Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

انسحاب بايدن وسيناريو الفوضى في صفوف الديمقراطيين

إذا اختار الرئيس الحالي التنحي سيتعين على المندوبين اختيار مرشح جديد للحزب لمواجهة ترمب

قاوم الرئيس بايدن (81 سنة) بقوة أطروحات بعض الديمقراطيين بالبحث عن بديل يخوض الانتخابات الرئاسية المقبلة (أ ب)

ملخص

في كل الأحوال تظل عملية انسحاب بايدن مطروحة في أي وقت على رغم إصراره الآن على المضي قدماً في الترشح رسمياً واستمرار دعم قيادات الحزب له كخيار من شأنه أن يجنب الحزب الديمقراطي الانقسامات والصراعات

مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية الأميركية الذي لم يتبق عليه سوى أربعة أشهر وانتشار الشعور بالذعر بين الديمقراطيين بسبب الأداء الضعيف لجو بايدن في أول مناظرة انتخابية مقابل الأداء القوي للخصم الجمهوري دونالد ترمب، وجد الديمقراطيون أنفسهم أمام سؤال صعب، هل فات الأوان لاستبدال بايدن كمرشح لهم؟ وهل يمكنهم ذلك إذا واصل مقاومة الضغوط؟ وما السوابق في التاريخ الأميركي؟

 

مقاومة بايدن

على رغم أداء بايدن المتوقف وتلعثمه المتكرر وتعليقاته غير الواضحة خلال أول مناظرة رئاسية مع الرئيس السابق الذي أثار مخاوف بين أعضاء حزبه من أنه ليس مؤهلاً لمهمة قيادة البلاد لمدة أربع سنوات أخرى، قاوم الرئيس بايدن (81 سنة) بقوة أطروحات بعض الديمقراطيين بالبحث عن بديل يخوض الانتخابات الرئاسية المقبلة، وسعى إلى تهدئة المخاوف في شأن أدائه غير المستقر خلال تجمع انتخابي حاشد في ولاية نورث كارولاينا بدا فيه أكثر حيوية بكثير مما قدمه خلال المناظرة في الليلة السابقة، كما اعترف بالانتقادات التي وجهت إليه قائلاً إنه لم يناظر كما اعتاد في السابق، لكنه يعرف كيف يقوم بالمهمة وينجز الأمور.

وعلى رغم اعتراف المشرعين الديمقراطيين بأداء بايدن الضعيف، لكنهم حاولوا التوقف عن الحديث عن استبداله كحامل لوائهم، وسعوا بدلاً من ذلك إلى تحويل التركيز إلى ترمب، وأجاب زعيم الديمقراطيين في مجلس النواب حكيم جيفريز بالنفي عندما سئل عما إذا كان ينبغي على بايدن التنحي، كما أعلن حاكم ولاية كاليفورنيا غافن نيوسوم وحاكمة ولاية ميشيغان غريتشن ويتمر، وكلاهما من الأسماء المرشحة كبديل محتمل للرئيس، عن دعمهما لاستمرار حملة بايدن كمرشح للحزب الديمقراطي.

ضغوط معاكسة

لكن في الوقت نفسه، تحدث بعض كبار المانحين الديمقراطيين، عن الحاجة إلى تبني بديل لبايدن خلال سلسلة من الرسائل النصية، كما جرت محادثات غير رسمية بين المانحين والمقربين من بدائل بايدن المحتملين لقياس مدى استعدادهم لخوض السباق، بينما بدأ مانحون آخرون يشعرون بالقلق إزاء أداء بايدن.

ومع ذلك، لا يبدو أن أي إجراء قد اتخذ حتى الآن من قبل حملة بايدن، أو اللجنة الوطنية الديمقراطية، أو أية مؤسسة داخل الحزب الديمقراطي من أجل إقناع الرئيس جو بايدن بالتنحي والانسحاب من السباق الرئاسي، غير أنه لا أحد يعلم متى يمكن أن يحدث ذلك، ومن يمكن أن يخاطر بإطلاق الشرارة الأولى التي قد تحدث انقساماً خطراً داخل الحزب الديمقراطي.

هل فات الأوان؟

لكن هذا لا يعني أن الأوان قد فات لاستبدال الرئيس بايدن كمرشح للحزب الديمقراطي، ولكن للقيام بذلك سيتعين على الرئيس أولاً الموافقة على التنحي مما لا توجد إشارة واضحة على أنه كان يخطط للقيام بذلك، على رغم أن بعض الاستراتيجيين الديمقراطيين وأصحاب المناصب العليا في الحزب قالوا بهدوء إنها محادثة يجب على الحزب أن يجريها.

وإذا فعل بايدن ذلك خلال الأيام أو الأسابيع القليلة المقبلة، فمن السهل جداً من الناحية الإجرائية أن يصوت المندوبون في المؤتمر الوطني الديمقراطي لشخص آخر عندما يجتمعون في شيكاغو بدءاً من الـ19 من أغسطس (آب) المقبل.

