Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

عائلة مقدمة برامج أفغانية تدفع ثمن انتقاد ابنتها لـ "طالبان"

بعد انتشار مقطع فيديو تهاجم فيه الحركة على الإنترنت، تتحدث شابنام التي هربت مع اثنين من إخوتها إلى المملكة المتحدة، عن والديها وأختها الكبرى الذين بقوا في أفغانستان

شابنام مذيعة تلفزيونية في قناة "أفغانستان إنترناشيونال" في لندن (اندبندنت)

ملخص

فرت شابنام من أفغانستان عام 2021 عقب انتشار مقطع فيديو لها عبر الإنترنت موجه ضد حركة "طالبان"

كونها مقدمة برامج تلفزيونية تدافع عن حقوق المرأة، فإن التهديد بالقتل ليس أمراً غريباً على شابنام خان دوران، وآخر تهديد وصل لشابنام عبر موقع "إكس" المعروف سابقاً بـ "تويتر" قبل ساعة واحدة فقط من لقائنا، وأشار إلى أنها إن لم تتوقف عن التحدث علناً ضد "طالبان" في برنامجها الذي يبث من لندن، "فأنتِ تعرفين ما سيحدث لعائلتك".

التهديدات التي تتعرض لها جدية، فقد اعتقل بالفعل والدها ثلاث مرات في أفغانستان، وفي إحدى المرات تعرض للضرب وتُرك ليموت، وكان يعاني نزفاً في رأسه وكسرت ذراعه وساقه، وكان الأمر رسالة موجهة إلى شابنام، وخلال الفترة الأخيرة لاحقت حركة "طالبان" عائلتها إلى بلد آخر حيث أُجبرت على الهرب والاختباء هناك.

فرت شابنام من أفغانستان عام 2021 عقب انتشار مقطع فيديو لها عبر الإنترنت موجه ضد حركة "طالبان"، وتلقت أخيراً رسائل تحوي عنوان وصور المنزل الآمن الجديد الذي اختبأت فيه عائلتها، والمعنى من وراء ذلك كان واضحاً، توقفي عن تحدينا وإلا سنقتل والديك، وتقول الصحافية البالغة من العمر 26 سنة إن الضغط الذي تتعرض له سيكون هائلاً لولا صمود والدها في مواجهة الاضطهاد. مرتدية بلوزة أفغانية تقليدية مطرزة، تتحدث الصحافية باللغة الإنجليزية التي تحسنت بوضوح خلال الأعوام الثلاثة التي عاشتها في المملكة المتحدة، وبينما تبحث عن الكلمات للتعبير عن نفسها فإن تأثير الخطر المستمر الذي تواجهه عائلتها كان واضحاً من نبرة صوتها: "قال لي إني لا أستطيع التوقف".

كانت تتذكر كلمات والدها لها بعد الاعتداء الوحشي الذي تعرض له، فنقلت قوله "الآن أصبحت أكبر سناً وأستطيع أن أضحي بنفسي من أجل أفغانستان، ومن أجل حقوق الإنسان والنساء والفتيات، لكن لا تتوقفي من أجلي فقط، وإذا كنت حقاً صديقتي وابنتي وواحدة من أفراد أسرتي، فعديني بأنك لن تستسلمي [تستمرين]".

وعقّبت، "قطعت هذا الوعد"، لتدمع عيناها وهي تصف ثمن ذلك، "الآن لا يستطيع والدي الوقوف على قدميه وعليه أن يتكئ على شيء لمساعدته في الوقوف، فقد كان يتمتع بصحة جيدة ولكن الآن ساقه مكسورة وذراعه مكسورة، إنه مريض فقط لأنه يدعم ابنته".

وقالت إن "الصحافة ليست جريمة والعمل كمذيعة ليس جريمة"، مضيفة أن أمنيتها الأولى هي أن تتمكن من معانقة والدتها ووالدها مرة أخرى.

وبينما نقلت شابنام مع اثنين من إخوتها الصغار جواً إلى بر الأمان في المملكة المتحدة كجزء من عمليات إخلاء القوات الغربية من أفغانستان في أغسطس (آب) 2021، بقيت أختها الكبرى ووالداها في أفغانستان.

وتقدم والدها الذي كان طياراً عسكرياً لدى الحكومة الأفغانية السابقة بطلب للقدوم إلى بريطانيا بموجب مخطط وزارة الدفاع البريطانية المعروف بـ "سياسة نقل ومساعدة الأفغان" (أراب) Afghan Relocations and Assistance Policy (Arap)، ولكن رُفض طلبه مرتين لأنه لم يكن يعمل مع القوات البريطانية بصورة مباشرة.

وعلى رغم أن التهديد الأخطر على حياته ناجم بشكل مباشر عن عمل شابنام الصحافي في المملكة المتحدة، إلا أن الحكومة البريطانية رفضت المساعدة، ولا توجد حالياً أية وسيلة للم شمل الأشخاص الذين نقلوا جواً في إطار "عملية بيتينغ"، وهي المهمة التي قامت بها القوات الغربية لإجلاء الناس من أفغانستان مع سيطرة حركة "طالبان" عام 2021.

وعلى رغم الضغوط التي مارسها عدد من أعضاء البرلمان، بما في ذلك عضو حزب المحافظين سير جوليان لويس، وعضو الحزب الديمقراطي الليبرالي ويندي تشامبرلين، والوعد بإنشاء برنامج لإعادة التوطين، فإن وزارة الداخلية لم تبدأ بعد في تقديم أية مساعدة إضافية.

وانتقد عدد من النواب وزارة الداخلية بسبب بطئها الشديد في إحضار الأفغانيين الناشطين في مجال حقوق المرأة وغيرهم ممن دعموا المهمة البريطانية إلى المملكة المتحدة، وتعهدت الحكومة بإحضار 20 ألف شخص على مدى خمسة أعوام إلى المملكة المتحدة في إطار خطة إعادة توطين الأفغان، لكن خلال عامي 2022 و2023 نقل 1611 أفغانياً فقط عبر مخططات وزارتي الداخلية والخارجية، بحسب ما قال النواب.

والآن انتهت مدة تأشيرة الدخول إلى البلد الذي هربت إليه عائلة شابنام، وهم في أمسّ الحاجة للوصول إلى مكان آمن ليبتعدوا أخيراً عن نطاق وصول حركة "طالبان".


وكان آش ألكسندر كوبر، وهو ضابط سابق بالجيش البريطاني عمل في أفغانستان، قد ساعد عائلة شابنام في الاختباء، وفي وصفه للجهود المبذولة لتفادي انتقام "طالبان" قال إن "رؤية الطريقة التي تتبعت بها 'طالبان' والديها وعائلتها بشكل منهجي أمر مرعب، وخلال الوقت الذي أمضيته في أفغانستان هناك كثير ممن لم نقم بإجلائهم في الوقت المناسب، وتم تعقبهم وقتلهم".

وأضاف: "[طالبان] لا تريد أن تُتحدى، وشابنام لن تتوقف عن تحديهم وهي محقة في ذلك، لكن لسوء الحظ سيستمر استهداف وملاحقة الضحايا الأبرياء مثل والد شابنام، ما لم نتمكن من إيجاد ملاذ آمن لهم".

بدأت عملية جلب شابنام إلى المملكة المتحدة عقب محاولتها الذهاب إلى العمل بعد ثلاثة أيام من استيلاء "طالبان" على السلطة، وحاولت الجدال مع الحراس المسلحين لكنها مُنعت من الدخول إلى مكتبها، ومع أن حركة "طالبان" وعدت في أول مؤتمر صحافي بعد سيطرتها على أفغانستان في الـ 17 من أغسطس (آب) 2021 بحماية حقوق المرأة وحرية الصحافة، وقالت إنه سيسمح للنساء بالعمل والدراسة، إلا أنه عندما ذهبت شابنام لتجربة ذلك على أرض الواقع تم منعها، وتروي ما حصل معها بأنه "في اليوم الثالث قررت أن أذهب إلى عملي في التلفزيون الوطني الأفغاني، وقالوا إن وسائل الإعلام سيكون لها الحرية في نشر ما تريد، لكن ذلك كان مجرد كذبة، وكنت أرتدي فستاناً طويلاً وأغطي شعري ووجهي ومعي بطاقة هويتي، وحاولت الدخول إلى البوابة فواجهني أحد عناصر 'طالبان' قائلاً  'إلى أين أنت ذاهبة؟'".

حاولت متحدية أن توضح أن القادة الجدد وعدوا بأن يكون للنساء الحق في العمل، لكن الحراس التابعين لـ "طالبان" أخبروها بأن عليها العودة لمنزلها، وقالوا إن 20 عاماً من التحرر كانت كافية، وأن النساء قد حصلن على فرصتهن.

وتصاعد الجدال حتى هددت بإطلاق النار عليها وإجبارها على العودة لمنزلها، ولاحقاً عندما جلست في غرفتها بهدوء وفكرت بالمستقبل الذي ينتظرها، أدركت أنها لا تستطيع فعل أي شيء، فسجلت فيديو تشرح خلاله ما حدث لها وتقول لمتابعيها إن نظام "طالبان" قد كذب في شأن الطريقة التي ستعامل النساء بها تحت سلطته، فانتشر الفيديو وسرعان ما اتصل بها صحافيون من جميع أنحاء العالم يريدون إجراء مقابلة معها، وبعد الضغط قررت حكومة المملكة المتحدة أنه يجب أن تتدخل.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وافقت الحكومة البريطانية على نقلها هي وإخوتها الصغار عبر مخطط "أراب" وبدأت حياتها في المملكة المتحدة، وأدت الحياة التي تمكنت من بنائها في لندن إلى حصولها على منصب مذيعة رئيسة لبرنامج حواري ليلي باللغة الباشتوية على تلفزيون "أفغانستان إنترناشيونال"، اسمه "سبارانا".

وتشرح شابنام عملها بالقول إن "'سبارانا' في اللغة البشتوية [إحدى اللغات الرسمية في أفغانستان] تعني التفاوض ومحاولة إيجاد حل، وندعو ثلاثة ضيوف لديهم آراء مختلفة في كل ليلة ونقوم بإجراء حوار، ونتحدث عما يحدث في أفغانستان حتى إننا ندعو حركة 'طالبان'، ولقد حاورت مسؤولين منها في البرنامج مرات عدة، وسألتهم لماذا تم حظر المدارس؟ ولماذا منعوا حقوق الفتيات؟".

وأضافت، "في الأيام التي أقدم فيها [البرنامج] أحاول بجد أن أتحدث عن حقوق الإنسان، وبخاصة معاناة النساء والفتيات في أفغانستان، فليس للفتيات أي حقوق هناك، إنهم فقط يعيشون في سجن، يحصلون على الطعام والماء والأوكسجين ولا شيء آخر".

لقد مر أكثر من 1000 يوم على منع الفتيات الأفغانيات من الالتحاق بالمدارس الثانوية مما يجعل أفغانستان الدولة الوحيدة في العالم التي تفرض مثل هذه القيود الصارمة على تعليم الفتيات.

وتعيل شابنام الآن شقيقها (16 سنة) وشقيقتها (22 سنة) الموجودين معها في المملكة المتحدة، وشقيقتها التي كانت أيضاً صحافية في أفغانستان تدرس الآن اللغة الإنجليزية في المملكة المتحدة، وشقيقها طالب في المدرسة وهو ناجح جدا، و كذلك ترسل شابنام المال إلى عائلتها حيث يعيشون، لأنه من الخطر جداً عليهم العمل حالياً بصورة علنية في مكان وجودهم.

والحقيقة القاسية هي أن الفرص التي أتيحت لشابنام في المملكة المتحدة أدت إلى تعرض عائلتها للخطر، وأوضح الضابط السابق ألكسندر كوبر أن "ذلك يرجع بشكل مباشر إلى المساعدة والدعم الذي قدمته المملكة المتحدة لشابنام، على وجه حق، ونجاح عملها الصحافي المستمر هنا، مما يجعل والدها والشخصين الآخرين من أفراد الأسرة معرضين لمثل هذا الخطر الكبير".

وأضاف، "لقد قمنا بنقلهم مرات عدة وهم الآن محميون في مكان ما، ولكن على رغم ذلك لا نستطيع أنا وشابنام الشعور بالاطمنئنان عليهم لعلمنا أنهم ليسوا آمنين بعدُ حيث هم".

ونقل أكثر من 27900 شخص مؤهل من أفغانستان إلى بر الآمن عبر مخططات مختلفة من وزارات الدفاع والخارجية والداخلية، فيما لا تقدم وزارة الداخلية تعليقاً حول الحالات الفردية.

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير