Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

مأساة كردية جديدة ترويها أمواج المتوسط

انتشل خفر السواحل الإيطاليون 34 جثة بعد غرق قارب يقل مهاجرين وفقدان آخرين

ذوي أحد الضحايا في مجلس عزاء بكردستان العراق ( أ ف ب)

ملخص

تعد منطقة وسط المتوسط الواقعة بين سواحل شمال أفريقيا وإيطاليا ومالطا طريق الهجرة الأكثر حصداً للأرواح في العالم إذ تسجل فيها 80 في المئة من حالات الموت غرقاً أو الاختفاء.

مرة أخرى يبكي سكان إقليم كردستان العراق أقارب لهم إثر غرق مركب قبالة سواحل إيطاليا كان يقل مهاجرين جازفوا بحياتهم في البحر الأبيض المتوسط أملاً بالوصول إلى أوروبا.
وقال بيان إن قوات خفر السواحل الإيطالية انتشلت 14 جثة اليوم الجمعة بعد انتشال قرابة 20 جثة أخرى، إثر غرق قارب مهاجرين قبالة منطقة كالابريا بجنوب إيطاليا في حادث أسفر عن وفاة 34 على الأقل.
وقالت وكالات إغاثة يوم الاثنين الماضي إن الحادث وقع على بعد نحو 200 كيلومتر شرقي كالابريا حين اندلع حريق في القارب الذي يعتقد أنه انطلق من تركيا.
وقال بيان خفر السواحل "انتشلت سفينتي خفر السواحل داتيلو وكورسي اليوم 14 جثة. وبلغ إجمالي الجثث التي جرى انتشالها 34" منذ بدء عمليات البحث.

على أمل العبور

وأمضت مجدة وشقيقتها هيرو وعائلاتهما خمسة أشهر في تركيا، على أمل العبور إلى أوروبا، لكن من أصل 11 فرداً من العائلتين، نجا ثلاثة فحسب، على ما أكد أقاربهم في أربيل عاصمة إقليم كردستان في شمال العراق، لوكالة الصحافة الفرنسية.

على جدار متهالك عند مدخل منزل العائلة، ملصق يعلن عن مجلس عزاء لاستقبال الأقارب والأصدقاء. وتظهر صورتان عائليتان الضحايا من أهل وأبناء وهم يرتدون أجمل ملابسهم والبسمة مرتسمة على محياهم.

في الصور تظهر مجدة مع زوجها عبدالقادر سائق التاكسي وهيرو وزوجها ريبوار الحداد. وكان الأربعة مع أطفالهم على متن المركب الشراعي الذي غرق هذا الأسبوع قبالة ساحل كالابريا في إيطاليا.

تفاصيل مؤلمة

وقال خفر السواحل الإيطاليون في وقت سابق إنهم انتشلوا 12 جثة إضافية، بعد غرق قارب يقل مهاجرين هذا الأسبوع قبالة السواحل الجنوبية، أعلن فقدان أكثر من 60 شخصاً كانوا على متنه بينهم كثير من الأطفال.

وأنقذ 12 شخصاً بعدما غرق القارب على مسافة نحو 220 كيلومتراً قبالة سواحل كالابريا ليل الأحد/ الإثنين، ولكن سجلت وفاة واحدة بعد الوصول إلى البر.

ويعتقد أن ما لا يقل عن 26 طفلاً، لا تتجاوز أعمار بعضهم بضعة أشهر، لقوا حتفهم، وفق ما أفادت منظمة "أطباء بلا حدود" التي هرعت لمساعدة الناجين.

وأعلن خفر السواحل أمس الخميس أنهم انتشلوا "12 جثة إضافية، بينها نساء وأطفال" في البحر الأيوني.

وعثر على 10 جثث في قارب مهاجرين تحطم الإثنين الماضي قبالة جزيرة لامبيدوسا الإيطالية، وفق مجموعة "ريسكيوشيب" الألمانية.

 

 

ولقي نحو 3155 مهاجراً حتفهم أو فقد أثرهم في البحر الأبيض المتوسط العام الماضي، وفق المنظمة الدولية للهجرة.

ولقي أكثر من 1000 حتفهم أو سجلوا في عداد المفقودين هذا العام.

تعد منطقة وسط المتوسط الواقعة بين سواحل شمال أفريقيا وإيطاليا ومالطا طريق الهجرة الأكثر حصداً للأرواح في العالم، إذ تسجل فيها 80 في المئة من حالات الموت غرقاً أو الاختفاء.