أخطار الفوضى

ولعل ما يشجع بايدن على مقاومة الدعوات المطالبة بانسحابه من السباق الرئاسي لانتخابات 2024 هو انتصاراته خلال الانتخابات التمهيدية والحزبية هذا العام، فقد حشد بايدن الدعم من الغالبية العظمى من المندوبين الذين سيحضرون المؤتمر هذا الصيف ووصل عددهم إلى 3894 من 3937 تم الالتزام بها حتى الآن، وفقاً لإحصاء وكالة "أسوشيتد برس"، وسيكون لهؤلاء المندوبين الحرية في التصويت لمرشح مختلف إذا انسحب بايدن.

لكن المناورات السياسية لاختيار مرشح جديد يمكن أن تأخذ الحزب إلى طريق فوضوي ومجهول، ما يكشف عن الاختلافات الأيديولوجية الصارخة التي نجح ترشيح بايدن في إبعادها.

وفي مثل هذا السيناريو الذي يتنحى فيه الرئيس، سيواجه الديمقراطيون ما يعرف باسم المؤتمر المفتوح لاختيار المرشح الرئاسي البديل على الفور من خلال المفاوضات والمساومات من وراء الكواليس، وعلى رغم أن نائبة الرئيس كامالا هاريس من المرجح أن تكون المرشحة الأولى للترشيح بحكم منصبها الحالي كبديلة للرئيس في حال غيابه لأي سبب، إلا أن المندوبين لن يكونوا ملزمين باختيارها.

صراع محتمل

غير أن انسحاب بايدن قد يؤدي إلى صراع مرير بين المتنافسين، وبحسب المتخصص في مجال العلوم السياسية في جامعة "جورج تاون"، هانز نويل، فإن أي محاولة للعثور على بديل لبايدن ستؤدي إلى ظهور انقسامات حزبية، إذ يمثل الرئيس حلاً وسطاً يجمع تحالف الحزب الديمقراطي الواسع، وربما يكون من الصعب العثور على مرشح آخر يشعر الجميع بالارتياح تجاهه.

ومع ذلك، لدى الديمقراطيين مجموعة من المرشحين الصاعدين الذين من المتوقع أن يفكروا في الترشح عام 2028، بما في ذلك حاكمة ميشيغان غريتشن ويتمر، وحاكم بنسلفانيا جوش شابيرو، وحاكم كاليفورنيا غافن نيوسوم، وحاكم ماريلاند ويس مور، ووزير النقل بيت بوتجيج، وحاكم ولاية كارولاينا الشمالية روي كوبر، وسناتور جورجيا رافائيل وارنوك، من بين آخرين.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

القواعد الديمقراطية

ولا يذكر كتاب قواعد اللجنة الوطنية الديمقراطية أي سيناريو في شأن هذا المؤتمر المفتوح، لكنه يقدم فقط توجيهاً للمندوبين إلى المؤتمر الوطني والمتعهدين لمرشح رئاسي يطالبهم أن يعكسوا بكل ضمير حي مشاعر أولئك الذين انتخبوهم.

ويقول المتخصص في مجال القانون في جامعة "نوتردام" ديريك مولر إن تغيير المرشحين سيكون واضحاً من الناحية القانونية لأنه لا يوجد مرشح رسمي حتى الآن ولم تتم طباعة أية أوراق اقتراع، لكن المناورات السياسية لاختيار مرشح جديد من المرجح أن تكون مفتوحة للجميع.

وتنص قواعد الحزب الديمقراطي على أنه إذا انسحب أحد المرشحين بين موعد انتهاء الانتخابات التمهيدية، وليلة مؤتمر ترشيح حزبه، سيكون المندوبون غير ملتزمين، ما يعني أنهم لا يدعمون مرشحاً محدداً وعليهم أن يقرروا من سيكون المرشح التالي، وفي هذا السيناريو يقوم مرشحو الحزب المحتملون بزيارة وفد كل ولاية من المندوبين لإقناعهم بدعمهم.

وفي السيناريو الذي ينسحب فيه بايدن قبل انتهاء عملية اختيار المندوبين، فإن الأمر يصبح مفتوحاً للجميع في ما يتعلق بكيفية مشاركة هؤلاء المندوبين في المؤتمر الوطني للحزب، وربما يرشحون شخصاً لم يكن على بطاقة الاقتراع.

سوابق تاريخية

لكن قبل التوصل إلى هذه القواعد كان المندوبون الذين يختارهم الحزب يذهبون إلى المؤتمرات الحزبية ويقررون هناك مرشحهم الرئاسي، لكن في مارس (آذار) 1968، قرر الرئيس ليندون جونسون عدم الترشح لإعادة انتخابه، مما أدى إلى تحول المؤتمر الديمقراطي في أغسطس إلى حالة من الفوضى وسط الاحتجاجات على حرب فيتنام.

