Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

كيف توزعت أصوات أتباع الديانات في فرنسا بالانتخابات الأوروبية

يرى مراقبون أن حل البرلمان وضع ماكرون بخانة الماضي فما هي السيناريوهات المحتملة؟

أحد مرشحي التجمع الوطني يتواصل مع الناخبين في مدينة سانكوان، وسط فرنسا، الأربعاء 26 يونيو الحالي (أ ف ب)

ملخص

على رغم أن فرنسا دولة علمانية بعيدة كل البعد من الأديان في سياساتها وداخل مؤسساتها الرسمية، فإن الانتماءات الدينية لا تزال تلعب دوراً في خيارات الجماعات الانتخابية مع اقتراب الانتخابات التشريعية المقبلة في الـ30 من يونيو الجاري.

منذ إعلان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون حل البرلمان والدعوة إلى انتخابات برلمانية مبكرة إثر هزيمة حزبه في الانتخابات الأوروبية في التاسع من يونيو (حزيران) الجاري، أمام حزب أقصى اليمين "التجمع الوطني" الذي حصد 34 في المئة من الأصوات، تعيش فرنسا حال ترقب على وقع تظاهرات منددة بأقصى اليمين بزعامة جوردان بارديلا، وتوقيع شخصيات على بيانات تطالب يمين ويسار الوسط بتوقيع اتفاق علني يقضي بالتنازل ما بين الدورتين حال المواجهة مع مرشح أقصى اليمين، على غرار اللائحة التي وقعتها 200 شخصية ونشرتها صحيفة لوموند أمس الأربعاء. وتعيش البلاد مرحلة ترقب لما ستحمله نتائج الانتخابات التشريعية المبكرة المقرر إجراؤها في الـ30 من يونيو الجاري.

ويتقدم مرشح حزب أقصى اليمين جوردان بارديلا الذي تمنحه استطلاعات الرأي 36 في المئة من الأصوات على منافسيه بنسبة حافظ عليها بعد المناظرة التلفزيونية التي تواجه فيها مع غبريال أتال رئيس الحكومة الحالي، ومانويل بومبار ممثل حزب "فرنسا الأبية" (أقصى اليسار).
والأيام المعدودة التي تفصل الفرنسيين عن الدورة الأولى من الاقتراع المبكر تشهد تزاحم الأحداث، ورسالة الرئيس ماكرون يوم الأحد الماضي إلى الشعب الفرنسي التي حاول عبرها تفسير قرار حل البرلمان وتبريره وحذر فيها من وقوع البلاد بين أيدي أحد الأقصيين، أقصى اليسار أم أقصى اليمين، منبهاً إلى أن ذلك يدخل البلاد في حالة حرب أهلية.
وكشفت تقديرات استطلاعات الرأي عن توزع نيات التصويت على النحو التالي... حزب "التجمع الوطني" (أقصى اليمين) في المرتبة الأولى مع 36 في المئة من الأصوات مما يؤمن له عدد مقاعد تحت قبة البرلمان الفرنسي تراوح ما بين 220 إلى 260 مقعداً نيابياً. وحزب الجبهة الشعبية الجديدة (تجمع أحزاب اليسار ويضم حزب فرنسا الأبية والحزب الاشتراكي المعتدل والساحة العامة والحزب الشيوعي والخضر) حل في المرتبة الثانية بـ28.5 في المئة من نيات التصويت مما يؤمن له ما بين 180 إلى 210 مقاعد نيابية. وحظي حزب الرئاسة "معاً" الذي يجمع "النهضة" و"آفاق" والديمقراطي اليميني الوسطي بـ21 في المئة من الأصوات مما يؤمن له ما بين 25 و50 مقعداً، وذلك حسب استطلاع معهد "إيلاب" لقناة "بي أف أم" الذي يتوقع أن تصل نسبة المشاركة بالاقتراع إلى 64.5 في المئة من الناخبين.
ويذكر أن الحصول على الغالبية المطلقة يتطلب 289 مقعداً من أصل 572، وليس من مؤشر يعطي غالبية مطلقة لأي من الأطراف.
ويستبعد المحللون أن يحظى فريق ماكرون بغالبية إثر رد فعل وطنية كما كان الحال عام 2022 مع بداية الحرب في أوكرانيا، نظراً إلى استطلاعات الرأي وانصراف وزرائه ونوابه السابقين لحملات انتخابية تؤمن لهم مواقعهم الخاصة، كما أن غياب صورة الرئيس عن المنشورات واللوائح يعطي الانطباع بأن ماكرون بات من الماضي، وبخاصة أن ما عبر عنه الفرنسيون في الانتخابات الأوروبية هو غضب ورفض للسياسة التي اتبعها والطريقة التي فاجأ بها فريقه بإعلان حل البرلمان زادت من صعوبة المعادلة، فما تعكسه الحملة المتسرعة لكل نائب أو وزير يعمل من أجل استحقاق 2027 الرئاسي، هو أن "الماكرونية ماتت وماكرون هو الذي قتلها بإعلانه حل البرلمان"، وجاء هذا التصريح على لسان رئيس وزرائه الأسبق إدوار فيليب.
وفي المقابل يدفع تجمع اليسار ثمن انقساماته وحروبه العلنية التي لم تهدأ طوال الأشهر الماضية وبخاصة على وقع الحرب في غزة واتهام "فرنسا الأبية" ورئيسها جان لوك ميلانشون بمعاداة السامية، في حين استطاعت الرئيسة السابقة لـ"التجمع الوطني" مارين لوبن أن تتجاوز عقبة اتهامات التعامل مع روسيا وتأييد بوتين ولو أنها لا تزال تلاحق حزبها. وبرز ذلك خلال المناظرة التلفزيونية الأخيرة بين جوردان بارديلا ومانويل بومبار وغبريال أتال عندما سأل الأخير بارديلا عن مساعدته الروسية في البرلمان الأوروبي.  كما أن موقف لوبن من الحرب على غزة كان واضحاً إذ صرحت لمحطة "بي أف أم" بأن "إسرائيل تدفع ثمناً باهظاً مقابل إطلاق سراح الرهائن، واتهمت ’حماس‘ باتخاذ المدنيين دروعاً بشرية". وأخذت على ماكرون عدم إعلان يوم تضامني مع الرهائن الفرنسيين الذين تحتجزهم "حماس".

تطور المشهد الانتخابي

وتأتي الحملة الانتخابية في ظل ظروف اقتصادية صعبة كان لها تأثير مباشر في خيار الناخبين، ومارين لوبن بنت حملتها الانتخابية منذ عام 2022 على القدرة الشرائية وخفض الضرائب على الطاقة، وهذا ما أكد عليه بارديلا حين قدم برنامجه في بداية الأسبوع الجاري. لكن الظروف الدولية أيضاً كان لها أثر كبير على خيارات الناخبين وبخاصة الحرب في أوكرانيا والحرب على غزة، وتداعياتها على المجتمع الفرنسي، التي انعكست بالاتهامات بمعاداة السامية التي طاولت حزب "فرنسا الأبية" على خلفية احتدام الجدل حول وصف ما يتعرض له الشعب الفلسطيني بـ"الابادة الجماعية"، وتصنيف "حماس" "حركة إرهابية". وكشفت حادثة اغتصاب الفتاة البالغة من العمر 12 سنة في ضاحية باريس الأسبوع الماضي بحجة أنها يهودية مدى تأثير ما يحدث في فلسطين على المجتمع الفرنسي. وهذه ليست سابقة، إذ نذكر ما تعرض له ليونيل جوسبان في الضفة الغربية عام 2000 حين وصم المقاتلين الفلسطينيين بـ"الإرهاب"، والمشادة بين الرئيس الفرنسي الأسبق جاك شيراك ورجال الأمن الإسرائيليين عام 1996 أمام كنيسة القيامة.
 


التوزيع الطائفي للأصوات

إذا كانت فرنسا مجتمعاً علمانياً فذلك لا يلغي أن الخيار الانتخابي هو فعل اجتماعي سياسي، أي إنه قد يتأثر بهوية الشخص الاجتماعية الدينية وحالته المهنية وتوجهه السياسي. والدليل على ذلك تطور العادات والتوجهات داخل المجموعات العرقية الدينية، واستقطاب مارين لوبن في الأعوام الأخيرة نسبة واضحة من أصوات أبناء الطائفة اليهودية الفرنسية التي تشكل 1.5 في المئة من السكان، ومن أصوات الكاثوليك الذين كانوا يصوتون تقليدياً مع اليمين الجمهوري الديغولي. ومعروف أن الكاثوليك المتدينين لا يؤيدون التطرف وتطبيق تعاليمهم الدينية يتطلب فعل التعاطف مع الفقراء والمهاجرين، وباتوا اليوم يصوتون لأقصى اليمين.

