Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

إيطاليا تدخل سوق الجزائر من باب الزراعة وفرنسا أولى المتضررين

الاتفاق يدفع الاقتصاد المحلي نحو تحقيق الاكتفاء الذاتي وصادرات باريس من الحبوب تتراجع 80 في المئة

تستورد الجزائر ما بين 7.7 و9 ملايين طن من القمح سنوياً (الإذاعة الجزائرية)

ملخص

تراجع الصادرات الفرنسية في مجال الحبوب داخل منطقة شمال أفريقيا، باعتبارها سوقاً تقليدية لفرنسا، ولا سيما السوق الجزائرية التي تعتبر من أهم أسواق تصدير القمح في العالم

وصفت الجزائر مشروع إنتاج الحبوب والبقوليات والصناعات الغذائية بإحدى مناطق جنوب البلاد بالإستراتيجي، والذي من شأنه تعزيز الشراكة مع إيطاليا، وبقدر ما لقيت الخطوة ترحيباً لدى الجانبين إلا أنها أثارت بعض التوجس حول خسارة فرنسا لسوقها التقليدية التي كانت أحد أهم مورديه.

اتفاق إستراتيجي ونقاشات

وقالت الرئاسة الجزائرية إن الاتفاق الإستراتيجي الذي تجسده شراكة جزائرية - إيطالية لإنجاز مشروع في محافظة تيميمون جنوب البلاد يحمل اسم "مؤسسة ماتيي أفريقيا"، سيمتد من عام 2024 إلى 2028 لإنتاج الحبوب والبقوليات، فضلاً عن الصناعات الغذائية.

وأضافت في بيان أن هذا المشروع يهدف إلى "تعزيز وتقوية العلاقات الثنائية التاريخية الممتازة بين الجزائر وإيطاليا على الصعد كافة، ويدفع المسار الاقتصادي الوطني بسرعة أكبر نحو تحقيق الاكتفاء الذاتي".

لكن ما أثار النقاشات هو هدف الاتفاق القاضي بإنتاج الحبوب والبقوليات والصناعات الغذائية، وهو المجال الذي كانت فرنسا تتحكم فيه بشكل كبير، ولا سيما ما تعلق بتزويد الجزائر بالحبوب، إذ ذهبت آراء المتابعين إلى اعتبار الاتفاق بداية خسارة فرنسا لسوقها في الجزائر.

شراكة رابح - رابح

وفي السياق يرى رئيس الجمعية الوطنية للمستشارين الجبائيين بوبكر سلامي أن الشراكة مع إيطاليا خطوة إضافية في الاستثمار الإيطالي بالجزائر، وقال في تصريح لـ"اندبندنت عربية" إن "إيطاليا أثبتت اليوم أن لها استعداداً وإمكانات كبيرة للسير مع الجزائر بعد التقدم في مجال الطاقة، وقد أصبحت الشريك الإستراتيجي الأول في هذا الميدان"، مضيفاً أن إيطاليا وبعد الأمن الطاقوي دخلت ميداناً آخر وقطاعاً مرتبطاً بالأمن الغذائي، مما يؤكد الأمان وعدم التخوف الذي تشعر به وتلمسه روما، وكذا الثقة الكبيرة في الجزائر.

ويتابع المحلل الاقتصادي أن الشراكة بين البلدين بلغت درجة متقدمة مقارنة مع دول أخرى، مشيراً إلى أن "إيطاليا بموقعها ومكانتها داخل الاتحاد الأوروبي تجعلنا نرحب بهذه الشراكة التي تقوي موقف الجزائر أمام الاتحاد الأوروبي، ولدى الغرب بصفة عامة"، ومبرزاً أنه "عندما نتحدث عن القمح والبقوليات فنحن نتحدث عن مواد أساس نستوردها بمبالغ ضخمة من العملة الصعبة، وبالتالي نتطلع إلى شراكات قوية في مجالات أخرى، مثل النقل والخدمات والصناعة بصورة عامة"، موضحاً أن الشراكة الجزائرية - الإيطالية مهمة ونموذجية في شكل رابح - رابح، لذا فهي تصنف في خانة الإستراتيجية.

تبون يكلف الحكومة بخطة

وتستورد الجزائر ما بين 7.7  و 9 ملايين طن من القمح سنوياً، مما يجعلها رابع أكبر مستورد للمادة في العالم بعد مصر بـ 12.1 مليون طن، وإندونيسيا  بـ 10.4 مليون طن، وتركيا بـ 8.1 مليون طن، ولكنها تعتمد على مصادر تموين منوعة ومنها القمح الفرنسي والأميركي والروسي وغيره.

إلى ذلك أعلن الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون أن بلاده تقترب من تحقيق الاكتفاء الذاتي من القمح بفضل وفرة الإنتاج هذا العام، وكلف الحكومة تنفيذ خطة لتوسيع زراعة الحبوب وبخاصة في جنوب الجزائر.

وأبرز خلال اجتماع لمجلس الوزراء أن "الاكتفاء الذاتي التام أصبح قريب المنال بإنتاجنا لـ80 في المئة من القمح الصلب، باعتبار ذلك من تقاليد الإنتاج والاستهلاك الجزائري، وكونه منتوجاً قليل الكميات في السوق العالمية مقارنة بالقمح اللين"، بحسب بيان للرئاسة الجزائرية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وكلف تبون الحكومة بالاستمرار في تنفيذ خطة تتضمن تحقيق هدف إستراتيجي للوصول إلى توسيع المساحات المزروعة في الجنوب إلى 500 ألف هكتار، وتحسين مردودية الهكتار الذي يجب ألا يقل عن 55 قنطاراً في الهكتار الواحد، كما تقرر توسيع خطط لإنتاج حبّ الذرة.

في المقابل أكدت وثيقة رسمية صادرة عن المديرية العامة للخزينة الفرنسية أن صادرات فرنسا من الحبوب نحو الجزائر انخفضت بمقدار 80 في المئة العام الماضي 2023 لتصل قيمتها إلى 166 مليون يورو (177 مليون دولار) فقط في مقابل 834 مليون يورو (893 مليون دولار) خلال عام 2022.

وبررت الوثيقة، والتي يعتمد في صياغتها على بيانات الجمارك الفرنسية، التراجع في صادرات الحبوب الفرنسية نحو الجزائر وأنه يعود أساساً للمنافسة الشرسة التي تتلقاها هذه المنتجات.

وأضافت أن هذا الواقع أثر سلباً في مجمل الصادرات الزراعية الفرنسية نحو الجزائر والتي وصلت إجمالاً إلى 276 مليون يورو (295 مليون دولار) خلال 2023، مما شكل تراجعاً بـ 73 في المئة مقارنة بعام 2022.

أرقام وتأكيدات

وليست وثيقة المديرية العامة للخزينة الفرنسية الوحيدة التي أشارت إلى تراجع مستويات تصدير الحبوب إلى الجزائر، إذ أبرز مكتب "فرانس أغري مير"، وهو هيئة إدارية فرنسية مكلفة بالإسهام في تطبيق السياسة الزراعية، أن صادرات القمح الفرنسي إلى الجزائر تراجعت بصورة كبيرة خلال الفترة الممتدة بين يناير (كانون الثاني) وأواخر أكتوبر (تشرين الأول) 2023، إذ بلغت 157 ألف طن بعدما وصلت إلى أكثر من مليون طن خلال الفترة نفسها من عام 2022.

كما أكدت بيانات مصلحة الإحصاءات التابعة لوزارة الزراعة الفرنسية تراجع الصادرات الفرنسية في  مجال الحبوب بمنطقة شمال أفريقيا، باعتبارها سوقاً تقليدية لفرنسا، ولا سيما السوق الجزائرية التي تعتبر من أهم أسواق تصدير القمح في العالم، مضيفة أن أكثر من 95 في المئة من تراجع صادرات المواد الزراعية الخام الفرنسية يعود لانخفاض المبيعات نحو دولتين هما مصر والجزائر، ولا سيما في ما يتعلق بالحبوب، إذ تتعرض فرنسا لمنافسة شديدة من طرف موردين آخرين.

الأزمة الروسية - الأوكرانية

إلى ذلك أشارت المجلة الأسبوعية الفرنسية "فرانس أغريكول" إلى أهمية أن يعيد القمح الفرنسي تموضعه في السوق الدولية، موضحة أن السوق الجزائرية تعتبر حاسمة من أجل قلب الأوضاع لمصلحة القمح الفرنسي الذي تعرف الصادرات المرتبطة به تأخراً منذ بداية الموسم الفلاحي الجاري.

واعتبر المحلل الاقتصادي بوبكر سلامي أنه "لا يمكن القول إن دولة ما خسرت سوقاً في دولة ما"، لأن تنوع الزبائن والموردين قوة اقتصادية، مبرزاً أنه من الضروري الاتعاظ من الأزمة الروسية - الأوكرانية التي دفعت الدول إلى إعادة النظر في العلاقات والتعاون الدوليين، وختم أن فرنسا تدهورت علاقتها مع الجزائر وتراجعت كثيراً على حساب دول أخرى.

المزيد من متابعات