Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل تسفر انتخابات بريطانيا عن "برلمان معلق"؟

شهدت المملكة المتحدة هذا النوع من البرلمانات مرات عدة كان آخرها في عام 2017

 لتشكيل حكومة غالبية يحتاج الحزب الفائز إلى أن يستحوذ على أكثر من نصف عدد مقاعد البرلمان (أ ب)

في حين حظي حزب المحافظين البريطاني الحاكم بهزيمة مدوية خلال الانتخابات المحلية التي أجريت مايو (أيار) الماضي، فإن منافسه الأقوى حزب العمال لم يحقق ذلك الانتصار الكاسح الذي كانت تذهب إليه التوقعات، واستطاع الحزب الليبرالي الديمقراطي الذي حل ثانياً خلف العمال تحقيق فوز كبير، منذ ذلك الحين استغل المحافظون النتائج للحديث عما ستسفر عنه الانتخابات العامة المقررة في الرابع من يوليو (تموز). 

زعم رئيس الوزراء البريطاني وزعيم حزب المحافظين ريشي سوناك، الذي من المتوقع أن يلقى هزيمة مماثلة في انتخابات الأسبوع الجاري، أن النتائج تدل على أن البلاد تتجه نحو "برلمان معلق"، إذ سيقود العمال "تحالفاً من الفوضى" بعد الانتخابات العامة. استند سوناك آنذاك على بحث أجراه خبراء الانتخابات كولين رانيغز ومايكل تاتشر يتوقع أنه في حال تكرار نمط التصويت للانتخابات المحلية في الانتخابات العامة، فإن حزب العمال لن يتمكن من تأمين عدد كاف من مقاعد مجلس العموم للفوز بغالبية تؤهله لتشكل الحكومة. 

في حين تشير استطلاعات الرأي إلى أن حزب العمال في طريقه للفوز بالغالبية وتشكيل الحكومة المقبلة، لكن إذا اخطأت استطلاعات الرأي فقد تكون النتيجة برلماناً "معلقاً" كما يتحدث المحافظون، فماذا يعني هذا السيناريو؟

ما البرلمان المعلق؟

عندما لا يتمكن أي حزب من الحصول على غالبية المقاعد في ويستمنستر لتشكيل حكومة بمفرده فإنه يطلق على هذا "برلمان معلق"، ومن ثم يحتاج الحزب صاحب الغالبية إلى التعاون والعمل مع الأحزاب الأخرى لتشكيل غالبية عاملة أو ائتلاف حاكم. يمكن أن يحدث هذا في الانتخابات، أو عندما يفقد الحزب الحاكم غالبيته العامة من خلال الانتخابات الفرعية أو الانشقاقات أو الإيقاف.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

لتشكيل حكومة غالبية يحتاج الحزب الفائز إلى أن يستحوذ على أكثر من نصف عدد مقاعد البرلمان البالغة 650 مقعداً، أي ما لا يقل عن 326. ولا يصوت الشعب لاختيار رئيس الوزراء بشكل مباشر، إذ يكون اختياره من بين نواب الحزب الفائز، ثم يعينه الملك الذي يلتزم باتباع نصيحة الحكومة. من يشكل الحكومة لابد أن يحصل على غالبية الأصوات في مجلس العموم، فيمكن أن تكون هذه الغالبية من حزب واحد، أو أن تشمل دعماً من أحزاب سياسية أخرى حتى لو لم يكن هناك ترتيب ائتلافي رسمي. وإذا لم يتمكنوا من ذلك، فعلى رئيس الوزراء أن يطلب من الملك دعوة شخص آخر إلى تشكيل الحكومة.

وفي حين تشير استطلاعات الرأي الوطنية إلى تقدم العمال بزعامة كير ستارمر بغالبية، وتتجه التوقعات إلى أن الحزب سيشكل حكومة غالبية، تقول شبكة "سكاي" البريطانية إن الاستطلاعات أخطأت قبلاً حيث تحدث أمور غير متوقعة خلال الحملات الانتخابية. إذ شهدت المملكة المتحدة هذا النوع من البرلمانات مرات عدة، كان آخرها في عام 2017 عندما جاءت مقامرة رئيسة الوزراء المحافظة تيريزا ماي بالدعوة إلى انتخابات مبكرة بنتائج عكسية، إذ خسر حزبها 13 مقعداً واضطرت إلى إبرام اتفاق مع الحزب الوحدوي الديمقراطي في أيرلندا الشمالية للبقاء في منصبها.

وشهدت انتخابات عام 2010 أيضاً برلماناً معلقاً، إذ فشل ديفيد كاميرون - وزير الخارجية حالياً - والمحافظون في تحقيق الغالبية الشاملة. اختار كاميرون تشكيل ائتلاف كامل مع الديمقراطيين الليبراليين، مع التوصل إلى اتفاق بعد ستة أيام من المحادثات المكثفة، وكان هذا أول ائتلاف حكومي في زمن السلم في المملكة المتحدة منذ الائتلاف الوطني في ثلاثينيات القرن الماضي. 

