مناطق العالم، ترتفع درجات الحرارة ليلاً بصورة أسرع من النهار، بحسب دراسة أجرتها جامعة إكستر عام 2020.
ووفقاً لبيانات إدارة الأرصاد الجوية، سجلت نيودلهي خلال 38 يوماً متتالياً درجات حرارة قصوى بلغت 40 درجة مئوية أو أكثر منذ الـ14 من مايو.
وقال مسؤول في وزارة الصحة الهندية أمس إن هناك أكثر من 40 ألف حالة يشتبه في إصابتها بضربة شمس وما لا يقل عن 110 حالات وفاة مؤكدة في الفترة من الأول من مارس إلى الـ18 من يونيو (حزيران)، عندما سجل شمال غربي وشرق الهند مثلي العدد المعتاد لأيام موجة الحر في واحدة من أطول موجات الحر في البلاد.
ومع ذلك، فإن رصد أعداد الوفيات الناجمة عن موجات الحر بدقة أمر صعب، فمعظم السلطات الصحية لا ترجع الوفيات إلى الحرارة بل إلى الأمراض التي تتفاقم بسبب ارتفاع درجات الحرارة مثل مشكلات القلب والأوعية الدموية، لذا فإن السلطات تحتسب عدد الوفيات المرتبطة بالحرارة بفارق كبير وتتجاهل عادة آلافاً إن لم يكن عشرات آلاف من الوفيات الناجمة عن موجات الطقس الحار.
ارتفاع قياسي
ذكرت خدمة مراقبة تغير المناخ التابعة للاتحاد الأوروبي أن موجات الحر التي تحدث حالياً تأتي على خلفية 12 شهراً متتالياً شهدت أعلى درجات حرارة على الإطلاق مقارنة بالأعوام السابقة.
وتقول المنظمة العالمية للأرصاد الجوية إن هناك احتمالاً بنسبة 86 في المئة أن يسجل أحد الأعوام الخمسة القادمة أعلى درجات حرارة على الإطلاق، متجاوزاً عام 2023.
وبينما ارتفعت درجات الحرارة العالمية بصورة عامة نحو 1.3 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل الثورة الصناعية، فإن تغير المناخ يغذي درجات الحرارة القصوى الأشد ارتفاعاً، مما يجعل موجات الحر أكثر شيوعاً وكثافة وأطول أمداً.
ووفقاً لفريق دولي من العلماء لدى مجموعة "ورلد ويزر أتريبيوشن" فإن موجة الحر التي كانت تحدث مرة واحدة كل 10 أعوام قبل الثورة الصناعية ستحدث الآن 2.8 مرة كل 10 أعوام، وستكون أشد حرارة بمقدار 1.2 درجة مئوية.
ويقول علماء إن موجات الحر ستستمر بالتزايد في حال استمر العالم في إطلاق العنان للانبعاثات المسببة لظاهرة الاحتباس الحراري الناجمة عن حرق الوقود الأحفوري.
ووفقاً لمجموعة "ورلد ويزر أتريبيوشن"، فإنه إذا ارتفعت درجات الحرارة العالمية بمقدار درجتين مئويتين فوق مستواها الحالي، ستحدث موجات الحر 5.6 مرة كل 10 أعوام في المتوسط، وستكون أشد حرارة بمقدار 2.6 درجة مئوية.
