Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل يتخلى إيمانويل ماكرون عن مفاتيح السلطة لمصلحة التجمع الوطني؟

أثار إعلانه حل الجمعية موجة من التكهنات حول إمكانية استقالته على رغم نفيه القاطع لهذا الاحتمال

أكد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في رسالة موجهة إلى الشعب عزمه البقاء في منصب الرئاسة حتى عام 2027 (أ ف ب)

ملخص

أشارت لوبن إلى ثلاثة خيارات لمواجهة الجمود السياسي أو الأزمة: التعديل الوزاري، حل البرلمان، أو الاستقالة

في التاسع من يونيو (حزيران) الجاري، أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون حل الجمعية الوطنية، مما أثار موجة من التكهنات حول إمكانية استقالته، على رغم نفيه القاطع لهذا الاحتمال. وفيما تتزايد التوقعات بين بعض الأطراف السياسية حول إقدامه على هذه الخطوة، كثرت التساؤلات حول إمكانية استقالته وأسبابها.

وفي رسالة موجهة إلى الشعب الفرنسي، أكد ماكرون عزمه البقاء في منصب الرئاسة حتى عام 2027، متعهداً بالتزامه بالديمقراطية واحترام إرادة الشعب بغض النظر عن نتائج الانتخابات المقبلة.

رؤى مارين لوبن وبيير مازود

وفي هذا الخصوص اعتبرت زعيمة اليمين المتطرف مارين لوبن أن "الاستقالة" قد تكون الخيار الأمثل لإيمانويل ماكرون لمواجهة الأزمة السياسية، مؤكدة أن هذا التقدير ليس طلباً بل رؤية للوضع الحالي. وخلال حملتها الانتخابية، أشارت لوبن إلى ثلاثة خيارات لمواجهة الجمود السياسي أو الأزمة: التعديل الوزاري، حل البرلمان، أو الاستقالة.

أما بيير مازود، الرئيس السابق للمجلس الدستوري، فأكد على أهمية استقالة إيمانويل ماكرون، مشيراً إلى أن هذه الخطوة قد تسهم في استعادة الاستقرار في فرنسا وتقليل الأثر الدولي للأزمة الحالية. وأوضح مازود في مقابلة إذاعية أن هذه الخطوة قد تكون حلاً فعالاً للمأزق السياسي الذي تعيشه البلاد.

وفي مقابلة أجرتها "اندبندنت عربية" مع فريد حسني، الباحث في العلوم السياسية والمسؤول عن حزب "الخضر" في مدينة بانيو، أعلن أن التوقعات تشير إلى عدم وجود غالبية لأي من الأطراف الثلاثة في الانتخابات التشريعية المقبلة. كما اعتبر أنه من غير الممكن للجبهة الشعبية أو تكتل اليمين الحصول على الغالبية المطلقة في السباق الرئاسي.

وأوضح حسني أن الرئيس إيمانويل ماكرون هو المسؤول عن المأزق السياسي الحالي في فرنسا، مشيراً إلى أن فريق حكومته المكون من اليمين المعتدل لن يتمكن من الحفاظ على مقاعده التي كانت له قبل حل البرلمان.

وفي ما يتعلق بالسيناريوهات المحتملة، أكد حسني أن ماكرون أمام خيارين: إما إعادة حل البرلمان أو تقديم استقالته. وأوضح أن الحل الدستوري غير ممكن بعد مرور 12 شهراً، مما سيجعل من الصعب اتخاذ القرارات الكبرى أو التصويت عليها.

"غير مقبول دستورياً"

وحول احتمال إعادة ترشح ماكرون، أضاف حسني أن هذا مستبعد وغير مقبول دستورياً، إذ لا يمكن للرئيس الفرنسي الترشح مرة أخرى.

بدوره، يرى الباحث في الشؤون الأوروبية محمد رجائي بركات أن الرئيس الفرنسي قام بمغامرة حين قرر حل البرلمان، بخاصة مع تزايد شعبية اليمين المتطرف. وتشير استطلاعات الرأي إلى إمكانية صعود اليمين المتطرف في الانتخابات والحصول على عدد كبير من المقاعد.

ويلفت بركات إلى أن ماكرون كان يعتقد أنه سيحظى بدعم سياسي من الأحزاب التقليدية وأحزاب الوسط، لكن ما حدث كان العكس. وفي هذا السياق، لم يتوقع أحد أن تقوم الأحزاب اليسارية، كحزب البيئة والخضر، بتشكيل جبهة موحدة بسرعة بهدف منع اليمين المتطرف من الوصول إلى الحكم. هذا يطرح تساؤلاً حول ما إذا كان هناك تضامن بين الأحزاب اليسارية لمواجهة اليمين المتطرف كما حدث في السابق.

بركات يوضح أن هناك سيناريوهات عدة مطروحة، خصوصاً مع تزايد شعبية اليمين المتطرف. ومع ذلك، يستبعد بركات سيناريو استقالة الرئيس الفرنسي. ويضيف أن ماكرون يعلم أن اليمين المتطرف لن يتمكن من إدارة البلاد وتشكيل حكومة يمينية متطرفة، وأنه في حال توليهم الحكم، سيتراجعون عن الكثير من المواقف اليمينية المتطرفة تماشياً مع رغبة نسبة كبيرة من المواطنين الفرنسيين.

