ملخص
وعد حزبا "المحافظين" و"العمال" بالتزام قاعدة مالية لخفض نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي في غضون السنوات الخمس المقبلة
اقترب عبء ديون بريطانيا من 100 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي الشهر الماضي، مما يسلط الضوء على التحديات التي تواجه الحكومة المقبلة بعد أن وعد كل من "المحافظين" و"العمال" بخفض الديون.
وأظهرت الأرقام الرسمية أن الاقتراض في مايو (أيار) الماضي رفع نسبة الدين من 98.1 في المئة إلى 99.8 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، وهو أعلى مستوى منذ عام 1993.
وتواجه الحكومة البريطانية المقبلة وضعاً مالياً مقيداً وستحتاج إلى تدبير 30 مليار جنيه استرليني (37.9 مليار دولار) من المدخرات أو زيادة الضرائب لتحقيق الاستقرار في الدين العام على مدى العقد المقبل، وفقاً لصندوق النقد الدولي.
إلى ذلك وعد حزبا "المحافظين" و"العمال" بالتزام قاعدة مالية لخفض نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي في غضون السنوات الخمس المقبلة.
وتعليقاً على ذلك، قال المتخصص في الشأن الاقتصادي في شركة الخدمات المهنية "آر أس أم" توماس بوغ "بالنظر إلى أن خطط الضرائب والإنفاق الحالية تبدو صعبة التنفيذ للغاية، فسيتعين على الحكومة الجديدة جمع مزيد من الضرائب أو اقتراض مزيد"، مضيفاً "أمام الحكومة المقبلة عملية توازن صعبة للغاية، إذ يتعين عليها القيام بها لتجنب جرعة أخرى من التقشف للإدارات الحكومية المنهكة بالفعل".
وبلغ إجمالي فاتورة الاقتراض العام 15 مليار جنيه استرليني (18.9 مليار دولار) في مايو الماضي، أي أقل من توقعات مكتب مسؤولية الموازنة البالغة 15.7 مليار جنيه استرليني (19.8 مليار دولار)، في حين خفضت توقعات الاقتراض لأبريل (نيسان) الماضي بمقدار 2.1 مليار جنيه استرليني (2.6 مليار دولار) إلى 18.4 مليار جنيه استرليني (23.2 مليار دولار).
في غضون ذلك، قال مكتب الإحصاءات الوطنية إن "ارتفاع الضرائب وانخفاض مدفوعات فوائد الديون ساعدا في خفض صافي اقتراض القطاع العام".
ويقل الاقتراض الإجمالي في السنة المالية التي بدأت في الأول من أبريل الماضي عن توقعات مكتب مسؤولية الموازنة بنحو 1.5 مليار جنيه استرليني (1.9 مليار دولار)، مما يوفر بعض المجال للتنفس المالي لوزير الخزانة المقبل.
وكان الاقتراض في الشهر الماضي مدفوعاً بانخفاض الإنفاق الاستثماري الحكومي وانخفاض كلف خدمة الديون على السندات الحكومية، التي انخفضت من 9.2 مليار جنيه استرليني (11.6 مليار دولار) في أبريل الماضي إلى 8 مليارات جنيه استرليني (10.1 مليار دولار) في الشهر الماضي.
وتعكس فاتورة فوائد الديون المدفوعات على الديون المرتبطة بالتضخم، التي ترتبط بمقياس التضخم لمؤشر أسعار التجزئة، وانخفض مؤشر أسعار التجزئة إلى ثلاثة في المئة الشهر الماضي، وهو أدنى مستوى له منذ ثلاث سنوات.
وارتفعت إيرادات الضرائب الحكومية بمقدار ملياري جنيه استرليني (2.5 مليار دولار) إلى 58.6 مليار جنيه استرليني (74.1 مليار دولار) في مايو الماضي، مع ارتفاع ضريبة القيمة المضافة وضريبة الشركات ودخل ضريبة الدخل.
وقال مكتب الإحصاءات الوطنية إن مساهمات التأمين الوطني انخفضت بمقدار 900 مليون جنيه استرليني (1.1 مليون دولار) بعد تطبيق الحكومة خفض بنسين اعتباراً من مطلع أبريل الماضي، وكان قد خفض "المحافظين" ضريبة التأمين الوطني من 12 في المئة إلى ثمانية في المئة منذ بداية العام الحالي.
احتياط ضيق من الأموال
من جانبها قالت وزيرة الخزانة في حكومة الظل (العمال) راشيل ريفز، في قمة الرؤساء التنفيذيين لصحيفة الـ"تايمز" إنها كانت تخطط لتقديم موازنتها الأولى بعد نحو 10 أسابيع من الانتخابات العامة في الرابع من يوليو (تموز) المقبل، قائلة إن "حزب العمال، الذي من المتوقع أن يفوز بغالبية ساحقة كان يخطط فحسب لتغييرات محدودة للغاية في الضرائب والإنفاق وضخ نقدي فوري للخدمات العامة التي حددت كلفتها وتمويلها بالكامل"، مضيفة "لن أقدم أي وعود من دون أن أقول من أين ستأتي الأموال".
وفي حال فاز حزب "العمال" بالانتخابات فسيتعين عليها أيضاً إجراء مراجعة لإنفاق الإدارات الحكومية مثل العدل والنقل والحكومات المحلية التي لديها موازنات غير محمية، وستضع مبادئ توجيهية لإنفاقها للسنوات الخمس المقبلة.
في الأثناء قال تحليل من "كابيتال إيكونوميكس" إن وزير الخزانة المقبل من المرجح أن يكون لديه احتياط ضيق يبلغ نحو 8.5 مليار جنيه استرليني (10.7 مليار دولار) من الارتفاع المالي في بيان الخريف بعد الانتخابات، بانخفاض عن 8.9 مليار جنيه استرليني (11.2 مليار دولار) الذي بقي لجيريمي هانت بعد موازنة مارس (آذار) الماضي، في حين تؤكد أرقام الاقتراض المعضلة المالية التي تواجه ريفز.
وعرضت راشيل ريفز هذا الأسبوع "الميراث المالي الصعب حقاً" الذي من المحتمل أن تواجهه إذا وصلت في أول يوم لها في وزارة الخزانة في الخامس من يوليو المقبل. وقالت وزيرة الخزانة في حكومة "الظل" في قمة الرؤساء التنفيذيين لصحيفة الـ"تايمز" أول من أمس الخميس إن "الدين كحصة من الناتج المحلي الإجمالي يبلغ 100 في المئة تقريباً، والعبء الضريبي عند أعلى مستوى له منذ 70 عاماً".
وتأكدت تحذيراتها أمس الجمعة من قبل مكتب الإحصاءات الوطنية، الذي قال إن عبء الديون وصل إلى أعلى مستوى منذ أن بدأت السجلات المعادلة قبل 30 عاماً، ويقترب من الحجم الإجمالي للاقتصاد عند 99.8 في المئة، أو 2.75 تريليون جنيه استرليني (3.48 تريليون دولار).
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأخبرت ريفز قادة الأعمال أنها "لن تكتفي بفرض مزيد من الضرائب من أجل إنفاق مزيد، فهذا لن ينجح فالأمر ليس أشبه بإخراج دفتر الشيكات".
وعلى المدى المتوسط فهي تراهن على انتقال بريطانيا من علاوة ليز تراس رئيسة وزراء بريطانيا السابقة مع المستثمرين الدوليين إلى "أرباح مملة"، إذ من المتوقع أن تؤدي غالبية كبيرة من حزب "العمال" والوعد بالاستقرار إلى تعزيز الأسواق المالية والشركات، مع ارتفاع كلف الاقتراض.
ومع ذلك على المدى القصير تستعد ريفز بالفعل لموازنتها المصغرة، التي قالت إنها ستسلم بعد نحو 10 أسابيع من تاريخ الانتخابات، وستكون المهمة الأكثر إلحاحاً في أول حدث مالي لها هي خطط الإنفاق لعدد من الوزارات الحكومية، التي تواجه تقشفاً قاسياً على مدى السنوات المقبلة، في ظل خطط حزب "المحافظين" التي تتوقع خفوضات في الإنفاق بمليارات الدولارات في مجالات تشمل العدل والتعليم والنقل والحكومات المحلية.
وكان حزب "العمال" وعد "بضخ فوري" للأموال في الخدمات العامة، قبل أن يمتنع عن تقديم التزامات طويلة الأجل لزيادة الضرائب أو مشاريع الإنفاق بصورة كبيرة خارج صندوق الثروة الوطنية ومشروع الطاقة الخضراء بقيمة 8 مليارات جنيه استرليني (10.1 مليار دولار).
الفائدة المرتفعة وتعاظم الدين
وعلى رغم أنه من المرجح أن يرث حزب "العمال" اقتصاداً يشهد انتعاشاً معتدلاً، فإن التأثيرات الإيجابية للتضخم المرتفع في المالية العامة ستتضاءل في ظل حكومة جديدة، إذ ساعد عامان من ارتفاع الأسعار على دفع ملايين العمال إلى شرائح ضريبية أعلى من خلال السحب المالي، وهي العملية التي أدت إلى تسجيل إيرادات ضريبية قياسية على الأسر والشركات لمصلحة "المحافظين" على مدى العام الماضي، والتضخم يدفع الحجم الاسمي للاقتصاد إلى الأعلى، مما يساعد على إبقاء نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي تحت السيطرة نسبياً.
وقد بدأت هذه الرياح المواتية في التراجع، مع تباطؤ التضخم ولكن مع بقاء أسعار الفائدة عند أعلى مستوى منذ عام 2008، مما ساعد على رفع نسبة الدين إلى واحدة من أعلى المستويات في فترة ما بعد الحرب.
وقال كبير الاقتصاديين البريطانيين في "إيرنست ويونغ" في بريطانيا، للصحيفة ذاتها إن "تأثير التشديد الكبير للسياسة سيصبح واضحاً بصورة متزايدة مع تقدم السنة المالية".
ومن المرجح أيضاً أن يكون الضغط على المالية العامة أسوأ مما كان متوقعاً هذا العام، خصوصاً إذا خفض بنك إنجلترا (البنك المركزي البريطاني) أسعار الفائدة خفضاً متواضعاً، مما سيبقي كلف الاقتراض أعلى مما توقعه مكتب مسؤولية الموازنة في مارس الماضي.
وسيكلف مكتب مراقبة الموازنة (هيئة رقابة مالية مستقلة) بمهمة مراجعة الخطة المالية لريفز وسيتعين عليها محو بعض التقدم من تأثير انخفاض كلف الاقتراض، مما يترك لها ما يقدر بنحو 8 مليارات جنيه استرليني (10.1 مليار دولار) إلى 9 مليارات جنيه استرليني (11.3 مليار دولار) كاحتياط.