Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

حر الصيف يحرك النشاط الاقتصادي للمدن الساحلية في مصر

ارتفاع الطلب على الوحدات المصيفية ومعدلات إشغال الفنادق تقترب من 100 في المئة على رغم معدلات التضخم المرهقة

الموسم الصيفي يخلق رواجاً اقتصادياً في مدن الساحل المصرية وسط ارتفاع الطلب (اندبندنت عربية)

ملخص

ترسم الخصاصة التي تجمع المصريين والصيف والمصايف بما فيها من صور توثقها ألبومات العائلات وذكريات البسمة على الشفاه فتجعل الاستجمام السنوي في إحدى المدن السياحية عادة مقدسة تتوارثها الأجيال حتى مع مستويات التضخم المرهقة للنفقات في البلاد

يظل الفرار من لهيب حر يوليو (تموز) إلى شاطئ رأس البر عادة أسرة ناصر فوزي السنوية ورد فعل موسمياً إزاء درجات حرارة حارقة وطقس رطب يعرفه مسقط رأسه في شمال دلتا مصر، وقد حمل الشهر ذاته فرصة عمل موسمية أكيدة للأخوين مصطفى وقاسم ونجل عمهما أمجد، وقد عد محركاً لاقتصادات مدن الساحلين، الأبيض والأحمر، مقصد الباحثين عن الراحة والسكينة وتلمس النسيم العليل والماء البارد من بعد انقضاء اختبارات الثانوية العامة في يونيو (حزيران).

ورسمت الخصاصة التي تجمع المصريين والصيف والمصايف بما فيها من صور توثقها ألبومات العائلات وذكريات البسمة على الشفاه فتجعل الاستجمام السنوي في إحدى المدن السياحية عادة مقدسة تتوارثها الأجيال حتى مع مستويات التضخم المرهقة للنفقات في البلاد. وهذا ناصر أعد عدة الصيف وصحب زوجته وأبناءه الثلاثة لقضاء 10 أيام في مدينة رأس البر وبحوزته ما يكفي إيجاراً ومعيشة وتنقلاً وترفيهاً.

طبقية المدن الساحلية

وفي مصر تتنوع المصايف تبعاً لمستويات الأجور والإنفاق، فتلك فايد وبلطيم ورأس البر والإسكندرية وجمصة من مدن المستويات الدنيا من المصريين فيما تحظى شرم الشيخ والغردقة والعلمين وطابا والعين السخنة بصفوتهم، وبين هذه وتلك ثمة أنشطة تجارية وخدمية وترفيهية قائمة في الأشهر الحارة الثلاثة من كل عام، بدءاً من حجز الفنادق والشاليهات والشواطئ والمتنزهات، مروراً بالمطاعم، ووصولاً إلى مبيعات المواد الغذائية والسلع الترفيهية التي تنشط بقوة لارتفاع الطلب عليها خلال تلك الفترة.

 

"الأسعار تضاعفت عند المقارنة بما كانت عليه العام الماضي. العشش (الوحدات السكنية المصيفية)، والتنقلات داخل المدينة وأسعار المطاعم والكافيهات"، هكذا يشكو ناصر الذي يعمل معلماً بإحدى مدارس التعليم الأساس في حديثه إلى "اندبندنت عربية"، مشيراً إلى أن موازنته العام الماضي لقضاء الأيام الـ10 لم تتجاوز ثمانية آلاف جنيه (166 دولاراً)، لكن فاتورة نفقاته هذا العام ستتجاوز 15 ألف جنيه (311 دولاراً) مقسمة بين نفقات الإيجار للوحدة المصيفية ونفقات المعيشة.

ارتفاع أسعار الإيجارات

وبحسب سماسرة تحدثوا إلى "اندبندنت عربية" ارتفعت أسعار الإيجارات في المتوسط بنحو 70 في المئة، والأمر يختلف تبعاً لمدى قرب الوحدة من الشاطئ والسوق، إضافة إلى الطابق والمساحة وموعد الحجز ومدته الزمنية، وعلى رغم ذلك يقرون بأن معدلات الإقبال هذا العام هي ذاتها من دون اختلاف تقريباً عن العام الماضي.

وعلى بعد بضع كيلومترات على الشاطئ ذاته يقع مصيف جمصة في محافظة الدقهلية، وهو مقصد الراغبين في الاستجمام من أبناء الطبقة الدنيا وتحت المتوسطة، وهناك يعمل الأخوان مصطفى وقاسم عبدالحميد خلال أشهر الصيف في أحد مطاعم الأسماك، فيما يعمل نجل عمهما أمجد في محل لبيع الحلويات الشرقية التي تشتهر بها المنطقة.

عمالة موسمية

تمثل أشهر الصيف فرصة للعمالة الموسمية ممن يقدمون إلى المدينة للاستفادة من الرواج السياحي الذي تشهده، ومن بين هؤلاء مصطفى وقاسم وأمجد، إذ يشيرون في حديثهم إلى ارتفاع الطلب على الخدمات المختلفة داخل المدينة، مما يجعلها مغنماً للتجار ومؤدي الخدمات. ويضيفون أن المدينة خلال أشهر الصيف تعد متنفساً للمصريين، بخاصة أبناء محافظة الدقهلية نظراً إلى قربها الجغرافي، وإن لم تحظ بالشهرة التاريخية لمدينة رأس البر، إلا أنها "تقضي الغرض، شاطئ واستجمام وخدمات بسعر معقول ومناسب"، على حد تعبيرهم.

