Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

فيلم "صفعة الوحش على الصفحة الأولى" يتردد صداه بقوة بعد 52 سنة

في لقاء مع "اندبندنت عربية" يناقش المخرج الإيطالي ماركو بيلوتشيو استمرار تلاعب الإعلام بالرأي العام وتداخل الصحافة مع السياسة منذ السبعينيات وحتى الآن

ملخص

" في زمن صدور الفيلم، أن تصبح صحافياً كان يعني أن تدخل ضمن شريحة مرموقة من المجتمع ذات وضع اقتصادي أفضل بكثير من اليوم"

شارك المخرج الإيطالي الشهير ماركو بيلوتشيو (84 سنة) في مهرجان كان السينمائي ضمن فئة الأفلام الكلاسيكية في دورته الـ77، بفيلم أخرجه قبل 52 عاماً حمل عنوان "صفعة الوحش في الصفحة الأولى" Slap the Monster on Page One.

وتدور أحداث الفيلم في أوائل سبعينيات القرن الماضي، إذ تتعرض فتاة شابة من عائلة مرموقة في مدينة ميلانو الإيطالية للاغتصاب والقتل. تتصدر القضية عناوين الصحف وتتحول إلى قضية سياسية، إذ يستغلها السياسيون لتحقيق مكاسب انتخابية، ويعكس الفيلم بعمق التواطؤ بين الصحافة والسلطة السياسية في تلك الفترة.

رمم الفيلم بمبادرة من مؤسسة "سينماتك بولونيا" المعنية بحفظ الأفلام الكلاسيكية والتاريخية، واختير من المهرجان بعد ذلك. بيلوتشيو، المعروف بتوجهه السياسي اليساري، تحدث مع "اندبندنت عربية" عن أهمية الفيلم اليوم لمناقشة تردد صدى أحد أوائل أعماله مع الوقت المعاصر.

لدى سؤاله عن سبب عرض هذا الفيلم، في هذا الوقت تحديداً، ضمن قسم كلاسيكيات مهرجان كان، أوضح أنه تفاجأ هو نفسه، إذ تم اختير من دون علمه المسبق لكنه أقر بأهمية الفيلم اليوم، لا سيما في استكشافه لكيفية تلاعب الصحافة والإعلام بالواقع لأغراض سياسية.

وقال بيلوتشيو إن الفيلم "على رغم أنه قديم، إلا أن هناك اهتماماً بالصحافة والإعلام والفضائح وكيفية تشكيل الواقع وفقاً للأغراض السياسية في الوقت الحالي. في ذلك الوقت كانت هناك تواطؤ بين الصحافة والسياسة، إذ كانت الأخبار والفضائح تنقل بشكل موجه، باستخدام ما يسمى بالحقائق لتقسيم الرأي العام بين اليسار واليمين".

في بداية الفيلم يقوم مالك الصحيفة، وهو رجل صناعي ثري، بتوجيه رئيس التحرير حول ما يجب أن يكتبه مع اقتراب موعد الانتخابات، وهو سيناريو مشابه بشكل مخيف للمشهد الإعلامي اليوم، إذ تمتلك معظم الصحافة تكتلات كبيرة ويدعو إلى القلق في الأقل في فرنسا، كما أن الحال مشابهة في المملكة المتحدة وإيطاليا.

بيلوتشيو أعرب عن قلقه في شأن الوضع الحالي لوسائل الإعلام، إذ أكد أن "الصحف اليوم تتمتع بسلطة أقل مما كانت عليه في الماضي عندما كانت الصحف اليومية تتمتع بقوة أكبر وتوزيع أوسع بكثير، أما اليوم فكل شيء يحدث على الإنترنت لحظة بلحظة"، وأشار إلى أنه على رغم تطور أساليب التلاعب، إلا أن النية الأساسية للتأثير في الرأي العام لم تتغير.

الطبيعة غير المستقرة للصحافة اليوم، مع تدني الأجور وانعدام الحماية للصحافيين، تتناقض بشكل حاد مع المهنة الأكثر امتيازاً واستقراراً التي كانت عليها في السابق. بيلوتشيو أعرب عن أسفه لهذا التراجع، مشيراً إلى أن الصحافيين في إيطاليا، وبالمثل في فرنسا يعملون الآن في كثير من الأحيان على منصات رقمية في مقابل رواتب هزيلة مضيفاً: " في زمن صدور الفيلم، أن تصبح صحافياً كان يعني أن تدخل ضمن شريحة مرموقة من المجتمع ذات وضع اقتصادي أفضل بكثير من اليوم".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

 

بالطبع إن عرض الفيلم على الشاشة الكبيرة مرة أخرى سيكون إضافة لما يجب أن تكون عليه العملية الديمقراطية من ناحية الحصول على معلومات عادلة ومستقلة، لكن مع سيطرة المجموعات الاستثمارية على معظم الصحف اليوم، كما الحال في إيطاليا، إذا استطاعت جورجيا ميلوني أن تصبح رئيسة للوزراء اليوم، كما فعل بيرلسكوني في الماضي، فإن ذلك يعود بالتأكيد لامتلاكهما نوعاً من السيطرة على الرأي العام.

لا يزال صدى الفيلم يتردد بقوة اليوم، بصوره القوية ورسائله الصارخة، فالمشهد الأخير على سبيل المثال الذي يصور قناة مائية في ميلانو مليئة بالقمامة هو بمثابة استعارة للواقع الملوث للحقائق التي يتلاعب بها. تبرز أهمية الفيلم بشكل أكبر من خلال استكشافه للدعاية، مردداً صدى مشاعر شخصيات تاريخية مثل غوبلز وشاتوبريان حول قوة الأكاذيب المتكررة.

وبينما كان بيلوتشيو يتأمل في تأثير الفيلم المستدام، أعرب عن دهشته وقلقه في آن واحد.  وقال "فوجئت للغاية عندما رأيت أن هذا الفيلم كان له صدى لدى بعض الصحافيين الشباب على رغم تلك الفجوة التي دامت 50 عاماً. لقد تمكنوا من عقد مقارنة بين ما يحدث الآن وما حدث في ذلك الوقت. بالطبع تغيرت التقنيات بالطبع، لكن الروح هي نفسها التي كانت سائدة في السبعينيات".

يظل فيلم "صفعة الوحش على الصفحة الأولى" تذكيراً مؤثراً بالدور الحاسم للصحافة المستقلة في الديمقراطية، مع تأكيد الحاجة إلى الوصول إلى معلومات عادلة وغير متحيزة في عصر لا يزال التلاعب الإعلامي فيه سائداً.

المزيد من سينما