حزب لوبن جذب الصوت اليهودي

حزب لوبن الذي غالباً ما كان يوصف بأنه معاد للسامية تمكن من جذب يهود كانوا معارضين له قبل 20 عاماً وباتوا يحتلون مراكز قيادية في المؤسسة. وأعلن المؤرخ سيرج كلارسفيلد الذي أمضى حياته بالبحث عن النازيين لتقديمهم أمام المحاكم في مقابلة مع مجلة "لوبوان"، أنه يعطي صوته لـ"التجمع الوطني" وليس لـ"تجمع اليسار" الذي يسيطر عليه حزب "فرنسا الأبية" بشخص ميلانشون مما شكل مفاجأة، وتبعه في ذلك تصريح الفيلسوف اليهودي ألان فينكلكروت المثير للجدل. إذاً، اتهامات معاداة السامية لم تعد تصوب إلى حزب أقصى اليمين بل إلى أقصى اليسار. فكيف حصل ذلك؟

تصويت الطائفة اليهودية الفرنسية تناوله الكاتب جيروم فوركيه صاحب كتابي "فرنسا فيما بعد" و"الأرخبيل الفرنسي" الذي عمل فيه إلى جانب متخصص في الجغرافيا يدعى سيلفان مانترناك، واستقصى فوركيه وهو باحث يعمل في مؤسسة استطلاع الرأي "إيفوب" تطور فعل التصويت ليهود فرنسا، إذ اعتبر أن فرنسا دولة علمانية حتماً لكن ذلك لا يمنع تأثير الانتماء الديني الاجتماعي في العملية الانتخابية، إذ يبقى عاملاً أساساً في تحديد توجه وخيار الناخبين. فوركيه ومانترناك تتبعا انتقال التصويت اليهودي من اليسار إلى أقصى اليمين منذ بداية الألفية. واليهود في فرنسا وتعدادهم 700 ألف يشكلون 1.5 في المئة من الأصوات. وفي عام 2002 لم يحصل برونو ميغريه وجان ماري لوبن من حزب "الجبهة الوطنية" (أقصى اليمين) الذي تحول إلى "التجمع الوطني" على يد مارين لوبن سوى على ستة في المئة من أصوات اليهود، في حين حصل شيراك الذي كان يعد متعاطفاً مع الفلسطينيين على 14 في المئة من الصوت اليهودي بنسبة تقل ست نقاط عن المعدل الذي حصل عليه على الصعيد الوطني.
ويشير الباحث فوركيه إلى أن انتخابات 2002 ألقت الضوء على "ظاهرة" مهمة إذ حل ألان مادلان في المرتبة الأولى لدى الطائفة اليهودية بـ21.5 في المئة من الأصوات مقابل أربعة في المئة على الصعيد الوطني، مما يعني أن تصرفاً أو موقفاً موالياً لإسرائيل يؤمن الحصول على أصوات هذه الطائفة". بكلمة مختصرة يبقى الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي مقياساً يؤثر في خيار الناخب.

تهمة معاداة السامية

ويعارض الناطق باسم "مجلس اليهود" معارضة تامة التصويت لأقصى اليسار، الذي يصفه بالـ"معادي للسامية" و"المعادي لليهودية" ما أن يصل إلى الحكم.
ويشير فوركيه إلى أن "التحول حصل عام 2007 مع نيكولا ساركوزي الذي لم يتهاون حين كان وزيراً للداخلية مع الأعمال المعادية للسامية، إذ حصل على 47 في المئة من أصوات اليهود الفرنسيين وهو تحول تأكد عام 2010 الذي يعد العام الذي بدأت فيه نسبة الأعمال المعادية للسامية في الارتفاع، بينما حصل الرئيس الفرنسي الأسبق فرنسوا هولاند على 22.5 في المئة من أصوات اليهود الفرنسيين مقابل معدل على الصعيد الوطني وصل إلى 28 في المئة، وفي المقابل حصل ميلانشون على 8.5 في المئة من أصوات اليهود مقابل نسبة وطنية بلغت 11 في المئة، أما مارين لوبن فحصلت على 13.5 في المئة وهي نسبة تضاعفت 3 مرات خلال خمسة أعوام وكانت نتيجة عملها المتواصل لتطبيع صورة حزبها".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