 

وفي مدن الغردقة وشرم والشيخ وطابا تضاعفت رسوم حجز الفنادق بحسب القوائم التي اطلعت عليها "اندبندنت عربية" مقارنة بما كانت عليه العام الماضي إثر تحرير سعر صرف الجنيه أمام الدولار في السادس من مارس (آذار) الماضي ليصبح الدولار بـ49 جنيهاً من 30 جنيهاً قبل قرار البنك المركزي المصري.

تضاعف أسعار الفنادق

يقول المسؤول عن الحجز في إحدى شركات السياحة الشهيرة بالقاهرة أحمد محمود إن تحرك الأسعار أمر له ما يبرره، فنفقات الخدمة زادت، ومن ثم كان على الفنادق وشركات السياحة والنقل أن ترفع رسومها هي الأخرى، لافتاً إلى أن سعر الإقامة بغرفة "سريرين" في الفنادق الخمس نجوم بالغردقة كمثال، بـ12 ألف جنيه (249 دولاراً) لأربعة أيام وثلاث ليال، بينما كان السعر الصيف الماضي 5500 جنيه (114 دولاراً)، وفي شرم الشيخ الأسعار ذاتها مع فوارق طفيفة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويعتقد محمود أنه على رغم أهمية السياحة الداخلية في الغردقة وشرم الشيخ وطابا فإن الأهمية الأكبر تكمن في جذب السياح الأجانب كونهم مصدر العملة الصعبة التي تحتاج إليها البلاد، مشيراً إلى أن حضور الأجانب محرك لاقتصادات تلك المدن بأكملها، حتى للقاطنين من ملاك العقارات ممن يتجهون نحو تأجير وحداتهم الخاصة للزوار المصريين والأجانب بنظام الإيجار اليومي الذي يناسب كثيرين منهم.

معدلات إشغال الفنادق

من جانبه يرى المتخصص في الشأن السياحي عاطف عبداللطيف أن الساحل الشمالي في مصر يحظى بإقبال أكبر للسياح العرب، بدءاً من يونيو، فيما تشهد مدن البحر الأحمر الساحلية مثل الغردقة وشرم الشيخ حضوراً أكبر للأجانب والمصريين، لافتاً إلى أن الفنادق شهدت نسب إقبال قاربت 100 في المئة.

وتسهم السياحة بما يصل إلى 15 في المئة في الناتج الاقتصادي لمصر، وهي مصدر رئيس للعملات الأجنبية إلى جانب قناة السويس وتحويلات المغتربين والصادرات، وخلال العام الماضي كانت الحكومة المصرية تتوقع ارتفاع أعداد السائحين إلى 15 مليون سائح، على أن يصل العدد إلى 18 مليون سائح خلال عام 2024.

 

ويعتقد رئيس "جمعية مسافرون للسياحة" أن الروس والأوكرانيين والأتراك والإيطاليين يفضلون شرم الشيخ مقصداً سياحياً، إضافة أيضاً إلى الغردقة التي تجذب زواراً من جنسيات عربية وخليجية أيضاً، ومع عودة المصريين بالخارج لقضاء الإجازة يتوقع أن تشهد تلك المدن خلال الفترة المقبلة إقبالاً أكبر، بعكس الأقصر وأسوان اللتين يضعف الحضور إليهما صيفاً بسبب ارتفاع درجات الحرارة في صعيد مصر، وتفضيل السائح السياحة الشاطئية في هذه الآونة من العام.

أما المتخصص في الشأن الاقتصادي عبدالمنعم السيد، فيقول إن "معدلات استهلاك المدن الساحلية في مصر من البضائع ترتفع صيفاً، وبالنظر إلى فوارق الأسعار والخدمات المقدمة داخل تلك المدن للزوار المصريين والأجانب، فإنها تصبح مغنماً للمنتجين والتجار والموردين من الباحثين عن معدلات بيع واسعة.

رواج اقتصادي مهم

ويلفت المتخصص في الشأن الاقتصادي إلى أهمية تلك المدن على المستوى الاقتصادي لما توفره من دخل لعديد من الأنشطة التجارية والخدمية والسياحية، فضلاً عن كونها مقصداً للسياح الأجانب ومورداً من موارد النقد الأجنبي للبلاد، متوقعاً أن تشهد تلك المدن إقبالاً أكبر، بخاصة مع درجات الحرارة غير المسبوقة صيفاً.

وكانت مؤسسة "فيتش سوليوشنز" توقعت أن تتجاوز عائدات السياحة المصرية 15 مليار دولار خلال العام المالي الجديد 2025-2024، ووصول عدد السائحين إلى 15.9 مليون في 2024 مدفوعة بتراجع قيمة العملة المحلية وتعاظم جهود السلطات لتوسيع العروض السياحية وتنويع مجموعة الأسواق المصدرة لها.

وبحسب بيانات وزارة السياحة المصرية وصل إجمال أعداد السائحين الوافدين لمصر خلال النصف الأول من العام الحالي إلى 7.069 مليون سائح مما يقترب من الرقم القياسي التاريخي الذي حققته السياحة في البلاد في الفترة نفسها من عام 2023 الذي بلغ 7.062 مليون سائح، ويمثل نمواً أيضاً عن عام 2010 الذي سجل 6.9 مليون سائح.

اقرأ المزيد