سلطة حضرموت تعتقل عارضة أزياء بعد ظهورها بلا حجاب

لم تعُد مناطق سيطرة الحوثيين وحدها التي تأتي منها أخبار اعتقالات الناشطات والفنانات، فها هي محافظة حضرموت (شرق اليمن) التابعة للحكومة الشرعية المعترف بها تسجل حالة جديدة لاعتقال عارضة أزياء في حادثة هي الأولى من نوعها.

فأوقفت شرطة محافظة حضرموت عارضة الأزياء خلود باشراحيل بعد ظهورها في صور عدة ومقاطع فيديو من دون حجاب، مما اعتبر منافياً للآداب.

وأكد خالد باشراحيل، والد خلود، أن إدارة أمن المكلا (المركز الإداري للمحافظة) اعتقلت ابنته وزوجها منذ أيام عدة عقب حملة تحريض شنها ضدها أحد رجال الدين التابعين للطائفة الصوفية في المحافظة.

وأوضح في اتصال مع "اندبندنت عربية" أن ابنته اعتقلت بناءً على هذا التحريض وتم إيقافها وزوجها في إدارة أمن المكلا بحجة الظهور بصور ومقاطع بلا حجاب جرى نشرها وتداولها في منصات التواصل الاجتماعي.

تعهد وحذف

وكشف باشراحيل عن أن القضية على وشك التوصل إلى تسوية مع الأمن تقتضي تعهد خلود بعدم نشر أي مقاطع أو صور، بخاصة بلا حجاب وحذف التي سبق ونشرتها على حساباتها بمواقع التواصل الاجتماعي على أن يفرج عنها، متوقعاً مغادرتها التوقيف مساء اليوم الأحد.

وبعد الاطلاع على حسابات عارضة الأزياء باشراحيل تبين بالفعل أنها باشرت اليوم بحذف جميع المقاطع والصور التي نشرتها لها مع زوجها خلال حفل زفافهما، وسببت إثرها موجة من الجدل الذي وصل إلى المطالبة من قبل شخصيات دينية واجتماعية بوضع حد لتصرفاتها التي اعتبرت تحريضاً على العادات والموروث الاجتماعي المحافظ في البلاد.

ففي العرف الاجتماعي اليمني تُعد إزالة العباءة والحجاب وكشف الشعر أو أجزاء من الجسد بمثابة الجريمة التي تعاقب عليها المرأة من قبل أسرتها ومجتمعها تصل إلى حد التشنيع والتشكيك في الشرف.

ويغلب الطابع التقليدي على لباس غالبية النساء بالبلاد الغارقة في الصراع الدامي منذ 10 أعوام، على أن يغطي كل الجسد بما فيه الوجه والكفوف مستمداً من الموروث الديني الذي توغلت مفاهيمه المتشددة خلال العقود الماضية بخلاف ما كانت عليه النساء قديماً، إذ عرف عنهن مشاركة الرجال مختلف الأنشطة الاجتماعية والزراعية وحتى السياسية من دون حجاب أو عباءات كالتي يرتدينها اليوم.

جدل واسع

ولم يصدر بعد تعليق من السلطات الأمنية في حضرموت كبرى المحافظات اليمنية مساحة في شأن اعتقال خلود باشراحيل التي عادة ما تثير الجدل، خصوصاً بعد إعلانها خلع الحجاب "العباءة وغطاء الرأس" والدعوة إلى مزيد من حرية المرأة في اليمن.

وكانت دعت في تسجيلات مصورة على منصات التواصل الاجتماعي إلى "التحرر ورفض الأفكار التقليدية والمتشددة" كما أعلنت أخيراً أنها قررت خلع الحجاب، بعد أن أثارت صورها ومقاطع الفيديو المنسوبة إليها جدلاً واسعاً.

ويرى قطاع اجتماعي أن هذه قناعة وحرية شخصية كفلها القانون والدستور المدني لجميع الناس في اليمن، في حين يرى آخرون، من بينهم قطاع واسع من النساء، أنها تمارس نوعاً من الاستفزاز المجتمعي بالدعوة إلى سلوكات غير ملائمة للمجتمع المحلي اليمني. فيما راح آخرون لاتهامها بتلقي دعم دولي معين لنشر الأفكار الدخيلة على العادات الاجتماعية السائدة.

والتزاماً بحق الرأي، حاولت "اندبندنت عربية" الاتصال بالسلطات المحلية والأمنية في محافظة حضرموت، من دون أن نتلقى رداً.

ليست الأولى

وذكّرت الحادثة بأخرى مشابهة في 2021، عندما اعتقلت ميليشيات الحوثي عارضة الأزياء والممثلة انتصار الحمادي وثلاث أخريات من زميلاتها، وأودعتهن السجن وأتبعته بحكم أصدرته محكمة تابعة للجماعة المدعومة من إيران في صنعاء بإدانتهن بارتكاب "فعل فاضح"، مما قوبل برفض أهلي وحقوقي تقدمته منظمة هيومن رايتس ووتش.

واعتقلت الحمادي (20 سنة) وزميلاتها في شارع رئيس في صنعاء أثناء توجهها لالتقاط صور أزياء، ووصف محاميها خالد الكمال محاكمة الحوثيين التي استمرت ثمانية أشهر بأنها "لا أساس لها من الصحة".

وأكد في حديثه حينها أن محكمة يديرها الحوثيون أقرت بسجنها لمدة 5 سنوات بتهم عدة تتعلق بالمخدرات والأدب العام.

وأوقف الحوثيون كذلك عشرات الناشطات والموظفات في المؤسسات المدنية والحقوقية وألصقوا بهن تهماً عدة من بينها التخابر لمصلحة الغرب وتهم أخلاقية أخرى بينها "إفساد المجتمع".