توزيع الصوت الكاثوليكي

أصوات الكاثوليك بدورها اتجهت نحو أقصى اليمين بعد أن كانت تاريخياً تذهب إلى اليمين الجمهوري، وباتت مبعثرة وموزعة حسب صحيفة "لاكروا". تاريخياً الكاثوليك الذين كانوا يمثلون 17 في المئة من الشعب الفرنسي باتوا يشكلون سبعة في المئة، وهم مع تهافت الحزب الجمهوري. وإعلان فرنسوا كزافييه بيلامي الذي قاد لائحة الجمهوريين في الانتخابات الأوروبية انضمامه إلى أقصى اليمين في الدورة الثانية لم يرق للكاثوليك المتدينين الذين غالباً ما كانوا ضد التطرف، لكن انزعاجهم من بلامي يعود ربما بالدرجة الأولى إلى مساندته "الزواج للجميع".

وعلى أية حال بدأ تحول التصويت الكاثوليكي لدى الكاثوليك المتدينين عام 2015 بعد أحداث مجلة "شارلي إيبدو"، إذ حصل ماكرون على 25 في المئة من أصواتهم فيما حظيت مارين لوبن على 21 في المئة. وهذه الشريحة من الشعب رغم شيخوختها فإنها مواظبة على الإدلاء بصوتها، وهي انخفضت من 70 في المئة إلى 32 في المئة ما بين عامي 1981 و2018. وأظهر آخر استطلاعات الرأي حسب مؤسسة "إيفوب" أن 18 في المئة منهم يصوتون لحزب لوبن، فيما قدرتها مؤسسة "إيبسوس" بـ26 في المئة.
ويحتمل تحليل التصويت الكاثوليكي كثيراً من التفسيرات، وحاول الراعي الكهنوتي المونسنيور أوليفيه لوبورنيو في صحيفة "لاكروا" الصادرة في الـ17 من يونيو 2024 فهم خيار من يقولون إنهم كاثوليك ويختارون الإدلاء بأصواتهم لليمين المتطرف، وقال إن الدواعي الأمنية يمكن فهمها وهي أساس كذلك الدواعي الاقتصادية ومذكراً بأن هذا الخيار هو خيار الانتخاب الاعتراضي، للتعبير عن الامتعاض من السياسات المختلفة. ويشير لوبورنيو إلى أن كل من دخل المسيحية بالعماد لا يمكنه رفض الآخر وعدم التضامن مع المهاجرين، ويستشهد بقول يسوع المسيح في إنجيل متى "كلما فعلتم هذا مع الضعفاء إنما من أجلي تفعلون". ويشدد على أن "الواجب الإنساني يكمن في العدالة الدولية ومساعدة الدول التي يأتي منها المهاجرون، وألا ننسى ما قدمته لنا هذه الحضارات". إذاً الصوت الكاثوليكي يبقى موزعاً لكن بصورة عامة في السابق كان يذهب إلى اليمين المعتدل.


لمن تذهب أصوات المسلمين؟

أما أصوات المسلمين في فرنسا حسب استطلاعات مؤسسة إيفوب وصحيفة لاكروا، فإن الناخبين المسلمين اقترعوا للائحة "الجبهة الشعبية الجديدة" (تجمع اليسار والبيئة) بـ74 في المئة في التاسع من يونيو الجاري في الانتخابات الأوروبية. مشيرة في الوقت ذاته إلى نسبة الامتناع العالية التي تجاوزت المعدل الوسطي وبلغت 59 في المئة. وتتابع الصحيفة تحليل هذا الصوت معتبرة أن التشكيك بقدرة الناخب على إحداث أي تغيير يذكر يفسر سبب العزوف عن صناديق الاقتراع، حتى الذين شاركوا في الانتخابات يشكون بأن يكون لفعلهم أي تأثير يذكر بغض النظر عن أي انتماء ديني. وحسب "إيفوب" فإن 62 في المئة من الناخبين المسلمين اختاروا لائحة مانون أوبري، أي لائحة "فرنسا الأبية". وعدت "لاكروا" أن الأوضاع في فلسطين أثرت في هذا الخيار وذكرت أن هذه النسبة هي امتداد واستمرارية لهذا الخيار كما انعكس في انتخابات 2022، إذ حصل ميلانشون على 69 في المئة من أصوات المسلمين مما يؤكد انخراط حزب "فرنسا الأبية" في النسيج المسلم.
وحصل مرشح الحزب الاشتراكي المعتدل رافايل غلوكسمان على ثمانية في المئة من أصوات المسلمين تبعه "حزب النهضة" وماكرون، فيما حصل "التجمع الوطني" على ستة في المئة. وفسرت الصحيفة انخفاض نسبة مؤيدي ماكرون مقارنة بعام 2022 إذ حصل على 14 في المئة من الناخبين المسلمين، إذ برر 83 في المئة من الناخبين خيارهم بما يحصل في فلسطين وتليها الأسباب الصحية بـ79 في المئة ومحاربة العنصرية والتمييز بـ78 في المئة، وبعدها الأسباب الاقتصادية كالقدرة الشرائية بـ76 في المئة والتعليم بـ23 في المئة.

