Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

من يسأل عن حقوق النساء في سودان الحرب؟

يتصدر البلد قائمة الأسوأ في مؤشر قياس الفجوة بين الجنسين على المستويين العربي والعالمي

على رغم نضالات المرأة السودانية لا توجد قوانين أو سياسات لحمايتها (اندبندنت عربية - حسن حامد)

ملخص

معلوم أن تقرير الفجوة النوعية يقوم بقياس أربعة أبعاد هي البعد الاقتصادي وفرص العمل والتحصيل التعليمي والصحة والنجاة والتمكين السياسي.

في وقت شهد السودان طوال حقب حكمه منذ استقلاله عام 1956 فرصاً متساوية للنساء والرجال في ما يخص توزيع المناصب والأجور والمشاركة السياسية والثقافية فضلاً عن فرص التعليم والصحة وغيرها، تصدر هذا البلد قائمة أسوأ دولة في مؤشر قياس الفجوة بين الجنسين على المستويين العربي والعالمي الذي صدر أخيراً، الأمر الذي طرح تساؤلات عدة عن الأسباب التي أدت إلى هذا التراجع المريع؟

صعوبة البيانات

تقول الناشطة السياسية والاجتماعية ميرفت النيل، إن "السودان الآن في حال حرب، مما يجعل من الصعوبة بمكان إخضاعه لأي من معايير الحوكمة المعروفة ومؤشرات التنمية أو أهداف الألفية، فلا يمكن علمياً مقارنة التقدم فيه بمعايير تشمل التطبيق على دول مستقرة إلا إذا كان الهدف قياس تأثير الحرب في إنجاز أهداف متفق عليها دولياً".

وتضيف، "معلوم أن تقرير الفجوة النوعية يقوم بقياس أربعة أبعاد هي البعد الاقتصادي وفرص العمل والتحصيل التعليمي والصحة والنجاة والتمكين السياسي. وقد ظهر خلو هذه المقاييس من البيانات عن السودان في بعض المحاور، مما يفسر صعوبة الحصول على البيانات المطلوبة بسبب اندلاع الحرب التي تسود غالب مناطق البلاد وتؤثر في عمليات الحوكمة فيها".

وتابعت، "أدت الحرب وما صاحبها من انتهاكات فظيعة إلى تشريد المواطنين داخل وخارج السودان، الأمر الذي جعل من المستحيل الوصول إلى بيانات دقيقة عن كل ما يتعلق بالمجالات المختلفة، لكن يمكن التكهن بطبيعة الأوضاع من المؤشرات الأخرى، فالحرب أوقفت غالب شركات القطاع الخاص مما اضطرها للاستغناء عن معظم موظفيها، كما تعطلت كذلك مؤسسات الخدمة المدنية في 12 ولاية من أصل 18، وبالطبع تأثر العاملون بها من الجنسين اقتصادياً، ولم يعد هناك فرص للعمل إلا في المنظمات الإنسانية، وهي فرص ضئيلة لا تكاد تحتسب، إضافة إلى العمل في التجارة وهو مجال يصعب على النساء ممارسته في ظل الحرب لأخطاره العديدة".

 

 

ولفتت إلى أن "مشاركة النساء السودانيات في العمل السياسي خلال الحكومات المتعاقبة وآخرها حكومة الفترة الانتقالية كانت بارزة بغض النظر عن حجم التقييد في الحريات، والحقيقة أن مشاركة النساء تزداد قوة كل مرة سواء بوصفهن مستقلات أو حزبيات أو ضمن مجموعات نسوية أو تجمعات مجتمع مدني أو مهنيين".

وأردفت الناشطة أن "هناك فجوة دائماً ما تحدث على مستوى المشاركة في المناصب القيادية، بحيث لا تتناسب مع حجم وجود النساء في الفضاء العام وفي النشاط السياسي، في وقت نالت المرأة السودانية الحق في الأجر المتساوي وبقية الحقوق المتعلقة بالعمل منذ ستينيات القرن الـ20، وظل معمولاً بهذا القانون في غالب المؤسسات، بخاصة أن حق التقاضي مكفول في حال تم انتهاكه، ومع ذلك نجد بعض المؤسسات تتحايل أحياناً على القانون من خلال تواطؤ العاملين والعاملات بالمهنة، لكن تواصل نضالات المرأة السودانية للمحافظة على حقوقها وما تجده من تضامن واسع من قبل عديد من كيانات المجتمع المدني من شأنه أن يثبت هذا الحق بصورة قاطعة".

إرضاء المجتمع

تشير المديرة الإقليمية لشبكة نساء القرن الأفريقي هالة الكارب إلى أن "النساء في السودان لديهن تاريخ طويل في ممارسة الأنشطة السياسية، فضلاً عن المشاركة في الحركة النضالية التي تطالب بالحقوق العامة، بخاصة أن المرأة السودانية أصبحت جزءاً أصيلاً من القوى العاملة والمهنية منذ بدايات القرن الـ20، فالنساء السودانيات موجودات في الساحات العامة وكل أوجه الأنشطة الاجتماعية والثقافية، إذ انتُخبت أول امرأة للبرلمان السوداني عام 1965، وأول قاضية في بداية سبعينيات القرن الـ20".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وزادت الكارب، "السودان يضم فرقاً رياضية نسائية، وتفوق أعداد الإناث أقرانهن من الذكور في الجامعات والكليات. وشاركت النساء أيضاً في كل مستويات الحكم الوطني والمحلي بنسب لا تقل عن 25 في المئة، كذلك كانت مشاركتهن في أحداث ثورة ديسمبر (كانون الأول) 2018 التي أطاحت نظام الرئيس السابق عمر البشير لافتاً ومؤثراً، إذ قدر عددهن في التظاهرات بما يعادل 60 في المئة من إجمال المحتجين".

وعن مستوى الأجور في السودان ومدى المساواة في الفرص وتوزيع المناصب بين الجنسين، تقول إن "السودان تبنى نهج الأجر المتساوي في العمل منذ ما يزيد على 50 عاماً، إذ لا توجد فروق في الأجور بين الرجل والمرأة، لكن هناك تمييزاً في الفرص والوصول إلى المناصب القيادية، كذلك نجد أن الحكومات المتعاقبة رفضت المصادقة على القوانين الدولية التي تقنن العدالة والإنصاف على أساس النوع الاجتماعي، ولم يتم التوقيع أو المصادقة على أي من الاتفاقات الدولية والإقليمية التي تؤسس لحقوق النساء في القوانين والسياسات منذ حكم جعفر نميري (1969- 1985) مروراً بعهد الحركة الإسلامية التي حكمت البلاد 30 عاماً (1989- 2019) وانتهاء بحكومة الفترة الانتقالية الأخيرة التي جاءت بجهد النساء".

وتابعت المديرة الإقليمية لشبكة نساء القرن الأفريقي أنه "على رغم نضالات المرأة السودانية التي تشكل أكثر من 60 في المئة من القوى العاملة في البلاد، لا توجد قوانين أو سياسات لحمايتهن، ونجد أيضاً أن كل القوانين لا تراعي النوع الاجتماعي، بالتالي ظلت النساء في السودان على رغم نضالهن يفتقدن أية ضمانات سياسية أو قانونية تكفل حقوقهن في المجتمع، وهذا وضع مزر ومختل تتحمل مسؤوليته النخب السياسية السودانية التي تفتقر إلى الرؤية والمشروع السياسي والاقتصادي".

 

 

وترى الكارب أن "النساء في السودان يتقلدن عديداً من المناصب سواء قيادية أو سيادية، وفي الغالب يحدث ذلك في سياق إرضاء المجتمع الدولي كما حدث في الحكومة الانتقالية برئاسة عبدالله حمدوك، ولكن من دون التزامات حقيقية نحو تطوير سياسات النوع الاجتماعي، أو كما كان يحدث خلال فترة النظام السابق إذ تتولى النساء المناصب العليا لتنفيذ سياسات قاهرة ومذلة للنساء، وفي ظل الحرب البشعة التي اندلعت في البلاد منذ منتصف أبريل (نيسان) 2023، التي حدثت فيها انتهاكات مؤلمة بخاصة جرائم العنف الجنسي ضد النساء والفتيات، لم يعد مستغرباً أن يحتل وضع النساء في السودان أسفل القائمة".

تدن مريع

في وقت تشهد دول العالم أجمع طفرة طبية ظل السودان يعاني تدنياً مريعاً في نظامه الصحي الذي بلغ حالاً من التدهور، بخاصة في الأرياف إذ تعد المرأة المتضرر الأكبر، في حين أسهمت الحرب الحالية في تردي الأوضاع الصحية بصورة كبيرة نتيجة لتعطل معظم المستشفيات، وظهر ذلك في مراحل الحمل والولادة للسيدات.

هنا يقول طبيب النساء والتوليد خالد محمد، إن "الوضع الطبي للنساء مؤلم للغاية بسبب خروج غالبية المستشفيات من الخدمة، فضلاً عن عدم توفر الدواء وغيره من مستلزمات المرأة الصحية، وقد شهدنا وفيات وسط الأمهات والحوامل، وعلى رغم تشابه الظروف الصحية بين الجنسين ومعاناة الجميع فإن السيدات كن المتضرر الأكبر".

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير