Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الوظيفة الثانية في الأردن ممنوعة بعد اليوم

أكدت مصادر لـ"اندبندنت عربية" أن الهدف الأساس من النظام الجديد هو التخلص من عبء نحو 100 ألف موظف حكومي فائضين عن الحاجة

نظام الموارد البشرية الجديد يثير عاصفة من الجدل والاحتجاج في الأردن بسبب بعض بنوده (اندبندنت عربية - صلاح ملكاوي)

ملخص

أشاد بعض منهم بنظام الموارد البشرية الجديد وما يشمله من إيجابيات، ومن بينها مراجعة نظام الحوافز وتفعيل آلية الثواب والعقاب في القطاع العام، في حين تخشى شريحة واسعة من الأردنيين من نتائج عكسية لهذا القانون

دخل نظام الموارد البشرية الجديد حيز التنفيذ في الأردن، مثيراً معه عاصفة من الجدل والاحتجاج بسبب بنوده التي اعتبرت بمثابة ضربة قاصمة للاستقرار الوظيفي، في حين اعتبرت الحكومة أنه محاولة جادة لضبط القطاع العام ومحاربة الترهل.

ومنذ إلغاء ديوان الخدمة المدنية المعني بالتوظيف في 2023 تبخر حلم الأردنيين بالوظيفة الحكومية وتراجعت آمالهم بالاستقرار الوظيفي الذي تمثله الوظيفة الرسمية، إذ أصبح مصير نحو نصف مليون طلب توظيف مجهولاً، واستبدل نظام التعيين بالعقود الموقتة والتجريبية.

عبء موظفين

وفي مواجهة سيل من الانتقادات اعتبر وزير الدولة لتحديث القطاع العام ناصر الشريدة أن النظام الجديد جاء لتحسين أداء الكوادر البشرية في القطاع العام، وضمن مرحلة جديدة من التحديث الإداري وتطوير الأداء المؤسساتي والفردي، والحوكمة وتحسين بيئة العمل، واستجابة لمتطلبات الإصلاح الإداري بما ينعكس إيجاباً على تحسين الخدمات المقدمة للمواطنين.

لكن مصادر أكدت لـ"اندبندنت عربية" أن الهدف الأساس من النظام الجديد هو التخلص من عبء نحو 100 ألف موظف حكومي فائضين عن الحاجة.

وتظهر تقديرات غير رسمية أن القطاع العام يعاني زيادة في أعداد الموظفين مقارنة بالاحتياجات الفعلية، مما يدفع عدداً من الموظفين إلى البحث عن وظائف إضافية أو ثانية لتأمين دخل إضافي.

في السياق ذاته كشف تقرير للبنك المركزي الأردني عن تراجع قدرة الأردنيين على تلبية حاجاتهم والتزاماتهم المالية خلال العام الماضي، واعتبر التقرير أن نسبة الأفراد الذين يتمتعون بصحة مالية سليمة تراجعت.

وأظهر التقرير أن التخطيط والإنفاق لدى الأفراد كان الأكثر ضعفاً نتيجة ضعف الدخل الشهري الذي لم يتجاوز 500 دينار (نحو 700 دولار أميركي)، انعكس على قدرتهم على الإنفاق وتأجيل تسديد الفواتير في موعدها، فيما جاء الاقتراض الأعلى وكانت مستوياته شبيهة بالأعوام الماضية.

وتتلاقى هذه الإحصاءات مع ما يرصده مراقبون من اضطرار كثير من الأردنيين للعمل في أكثر من وظيفة لتلبية الاحتياجات المالية.

لا وظيفة ثانية

لكن مراقبين يرون في بعض بنود القانون الجديد بخاصة تلك التي تتعلق بمنع الموظفين من العمل في وظيفة ثانية خارج أوقات الدوام الرسمي تضييقاً على المواطنين الذين يعانون منذ أعوام تآكل رواتبهم ودخلهم الشهري، في ظل عدم وجود زيادات مجزية تتناسب مع الغلاء والتضخم.

اعتاد كثير من الأردنيين على العمل بوظيفة ثانية بعد الظهر، إلا أن ذلك لم يعد ممكناً الآن، فعلى سبيل المثال يحظر على المعلمين إعطاء دروس خصوصية أو العمل على تطبيقات النقل الذكي أو ممارسة أي عمل آخر، كما يجب على الموظف الحكومي الذي يعمل بوظيفتين تصويب وضعه قبل بداية عام 2025.

ويحظر القانون الجديد على الموظفين العمل في أية وظيفة ثانية مهما كانت طبيعتها، كما يربط عمليات الترقية في القطاع العام بمبادئ الجدارة والاستحقاق وتلبية شروط ومتطلبات وكفايات الوظيفة، وخلافاً لأعوام طويلة من اعتماد أسس تعيين تقليدية وشبه دائمة أصبح التوظيف في المؤسسات الحكومية بنظام العقود السنوية ولفترة تجريبية بشكل نسف معه المقولة الدارجة بين الأردنيين حول الوظيفة الحكومية "من دخل بيت أبي سفيان فهو آمن".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

نتائج مستقبلية سلبية

ويؤكد خبير التأمينات والحماية الاجتماعية موسى الصبيحي أن نظام الموارد البشرية الجديد سيترتب عليه كثير من النتائج السلبية على الموظف العام وأسرته وعلى القطاع العام ودوره، من بين هذه الآثار السلبية التي يتحدث عنها الصبيحي التراجع الملموس في الخدمة العامة التي يقدمها القطاع العام للمواطن بسبب الوضع غير الآمن وغير المستقر للموظف العام.

تدني كفاءة القطاع العام بسبب حال عدم الرضا الوظيفي خلق حالة من البلبلة والقلق في أوساط الموظفين على المستقبل والاستقرار الوظيفي، إضافة إلى ضعف انتماء الموظف العام لمؤسسته ولوظيفته بسبب غياب المعايير الموضوعية العادلة والشفافة المبنية على مبدأ الثواب والعقاب ومبدأ تكافؤ الفرص.

ويخشى الصبيحي بعد سريان النظام الجديد من انتشار المحسوبية والواسطة والمزاجية في مختلف الإجراءات والعمليات المتعلقة بالموظف العام، واتخاذ إحالات على التقاعد المبكر تشمل عشرات الآلاف وخسارة آلاف الموظفين الحاصلين على إجازات من دون راتب وظائفهم وأعمالهم خارج المملكة بسبب تقييد الإجازة من دون راتب التي باتت تقتصر على أربعة أشهر في العام.

فضلاً عن تراجع حجم الحوالات المالية للمغتربين الأردنيين والإضرار بمنظومة الحماية الاجتماعية في الدولة، مما سيؤدي إلى مزيد من الفقر.

ويخشى الصبيحي من نتائج عكسية لهذا القانون الجديد كتحصين المجموعة الأولى من الفئة العليا للموظفين والوزراء والمسؤولين الكبار، وتقليص الحريات إثر حظر التظاهر أو الاعتصام أو الكتابة الناقدة للموظف العام.

إيجابيات كثيرة

بدوره أشاد رئيس هيئة الخدمة العامة سامح الناصر بنظام الموارد البشرية الجديد، مشيراً إلى كثير من إيجابياته ومن بينها مراجعة نظام الحوافز وتفعيل آلية الثواب والعقاب في القطاع العام.

ويقول إن ثمة فجوة بين الأداء الفردي على مستوى الموظفين والآداء المؤسساتي، وإن هناك عدم عدالة بين الدوائر الحكومية وتفاوتاً في التكافؤ بها.

ويوضح الناصر أن "هناك خمسة مستويات لتقييم الأداء، والموظف الجديد إذا لم يكن أداؤه بالشكل المطلوب ستنهى خدمته، أما الموظف الذي عين سابقاً وكان مديراً أو رئيس قسم ولم يكن أداؤه بالشكل المطلوب فسينحى من المسمى القيادي أو الإشرافي ويصبح موظفاً عادياً".

في المقابل يضيف الناصر "سيحصل الموظف المجتهد على حوافز ومكافآت قد تصل إلى 150 في المئة من راتبه الشهري بموجب نظام الخدمة العامة الجديد"، وبخصوص عمل بعض الموظفين في القطاع العام بوظيفة ثانية فإن أمامهم مهلة لتصويب أوضاعهم حتى نهاية العام الحالي واختيار عمل واحد فقط.

ريبة وقلق

ولا يبدي مدير "بيت العمال" الأردني حمادة أبو نجمة تفاؤلاً إزاء "تحسين نظام إدارة الموارد البشرية الجديد الخدمات الحكومية وأداء الموظفين لافتقاره إلى الدراسة والتوافق مع متطلبات الواقع ووجود ثغرات كبيرة فيه"، لكنه يبدي قلقه من تأثير الواسطة والمحسوبية في تعيين الموظفين وترقيتهم، وينظر بكثير من الريبة إلى بنود غير منطقية برأيه مثل وقف الإجازة من دون راتب، في وقت تشير المعلومات إلى وجود ما يقرب من 12 ألف موظف مجازون من دون راتب يعملون خارج الأردن.

ويعتقد حمادة أن تحويل الموظفين إلى عقود سيكون أكثر كلفة من نظام التوظيف الدائم، وأقل استقراراً للمنظومة بأكملها.

المزيد من تقارير