تاريخ البرلمانات المعلقة

يعود تاريخ البرلمانات المعلقة في المملكة المتحدة لأوائل القرن الـ20، فوفق مؤسسة "إى أر إس" البريطانية المعنية بمراقبة الانتخابات، فإنه من بين الانتخابات العامة الـ11 التي أجريت في المملكة المتحدة بين عامي 1900 و1935، أسفرت خمسة منها عن برلمانات معلقة. 

بعد الانتخابات العامة عام 1900، كان على حزب المحافظين الاعتماد على حلفائه من حزب الاتحاد الليبرالي لتشكيل حكومة ائتلافية. أسفرت اثنين من الانتخابات العامة لعام 1910 عن برلمانات معلقة، إذ احتاج الحزب الليبرالي إلى دعم نحو 70 نائباً من الحزب البرلماني الأيرلندي للاستمرار في الحكومة، وأسفرت الانتخابات البرلمانية التالية عن حكومات الأقلية العمالية. وأنتجت انتخابات عام 1929 برلماناً معلقاً آخر، وشكل رامسي ماكدونالد حكومة أقلية عمالية، التي استمرت حتى عام 1931، عندما دفعته الاضطرابات المالية إلى تشكيل حكومة وطنية يهيمن عليها المحافظون.

وفي فبراير (شباط) 1974 فاز حزب العمال بـ301 مقعد في مقابل 297 للمحافظين، وشكل حكومة أقلية تحت قيادة هارولد ويلسون. منحت انتخابات أخرى في أكتوبر (تشرين الأول) 1974 حزب العمال غالبية ضئيلة من ثلاثة مقاعد، وبحلول عام 1977 كانت هذه الغالبية فقدت، واعتمدت خلال الفترة المتبقية من وجود حكومة حزب العمال في السلطة على الليبراليين والأحزاب الصغيرة الأخرى لتمرير التشريعات.

آلية عمل الحكومات الائتلافية

الائتلاف هو حكومة مكونة من حزبين أو أكثر، ففي عام 2010 عمل المحافظون والديمقراطيون الليبراليون على الجمع بين برامجهم السياسية وتحديد كيفية تخصيص المناصب الوزارية بين نواب الحزبين. وأصدروا وثيقة مشتركة بعنوان "الائتلاف: برنامجنا للحكومة"، التي حددت الخطط السياسية في كل مجال لفترة ولاية برلمانية مدتها خمس سنوات. كما أصدروا وثيقة تحدد بالضبط كيفية عمل الحكومة، بعنوان "اتفاق الائتلاف من أجل الاستقرار والإصلاح"، التي تحدد بوضوح كيفية تعيين وزراء الحكومة وكيفية تشكيل مجلس الوزراء ولجانه الفرعية.

ومع ذلك لا يشترط البرلمان المعلق تشكيل ائتلاف حاكم، فربما يذهب الحزب صاحب الغالبية لتشكيل حكومة أقلية، إذ يقرر الحزب أن يحكم بمفرده بدلاً من تشكيل تحالف مع حزب آخر، لكن في الوقت ذاته تكون حكومة الأقلية في حاجة دائماً إلى دعم من أعضاء الأحزاب الأخرى لتمرير القوانين والتشريعات. 

ومع ذلك يستبعد المراقبون في المملكة المتحدة أن تسفر انتخابات الأسبوع الجاري عن برلمان معلق، وتقول صحيفة "الغارديان" البريطانية إن عدداً من خبراء الاستطلاعات لا يتفقون مع السرد الخاص بامتداد نتيجة الانتخابات المحلية إلى تلك العامة المتعلقة بانتخاب أعضاء مجلس العموم البريطاني. وتوضح أن نحو نصف الناخبين الذين سيصوتون في الانتخابات العامة لم يدلوا بأصواتهم في المحليات، وبينما من الصعب معرفة أين ستتجه هذه الأصوات، فإن أفضل سبيل لتوقع ذلك هو الاستناد إلى استطلاعات الرأي التي تمنح بالفعل حزب العمال 20 نقطة أعلى من منافسيه. 

وتضيف الصحيفة التي تدعم حزب العمال أن جميع الدلائل تشير إلى أن البريطانيين يصوتون بشكل مختلف في انتخابات المحليات عما هو في الانتخابات الوطنية، إذ يميلون إلى دعم الأحزاب الصغيرة والمستقلة في المحليات، وهو ما حدث بالفعل في مايو الماضي عندما ذهب نحو 23 في المئة من الأصوات إلى أحزاب أخرى غير حزب العمال والمحافظين والديمقراطيين الليبراليين، ولكن في حين أن المرشحين المستقلين يحققون نتائج جيدة في السباقات المحلية، فإنهم نادراً ما يحققون النجاح نفسه في منافسات وستمنستر.

المزيد من تقارير