وفي حال حصول اليسار أو الجبهة الشعبية على الغالبية، يعتقد بركات أن ماكرون لن يستقيل أيضاً في هذه الحالة، مؤكداً أن ماكرون لن يتخلى عن منصبه بسهولة بغض النظر عن التحديات التي يواجهها.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

التعايش السياسي

ورأى الباحث في الشؤون الأوروبية محمد رجائي بركات أن التعايش السياسي في فرنسا ممكن في حال حصول اليمين أو اليسار على الأغلبية أو تعيين رئيس وزراء يساري، كما حدث في الماضي. مثال على ذلك فترة حكم الرئيس الفرنسي السابق فرنسوا ميتران، عندما كان جاك شيراك رئيس وزرائه. ومع ذلك، يشدد بركات على ضرورة التفريق بين اليمين المتطرف وما يسمى باليمين الديغولي.

وأضاف بركات أن عدم حصول حكومة ماكرون على الغالبية لن يدفعه للاستقالة. ففي حال حصول اليمين المتطرف على الأغلبية، قد يقبل ماكرون بالاستمرار في منصبه حتى مع وجود حكومة يمينية متطرفة.

واستشهد بركات بالسيناريو المشابه في إيطاليا، حيث قامت رئيسة الوزراء جورجيا ميلوني بتغيير برنامجها الانتخابي بعد توليها السلطة، على رغم أن برنامجها كان مليئاً بالأفكار اليمينية المتطرفة، إلا أنها أصبحت أكثر اعتدالاً عندما تولت الحكم، بل ومنحت أكثر من 300 ألف مقيم غير شرعي إقامة في إيطاليا.

وفي مقابلة مع صحيفة "لوفيغارو"، أعلن إيمانويل ماكرون عزمه عدم التفكير في الاستقالة بغض النظر عن نتائج الانتخابات المقبلة. وأكد رئيس الدولة تطلعه للفوز في الانتخابات التشريعية على رغم التوقعات بمواجهته لضغوط بسبب احتمالية فشل خططه. وعلى رغم أن دستور الجمهورية الخامسة يسمح له بولاية خامسة، لا يمكنه الترشح لولايتين متتاليتين.

وتشير التقديرات إلى أن "التجمع الوطني" قد يحصل على ما بين 235 إلى 265 مقعداً في الجمعية الوطنية خلال الانتخابات المقبلة، مما يمثل تقدماً كبيراً لليمين المتطرف، وفقاً لاستطلاع أجرته "هاريس إنتراكتيف" بالتعاون مع "تولونا" ونشر يوم الإثنين.

ويبقى أمام الرئيس الفرنسي خياران، الأول تعيين رئيس حكومة جديد أو التعايش مع التجمع الوطني في حال فوزه.

في حالة عدم الثقة، قد يتعرض أي رئيس وزراء يعينه لإسقاط الثقة، مما قد يجعل الاستقالة خياراً محتملاً لماكرون للخروج من الأزمة.

ومع ذلك، تثير هذه التطورات تساؤلات بين مؤيدي إيمانويل ماكرون، الذين يتساءلون ما إذا كان سيتخلى عن مفاتيح السلطة لصالح "التجمع الوطني" لأسباب سياسية، في محاولة لتقليل تأثير مارين لوبن وحزب "التجمع الوطني" من خلال قرارات سياسية استراتيجية.

ووفقاً لاستطلاع رأي أجراه معهد "أودوكسا" بالتعاون مع مجلة "لو نوفيل أوبس" الفرنسية، من المتوقع أن يحصل "التجمع الوطني" المتحالف مع رئيس "حزب الجمهوريين" إريك سيوتي، على ما بين 250 و300 مقعد في البرلمان المقبل، مما قد يمنحهم غالبية قد تصل إلى الغالبية المطلقة.

إيمانويل ماكرون: بين الرسائل والتعهدات

ونشر إيمانويل ماكرون يوم الأحد رسالة طويلة في الصحف المحلية تضمنت أكثر من 30 فقرة وأكثر من 1300 كلمة، عبر فيها عن آرائه بالحلول التي أعلن عنها في خطابه مساء الانتخابات الأوروبية. واستغل ماكرون هذه الفرصة للإشادة بالإنجازات التي تحققت خلال الأعوام السبعة الماضية، وللتأكيد على التزامه بالتغيير خلال نهاية ولايته الثانية الممتدة لخمسة أعوام.

الجدل يتركز حول مدى نية هذه الرسالة في التواصل مع الناخبين، أو كونها وسيلة لدعم "الكتلة الوسطية" لحزب التجمع من أجل الجمهورية، على رغم تعهده في مؤتمر صحافي عقده في الـ 12 من يونيو بعدم المشاركة في حملة الانتخابات التشريعية، إلا أنه حضر قمة مجموعة السبع وحفل الموسيقى في قصر الإليزيه، وأجرى مقابلات مع وسائل إعلام مختلفة.

وعليه بدأ الشارع الفرنسي يطرح تساؤلات حول مدى تأثير هذه الخطوات على دعمه الشعبي في الانتخابات المقبلة؟ وما إذا كان خرق القانون الانتخابي بنشر هذه الرسالة إلى الفرنسيين؟

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير