ملخص
يبدو أن بعض أحزاب اليسار مستعدة لاختبار التحالفات العابرة للأحزاب الشائعة في ألمانيا، ولكنها غير مسبوقة في فرنسا من أجل قطع الطريق على "اليمين المتطرف".
قبل ثلاثة أيام من الدورة الثانية للانتخابات التشريعية الفرنسية التي شهدت جولتها الأولى اختراقاً غير مسبوق لـ "اليمين المتطرف"، يبقى عدم اليقين سيد الموقف في شأن المشهد السياسي المقبل في هذا البلد، وهو من مؤسسي الاتحاد الأوروبي، والمهدد بالضعف واستحالة إدارته.
وقد تكبح الانسحابات العديدة لمرشحي اليمين ويمين الوسط واليسار، بأكثر من 200 مرشح من "اليسار" وفي معسكر ماكرون، تقدم حزب التجمع الوطني الذي احتل المركز الأول في الدورة الأولى من الاقتراع، وهي تنازلات مؤلمة لقطع الطريق أمام اليمين المتطرف ومنعه من الحصول على الغالبية المطلقة في "الجمعية الوطنية" وتشكيل حكومة، والوصول إلى السلطة للمرة الأولى منذ 80 عاماً.
ونددت زعيمة "التجمع الوطني" مارين لوبن، الغاضبة من تشكيل "جبهة جمهورية" جديدة، اليوم الخميس بتأسيس حزب واحد يجمع "أولئك الذين يريدون البقاء في السلطة متجاهلين إرادة الشعب".
بعيد المنال
ووفقاً لآخر استطلاعات الرأي فيبدو أن احتمال حصول حزب التجمع الوطني على الغالبية المطلقة البالغة 289 نائباً بات بعيد المنال، لكن في كل مكان بفرنسا يتردد ناخبون من اليسار في قطع الطريق مجدداً أمام اليمين المتطرف خلال هذه الانتخابات التي أثارها القرار الصادم الذي اتخذه الرئيس إيمانويل ماكرون في التاسع من يونيو (حزيران) الماضي بحل "الجمعية الوطنية".
ويقول ميشال (66 سنة) من أمام كشك لبيع الفواكه والخضراوات في كالفادوس (غرب)، "انتخب ماكرون بأصوات اليسار وكان ينبغي عليه أن يقدم تنازلات لليسار، لكنه لم يقدم سوى تنازلات لليمين".
وقررت المدرّسة السابقة كلود التصويت لمعسكر ماكرون، وهي قلقة لخيار الذين يريدون اختبار اليمين المتطرف في الحكم، وتقول "حجرة التصويت ليست غرفة لتجربة الملابس".
وتوجه النائب الأوروبي رافائيل غلوكسمان الذي وصل في طليعة الانتخابات الأوروبية في التاسع من يونيو الماضي لـ "اليسار"، إلى هؤلاء الناخبين، مشدداً على أن "التصويت 'ضد' ليس معيباً".
وعلى رغم هذه الدعوات فإن الرئيس الشاب للتجمع الوطني جوردان بارديلا يؤمن بفوز حزبه، وهو ما سيوصله إلى منصب رئيس الوزراء في الـ 28 من العمر، وقال الأربعاء على قناة "بي أف أم تي في"، "سنحصل على الغالبية المطلقة"، مؤكداً أن حكومته مستعدة.
في المقابل يواصل "الائتلاف اليساري" المكون من "الجبهة الشعبية" الجديدة ومعسكر ماكرون (يمين الوسط) التحذير من خطر اليمين المتطرف، مشيرين إلى التصريحات العنصرية لمرشحي التجمع الوطني الذين وصفهم الحزب بـ "العناصر غير المنضبطة".
قلق أوروبي
لكن إذا لم يحدث تحول مفاجئ فإن أياً من الكتلتين لن تحصل على غالبية واضحة في الجمعية الجديدة، مما يؤدي إلى تفاقم خطر دولة غير قابلة للحكم، مما سيثير قلق شركاء فرنسا الأوروبيين قبل نحو شهر من استضافة باريس للألعاب الأولمبية.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأعلن المستشار الألماني أولاف شولتز مساء أمس أن "فرنسا تصوت الأحد، إنها انتخابات أخرى قد تثير نتيجتها القلق"، مضيفاً "دعونا نفعل كل شيء لنحمي معاً أوروبا العظيمة والجميلة، ولا نسمح للشعبويين من اليمين المتطرف بالسيطرة عليها".
ويفكر بعض قادة "يمين الوسط" و"اليسار" في تشكيل ائتلاف واسع تفادياً للشلل، لكن معالمه تظل غامضة وأدى حكم ماكرون الذي استمر سبعة أعوام إلى إحداث هوة عميقة بين الغالبية المنتهية ولايتها والمعارضة.
التحالفات العابرة
ويبدو أن بعض أحزاب اليسار مستعدة لاختبار التحالفات العابرة للأحزاب الشائعة في ألمانيا ولكنها غير مسبوقة في فرنسا، وأعلن رئيس الحزب الشيوعي الفرنسي فابيان روسيل اليوم أن "ما أريده هو ألا أتسبب بفوضى في بلدي، يجب أن تكون فرنسا قابلة للحكم".
وفي المعسكر الرئاسي الذي هزم في الانتخابات الأوروبية، يرى رئيس الوزراء غابرييل أتال أن "نظاماً جديداً ضروري حتى لو استبعد أي تقارب مع اليسار المتطرف، "فرنسا الأبية".
وفي هذه الأجواء المتوترة تخشى السلطات أيضاً من حدوث اضطرابات عشية الدورة الثانية بين اليمين المتطرف واليسار المتطرف، وأعلنت المتحدثة باسم الحكومة بريسكا تيفينو أمس أنها تعرضت مع فريقها "لهجوم خلال عملية نشر ملصقات انتخابية" في ضواحي باريس.
ولا تبدو روسيا منزعجة من الانقسامات الفرنسية، فقد أعلن المتحدث باسم الخارجية الروسية أندريه ناستاسين أن "الدورة الأولى من الانتخابات التشريعية كما الانتخابات الأوروبية في يونيو، لا يمكن أن تترجم سوى أنها تصويت للناخبين الفرنسيين لحجب الثقة عن السلطات الحالية، بما في ذلك السياسة الخارجية لباريس".