ينطلق كثير من المهاجرين من تونس أو ليبيا على متن قوارب متوجهة إلى أوروبا وتكون إيطاليا عادة محطتهم الأولى.

وتراجع عدد الوافدين بصورة كبيرة منذ مطلع العام إذ وصل 24100 شخص إلى إيطاليا حتى الآن، مقارنة بأكثر من 57500 في الفترة ذاتها من عام 2023، بحسب وزارة الداخلية.

مأساة متكررة

تقول خديجة حسين قريبة العائلة "الأمر المؤكد هو أن مجدة على قيد الحياة، تحدثنا معها عبر الهاتف".

وتضيف أن أحد أبناء مجدة نجا أيضاً وكذلك أحد أبناء هيرو موضحة "لكن لا نعرف تفاصيل أخرى عنهم".

لكن العائلة فقدت الأمل في أن يكون البقية على قيد الحياة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وكادت العائلتان تتخليان عن فكرة السفر إلى أوروبا، على ما تضيف ربة المنزل البالغة 54 سنة قائلة "أخبروا الأهل بذلك والجميع سعدوا بهذا القرار، لكن في الأسبوع الماضي أقنعهم المهرب بأنه وجد طريقاً سهلاً وجيداً فقرروا السفر مرة أخرى".

وكان يفترض بالمسافرين الاتصال بالعائلة عند الوصول إلى وجهتهم. وتقول خديجة "لكن مضى وقت ولم يصل منهم أي خبر أو اتصال". أما المهرب فأغلق هاتفه.

وهذه مأساة تكرر في كردستان العراق المتمتع بحكم ذاتي.

في السنوات الأخيرة سلك آلاف الأكراد طرق الهجرة، مجازفين بعبور البحر للوصول إلى المملكة المتحدة، أو المشي عبر الغابات في بيلاروس للوصول إلى الاتحاد الأوروبي.

"بلادنا أفضل"

في أربيل، في ساحة مدرسة أقيم فيها مجلس العزاء، تجلس عشرات النساء في خيمة يرتدين ملابس الحداد السوداء، وعلامات التعب على وجوههن، في صمت يقطعه فقط بكاء الأطفال.

أما في المسجد فيستقبل رجال العائلة عشرات المعزين فيما تتلى آيات من القرآن.

يؤكد كمال حمد، والد ريبوار، أنه تحدث مع ابنه الأربعاء الـ12 من يونيو (حزيران) الجاري وكان على متن المركب.

إلى جانب الألم الذي يعتصر قلبه، يعرب عن شعور بعدم الفهم مؤكداً "كانوا يعرفون جيداً أن الإبحار بهذه الصورة هو الموت بعينه".

ويضيف بأسى "لماذا يذهبون؟ (...) وبلادنا أفضل من كل مكان".

في العراق الذي يعاني عدم الاستقرار كثيراً ما عكست كردستان صورة رخاء واستقرار، فتكثر فيها المشاريع العقارية الفاخرة والطرق السريعة والجامعات والمدارس الخاصة.

لكن المنطقة مثل بقية البلاد الغنية بالنفط تعاني أيضاً الفساد المستشري والمحسوبية والمشكلات الاقتصادية التي تسهم في إحباط الشباب.

وأظهر استطلاع للرأي أجرته مؤسسة "غالوب" أنه في عام 2022 اعتبر اثنان من كل ثلاثة من سكان كردستان أنه من الصعب إيجاد وظيفة.

 

 

وفي إقليم كردستان، قال رئيس رابطة المهاجرين العائدين من أوروبا بكر علي إن المركب الذي غرق قرب السواحل الإيطالية كان يحمل "75 شخصاً من نساء وأطفال ورجال، غالبيتهم من أكراد العراق وإيران وعدد من الأفغان" بحسب معلومات أولية.

وأوضح أن القارب أبحر من منطقة بودروم في تركيا.

وكان بين الركاب أكثر من 30 شخصاً من كردستان، على ما يقول بختيار قادر، ابن عم ريبوار.

هو نفسه لا يفهم إصرار العائلتين على المغادرة، مؤكداً "كانت لديهم منازلهم وسيارات وأطفال وأعمالهم الخاصة".

ويشدد الرجل الأربعيني "أنا بنفسي تحدثت معهم وأيضاً أقاربهم وأصدقاؤهم ولكن لم يسمعوا كلام أحد ولم يتراجعوا عن قرارهم".

ويضيف بحزن "لم يكونوا يعلمون أن الموت ينتظرهم".

المزيد من الأخبار