بعد ذلك قام الحزب بتغيير القواعد لمنح المندوبين سلطة اختيار مرشحهم من خلال عملية الانتخابات التمهيدية بحيث يدعم المندوبون في المؤتمر الوطني للحزب المرشح الذي فاز في الانتخابات التمهيدية في ولايتهم.

تحدٍ كبير

وإذا اتجه الديمقراطيون نحو مؤتمر مفتوح فسيكون هناك تحدٍ كبير يتمثل في ضرورة الاستقرار على مرشح قبل حلول المواعيد النهائية للاقتراع، ذلك أنه من غير المرجح أن يحصل المرشح على غالبية أصوات المندوبين في الاقتراع الأول، نظراً إلى احتمال وجود ستة متنافسين أو أكثر، وهذا يفتح إمكانية عقد مؤتمر مطول وأيام عدة من الاقتراع قبل تحديد النتيجة.

وفي السيناريو الأكثر غرابة وتطرفاً أن التصويت المبكر للانتخابات الذي يبدأ في بعض الولايات في سبتمبر (أيلول)، ربما يكون قد بدأ بالفعل بينما لا يزال الديمقراطيون يفكرون فيمن سيختارونه.

إضافة إلى ذلك، فإن استبدال بايدن سيبدأ بخسارة مالية وتنظيمية، إذ لا يستطيع بايدن ببساطة تحويل أموال حملته إلى مرشح بديل، لكن يمكنه تحويلها إلى لجنة العمل السياسي الكبرى.

ماذا لو رفض بايدن التنحي؟

أشارت المتخصصة في شأن الانتخابات التمهيدية السياسية إيلين كامارك التي عملت أيضاً مندوبة ديمقراطية مرات عدة، إلى سيناريو غير مرجح، يرفض فيه بايدن التنحي ولكن يظهر له منافس يحاول إقناع مندوبي بايدن بالتخلي عنه ورفضه.

وفي هذه الحالة، سيتعين على شخص ما أن يقدم حجة مفادها بأن ترشيح الحزب الديمقراطي لبايدن سيكون أمراً فظيعاً وخاطئاً لأنه كبير في السن ويعاني مشكلات إدراكية بما يشكل خسارة محدقة للحزب ومرشحه، لكن هذا الطرح سيكون مدمراً للغاية ومن المتوقع أن يحدث انقسامات كبيرة إذا قرر عديد من مندوبي بايدن التخلي عنه بالفعل.

انسحاب بعد المؤتمر الوطني

أما إذا قرر بايدن الخروج من السباق الرئاسي بعد ترشيحه رسمياً من قبل المؤتمر الوطني للحزب، فإن اللجنة الوطنية للحزب تختص باختيار المرشح البديل، وعلى سبيل المثال، حدثت عملية مماثلة خلال المؤتمر الوطني للحزب الديمقراطي عام 1972، إذ كان المرشح الديمقراطي للرئاسة السيناتور جورج ماكغفرن، قد اختار السيناتور الديمقراطي السابق توم إيغلتون لمنصب نائب الرئيس، والذي كان يعالج من مرض عقلي، ولهذا أجبر على الانسحاب، واختار ماكغفرن بديلاً لمنصب نائب الرئيس، لكن كان لا بد من التصديق عليه رسمياً من قبل اللجنة الوطنية الديمقراطية.

وفي هذا السيناريو، بحسب المتخصصة في شأن الانتخابات بمعهد "بروكينغز" إيلين كامارك، يتخذ رئيس اللجنة الوطنية القرار في شأن موعد انعقاد الاجتماع الخاص للجنة كي يتم التصديق على المرشح البديل، ومن الممكن أن يرغب رئيس اللجنة في عقد الاجتماع بسرعة للسماح للمرشح الجديد بشن حملة ضد الحزب المقابل، ولكن قد يختار أيضاً الانتظار بضعة أسابيع لمعرفة ما إذا كان هناك مرشح مختلف سيدخل السباق.

غير أن المحلل في معهد "أميركان إنتربرايز" جون فورتيير يشير إلى أن التوقيت الذي ينسحب فيه مرشح الحزب قبل يوم الانتخابات ربما يجعل الأمور صعبة عندما يتعلق الأمر بالاسم الذي يظهر على ورقة الاقتراع، نظراً إلى أنه يجب طباعة بطاقات الاقتراع وإرسالها في بعض الحالات قبل 45 يوماً من يوم الانتخابات، وقد يظهر اسم المرشح السابق على بطاقة الاقتراع.

وفي كل الأحوال تظل عملية انسحاب بايدن مطروحة في أي وقت على رغم إصراره الآن على المضي قدماً في الترشح رسمياً واستمرار دعم قيادات الحزب له كخيار من شأنه أن يجنب الحزب الديمقراطي الانقسامات والصراعات.

اقرأ المزيد

المزيد من تحلیل