ما السيناريوهات المحتملة على ضوء ما تقدم؟

السيناريو الأول في حال حصول "التجمع الوطني" على الغالبية تبرز ثلاثة احتمالات:

في حال حصول أقصى اليمين على الغالبية الواضحة، وهو ما طالب به جوردان بارديلا بالقول "أريد غالبية واضحة وإلا لن أتولى رئاسة الوزراء".
ويتوقع حصول أقصى اليمين على ما بين 250 إلى 280 مقعداً مقابل 150 إلى 170 مقعداً لـ"تجمع اليسار"، في حين أن تحقيق الغالبية يكون بالحصول على 289 مقعداً من أصل 577. وفي حال حصول أي حزب على الغالبية يسمي رئيس الوزراء. وإن كان اسم بارديلا معروفاً لدى أقصى اليمين فعلى جهة اليسار ما زال عدم التوافق سيد الموقف. وبحال وصول بارديلا إلى رئاسة الوزراء تكون "حكومة تعايش" في ظل رئاسة ماركون، كما حصل مع فرنسوا ميتران (اشتراكي) وجاك شيراك (يمين)، وشيراك وليونيل جوسبان (يسار).
وفي حال حصول أقصى اليمين على الغالبية فجل ما يخشاه الفرنسيون هو تعرضهم لوسائل الإعلام، إذ أعلن أنه سيخضع المحطات التلفزيونية للخصخصة. وستسود حالة عداء مع المجلس الدستوري لكن رئيس الجمهورية يحتفظ بأدوات دستورية تحمي منصبه. ولا يمكن للحزب الحاكم تعديل الدستور لأن ذلك يتطلب أيضاً مشاركة المجلس الدستوري ولا يمكنه الدعوة إلى استفتاء وطني.
أما الرئيس فبإمكانه عدم التوقيع على جدول أعمال مجلس الوزراء وعدم التوقيع على بعض التعيينات في الوزارات السيادية وهو السيد في مجال الدفاع والسياسة الخارجية، وطبقاً للمادة التاسعة يمكنه تأخير عمل الحكومة كونه يترأس مجلس الوزراء ويمكنه الدعوة إلى استفتاء وطني وإعلان حالة الطوارئ.
وفي حال لم يحصل جوردان بارديلا على الغالبية يكون بدوره في حالة غير مريحة، ولا يمكنه حل البرلمان قبل عام 2025. وبحال عدم توافر أية غالبية تشكل حكومة تكنوقراط وهي حكومة تصريف أعمال. وتشير المؤشرات كافة حتى الآن إلى احتمال التعايش في رأس هرم السلطة لكن مع فارق مختلف، فإذا كان التعايش ممكناً بين ميتران وشيراك وشيراك وجوسبان كما تقول صحيفة لوفيغارو، فمرده إلى أن هؤلاء كانوا يعرفون بعضهم كرجال سياسة لكن في حال بارديلا وماكرون فإن الأمر مختلف.
وما زال ماكرون يأمل في غالبية يحصل عليها جناح الوسط "الوسط القوي" الذي دعا إليه في رسالته إلى الفرنسيين، مطالباً بصحوة مواطنة والابتعاد عن التطرفين اليساري واليميني، فإذا كان من الممكن الاعتماد على أصوات الجمهوريين الذين رفضوا الانضمام إلى "التجمع الوطني" وأصوات موديم الديمقراطي المسيحي، فهو لا يمكنه التعويل على أصوات اليسار المعتدل على غرار الاشتراكي رافايل غلوكسمان كون "الجبهة الشعبية" الجديدة اتخذت قرار "التمثيل الوحيد"، أي عدم تقديم سوى مرشح واحد.
ويرى الوزير الجمهوري (يمين) السابق بيار لولوش أنه "يجب الحصول على غالبية واضحة، وفي حال انعدام ذلك فهذا يعني أننا سنكون في أزمة نظام".

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير